¶§ ™*•.¸¸.™jesus el7non™.¸¸.•*™ §¶
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الله محبه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تاريخ الآباء البطاركة القديسين

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالخميس أكتوبر 25, 2007 1:34 pm

البابا أنيانوس







هو أول أسقف رسمه القديس مرقس الرسول، والبابا الثاني لكرسي الإسكندرية.



كان ابنًا لوالدين وثنيين، وكان يعمل إسكافيًا. وإذ دخل القديس مرقس
الإسكندرية وجال في شوارعها تهرأ حذاؤه، فأعطاه لأنيانوس ليصلحه. وإذ كان
يغرز فيه المخرز نفذ إلى الجهة الأخرى وجرحه، وصرخ من الألم باليونانية:
"إيسثيؤس" أي "يا الله الواحد". للحال أمسك القديس مرقس ترابًا من الأرض
وتفل عليه ثم وضعه على الجرح وشفاه باسم السيد المسيح.



تعجب أنيانوس من ذلك فبدأ القديس مرقس يبشره بالإله الواحد، فآمن هو وأهل بيته، وتعمدوا باسم الثالوث القدوس والابن والروح القدس.



فتح أنيانوس بيته ليضم فيه المؤمنين، وكان ملازمًا تعليم الرسول مرقس. وإذ
عزم الرسول أن ينطلق إلى الخمس مدن الغربية أقامه أسقفًا على الإسكندرية
عام 64م، فظل يبشر أهلها ويعمدهم سرًا.



تحول بيته إلى كنيسة، وبقيّ يخدم حوالي 22 سنة ثم تنيح بسلام في 20 هاتور من سنة 86م، صلاته تكون معنا، آمين




البابا ميليوس








نتخب للبطريركية بعد وفاة البابا أنيانوس في شهر كيهك سنة
84م وفي عهد دوميتيانوس قيصر بإجماع آراء الشعب. وكان هذا البابا مشهورًا
بالعفاف متصفًا بالتقوى والغيرة على رعية المسيح، فأخذ يثبت الشعب في
الإيمان حتى نما عدده بمصر والخمس مدن وأفريقيا، وشرع المصريون يحتقرون
الاعتقاد بعبادة الأوثان ويتهافتون على الانضمام لحضن المسيحية أفواجًا،
وسادت في أيامه السكينة وكانت الكنيسة متمتعة بالسلام الكلي.



وقد روى بعض المؤرخين أن دوميتيانوس قيصر طرد البابا ميليوس من الكرسي
السكندري وأقام آخر بدلاً منه، غير أن هذه الرواية لم يقم دليل على صحتها
ولم تتناقلها أقلام المؤرخين. ورقد هذا البابا في أول توت سنة 96م.




البابا كردونوس








اجتمع الأساقفة والكهنة والشعب وتشاوروا حول من يجلس خلفًا
للبابا ميليوس، فاتفق رأيهم بتأييد روح الله القدوس على انتخاب رجل فاضل
اسمه كردونوس قيل أنه ممن عمدهم الرسول مرقس الرسول، فرُسِم بطريركًا في 7
توت سنة 98م في عهد تراجان قيصر.



كان هذا الأب عفيفًا متصفًا بكل الصفات الصالحة فرعى كنيسته باجتهاد وأمانة فكان أشهر رجال الدين في عصره وأتقاهم وأكثرهم علمًا.



قُبِض عليه واستشهد في الاضطهاد الذي أثاره تراجان قيصر في 21 بؤونة سنة
108م، وكانت خدمته للكنيسة مدة 10 سنين و9 شهور و10 أيام، وقد خلا الكرسي
بعده ثلاث سنوات أو تزيد نظرًا لشدة الاضطهاد وعدم تمكن الشعب المسيحي من
انتخاب خليفة له.




البابا بريموس








ولد بمدينة الأسكندرية وقيل أنه ممن عمدهم القديس مارمرقس
، وقيل عنه كان عفيفاً كالملائكة ، ولما أرتقى الكرسى المرقسى فى شهر أبيب
سنة 109م فلا عهد أدريانوس قيصر أزداد تمسكاً بالفضائل وأضاف إليها
الأجتهاد المتواصل فى سبيل تقدم المسيحية فى عهده ، وقد لبث يشتغل فى
توسيع نطاق الكنيسة 12 سنة وكانت وفاته فى 13مسرى سنة 121م




البابا يسطس








عميد مدرسة الإسكندرية



حالما انتقل البابا إبريموس وقع اختيار الشعب على هذا الأب الفاضل الحكيم
الذي كان ناظرًا لمدرسة الإسكندرية، فتمت رسامته رئيسًا للأساقفة باسم
البابا يسطس وكان ذلك في شهر توت سنة 125م في عهد أدريانوس.



كان هذا القديس من مواليد الإسكندرية وكان في البداية وثنيًا ثم نال بركة
المعمودية المقدسة مع أبيه وأمه على يد مار مرقس الرسول، ثم نال كرامة
الشماسية من يد البابا إنيانوس الثاني، الذي لم يلبث أن رفعه إلى الكهنوت،
كما عينه رئيسًا للمدرسة اللاهوتية بالإسكندرية التي أسسها القديس مرقس،
فلبث يعلم في تلك المدرسة.



بابا الإسكندرية



لما رأى الشعب تفانيه في الخدمة في كل هذه المجالات انتخبه للبابوية، فترك
وظيفته الأولى وهي رئاسة المدرسة اللاهوتية وعهد بها إلى أومانيوس، وأخذ
هو يهتم بمسئولية وظيفته الجديدة، فخدم فيها بكل أمانة، ورعى شعب الله
أحسن رعاية. وقد جعل أهم أغراضه تبشير الوثنيين وجذبهم إلى المسيحية، فنجح
في عمله وتنصّر منهم على يديه عدد عظيم.



استمر قائمًا بوظيفته البابوية عشر سنين وعشرة أشهر، تنيّح بعدها في شيخوخة صالحة
في 12 بؤونة سنة 135م.



البابا اومانيوس








أحد رجال الإسكندرية الأتقياء، خلف يسطس في رئاسة مدرسة الإسكندرية، كما خلفه في البطريركية.



لا نعرف عن أقواله أو كتاباته شيئًا، لكنه عرف العفة وعاش بتولا، اشتهر
بسيامة عدد كبير من القسوس للخدمة في الكرازة المرقسية، أرسلهم إلى كل
جهات القطر المصري والنوبة والخمس مدن الغربية لنشر الإيمان المسيحي.



في عهده اشتد اضطهاد أدريان على المسيحيين فنال كثير من الأقباط إكليل
الإستشهاد، من بينهم القديسة صوفيا من منف، التي نقل الإمبراطور قسطنطين
جسدها إلى القسطنطينية، وشيد الكنيسة التي باسمها "أجيا صوفيا".



تنيح في 9 من شهر بابة.




البابا مركيانوس








البابا المعلم



كان من مواليد الإسكندرية وكان عميدًا للمدرسة اللاهوتية، وعند نياحة
البابا أومانيوس البطريرك السابع أجمع الأساقفة رأيهم على تقديم مركيانوس
للكرسي البابوي ورسموه رئيسًا عليهم، فسار في خطة أسلافه واعظًا ومرشدًا
لقطيع الرب.



كان مشهودًا له بالأخلاق والفضائل الحميدة وبعلمه وتقواه وتواضعه، وقد
ارتقى السدة المرقسية في شهر هاتور سنة 146م في عهد الإمبراطور أنطونيوس
بيوس، وحقق آمال من انتخبوه من هداية النفوس وتهذيب الأخلاق رغم الاضطهاد
الشديد الذي كان مشتدًا على المسيحيين وقتئذ، إلا أنه لم يبالِ بهذا
الاضطهاد بل كان شجاعًا في كل المواقف ومبشرًا وواعظًا وحقق مكاسب عظيمة
للكرازة المرقسية فأقام على الكرسي راعيًا رعية السيد المسيح تسع سنين
وشهرين مداومًا على تعليم رعيته حارسًا لها من التعاليم الغريبة والفلسفات
الوثنية إلى أن رقد بسلام كما عاش بسلام في 6 طوبة سنة 155 م.



قد خلفه في نظارة المدرسة اللاهوتية الفيلسوف الذائع الشهرة العلامة بنتينوس.




عدل سابقا من قبل في الجمعة أكتوبر 26, 2007 12:02 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: الباقى   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالخميس أكتوبر 25, 2007 10:54 pm

البابا كلاديانوس







اختار الأساقفة خلفًا للبابا مرقيانوس رجلاً فاضلاً من
مواليد الإسكندرية يدعى كلاديانوس، وكان بارًا حكيمًا مشهورًا بالتقوى
والعفاف، فانتخبوه ورسموه رئيس أساقفة في 8 طوبة الموافق 4 يناير سنة 155م
في عهد الإمبراطور أنطونيوس بيوس.



كان هذا الأب محبوبًا من الجميع وحقق آمالهم، واستمر يخدم رئاسة الكنيسة
بجدٍ ونشاطٍ وبلا كلل أو ملل، وارتفع شأن المسيحيين في عهده.



استمر يعلم ويعظ ويهذّب شعبه ويرسخ الإيمان المستقيم في النفوس، وكانت
أيامه هادئة لم يحصل فيها للكنيسة ما يكدر صفوها، ولبث مواظبًا على عمله
مدة أربع عشرة سنة وستة أشهر وتنيّح بسلام في 9 أبيب سنة 169م.
[center]


البابا اغرينيوس








ولد بالأسكندرية ورسم قساً بها وعرف بالصلاح والتقوى ونال رضاء الشعب
والأساقفة بعد وفاة سلفه فجلس على كرسيه فى شهر مسرى سنة 167م فى عهد مرقس
أوريليوس قيصر وبدأ يرشد ويعلم حتى تقدم فى عهده العمل الروحى وأنتشرك
كلمة الخلاص وزاد عدد المنضمين إلى دين المسيح ، وقضى على الكرسى 14سنة
وسبعة أشهر وتنيح ف
ى5 أمشير سنة 178م [center]


البابا يوليانوس






تلمذته للفيلسوف بنتينوس



وُلد في مدينة الإسكندرية وحظي بالتلمذة على يد الفيلسوف بنتينوس، أثناء
قيامه بنظارة مدرسة الإسكندرية اللاهوتية، فنمى كثيرًا في العلم والمعرفة
حتى فاق كثيرًا جميع أترابه، بتقواه وقداسة سيرته العفيفة، فاستحق أن
يُرسم قسًا بمدينة الإسكندرية.



سيامته بابا الإسكندرية



عند انتقال البابا أغربينوس البطريرك العاشر في 5 أمشير سنة 181م، تم
اختيار القس يوليانوس بطريركًا خلفًا له، فرُسِم في 9 برمهات من نفس السنة
في عهد مرقس أوريليوس. وعندما رأى أن الوثنيين لا يسمحون للأساقفة بالخروج
من مدينة الإسكندرية كان يخرج منها سرًا ليرسم كهنة في كل مكان.



رؤيته بخصوص اختيار ديمتريوس خليفة له



كان هذا البابا قديسًا عظيمًا حتى أن اللَّه أعلن له قبيل انتقاله عمن
سيخلفه على الكرسي البطريركي، وذلك أن ملاك الرب أتاه في إحدى الليالي
قائلاً: "إن من يأتيك غدًا بعنقود عنب هو الذي يكون بعدك على الكرسي
المرقسي". وبالفعل اتفق في اليوم التالي أن رجلاً عاميًا يملك كرمًا، لا
يعرف القراءة ولا الكتابة يُدعى ديمتريوس، بينما كان يعمل في أشجار الكرم
فوجئ بعنقود عنب في غير أوانه، فخطر له أن يقوم بتقديمه هدية للبطريرك.
واتفق أن البابا يوليانوس كان حينئذ في أيامه الأخيرة حيث اجتمع من حوله
عظماء الشعب ووجهائه يسألونه عمن يجدر به أن يجلس على الكرسي خلفًا له،
فأجابهم أن من اختاره الرب هو الذي سيأتي إلينا ويقدم لنا عنقود عنب، فوقع
الحاضرون في حيرة ظانين أن البابا يوليانوس لا يعي ما يقول، إذ لا يمكن أن
يوجد عنب في الشتاء. وبينما هم هكذا إذ بديمتريوس قد دخل عليهم ممسكًا
بيديه عنقود عنب وقدمه للبابا الجليل، فوقع الحاضرون في دهشة عظيمة،
وتناول الأب البطريرك الهدية فرحًا وأخبرهم جميعًا بما حدث له في الليلة
السابقة من ظهور ملاك الرب له وأوصاهم بانتخاب من أراد اللَّه أن يعينه،
فأطاعوا وصيته.



من أعمال هذا البابا الجليل قيامه بوضع مقالات وميامر كثيرة لأسلافه
البطاركة تخليدًا لذكراهم وفائدة لخلفائهم. وكان مداومًا على تعليم الشعب
ووعظه وافتقاده. ولم يذكر لنا المؤرخون كثيرًا عن أعمال البابا يوليانوس
الرعوية ولكنهم جميعًا كالوا له المديح على فضائله. وعاش هذا البابا في
نسك ووداعة إلى أن تنيّح بسلام في 8 برمهات سنة 191م، عن مدة بطريركية
قدرها عشر سنين.





البابا ديمتريوس الأول






نشأته



نشأ ديمتريوس بين الحقول يعتني بالكروم التي كانت لأبيه ثم آلت إليه. ولما
بلغ سن الزواج أراد أبواه أن يزوجاه، فخضع لإرادتهما في الظاهر إذ لم يشأ
أن يعارضهما، ولكنه تعهد مع زوجته، وهي ابنة عمه على أن يحفظ كل منهما
بتوليته، فوافقته زوجته على هذا العهد، إذ كانت بدورها قد نذرت البتولية.
قيل أن ملاك الرب كان يظللهما أثناء نومهما.



انتخابه للكرسي المرقسي



لما اقتربت نياحة القديس يوليانوس البابا الحادي عشر، ظهر له ملاك الرب في
رؤيا وأعلمه عن هذا القديس وأنه هو الذي سيصير بطريركًا بعده. وأعطاه
علامة بقوله له: "إن الذي سيأتيك بعنقود عنب سيخلفك". وحدث في الغد أن وجد
القديس ديمتريوس عنقودًا من العنب في غير أوانه، فحمله إلى القديس
يوليانوس بقصد نيل بركته. فأمسكه الأب البطريرك من يده وقال للحاضرين:
"هذا بطريرككم من بعدي"، وقص على من كان عنده من الأساقفة والكهنة الرؤيا
التي رآها. فلما انتقل البابا السكندري إلى مساكن النور اتفقت كلمة
الإكليروس والشعب على انتخاب ديمتريوس راعيًا لهم عملاً بوصية باباهم
الراحل. وهكذا أصبح الكرام الخليفة الثاني عشر للقديس مرقس بالرغم من طلبه
إعفاء هؤلاء من هذه المسئولية واحتجاجه بعدم علمه وبزواجه.



إعلان بتوليته



احتجّ بعض الشعب على رسامته بحجة أنه رجل متزوج. ومع أن الرهبنة لم تكن قد
قامت بعد، إلا أن فريق من الشعب رأى وجوب حصر الكرسي المرقسي في
المتبتلين. ولم يبرر الأنبا ديمتريوس نفسه أمام هذه المجموعة من الناس إذ
اعتقد بأن عهده مع زوجته سرّ يجب الاحتفاظ به، وظل على كتمانه إلى أن ظهر
له ملاك الرب في حلم ذات ليلة وأعلمه بوجوب إعلان حقيقة أمره جهارًا حتى
تهدأ القلوب المضطربة. ففي اليوم التالي طلب الأنبا ديمتريوس من الشعب عدم
الخروج من الكنيسة بعد انتهاء الصلاة، ثم أخذ جمرًا ووضعه في إزار زوجته
وفي بلينه وطاف الاثنان الكنيسة ولم تحترق ثيابهما. فتعجب الشعب من هذه
المعجزة، ثم عرّفهم بعهده مع زوجته وأن كلا منهما بتول بالرغم أنهما زوجان
أمام أعين الناس. فزال من الشعب الشك وهدأت قلوب المتذمرين وتيقنوا طهارة
هذا الأب وبتوليته.



علمه



كان ديمتريوس ككرامٍ رجلاً بسيطًا لم يتلقَ من العلم إلا بالقدر الذي
يمكنه من القراءة والكتابة فقط. فلما أصبح بطريركًا قرّر أن يدأب على
تحصيل العلوم الدينية والمدنية ليكون أهلاً للكرسي الذي ذاع صيته بفضل
العلماء من أبنائه.



قيل أنه في البداية لم يكن قادرًا على تحصيل العلم، وكان المعلم يجلس عند
قدميه. صرخ إلى الرب لكي ينير عقله، ولفرط تواضعه صار يجلس عند قدميّ مرتل
الكنيسة الذي كان يتلقى العلم منه. ذات ليلة ظهرت له السيدة العذراء وقدمت
له دواة ملآنة ماءً فشربها، ومنذ ذلك الحين أنار الله فكره.



كان أيضًا يتلقى العلم على يد أساتذة مدرسة الإسكندرية. ولرغبته الأكيدة
في أن يستكمل ما فاته من علم في صغره استطاع أن يعوض السنين التي مرت به،
فحصل على علمٍ غزيرٍ في وقتٍ قصيرٍ.



تمكن بما حصل عليه من علم أن يضع الحساب المعروف بالأبقطي، وهو الخاص
بتحديد موعد عيد القيامة، والذي مازال معمولاً به إلى الآن في الكنائس
الشرقية.



لقد كان المسيحيون قبل ذلك يصومون بعد عيد الغطاس مباشرة الأربعين المقدسة
إقتداء بالسيد المسيح الذي صام بعد عماده، ثم يصومون أسبوع الآلام منفصلاً
ليكون الفصح المسيحي في الأحد الذي يلي فصح الإسرائيليين. وكان أيضًا من
المسيحيين من كان يحتفل بالفصح المسيحي يوم 14 نيسان، أي أنهم كانوا
يعيّدون مع اليهود، غير ملتفتين إلى أن فصح المسيحيين بقيامة السيد المسيح
كان بعد الفصح الموسوي. لذلك اهتم البابا ديمتريوس بوضع قواعد ثابتة
للأصوام والأعياد المسيحية، وضم الأربعين المقدسة إلى أسبوع الآلام. وكتب
بذلك إلى كل من أغابيانوس أسقف أورشليم ومكسيموس بطريرك إنطاكية وبطريرك
روما وغيرهم، فاستحسنوه وعملوا بقواعده إلى اليوم، ماعدا كنيسة رومه فإنها
عدلت عن ذلك واتبعت منذ القرن السادس عشر التقويم الغريغوري.



لباباوات الكنيسة القبطية إذن الفضل الأول في تعيين يوم الفصح المسيحي،
فإنهم كانوا يبعثون برسائلهم الفصحية إلى أنحاء المعمورة ليحتفل المسيحيون
بعيد الفصح في يومٍ واحدٍ ليكون السرور عامًا.



تقواه



لعظم تقواه كان مطلعًا بالروح على أعمال المتقدمين للتناول من الأسرار الإلهية، فكان يمنعهم من التناول حتى يقدموا توبة صادقة.



اضطهاد الكنيسة



انقضت السنوات الأولى من باباويته في هدوءٍ وسلامٍ، إلا أن عدو الخير أثار
الإمبراطور الروماني سبتيميوس ساويرس ضد مسيحي مصر، ومن ثم أعلن هذا
الإمبراطور اضطهاده لهم. وفي هذا الاضطهاد استشهد عدد كبير من المؤمنين من
بينهم ليونيداس والد أوريجينوس. كذلك اقتحم والي الإسكندرية كنيسة القديس
مرقس وسلب كل ما فيها من آنية، ثم قبض على الأنبا ديمتريوس ونفاه إلى
أوسيم حيث بقي إلى أن انتهى زمن الاضطهاد.



أعماله



1. بعد عودته من منفاه وجد أن إكليمنضس مدير مدرسة الإسكندرية قد تنيح،
فأقام أوريجينوس المشهود له بالشجاعة والغيرة والشغف بالعلم مكانه، وكان
عمره حينذاك لم يتجاوز الثامنة عشر.



2. ظهرت في عهده بدعة تفشَّت في بلاد العرب، تتلخص في أن النفس تموت بموت
الجسد. وكانت الصلة بين هذه البلاد ومصر متينة، إذ كان مسيحيّوها وقتذاك
خاضعين للكرسي السكندري. لذلك أرسل لهم البابا ديمتريوس أوريجينوس
لإقناعهم بفساد هذه البدعة. وقد نجح المعلم الكبير في نقض البدعة من
أساسها ثم عاد إلى الإسكندرية ليعاود نشاطه في مدرستها.



نياحته



لم يفتر أيام رئاسته عن تعليم وتثبيت المؤمنين في الإيمان الصحيح. ولما
كبر وضعف كان يُحمل على محَفّة إلى الكنيسة ليُعلم الشعب. وبلغ من العمر
مائة وخمس سنين، منها حوالي 32 سنة في الرئاسة. ثم تنيح بسلام قبل أن
تندلع نار الاضطهاد التي أوقدها الإمبراطور مكسيميانوس بقسوةٍ وعنفٍ،
فاستودع روحه في يدي الآب والسلام مخيّم على ربوع مصر.
[center][size=16]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالخميس أكتوبر 25, 2007 10:59 pm

البابا ياروكلاس





نشأته



ولد في مدينة الإسكندرية من أبوين وثنيين صارا فيما بعد مسيحيين وأدخلا
ابنهما ياروكلاس المدرسة اللاهوتية ليدرس العلوم بها، فتتلمذ هو وأخوه
للعلامة أوريجينوس، مع أنه كان يكبر عنه في السن.



درس الأفلاطونية الحديثة قبل معلمه أوريجينوس، على يدي أمونيوس السقاس.
فقد جاء في إحدى شذرات رسالة لأوريجينوس: "وقابلت الأخير (هيراقلاس) في
بيت مدرس العلوم الفلسفية، إذ كان قد درس لمدة خمسة أعوام قبل أن أبدأ أنا
في حضور هذه المحاضرات. في ذلك الوقت كان هيراقلاس قد زهد الملابس العادية
التي كان يلبسها قبلاً، وارتدى زي الفلاسفة، والذي مازال يلبسه حتى اليوم.
مستمرًا في دراسة كتب اليونانيين قدر الاستطاعة".



أُعجب به أوريجينوس لشدة شغفه وتحصيله للعلم إلى درجة كبيرة. ونظرًا لأن
أوريجينوس كان ذائع الصيت ودائرة اهتمامه بالمدرسة اللاهوتية في زيادة
مطردة واتسعت خدمته إلى أبعد مدى يمكن الوصول إليه وجد أن خير من يعاونه
على نشر الإيمان الأقدس هو ياروكلاس.



وصفه المؤرخ يوسابيوس هكذا: "وكرس حياته لدراسة الكتاب المقدس، هو أحد الرجال المتعلمين العظماء لا يجهل الفلسفة".



القبض عليه



لم يكد أوريجينوس ينجح في عمله حتى قبض أكويلا والي مصر بأمر كاراكلا قيصر
على خمسة من تلاميذ أوريجينوس، وبعد أن عُذِّبوا عذابًا شديدًا حكم عليهم
بالموت السريع لأنهم أبوا أن ينكروا إيمانهم. وكان بين الخمسة اثنان باسم
ساويرس أحدهما أحرق والآخر قطعت رأسه بعد أن عذب طويلاً، وهيراكليدس
وهارون قطعت رأسيهما أيضًا. أما الخامس فكان ياروكلاس الذي لم يتركه
أوريجينوس عند القبض عليه بل رافقه إلى موضع الإعدام. ولما شاهد الجنود
يقتربون من ياروكلاس تقدم إليه بشجاعة وقبَّله قبلة الوداع على مشهد من
الجميع، فاغتاظ منه الرعاع وهمّوا برجمه ولكنه أسرع بالهرب، ويبدو أن
مطاردتهم له مكنت ياروكلاس من الفرار بطريقةٍ ما.



عميد مدرسة الإسكندرية



نظرًا لرحيل أوريجينوس إلى قيصرية فلسطين وتركه للمدرسة اللاهوتية أقام البابا ديمتريوس ياروكلاس رئيسًا بدلاً منه.



اكتشف القديس ديمتريوس البابا السكندري إمكانيات هيراقلاس الروحية في
الكرازة وقدرته على تعليم الموعوظين وإرشاد المؤمنين فسامه قسًا فقمصًا،
وسمح له أن يعظ في الكاتدرائية بالإسكندرية حتى يتمتع به الشعب الذي لم
يتمكن من سماعه من خلال المدرسة اللاهوتية. وكان هذا الاختيار من البابا
قد صادف أهله حيث أن ياروكلاس كان يمتلك من المواهب والإمكانيات الإنسانية
ما مكّنه من التأثير المباشر العميق في نفوس الشعب لعذوبة وحلاوة حديثة
وقوة منطقه وسلاسة عباراته حتى أن اللَّه أراد أن يفرحه بهذه المواهب
والإمكانيات فجعله يكتسب عددًا ليس بقليل من الوثنيين وأدخلهم إلى
المسيحية بقوة وعمق، كما أظهر حبًا فائقًا في خدمته للمؤمنين.



بابا الإسكندرية



فى عام 224م اُختير خليفة للقديس ديمتريوس بابا الإسكندرية. وعمل البابا
ياروكلاس على رد الكثيرين وإعداد الداخلين في المسيحية، وقد كرس تعبه
وجهوده على التعليم والوعظ وإرشاد المخالفين فرعى رعية المسيح أحسن رعاية
وأفضل تدبير.



مواجهة الاضطهاد



لفترة باباويته أهميتها الخاصة، فقد احتمل الاضطهاد الذي أثاره الإمبراطور مكسيموس.



اكتشف هذا الإمبراطور مؤامرة محكمة تستهدف قتله، فأوهمه المقربون إليه من
رجال القصر بأن المسيحيين هم المحرّضون للتآمر عليه وقتله، فصدق هذه
الوشاية ولم يهدأ باله إلا بإثارة اضطهاد مروع ضد المسيحيين، ولم ينج
الكهنة من هذا الاضطهاد بل كان لهم النصيب الأوفر منه.



خاف الشعب على باباه الحبيب وألحوا عليه أن يهرب من هذا الاضطهاد ويختبئ،
فلم يوافق البابا في بادئ الأمر، ولكنه بعد إلحاحٍ شديدٍ وافقهم على
رغبتهم وترك الإسكندرية.



بعدما هدأت القلاقل ونامت الفتن وتقوَّت المسيحية وكثر عدد المنضمين إليها
قام البابا ياروكلاس برحلة رعوية، يفتقد المدن والقرى في أنحاء البلاد
يسند المؤمنين. وكان لهذا الأمر تأثيره العجيب على المسيحيين، هؤلاء الذين
احتملوا الاضطهادات المريرة. ونظرًا لزيادة المسيحيين ودخول الكثير من
الجاحدين إلى الإيمان رغم كل ما كابده المسيحيون من أهوال وويلات ومن
تهكّم وسخرية الفلاسفة الوثنيين ومن مرارة وظلم وبطش الحكام، شعر البابا
بضرورة سيامة أساقفة لرعاية هذا الشعب المتزايد فقام بسيامة عشرين أسقفًا
في أماكن متنوعة من البلاد.



من أعمال هذا البابا الجليل أيضًا ليس اجتذاب الكثير من الوثنيين فحسب، بل
اجتذب الجاحدين وعلمهم طريق الخلاص بالتوبة وقبلهم دون إعادة المعمودية
مرة أخرى، بالاعتراف والتوبة الصادقة الحارة المعلنة جهارًا يطلبون فيها
العفو، متوسلين توسلاً عظيمًا لرجوعهم إلى حضن أمهم الكنيسة المجيدة. فكان
البابا ياروكلاس بهذا الأمر أبًا عطوفًا رحيمًا بأولاده الذين ضعفوا
وسقطوا.



لقب بابا



أراد الشعب مع الكهنة في مصر، الذين أحبوه جدًا أن يميّزوه عن بقية
الأساقفة فدعوه بالقبطية "بابا" التي تعني "أب". هكذا يُعتبر أول مسئول
كنسي في العالم المسيحي يحمل هذا اللقب قبل أن يُستخدم في روما. وترى
إيريس حبيب المصري أن هذا اللقب استخدم من قبل منذ أيام القديس إينيانوس
الذي رسمه القديس مرقس الرسول، وذلك كما ذكر المؤرخ المقريزي.



جاء في كتاب الانشقاق: أما أساقفة عواصم الولايات والأقاليم، أعنى الأولين
في المطارنة كانوا يسمون "أساقفة أولين". غير أنه كان لبعضهم أسماء خاصة
أيضًا منذ القديم فكان أسقف إنطاكية يسمى "بطريركا"، وأسقف إسكندرية
"بابا" وأسقف روما "أسقفًا، أو"أسقف المدينة" أو "حبرًا". وأحيانا يسمى
"بابا" أما كلمة "بابا" فمن الواضح أنها ليست كلمة لاتينية ولا غربية بل
هي شرقية محضة. وأول من سميَ بها أسقف الإسكندرية من أبناء إيبارشيته في
القطر المصري وفى الإسكندرية عينها.



ويلاحظ أن لقب بابا قد امتد من الإسكندرية إلى قرطاجنة قبل روما بدليل أن
كرنيليوس أسقف روما كتب في بعض رسائله التي بعث بها إلى كبريانوس أسقف
قرطاجنة: "والسلام من كرنيليوس إلى البابا كبريانوس". ومن ثم امتد هذا
اللقب إلى روما في القرن الخامس. وفى القرن الحادي عشر عقد غريغوريوس
السابع أسقف روما مجمعًا مكانيًا حرم فيه كل أسقف يطلق على نفسه أو غيره
لقب بابا، حاصرًا هذا اللقب على أسقف روما وحده.



البابا هيراقلاس وأوريجينوس



من أعمال البابا ياروكلاس عند رجوعه إلى مقر كرسيه بالإسكندرية، أنه أرسل
إلى المعلم العظيم أوريجينوس خطابًا، يرفع عنه الحرم الذي وقّعه عليه
البابا ديمتريوس، ويرجو منه أن يعود للإسكندرية ليعاود فيه نشاطه وخدمته
الروحية والفكرية، إلا أن أوريجينوس اعتذر مشيرًا إلى أن مدرسة الإسكندرية
قد ذاع صيتها، واستقرت أوضاعها، وكثر عدد أساتذتها العظماء، بينما المدرسة
اللاهوتية التي افتتحها في قيصرية فلسطين لا تزال في بداية مهدها، وتحتاج
لمزيد من الرعاية، ولهذا يفضل الانتظار والبقاء حيث هو على أن يرجع إلى
الإسكندرية. فاقتنع البابا ياروكلاس بهذا المنطق وعيّن لرئاسة المدرسة أحد
شمامسته المجتهدين يدعى ديونيسيوس، كما وكّل إليه أمر القضاء فيما يعرض
للمسيحيين من مشاكل.



مع يوليوس أفريقيانوس



استطاع القديس هيراقلاس بسيرته الفاضلة لا أن يجتذب بعض الوثنيين في مصر
وحدها إلى الإيمان المسيحي وإنما أيضًا اجتذب من الأجانب. فقد زاره المؤرخ
الرحالة الليبي المشهور يوليوس أفريقيانوس، الذي كتب تاريخ العالم منذ
الخليقة حتى عام 221 م، وآمن على يديه بالمسيحية.



بعد أن اطمأن قلب البابا على شعبه ورعيته، وبعد التعب والجهاد العظيم الذي
بذله من أجل محبته للسيد المسيح، انتقل البابا ياروكلاس إلى مساكن الأبرار
بعد أن جاهد الجهاد الحسن وأكمل السعي، مدة ستة عشر سنة وشهرًا واحدًا
وكانت نياحته في 8 كيهك سنة 247م.
[center]



البابا ديونيسيوس ( 1 )






لقبه القديس أثناسيوس "معلم الكنيسة الجامعة" كما دُعي
"ديونيسيوس الكبير" بسبب ما عاناه من ضيقات محتملاً ذلك في شجاعة وثبات،
ولغيرته على الكنيسة، لا على المستوى المحلي فحسب بل على مستوى
الإبيارشيات الأخرى. بحق يعتبر "أحد أعظم شخصيات التاريخ الكنسي الهامة
والجميلة".



تحوله للمسيحية



وُلد بالإسكندرية مع نهاية القرن الثاني حوالي عام 190م، من أبوين وثنيين
غنيين ذي جاه. كان من مذهب الصائبة يعبد الكواكب، محبًا للقراءة، يعمل
كطبيبٍ ناجحٍ.



قادته قراءته المستمرة إلى قبول الإيمان المسيحي، فقد قيل أن أرملة عجوز
مرّت به معها بعض كتابات الرسول بولس تريد بيعها. فاشتراها منها وأخذ
يدرسها ويفحصها. فأُعجب بها جدًا وحسبها أفضل ما قرأه من كتب الفلاسفة.
وإذ طلب من السيدة أن تأتيه ببقية الأوراق ويدفع لها ما تريد أحضرت له
ثلاث رسائل أخرى. وإذ شعرت الأرملة أن نعمة الله قد عملت في قلبه قالت له:
"إن شئت أيها الفيلسوف أن تطّلع على كثير من مثل هذه الأقوال عليك بالذهاب
إلى الكنيسة لتجد من يعطيها لك مجانًا. فمضى إلى الكنيسة حيث التقى بشماس
يدعى أوغسطين الذي دفع له رسائل معلمنا بولس الرسول كاملة، فقرأها وقبل
الإيمان المسيحي.



مضى ديونيسيوس إلى البابا ديمتريوس ونال منه سرّ العماد، ثم التحق
بالمدرسة اللاهوتية، حيث تتلمذ على يدي العلامة أوريجينوس. وصار أحد
كواكبها اللامعين. سيم ديونيسيوس شماسًا بواسطة البابا ديمتريوس، كما سيم
قسًا بواسطة البابا ياروكلاس (هيراقليس).



خلف ديونيسيوس هيراقليس في رئاسة المدرسة لحوالي 16 أو 17 عامًا، كما خلفه أيضًا في البابوية.



أخبرنا عن نفسه أنه اعتاد أن يقرأ حتى كتب الهراطقة، وأنه قد تشجّع على
ذلك بواسطة رؤيا إلهية، ففي رسالته الثالثة عن المعمودية التي كتبها إلى
القس الروماني فليمون قرر أن الله أعلن ذاته له، قائلاً له: "اقرأ كل ما
يمكن أن تصل إليه يدك، فإنك قادر أن تصحح كل شيء وتمتحنه، فإن هذه العطية
هي سبب إيمانك منذ البداية". وقد أهلته قراءاته المكثفة في كتب الهراطقة
على مهاجمتهم من خلال أعمالهم.



بابا الإسكندرية



1.في عام 247م اُختير القديس ديونيسيوس بابا للإسكندرية، حيث كانت رسالته
صعبة ألا وهى الحفاظ على الكنيسة وسط موجات مستمرة من الاضطهادات، نذكر
منها (دون التزام بالترتيب الزمني):



في عام 250م بدأ اضطهاد ديسيوس Decius للكنيسة. وقد قدم البابا لمسات
سريعة لشهداء الإسكندرية في ذلك الوقت في رسالته إلى دومثيوس وديديموس
ورسالته إلى فابيوس أسقف إنطاكية، ذكر شهداء من رجال ونساء، صغار وكبار،
عذارى وأمهات، جُلدوا وماتوا بالنار والسيف.



لم يستشهد البابا نفسه، وقد حسب نفسه ضمن الذين رغم معرفتهم للرب زمانًا
طويلاً لم يعد بعد أهلاً لذلك، وإن كان في اعتقاده أن السيد المسيح قد
حفظه لزمن أخر مناسب.



بقيَ البابا في داره أربعة أيام ينتظر، بينما كان رجال الوالي يبحثون عنه
في كل موضع غير متوقعين أن يجدوه في داره. أخيرًا هرب، فعرّض نفسه مثل
القديس كبريانوس للاتهام بالجبن. وقد اقتطف المؤرخ يوسابيوس رسالة القديس
ديونيسيوس إلى أحد أساقفة الأقاليم يدعى جرمانيوس يدافع فيها عن نفسه:
قائلاً:



"أتحدث كمن هو في حضرة الله، إنه يعلم أني لا أكذب.



إنني لم أهرب بدافع من نفسي، أو بدون إرشاد إلهي.



وحتى قبل هذا وفى نفس الساعة التي بدأ فيها اضطهاد ديسيوس، أرسل سابينوس
جنديًا يبحث عني. وكنت في الدار أربعة أيام أنتظر قدومه، لكنه تجوّل يبحث
في كل موضع، في الطرق والأنهار والحقول، إذ ظن أني مختبئ فيها أو أتي في
الطريق إليها.



فقد انطمست بصيرته ولم يجد البيت، ولا تصور أني أبقى في البيت في الوقت الذي فيه يجري البحث عني.



فقط بعد أربعة أيام أمرني الله أن أغادر الدار مع كثير من الاخوة.



أما كون هذا قد تم بعناية إلهية فواضح مما حدث بعد ذلك إذ ربما كنت نافعًا لبعض الأشخاص".



أخيرًا قبض الجند عليه مع من كانوا معه وأرسلوه إلى السجن في Taposrls،
لكن استطاع شماس يدعى تيموثاوس أن يفلت من أيدي الجند، هذا التقى بشخصٍ
مسيحيٍ في الطريق كان ذاهبًا إلى وليمة عرس. أخبره بما حلّ بالبابا، وإذ
سمع الحاضرون انطلق الكل إلى السجن، فهرب الجند تاركين الأبواب مفتوحة.
وإذ دخلوا السجن وجدوا البابا نائمًا. طلبوا منه مغادرة السجن فرفض حتى
اضطر الشعب أن يحمله من يديه ورجليه ويدفعونه دفعًا، فذهب معهم إلى داره.



2. في عام 257م حدث أيضًا اضطهاد أثاره الإمبراطور فاليريان فاستدعاه
الوالي إميلينوس Aemilianus ومع الكاهن مكسيموس والشمامسة فوستوس
ويوسابيوس وشيريمون. وإذ طلب الوالي من البابا أن يترك عمله أجاب: "ينبغي
أن يطاع الله أكثر من الناس"، فنفاه إلى قرية صحراوية تسمى خفرو Cephrs،
هناك استطاع أن يبشر بين الوثنيين بالرغم مما عاناه من اضطهادات. فاضطر
الوالي أن ينفيه إلى صحراء ليبيا في Collutho. لم يقف عمله هناك على عقد
اجتماعات، والكرازة بالمسيحية بين الوثنيين، بل أجهد نفسه في خدمة كنيسته
بالإسكندرية (بالرسائل) ليحفظ الخدمة.



3. حدثت أيضًا اضطرابات جديدة، إذ هوجمت مدينة الإسكندرية من الجنوب بواسطة قبائل بربرية.



كذلك أعلن والي مصر إميلينوس في الإسكندرية نفسه إمبراطورًا. فنشبت حرب
مدنية انتهت بأسره بواسطة القائد الروماني ثيؤدوتيوس الذي أرسل المتمرد
مقيدًا إلى روما. خلال هذه الحرب دُمرت المدينة، وحلّت مجاعة، وانتشرت
الأوبئة. تحدث البابا عن هذه الاضطرابات في رسالته الفصحية الدورية عام
263م جاء فيها:



"قد يبدو أن الوقت غير مناسب للعيد...



فنحن لا نرى إلا الدموع، الكل ينوح، والعويل يسمع كل يوم في المدينة بسبب كثرة الموتى...



بعد هذا حلّت الحرب وحدثت المجاعة.



تحملنا هذين الأمرين سويّا مع الوثنيين... لكننا فرحنا بسلام المسيح الذي وُهب لنا نحن وحدنا.



كان أكثر الأخوة أسخياء جدًا في محبتهم الزائدة وعطفهم، فازدادت رابطتهم
مع بعضهم البعض، فكانوا يفتقدون المرضى بغير تخوّف، ويخدمونهم بصفة
مستمرة. يخدمونهم في المسيح.



أما الوثنيون فكانوا ينفرون من المرضى ويطرحونهم في الشوارع بين أموات وأحياء!"



4. في نهاية كل اضطهاد كان البابا ديونيسيوس يواجه مشكلة المرتدّين. كان
يضمهم، بل غالبًا ما كان يمنع إعادة معمودية حتى الهراطقة أو المنشقين
الراجعين (مع أن الكنيسة فيما بعد لم تستقر على ذلك).



5- مركز ديونيسيوس العظيم مع قدرته وعلمه واعتداله الممتاز جعله موضع
التماس أن يتدخل غالبًا في كل الصراعات الهامة التي ثارت في الكنيسة في
أيامه. ففي الانقسام الخاص بنوفاتيوس الذي سيم على كرسي رومًا بطريقة غير
شرعية، التجأت جميع الأطراف إليه، كما انشغل بهرطقة نيبوس أسقف أرسينو
بالفيوم، وسابليوس أسقف بتولمايس (المدن الخمس الغربية) وبولس السموسطائي.


[size=16]



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالخميس أكتوبر 25, 2007 11:03 pm

البابا ديونيسيوس ( 2 )





وساطته بين كبريانوس واسطفانوس



كان القديس ديونيسيوس رجلاً كنسيًا هامًا، له عمله حتى خارج نطاق
إيبارشيته. كمثال توسط في النزاع الحاد الذي قام بين كبريانوس أسقف
قرطاجنة وإسطفانوس أسقف روما، وذلك بخصوص معمودية الهراطقة. فبالنسبة
لكبريانوس معمودية الهراطقة والمنشقين باطلة، لأنهم خارج الكنيسة، ولا
خلاص خارج الكنيسة، فإنه لا يستطيع أحد أن يتخذ الله أبًا له إن لم تكن
الكنيسة هي أمه. فالتائب، في الحقيقة، لا تُعاد معموديته، إنما يُحسب أنه
يتقبل المعمودية للمرة الأولى، أما معموديته السابقة فهي باطلة كأن لم
تكن. أما إسطفانوس أسقف رومية فقد رأى أن كل معمودية تتم باسم الثالوث
القدوس صحيحة حتى إن تمت بيد هراطقة، فلا تُعاد معمودية الراجعين إلى
الكنيسة من الهراطقة إنما يُكتفي بوضع الأيدي والصلاة عليهم.



وقد ساعد على اشتعال النار ظهور بدعتين:



1. بدعة نوفاسيتوس الأسقف الروماني الدخيل القائل بعدم قبول توبة جاحدي
الإيمان ووجوب إعادة الذين تعمدوا بيد هراطقة بل وعماد الأرثوذكس الذين
تساهلوا في قبول الهراطقة التائبين... وكان لذلك رد فعل عكسي في روما،
الأمر الذي سبب وجود فريقين في روما فكتب كهنة روما إلى كبريانوس يسألونه
فأجابهم: "إن المعمّدين بيد هراطقة هم وحدهم يجب إعادة معموديتهم، أما
الذين قبلوا الإيمان من الكنيسة الأرثوذكسية فعمادهم صحيح. كما قال: "وأما
مسألة جاحدي الإيمان التائبين فلا يخص كنيسة روما منفردة، إنما يلزم أن
تحكم فيها الكنائس مجتمعه".



2. بدعة فيلكينوس الذي علّم بالصفح عن الذين جحدوا الإيمان بمجرد شفاعة المعترفين عنهم، الأمر الذي أدى إلى رخاوة زائدة.



وفى عام 253م إذ سيم إسطفانوس أسقفًا على روما شدّد في منع إعادة معمودية
الهراطقة وخاطب فرميليانوس أسقف قيصرية بذلك. وإذ لم يستجب الأخير لطلبه
عقد مجمعًا عام 254م قطع فيه فرميليانوس ومن وافقه من أساقفة كيليكية
وغلاطية.



لما هدد كبريانوس بالقطع لأنه كان متشددًا في ضرورة إعادة معمودية
الهراطقة والمنشقين عقد كبريانوس مجمعًا عام 255م حكم بضرورة عماد
الهراطقة ومن تعمد على أيديهم... وأرسل قرار المجمع لإسطفانوس، جاء فيه:
"كل رئيس روحي حرّ في سياسة كنيسته، لأنه يقدم حسابًا عن أعماله للرب".
أما إسطفانوس فكتب إلى أعضاء المجمع يهددهم بالقطع إن لم يذعنوا لإرادته.
كتب كبريانوس رسالة إلى بومبيوس أحد أساقفة أفريقيا ضد إسطفانوس، جاء
فيها: "لا تجد مثل هذا القرار في الإنجيل أو في الرسائل أو في أعمال
الرسل..."



بعث أساقفة أفريقيا رسالة أخوية إلى الأسقف إسطفانوس يدعوه للاتحاد معهم،
فلم يقابل حاملي الرسالة ولا سمح لهما بمأوى، وبعث إليهم رسالة يلقب فيها
كبريانوس "الرسول الغاش والنبي الكذاب". فرد كبريانوس برسالة أخوية إلى
أساقفة أفريقيا يقول فيها عن إسطفانوس "صديق الهراطقة وعدو المسيحيين"،
كما قال: "إن هذا الأسقف الضال إسطفانوس دل برسالته على جهله وغباوته".



وكاد الشقاق يتزايد ويستفحل لولا تدخل البابا ديونيسيوس الذي كتب رسالة
إلى الأسقف إسطفانوس يظهر كيف اتحدت الكنائس في الشرق وأن الكل بفرح
متفقون في الرأي، طالبًا منه ألا يسبب شقاقًا.



وقد رأى البعض مثل Wand أن ديونيسيوس قد شارك إسطفانوس رأيه لكنه لم
يشاركه عنفه وحدته، فحاول التوسط بين الطرفين. إن كان قد قرر ألا يعيد
معمودية الهراطقة والمنشقين لكنه لم يقطع علاقته بالكنائس التي تعيد
المعمودية، حاسبًا أن الأمر يترك لكل كنيسة.



وفى كتاب "الخريدة النفيسة في تاريخ الكنيسة" للأسقف إسيذورس قصة تظهر
تخوّف ديونيسيوس من إعادة المعمودية خاصة إن كان الشخص قد أعتاد على
التناول من الأسرار الإلهية في الكنيسة الأرثوذكسية. فإنه بعد نياحة
الأسقف إسطفانوس واجه البابا ديونيسيوس مشكلة وهي أن مؤمنًا من الإسكندرية
جاءه يبكي بمرارة متوسلاً إليه أن يعيد معموديته، لأنه كان قد تعمّد بيد
هراطقة منذ زمن طويل واعتاد التناول من الأسرار المقدسة في الكنيسة بعد
توبته. لكنه كان قلقًا للغاية. أما القديس ديونيسيوس فلم يجسر أن يعمّده
لأنه كان يشترك في التناول في الكنيسة. لكنه تحت ضغط القلق الشديد والبكاء
المستمر كتب إلى أخيه سكستوس أسقف روما يطلب رأيه.



على أي الحالات يليق بنا أن ندرك بأن الكنيسة في الشرق والغرب استقرت على
رأى القديس كبريانوس، أي اعتبار معمودية الهراطقة والمنشقين غير قائمة.



مع نيبوس أسقف أرسينو



في رحلته الرعوية لمدن إيبارشيته التقي البابا بنيبوس أسقف أرسينو
بالفيوم، الذي استخدم سفر رؤيا يوحنا في تأكيد آرائه في الملكوت الألفي
المادي بطريقة يهودية، فيه يأتي السيد المسيح على الأرض ليملك كأحد
الملوك. في كتاب له يرفض فيه التفسير الرمزي لأوريجينوس A Refutation of
the Allegorists. دعا البابا مجمعًا محليًا في أرسينو وأوضح للأسقف
وأتباعه كيف أن ملكوت الله روحي، وأن المؤمنين لا يترجون أي ملكوت زمني أو
ملذات أرضية، وكان يتحدث معهم بروح الحب في وداعة فاقتنعوا بكلماته.



وإذ عاد إلى الإسكندرية كتب البابا كتابين عن "المواعيد" جاء فيهما:



"إنه ليسعدني أن أصف ما رأيته من إخلاص أبنائي أهالي أرسينو ومحبتهم وذكائهم.



فقد تبادلنا الآراء بصبرٍ وجلدٍ، ولم ندع صغيرة أو كبيرة إلا وبحثناها بحثًا مستفيضًا.



ومما يسرني أن أبنائي حين وقفوا على ما هم فيه من خطأ أعلنوا ذلك جهارًا في غير حياء ولا تردد.



وفى طليعة المعترفين بخطئهم كوراسيوس الكاهن الذي أقام المثل الحي الدال على إخلاصه للحق.



كما يسرني ما بدا من أبنائي أهل أرسينو إذ نسبوا نقضي للبدعة الألفية إلى إخلاصي الأبوي".



وبعد تفسيره الإصحاح العشرين من سفر الرؤيا أشار إلى مواعيد الله لشعبه،
ثم ذيل الرسالة بمدحه للأسقف نيبوس قائلاً: "إنني أحب نيبوس وأمتدحه، لأنه
يسعى بكل جهده للوقوف على الحقيقة. وأمتدحه أيضًا للترانيم الروحية التي
وضعها ليترنم بها الشعب في حفلاته. غير أن محبتي للحق تفوق محبتي لنيبوس،
لذلك بادرت إلى دحض بدعته لإرشاده وإنارته".



حقًا كم كان تاريخ الكنيسة قد تغير لو أن كل الصراعات عولجت هكذا بالروح الهادئ اللطيف؟!



مع الهرطوقي سابيفيوس



جاء إلى مصر رجل من روما ينشر بدعة تسمى "مؤلمي الآب"، يعتقد أصحابها بأن
الله أقنوم واحد، وهو الذي كفّر عن خطايا البشر... بهذا يكون الآب قد
تألم...



قاوم البابا هذا الضلال، وأرسل منشورًا إلى الأسقفين أمونيوس وأفراندر،
كما حرّم سابيليوس في مجمع عقده عام 261م بعد أن فنّد تعاليمه الفاسدة.
التجأ أتباعه إلى الأسقف الروماني ديونيسيوس الذي كان شابًا قليل الخبرة،
فعقد مجمعًا حرّم فيه بابا الإسكندرية وأرسل إليه يخبره بالحكم ويسأله إن
لديه ما يدافع به عن نفسه. لكن بابا الإسكندرية بحكمته بعث برسالة أوضح
فيها ما عسر عن فهم الأسقف الروماني، فاستراح الأخير إليها. وقضت الرسالة
على ما يسميه المؤرخين "نزاع الديونيسيين"، وشعر الروماني بتسرعه فاحترم
الإسكندري، ووقف بجانبه في دحض بدعة بولس السومسطائي أسقف إنطاكية.



كتاباته



كتب الكثير، لكن للأسف لم يبقَ إلا شذرات حُفظت خلال كتابات يوسابيوس
وأثناسيوس وغيرهما. وكما يقول Neale: "فقدان كتابات ديونيسيوس هي إحدى
الخسائر العظمى التي لحقت بالتاريخ الكنسي".



يتجه في كتاباته إلى الجانب العملي مع أسئلة خاصة بالتعاليم. رسائله تظهر أنه قام بدور إيجابي في المناقشات العقيدية في عصره.



1.عن الطبيعة.



2.عن المواعيد.



3.تفنيد ودفاع.



4.رسائله.



البابا مكسيموس






ولد هذا البطريرك من أبوين مسيحيين في مدينة الإسكندرية
وعلماه وهذباه وألحقاه بمدرسة الإسكندرية أيام أن كان أوريجانوس مديرًا
لها، وقد تفقه في اللغة اليونانية ثم درس العلوم الدينية والفلسفية، وكان
رجلاً يخاف الله فرسمه البابا ياروكلاس الثالث عشر شماسًا على كنيسة
الإسكندرية ثم رسمه البابا ديونيسيوس الرابع عشر قسًا وعينه واعظًا
للكنيسة المرقسية فتفانى في خدمة الشعب وتعليمه.



ونظرًا لتقدم القس مكسيموس في الفضيلة والعلم اختاره الآباء الأساقفة
لكرسي البطريركية بعد نياحة البابا ديونيسيوس، وقد تمت رسامته بطريركًا
لما كان مشهودًا به من أنه قد تحمل الاضطهاد الذي أثاره الإمبراطور ديسيوس
بصبرٍ عجيبٍ وهدوء ورضى، فذكر له الشعب هذا الاحتمال وانتخبه ليكون
الخليفة الخامس عشر للقديس مرقس. وقد تمت رسامته في 13 هاتور سنة 265م،
وفي عهده استتب السلام لأن نار الاضطهادات التي كانت مشتعلة في رئاسة
البابا ديونيسيوس كانت قد أخمدت.



رسائل إيمانية



بعد مدة يسيرة وصلت رسالة من مجمع إنطاكية المكاني تتضمن أسباب حرم بولس
الساموساطي وأتباعه، فانتهز البابا هذه الفرصة وقرأها على كهنة الإسكندرية
ثم حرر رسالة إلى شعبه يطلعه فيها على سموم هذه البدعة وحذره من الانزلاق
فيها. كذلك حذرهم من بدعة ماني، فكتب رسالة أوضح فيها ما تنطوي عليه من
ضلال فكانت هذه الرسالة الرعوية أشبه بالبلسم الشافي للقلوب الجريحة.



استمر هذا البطريرك في رعاية شعبه مجاهدًا وحارسًا لهم ومثبتًا للإيمان
بالعظات والرسائل الرعوية والإنذارات. على أن ما اشتهر به من قداسة
ومداومة على التعليم جعلت شعبه يجله مدى حياته وبعد مماته. وقد قضى في
الكرسي البابوي مدة سبعة عشر سنة وخمسة أشهر وانتقل في 14 برمودة سنة 282
م.





البابا ثاؤنا






أقيم بطريركاً فى شهر كيهك سنة 282م فى عهد بروفس وكان من
قسوس الأسكندرية المشهورين بالعلم والوداعة وقد أنتهز فرصة سكون
الأضطرابات وجمع من المؤمنين الأغنياء أموالاً وبنى بيعة على أسم السيدة
العذراء وهو أول من بنى الكنائس بالأسكندرية .



ولما حضرت البطريرك الوفاة جاء إليه جميع الكهنة والشعب باكين قائلين "
أتتركنا يا أبانا مثل الأيتام " فقال لهم " لستم أيتاماً بل هذا بطرس
أبوكم وهو البطريرك بعدى " وقدمه البطريرك قبل أن يتنيح فى الرب فى 2 طوبة
سنة 17 للشهداء و 300 م .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالخميس أكتوبر 25, 2007 11:06 pm

البابا بطرس الأول





هو ثمرة صلوات أمه صوفيا زوجة الكاهن الإسكندري ثيؤدوسيوس،
إذ طلبت من الله في عيد الرسل أن يهبها ثمرًا، وفي الليل ظهر لها شخصان
يلبسان ثيابًا بيضاء يعلنان قبول الله طلبتها، وبالفعل وُلد بطرس في عيد
الرسل التالي. بعد ثلاث سنوات قدماه الوالدان للبابا ثاؤنا لكي يباركه،
وفي الخامسة أُرسل ليتعلم الدين، وقد أقيم في السابعة أغنسطسًا، وفي
الثانية عشرة شماسًا يخدم الله بروح تقويّ نسكي، وكان ملازمًا الكنيسة
ليلاً نهارًا، منكبًا على الدراسة، سالكًا في اتضاع، فأحبه الجميع، وسيم
قسًا في السادسة عشرة من عمره.



قيل أنه كثيرًا ما كان يرى السيد المسيح نفسه يناول المؤمنين بيد البابا ثاؤنا.



عرف القس بطرس كيف ينسحب من وقت إلى آخر للدراسة في الكتاب المقدس حتى
تأهل أن يكون عميدًا لمدرسة الإسكندرية اللاهوتية ويُلقب "المعلم البارع
في المسيحية". وعندما جاء سابليوس القائل بأن الله أقنوم واحد يظهر تارة
في شكل الآب وأخرى في شكل الإبن وأيضًا في شكل الروح القدس، أرسل له
البابا ثاؤنا القس بطرس فاستصغره لكن سرعان ما أفحمه بل وقيل إنه أُصيب
بمرض خطير ومات في الحال وتشتت أتباعه.



هذا وقد وهب الله هذا الكاهن عطية إخراج الشياطين وشفاء المرضى.



على كرسي مارمرقس



إذ كان البابا ثأونا في مرض الموت رأى السيد المسيح يطمئنه على الخدمة،
قائلاً له: "أيها البستاني للحديقة الروحية، لا تخف على البستان ولا تقلق،
سلمه إلى بطرس الكاهن يرويه، وتعالْ أنت لتستريح مع آبائك". فأخبر البابا
تلميذه الذي بكي لشعوره بعظم المسئولية. وفي أول أمشير سنة 18ش (25
يناير302م) سيم القس بطرس بابا الإسكندرية (17).



الانقسام الميلاتي



بدأ البابا بطرس خدمته كبطريرك وسط عاصفة الاضطهاد العنيفة التي أثارها
الإمبراطور دقلديانوس وشريكه مكسيميانوس. لكن ما أرهق البابا بحق هو
الانقسام الداخلي الذي خلقه مليتوس أسقف ليكوبوليس (أسيوط). يبدو أن هذا
الأسقف بخر للأوثان، ولما أراد البابا تأديبه رفض، فعقد البابا مجمعًا
بالإسكندرية وجرده، أما مليتوس فأخذ موقف العنف إذ صنع انشقاقًا وضم إليه
بعض الأساقفة، بل وعند سجن البابا ذهب إلى الإسكندرية وصار يرسم كهنة
بالإسكندرية. هذا ما ذكره القديس أثناسيوس، أما القديس أبيفانيوس فيقول أن
مليتوس أخذ موقف العنف من المرتدين بسبب الاضطهاد الراجعين، رافضًا توبتهم
خاصة الكهنة، أما البابا فأراد أن يبقى الباب مفتوحًا لكل نفسٍ راجعة،
مكتفيًا بتقديم التأديب. وقد سُجن البابا بطرس ومليتوس، وبسبب الخلاف وضعا
ستارة بينهما داخل السجن حتى لا ينظر بعضهما البعض، فقد فضل البابا أن
يخسر الأسقف ومن معه عن أن يفقد الراجعين إلى الله بالتوبة رجاءهم.



عُرضت قضية هذا الانشقاق الميلاتي في المجمع المسكوني بنيقية عام 325م، إذ
بلغ عدد التابعين لمليتوس 28 أسقفًا، وقد تساهل المجمع معه، إذ قبله
كأسقفٍ شرعيٍ في حدود إيبارشيته على ألا يسيم أساقفة أو كهنة فيما بعد،
أما الذين سبق فسامهم من الكهنة فيُعاد تثبيتهم من جديد ويعملوا تحت سلطان
أسقف الإسكندرية. وفي حالة احتياج أسقفية ما إلى أسقف تعاد سيامة أحد
الأساقفة الذين سامهم مليتوس، كما أمر المجمع ألا يُسام أسقف في المستقبل
دون حضور ثلاثة أساقفة على الأقل واشتراكهم في السيامة.



مع آريوس



خطورة الانشقاق المليتي أن آريوس منكر لاهوت السيد المسيح (سبق الحديث عنه
في عرضنا لسيرة البابا أثناسيوس) قد وجد في هذا الانشقاق فرصته، إذ انضم
إليه ليس من جهة الفكر اللاهوتي وإنما من جهة معاندته ضد الكنيسة.



عقد البابا بطرس مجمعًا في الإسكندرية وحرم أريوس، وقد استمر الأخير في نشر تعاليمه.



في داخل السجن



أُلقيّ القبض عليه وأودع في السجن إما لظهور أول مؤلفاته ضد الوثنية، التي
اعتبرها الإمبراطور تحديًا شخصيًا له، وإما بسبب شكوى قدمها سقراطيس، أحد
أشراف إنطاكية إلى الإمبراطور. سقراط هذا كان صديقًا للشهيد أبادير، أنكر
الأول الإيمان إرضاءً لدقلديانوس، فسألته زوجته التقية أن يسافر معها إلى
الإسكندرية لتعميد ابنيهما هناك فرفض خشية غضب الإمبراطور عليه. سافرت
الزوجة ومعها الابنان وغلامان، وفي الطريق إذ هبّت عاصفة شديدة خشيت أن
يموت الولدان بلا عماد، فبسطت السيدة يديها وحوّلت وجهها نحو الشرق وصلت،
ثم جرحت ثديها اليمني ورشمت جبهتيهما بدمها وغطستهما في الماء، وهى تقول:
"أعمدك باسم الآب والإبن والروح القدس". وإذ هدأت الريح وبلغت الإسكندرية
قدمت الابنين للبابا بطرس، فكان كلما أراد أن يغطسهما تتجمد مياه
المعمودية. وإذ روت السيدة له ما حدث اكتفي البابا بالصلاة على الولدين
ورشمهما بالميرون.



اشتكى سقراط امرأته أمام الإمبراطور فاستدعاها وأمر أن تُربط من خلفها
ويوضع الولدان على بطنها ويُحرق الثلاثة بالنار. بعد ذلك أمر الإمبراطور
بالقبض على البابا الذي عمّد الولدان. وقد سجن عام 311م.



مساعي آريوس



أدرك آريوس أن البابا بطرس في طريقه للاستشهاد، لذا في مكرٍ أسرع لينال
منه الحل طامعًا أن يعتلي الكرسي من بعده، فأرسل جماعة من الأراخنة يشفعون
فيه، أما البابا فأكد حرمان آريوس.



استدعى البابا تلميذيه الكاهنين أرشلاوس والكسندروس وأخبرهما أن الأول
سيعتلي الكرسي من بعده، يخلفه الثاني، محذرًا إياهما من قبول آريوس في
شركة الكنيسة، قائلاً لهما إنه رأى السيد المسيح بثوبٍ ممزق في المنتصف،
ولما سأله عن سبب التمزيق، أجابه أن آريوس هو الذي مزقه.



حب مشترك



إذ علم شعب الإسكندرية بسجن باباهم المحبوب تجمهر الكل حول السجن يريدون
إنقاذه دون استخدام أية وسيلة عنيفة بشرية، مشتاقين أن يوقفوا قتله ولو
تعرض الكل للموت. اضطر القائد أن يؤجل تنفيذ الحكم يومًا خشية حدوث ثورة.
وإذ حلّ الليل لم ينصرف الجمهور فارتبك القائد. أدرك البابا أن احتكاكًا
لا بد أن يحدث في الصباح بسببه، وإذ لم يرد أن يُصب أحد من شعبه بسوءٍ،
استدعى أحد الأراخنة الموثوق فيهم ليبلغ الوالي أن يدبر إرسال البعض إلى
السجن من جهة الجنوب عند أسفل الحائط وسوف يقرع البابا لهم من الداخل
فينقبوا الحائط ويخرج إليهم لينفذوا فيه الأوامر الصادرة إليهم. وبالفعل
تم ذلك، وخرج البابا سرًا، وهو يقول: "خير لي أن أسلم نفسي فدية عن شعبي
ولا يُمس أحد بسوء".



سُمح له بزيارة مقبرة القديس مارمرقس الرسول لينال بركته، حيث صلى لله
مستودعًا إياه الشعب، سائلاً أن يكون هو آخر شهيد في جيله. وكان بالقرب من
القبر عذراء ساهرة تصلي سمعت صوتا ًيقول: "بطرس آخر شهداء هذا الاضطهاد".



تقدم البابا للجند فكان وجهه كملاكٍ، ولم يجسر أحد من الخمسة جنود أن
يقتله، عندئذ قدم كل واحدٍ منهم قطعة ذهبية ليأخذ من يضرب رقبته الخمس
قطع، فتجاسر أحدهم وضربه، وكان ذلك في 29 هاتور سنة 28ش (سنة 311م).



في الصباح أدرك الشعب ما قد حدث، فوضع جسده على كرسي مارمرقس إذ لم يجلس
عليه قط كل أيام بطريركيته، وكما قال لكهنته انه كلما أراد الجلوس شاهد
قوة شبيهة بالنور حالة في العرش فكان يكتفي بالجلوس أسفله.



دُفن مع القديس مارمرقس، لكنه إذ كان قد بني لنفسه مقبرة في موضع يقال له:
"لوكابتس" نُقل إلى هناك ورافقته معجزات كثيرة. وكان السكندريون يحتفلون
بعيده سنويًا، يقضون الليل في التسبيح لينتهي بقداس إلهي يقيمه بابا
الإسكندرية، يعقبه وجبة أغابي "وليمة محبة" على شاطئ البحر.



كتاباته



1. أهمها "الرسالة الفصحية"، تُسمى "الرسالة الخاصة بالقوانين"، أصدرها
بعد الاضطهاد الذي أثيرعام 302م، تحوى 14 قانونًا خاصة بتأديب الإخوة
الجاحدين، الراجعين بالتوبة، وهي تحذر من إثارة الوالي للاضطهاد بقصد نوال
إكليل الاستشهاد. وُضعت عام306م، سبق لنا ترجمتها ونشرها. له أيضًا "رسالة
فصحية ثانية".



2. الرسالة إلى الإسكندرانيين، يحذرهم فيها من مليتوس.



3. مقالات: "عن مجيء مخلصنا"، "عن القيامة من الأموات"، "عن اللاهوت"، "عن النفس".



البابا أرشلاوس




ولد بالإسكندرية وأمتاز عن أترابه بعلمه وقداسة سيرته
ولذلك صيره البابا ثاؤنا قساً وجعله رئيساً للمدرسة اللاهوتية ، وبناء على
وصية القديس بطرس أقيم بعده بطريركاً من شهر كيهك سنة 27ش و 312م فى عهد
قسطنطين قيصر ، وما أن جلس على الكرسى حتى توصل إليه أريوس بأن يعيده إلى
شركة الكنيسة وتمكن أريوس بمداهنته وتمليقه أن يستميل إليه وجهاء الشعب
وعظماءه وطلب منهم أن يتوسطوا إليه عند البطريرك ليقبله فألتمسوا منه أن
يشرك أريوس فى الخدمة الكنسية ظانين بانه تاب عن كل ذنوبه ، فقبل سؤالهم
وأعاده إلى رتبته الأولى ( القسوسية ) وبهذا العمل خالف هذا البطريرك
القديس بطرس ولعله أحسن الظن بأريوس لما رآه فيه من اللين المصطنع ومع ذلك
فلم يشأ الرب أن يبقى أرشلاوس سوى ستة شهور وتنيخ بعدها فى 19 بؤونه سنة
29ش و 312م ، وبعد أنتقاله رشح أريوس نفسه لمركز البطريركية ولكن
الإكليروس والشعب لم يتفقوا على ذلك


البابا الكسندروس الأول





سيامته



وُلد بالإسكندرية، وسيم بها قسًا، ثم سيم بابا للإسكندرية كما تنبأ البابا
بطرس خاتم الشهداء (17)، وكان قد بلغ سن الشيخوخة، ومع هذا فكان يخدم الله
بنشاط تقوي.



قال عنه المؤرخ الأنبا ساويرس بأن القديس أثناسيوس (البابا 20) روي بأن
البابا الكسندروس ما كان يقرأ الكتاب المقدس جالسًا قط، وإنما كان يقف
والضوء أمامه. في تقواه دعاه الشعب بالقديس، وفي حبه للفقراء والمساكين
كانوا يلقبونه "أب المساكين".



مقاومته للميلانية والأريوسية



حاول أتباعا ميليتس أسقف ليكوبوليس (أسيوط) بكل طاقتهم عرقلة سيامة الكسندروس مرشحين أريوس ليكون هو البابا البطريرك.



ميليتس هذا كان قد أنكر الإيمان في اضطهاد دقلديانوس بالرغم من النصيحة
التي قدمها له أربعة أساقفة بالسجن، ولم يكتفِ بهذا وإنما استغل سجن
البابا ليجلس علي كرسيه ويرسم كهنة بالإسكندرية ويسلم أساقفة إيبارشيات
غير إيبارشياتهم، وبهذا كوّن لنفسه حزبًا يتكون من ثلاثين أسقفًا يعلنون
استقلالهم عن البابا، ويدخلون بعض الأنظمة اليهودية في عبادتهم. عقد
البابا بطرس خاتم الشهداء مجمعًا حكم فيه بتجريد ميليتس من درجته فلم يعبأ
بذلك. وقد أصدر مجمع نيقية حكمه بشأن انشقاق ميليتس، فخضع لحكم المجمع
وخضع للبابا الكسندروس حتى مات عام 330م.



أما أريوس فكان في البداية منتميًا لأتباع ميليتس، يشجع ملاتيوس علي
الانشقاق ضد البابا بطرس. وعندما سيم البابا الكسندروس حاول أن يجتمع به
فرفض، معلنًا لرسله أن البابا بطرس قد منعه في السجن من قبوله في شركة
الكنيسة كأمر السيد المسيح نفسه الذي ظهر له بثوب ممزق قائلاً بأن أريوس
هو والذي مزقه. وقد طلب منهم أن يقدم توبة للسيد المسيح، فإن قبلها يعلن
له الرب ذلك فيقبله. ثار أريوس وصار يهاجم ألوهية المسيح علانية، مستخدمًا
مواهبه من فصاحة وخداع مع وضع ترانيم لها نغمات عذبة تجذب البسطاء، كما
تظاهر بروح النسك والعبادة، وقد اجتذب كثيرًا من الراهبات والعذارى
والنساء، استخدمهن في نشر بدعته.



عقد البابا مجمعًا محليًا عام 319م يطالبه بترك بدعته، وإذ رفض عقد مجمعًا
آخر بالإسكندرية يضم 100 أسقف من مصر وليبيا حرم أريوس وبدعته، مصدقًا علي
قرار المجمع السابق. كتب أريوس إلى أوسابيوس أسقف نيقوميديا يستعطفه في
خبث كمن هو مُضطهد من أجل الحقن وبقي في عناده يعظ ويبث سمومه، فطرده
البابا.



حاول أريوس استمالة بعض الأساقفة في إيبارشيات خارج مصر، فكتب البابا
الكسندروس إلي سمية الكسندروس بطريرك القسطنطينية، كما إلي بقية الكنائس
يشرح لهم بدعة أريوس ومعتقداته الخاطئة.



عقد أتباع أريوس مجمعين الأول في بيثينية عام 322م، والثاني في فلسطين عام
323م قررا بأن الحكم الصادر ضد أريوس من بطريرك الإسكندرية باطل، وطالبا
بعودة أريوس إلي الإسكندرية، وعاد أريوس إلي الإسكندرية ليقاوم الحق.



اضطر البابا أن يشهر حرمان أريوس ويطرده للمرة الثانية، وقام الشماس أثناسيوس بكتابة منشور ضد بدعة أريوس وقعه 36 كاهنًا و44 شماسًا.



استطاع أوسابيوس أسقف نيقوميديا بدالته أن يستميل قسطنطين الإمبراطور إلي
أريوس، إذ كانت أخت الامبراطور أي كونسطاسيا تكرم الأسقف أوسابيوس. أرسل
الإمبراطور قسطنطين أوسيوس أسقف قرطبة من أسبانيا وهو من المعترفين الذين
احتملوا العذابات في عهد مكسيميانوس، إلي الإسكندرية ليتوسط لدي البابا
فيقبل أريوس، وبعث معه خطابًا رقيقًا متطلعًا إلي أريوس ككاهن تقي غيور.
وبوصول الأسقف إلي الإسكندرية لمس بنفسه ما يفعله أتباع أريوس، فانضم إلي
البابا وطلب من الإمبراطور أن يأمر بعقد مجمع مسكوني لينظر في أمر
الأريوسيين.



عُقد مجمع نيقية عام 325م، وكان للقديس أثناسيوس الرسولي دوره الكبير في
كشف أباطيل الأريوسيين، فقطع أريوس وأتباعه، ونُفي إلي الليريكون.



تنيح البابا الكسندروس حوالي عام 328. تعيد له الكنيسة الغربية في 26 فبراير، واليونانية في 29 مايو، والقبطية في 22 برمودة.



لاهويتاته وكتاباته



كان يبذل كل الجهد لمقاومة فكر أريوس منكر لاهوت السيد المسيح، والذي كان
ينظر إليه باعتباره صنيعة بولس السومسطائي ولوقيانوس الإنطاكي، مقدمًا
تعليمه الذي هو "التعليم الرسولي الذي من أجله نموت"، مؤكدًا أزلية الابن
ووحدته مع الأب في الجوهر، موضحًا أن بنوته للآب طبيعية وفريدة وليست
بالتبني، لذا دعي القديسة مريم "والدة الإله".



من كلماته: [ إن كان الابن هو كلمة الله وحكمته وعقله، فكيف وُجد زمن لم
يوجد فيه؟! هذا كمن يقول بأنه وُجد زمن كان فيه الله بلا عقل وحكمة ].



أهم كتاباته هي:



1. يعلن القديس أبيفانيوس في كتابه ضد الهراطقات (69 : 4) عن وجود سبعين
رسالة له، فُقدت جميعها ما عدا رسالتين في غاية الأهمية بخصوص الصراع
الأريوسي.



2. له عظات من بينها وجدت عظة بالقبطية والسريانية عن النفس والجسد وعلاقتهما ببعضهما البعض.

[center]البابا أثناسيوس الرسولى ( 1 )



نشأته



كان الله يهيئ هذا الإناء المختار ليقف بقوة الروح والحق أمام أريوس
والأريوسيين، محافظًا على إيمان الكنيسة الجامعة بخصوص لاهوت السيد
المسيح. فقد وُلد أثناسيوس غالبًا في صعيد مصر من عائلة متدينة تقية حوالي
عام 297 م، وكان والده كاهنًا، تشرب منه الحياة الكنسية الورعة، هذا وقد
نزحت الأسرة إلى الإسكندرية (غالبًا بعد نياحة والده) ليراه البابا
الكسندروس (19) وهو مطل من شرفة البطريركية يقوم بدور عماد أصدقاء له على
شاطىء البحر، فاستدعاه وحاوره فأحبه وقبله تلميذًا له وسكرتيرًا خاصًا،
بهذا كان الله يهيئه للعمل على مستوى عام وشامل.



لم يُبتلع أثناسيوس في أعمال إدارية بل ركز بالأكثر على الدراسة العلمية
والفلسفية والأدبية والقانونية، وأعطى اهتمامات للدارسات الإنجيلية
اللاهوتية على أساس آبائي. ومما ألهب قلبه أن معلميه الذين يقرأ لهم
أستشهد بعضهم في شبابه وربما عاين بنفسه شهادتهم من أجل تمسكهم بالإيمان
بالسيد المسيح، فكانت كلماتهم مدعّمة في نفسه بالجهاد حتى الموت.



أما بالنسبة للجانب النسكي فقد تتلمذ القديس أثناسيوس فترة لدى القديس
أنبا أنطونيوس ألهبت فيه زهد العالم وحبه للعبادة والتأمل وعدم مهابة
الموت.



يظهر نضوجه المبكر من كتابيه "ضد الوثنيين"، "تجسد الكلمة" اللذين وضعهما
قبل عام 319 م، الأول دعا فيه الوثنيين إلى ترك الوثنية، والثاني عرض فيه
فكرًا لاهوتيًا بأسلوب علمي عن التجسد الإلهي.



في مجمع نقية (سنة 325 م)



قيل أن البابا ألكسندروس سام أثناسيوس قسًا أثناء المجمع ليعطيه حق
الكلمة، فقد كان النجم اللامع، خذل الأريوسيين منكري لاهوت السيد المسيح،
مؤكدًا أنه "واحد مع الآب في الجوهر".



بابا الإسكندرية



حاول أثناسيوس الهروب حين وجد رجال الإكليروس مع الشعب يلحون على سيامته
أسقفًا للإسكندرية بعد أن تنيح البابا ألكسندروس (عام 328)، ما عدا قلة من
الأريوسيين والميليتيين (أتباع ميليتس أسقف أسيوط الذي أنكر الأيمان أثناء
الاضطهاد ثم عاد فحرض الأساقفة على الانشقاق، وحاول اغتصاب الكرسي
الباباوي حينما كان القديس بطرس خاتم الشهداء مسجونًا).



سيم أسقفًا على الإسكندرية وبابا للكرازة وهو شاب (حوالي الثلاثين من
عمره) وقد بقى سبع سنوات في جو من الهدوء، فيها سام فرمنتيوس أسقفًا على
أكسوم بأثيوبيا (الأنبا سلامة)، وكان ذلك بداية تأسيس كنيسة أثيوبيا،
حوالي سنة 330 م، وإن كان بعض الدارسين يرى أنها تحققت حوالي عام 357 م.
وفى هذه الفترة قام بزيارة رعوية لصعيد مصر، فيها التقى بالقديس باخوميوس
الذي هرب من لقائه حتى اطمأن أنه لن يرسمه كاهنًا.



مقاومة الأريوسيين له .



[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالخميس أكتوبر 25, 2007 11:11 pm

البابا أثناسيوس الرسولى ( 2 )





كان الأريوسيون مع الميليتيين على اتصال بيوسابيوس أسقف
نيقوميديا يدبرون الخطط لتحطيم البابا أثناسيوس، فقد بقى حوالي أربعين
عامًا لا يعرف طعم الراحة، نلحظها في النقاط التالية:



1. بتحريض يوسابيوس أصدر الإمبراطور قسطنطين أمره لأثناسيوس بقبول آريوس
في الشركة، بعد أن ادعى الأخير توبته وكتب قانون إيمانه بصيغة ملتوية، وقد
رفضه البابا، وكان ذلك حوالي سنة 330 م.



2. أبحر ثلاثة أساقفة ميليتيون إلى نيقوميديا يقدمون عريظة اتهام ضد
البابا، وكان لدى الإمبراطور كاهنان كشفا كذبهم للإمبراطور، فأدانهم
واستدعى البابا، فجاء وكشف بطلان حججهم ضده (إنه حطم كأس الأفخارستيا الذي
يستخدمه أسخيراس الكاهن، وقتل الأسقف أرسانيوس... الأول أتى للبابا نادمًا
ومعترفًا أنهم أغروه برشوة ليدعي كذبًا، والثاني كان مختفيًا في صور).



3. في سنة 335 عقد مجمع في صور يرأسه يوسابيوس القيصري يحركه يوسابيوس
النيقوميدي، فيه قامت امرأة زانية تتهمه باغتصابه لها، فقام تلميذه الشماس
تيموثاوس يحدثها كأنه أثناسيوس فقالت له بوقاحة أنه هو الذي سلبها عفتها
وبتوليتها.... عندئذ خزي الكل! عرضوا أيضًا قضية الكاهن أسخيراس والأسقف
أرسانيوس وجاءوا بشهود من اليهود يدعون أنهم موعوظون جدد.



ومع ظهور براءته هاج المجمع وماج، فترك البابا المجمع وانطلق إلى القسطنطينية.



وإذ شعر يوسابيوس وأعوانه بالخطر يلاحقهم أسرعوا ليدعوا بأن البابا هدد
بمنع إرسال القمح من الإسكندرية إلى القسطنطينية، فهاج الملك ونفاه إلى
تريف وكان ذلك في فبراير 336 م. في جرأة قال البابا للإمبراطور: " الرب
يحكم بيني وبينك"....



بعد مجمع صور عُقد مجمع في أورشليم - بعد تدشين كنيسة القبر المقدس- من
الأريوسيين أصدروا قرارًا بعودة أريوس إلى الإسكندرية في غياب البابا
المنفي، فعاد أريوس تحت حراسة مشددة لكن ثورة الشعب ضده ألزمت الوالي أن
يطالب بسحبه ورده إلى القسطنطينية، فاستدعاه الإمبراطور.



بذل يوسابيوس النيقوميدي كل الجهد لعودة أريوس للشركة الكنسية فكان
البطريرك القسطنطيني الكسندروس مرّ النفس، ولما أُلزم بقبوله صلى إلى
الله، فمات أريوس في مرحاض عام وهو في طريقه إلى الكنيسة.



بعد حوالي عام إذ كان قسطنطين على فراش الموت أوصى بعودة البابا أثناسيوس
إلى كرسيه، وبالفعل عاد ليجد الإسكندرية كلها تترقبه على الشاطئ كملاك
انحدر إليهم من السماء!



4. لم يهدأ يوسابيوس النيقوميدي عن مقاومة البابا، فقد نجح في إقناع
الإمبراطور أن يستدعي الوالي ثيوذوروس لأنه كان صديقًا للبابا ويرسل
فيلاجيوس الكبادوكي عوضًا عنه، الذي كان قد حكم الإسكندرية قبلا (335 –
337 م) وهو عدو عنيف للبابا.



قام الأريوسيون بأعمال شغب وتخريب وقتل لإثارة الإمبراطور بأن وجود البابا
ينزع السلام عن الإسكندرية، كما وجهوا ضده اتهامات كاستيلائه على القمح
الخاص بالفقراء، وإعلانهم أن عودته غير كنسية لأنها بدون قرار مجمعي، وقد
نزل القديس أنبا أنطونيوس يساند البابا المتألم.



5. خلال عام 338 أنهمك يوسابيوس النيقوميدي في الانتقال من نيقوميديا إلى
أسقفية القسطنطينية، لأن العاصمة كانت قد انتقلت رسميًا من نيقوميديا إلى
القسطنطينية، وإذ نجح في ذلك تفرغ لمقاومة البابا أثناسيوس ففي نهاية 338
أقنع الإمبراطور قنسطانطيوس بعقد مجمع في إنطاكية، فيه يصدر قرارًا بعزل
البابا، صدر الأمر وانطلق الرعاع إلى كنيسة ثيؤناس لقتله، فهرب البابا.
تعرض الكهنة والرهبان مع الشعب حتى النساء إلى موجة مرة من العذابات بل
وذُبح البعض وسُجن آخرون، وبعد أربعة أيام دخل غريغوريوس الكبادوكي كأسقف
للمدينة يضطهد المؤمنين.



لم يقف الرهبان مكتوفي الأيدي، فقد أرسل القديس أنبا أنطونيوس عدة رسائل
منها إلى الأسقف الدخيل وبعض الضباط يؤنبهم عن تصرفاتهم، كما بعث القديس
باخوميوس أفضل راهبين عنده هما زكاوس وتادرس ليسندا المؤمنين بالإسكندرية
في غيبة البابا.



سافر البابا أثناسيوس إلى روما ليلتقي بصديقه البابا يوليوس حيث كتب
الأخير رسالة إلى يوسابيوس النيقوميدي وجماعته كطلب مجمع روما، في هذه
الزيارة دخلت الرهبنة إلى الغرب، وتشبع الفكر اللاتيني بلاهوتيات أثناسيوس.



اعتبر اتباع يوسابيوس رسالة يوليوس التي برأت البابا أثناسيوس إهانة
لكرامتهم، فعقدوا مجمعًا بإنطاكية، وكتبوا له يتهكمون ويهددون لكن في شيء
من الحذاقة.



في سنة 342 التقى البابا أثناسيوس بإمبراطور الغرب قسطانس في ميلان وقد
حاول اليوسابيون أن يصوروا لأخيه إمبراطور الشرق قسطنطيوس أنه تلاقى معه
ليطلب عقد مجمع عام لأساقفة الشرق والغرب، وقد أكدّ البابا أنه لم يفعل
ذلك، إنما كانت الفكرة لدى قسطانس قبل لقائه بالبابا.



6. رأى الإمبراطوران الشرقي والغربي أن يُعقد مجمع في سرديكا أي صوفيا
(عاصمة بلغاريا) على حدود المملكتين وكان ذلك في عام 343، وقد جاء
الأساقفة الأريوسيون من الشرق (كان يوسابيوس قد مات)، ورفضوا حضور المجمع
لدخول البابا أثناسيوس وجماعته فيه، وإنما اجتمعوا في مدينة فيلوبوليس
مقابل سرديكا وتقع في حدود مملكة الشرق، وقد تركوا خطابًا بيد يوستاثيوس
كاهن كنيسة سرديكا يعتذرون أنهم اضطروا للرجوع لدعوة الإمبراطور لهم بعد
عودته منتصرًا على الفرس، فيه حرموا هوسيوس ويوليوس وأثناسيوس وغيرهم. أما
آباء مجمع سرديكا فوقعوا حرمانًا على أحد عشر أسقفًا أريوسيًا.



استخدم الأريوسيون إجراءات حازمة لمنع دخول أثناسيوس ورجاله إلى
الإسكندرية لكن الرب بدد مشورتهم بأيدٍ أريوسية، فقد أتى بعض الأريوسيين
بامرأة شريرة ودخلوا بها إلى أسقفين كانا مندوبي الإمبراطور قسطانس موفدين
إلى أخيه إمبراطور الشرق. وإذ دخلت المرأة إلى حجرة أحدهما ووجدته شيخًا
وقورًا يغط في النوم صرخت، وتجمعت المدينة وأعلنت ما قد حدث، وبسببها عُزل
الأريوسي إسطفانوس أسقف إنطاكية. هنا تيقظ ضمير إمبراطور الشرق ليدرك شر
الأريوسيين وألاعيبهم فأمر بعودة جميع المنفيين بسببهم، بل وأرسل ثلاثة
خطابات للبابا أثناسيوس يعلن فيها شوقه لرؤياه، مترجيًا عودته إلى كرسيه.



قبل أن يذهب إلى الإمبراطور التقى أثناسيوس بصديقه الحميم يوليوس أسقف
روما التي اهتزت نفسه بالفرح فكتب رسالة إلى كهنة الإسكندرية وشعبها
يهنئهم على عودة أبيهم المناضل.



التقى رجل الآلام بالإمبراطور، ثم انتقل إلى بلاده، ليستقبله شعبه بفرح
عجيب عام 346 م، بعد غياب طال أكثر من سبع سنوات، فيه ذاق الشعب مرارة
الحرمان من رعاية البابا مع سقوطهم تحت اضطهاد الأريوسيين والميليتيين
لهم، فكان رجوعه سبب بركة إذ رسم الأساقفة للإيبارشيات الخالية وازداد عدد
المكرسين للخدمة والمتبتلين والرهبان بصورة ضخمة، وانطلق الكل يود تعويض
السنوات العجاف.



7. انتهز الأريوسيين قتل قسطانس صديق البابا أثناسيوس حيث قامت حرب أهلية
بين قاتل قسطانس ماجننتيوس والإمبراطور قسطنطيوس الذي صار إمبراطورًا
للشرق والغرب شغلت الإمبراطورية أكثر من ثلاث سنوات، واتهموا البابا أن له
علاقة سرية بالقاتل. وإذ تخلص الإمبراطور من ماجننتيوس تفرغ لمقاومة
البابا الذي كان يكن له كراهية بغيضة في داخله. وبغضب شديد ألزم أساقفة
الشرق والغرب بعقد مجمعين في آرل بفرنسا وميلان لعزل البابا ونفيه، وقد
احتمل بعض الأساقفة النفي مثل باولينيوس أسقف تريف، ولوسيفر مطران
سردينيا، ويوسابيوس أسقف فرشيلي بإيطاليا، وديوناسيوس أسقف ميلان، وهوسيوس
أسقف قرطبة الذي كان قد بلغ المائة من عمره، أما ليبريوس أسقف روما فقد
ثابر إلى حين وأخيرًا زلّ صاغرًا ووقّع على وثيقة الأريوسيين بعد أن أمضى
في النفي سنتين.



هاجم الجند كنيسة القديس ثيوناس بينما كان البابا يصلي مع الكهنة والشعب،
وإذ ماجت الجموع وسط بريق السيوف أراد البابا أن يبقى حتى يخرج أخر شخص،
لكن الكهنة والرهبان ألزموه بالانسحاب خاصة وأن الظلام حلّ بالموقع حين
انطفأت الشموع والمصابيح.



بقى أثناسيوس هاربًا ست سنوات يطلب الإمبراطور رأسه دون جدوى!



قدم الإمبراطور جورج الكبادوكي أسقفًا يغتصب الشعب ويتسلم الكنائس عنوة
ويجمع الأموال، لكنه لم يستطع أن يحتمل البقاء في الإسكندرية، فهرب ليعود
بعد موت الإمبراطور (سنة 361) فيقتله الوثنيون الذين كانوا يبغضونه (ربما
للاستيلاء على أمواله).



كان أثناسيوس في منفاه الاختياري يتنقل من دير إلى دير ومن موضع إلى أخر،
بقلبه الملتهب بحب الله وشعبه، يرعى أولاده خلال كتاباته العميقة، فكان
خصبًا في إنتاجه الروحي. كتب سيرة الأنبا أنطونيوس، ودفاعه عن هروبه،
وأرسل خطابات إلى أساقفة مصر وليبيا ولوسيفر أسقف كالاريس (كاجلياري
بجزيرة سردينيا غرب إيطاليا) وإلى الرهبان المصريين، وأربع مقالات ضد
الأريوسيين، وخمس رسائل عقائدية لسيرابيون أسقف تمى، وخطابات عن الروح
القدس، وكتاب المجامع.



بموت قسطانطيوس وتولي يوليانوس الحكم ظهر البابا أثناسيوس عام 362 ومعه
لوسيفر أسقف كلاديوس وأوسابيوس أسقف فرشيلي اللذان كانا منفيين بالصعيد.



عقد البابا مجمعًا بالإسكندرية عام 362 دعي "مجمع القديسين والمعترفين"،
إذ كان جميعهم قد حضروا من النفي أو نالوا عذابات، لكن لم يدم الحال، فقد
شعر يوليانوس بخطورة البابا أثناسيوس على الوثنية فبعث لوالي الإسكندرية
يقول بأن الأمر بعودة المنفيين إلى بلادهم لا إلى كراسيهم، آمرًا إياه
بطرد أثناسيوس خارج مصر، فاضطر البابا إلى الاختفاء في مقبرة أبيه 6 شهور.
وإذ شدد الإمبراطور على الوالي اضطر البابا إلى ترك الإسكندرية متجهًا إلى
الصعيد في مركب لحقتها مركب الوالي، فسأله الجند عن أثناسيوس، أما هو فقال
لهم: "إنه ليس بعيد عنكم" فأسرعوا نحو الصعيد، وعاد هو إلى مدينة كايرو
بجوار ممفيس، وبعد فترة صار يتنقل بين الأديرة في الصعيد.



قُتل يوليانوس وتولى جوفيان الحكم فأرسل خطابًا ودّيًا للبابا يدعوه
للعودة، كما أمر بعودة كل المنفيين. رجع البابا إلى الإسكندرية حيث عقد
مجمعًا فيه كتب خطابًا يحوي قانون الإيمان النيقوي، ثم انطلق لمقابلة
الإمبراطور الذي قابله بالترحاب ليعود إلى الإسكندرية في فبراير 364،
حاملاً معه خطابات الإمبراطور.



مات جوفنيان في فبراير 364 وتولى فالنتينان الحكم في نفس الشهر فاستلم الغرب وسلّم أخاه فالنس الأريوسي الشرق.



8. بعث فالنس منشورًا بعودة جميع الأساقفة الذين سبق نفيهم في حكم
يوليانوس إلى أماكن نفيهم، اضطر البابا أن يغادر الإسكندرية إلى بيت ريفي.
وتحت ضغط الشعب رجع أثناسيوس إلى كرسيه بعد حوالي تسعة شهور (مايو 635 -
فبراير366) فامتلأت الإسكندرية فرحًا.



عاد البابا من نفيه الخامس وقد بلغ حوالي السبعين من عمره ليمارس رعايته
لشعبه بروح متقدة بالغيرة، خاصة في تطهير البلد من كل فكر أريوسي.



في عام 369 عقد مجمعًا بالإسكندرية من 90 أسقفًا للاهتمام بالفكر الإيماني
المستقيم، وبقى عاملاً حتى بلغ الخامسة والسبعين من عمره ليسلم للأجيال
وديعة الإيمان المستقيم بلا انحراف .
[center]


البابا بطرس الثانى






سيامته بابا الإسكندرية (21)



نشأ بالإسكندرية وتتلمذ على يدي البابا أثناسيوس الرسولي (20)، فتشرب منه
الحياة الإيمانية المقدسة والغيرة المتقدة على وديعة الإيمان المستقيم،
فأحبه البابا وسامه كاهنًا بالإسكندرية. وعندما طلب القديس باسيليوس من
يسنده في مقاومة الأريوسية التي تنكر لاهوت المسيح، أرسله البابا أثناسيوس
ومعه من يعاونه، فقاموا برسالتهم بروح الغيرة الحقة وعادوا إلى
الإسكندرية. أسند إليه البابا السكرتارية، وكأنه كان يعده كخلفٍ له.
وبالفعل إذ اشتد المرض بالبابا وشعر بقرب رحيله أشار لشعبه وكهنته عليه
كخلفٍ له.



تنيح البابا أثناسيوس، وكان الأريوسيون يطمعون في الكرسي، لكن الشعب مع
الكهنة أسرعوا بتحقيق أمنية باباهم الراحل، فسيم بطريركًا سنة 373م في عهد
فالنس الأريوسي، الذي امتلأ غضبًا وحنقًا على الأقباط بسبب هذه السيامة.



مقاومة فالنس له



وجد الأريوسيون أن فرصتهم قد ضاعت بسيامة البابا بطرس الثاني بطريركًا،
لكن وجود فالنس الإمبراطور الأريوسي شجعهم على الشكوى ضد البابا بأنه لا
يستحق هذا المركز، فوجد فالنس فرصة للانتقام، وبعث إلى والي الإسكندرية
"بلاديوس" يأمره بنفي البابا بطرس وإقامة لوسيوس الأسقف الأريوسي بدلاً
منه.



كان لوسيوس هذا مصريًا نال الأسقفية بطريقة غير شرعية خارج البلاد، طمع في
الكرسي المرقسي، وإذ دخل الإسكندرية ذهب إلى بيت والدته، وقد ثار المؤمنون
ضده، وخشي الوالي من قيام ثورة فقام بطرده خارج مصر لينجو بحياته. الآن،
بأمر الإمبراطور فالنس انطلق لوسيوس إلى مصر ومعه كتيبة ضخمة تحت قيادة
ماجينوس أمين خزينة الملك وأوزوسيوس البطريرك الدخيل.



هجم القائد بجنده على الكنيسة، وقد حال المؤمنون دون بلوغ الجند إلى
باباهم، وتحت ضغط المؤمنين ولسلامهم اضطر إلى الهروب والاختفاء في قصر
مهجور على شاطئ البحر، حيث كتب من هناك رسالة رعوية لشعبه يثبتهم على
الإيمان المستقيم، بينما فتك الجند ببعض المؤمنين منتهكين المقدسات
الإلهية.



أبلغ الوالي الإمبراطور بهروب البابا فكان رده هو إلزام الأساقفة بالخضوع للوسيوس والتعاون معه، ومن يخالف الأمر يُنفي.



قيل للوالي إن الأسقف ميلاس يقاوم لوسيوس والأريوسية، فانطلق الجند إلى
إيبارشيته، وكانت على حدود مصر مع لبنان (من جهة الشام)، فذهبوا إلى
رينوكرورا عاصمة أسقفيته، وإذ دخلوا الكنيسة وجدوا شخصًا بسيطًا يُعد
السرج فسألوه عن الأسقف، فقادهم إلى دار الأسقفية وقدم لهم طعام العشاء
وخدمهم بنفسه، وأخيرًا قال لهم انه هو الأسقف، فدُهش الكل من محبته وكرمه
واتضاعه. سألوه أن يهرب حتى لا يُنفي، أما هو فبابتسامة أجابهم: "إني أفضل
النفي في سبيل الإيمان عن الحرية في ظل الأريوسية".



في روما



انطلق البابا الإسكندري إلى روما حيث قوبل بحفاوة بالغة، إذ كانوا يذكرون
البابا أثناسيوس سلفه ودفاعه المجيد عن الإيمان. التقى بأسقف روما
داماسوس، وشجعه على عقد مجمع لحرم الأريوسيين وأرسل القرارات إلى الأسقف
الشرعي لإنطاكية ميليتوس، ولم يرسل إلى أسقف إنطاكية الأريوسي الدخيل.
وقام ميليتوس بعقد مجمع بدوره حضره 146 أسقفًا وافقوا بالإجماع على قرارات
المجمع الروماني. وبهذا أعاد البابا الإسكندري علاقات الود بين روما
وإنطاكية.



انهيار لوسيوس



اقتحم لوسيوس الكرسي المرقسي بالسلطة الزمنية، لكنه لم يستطع أن يقتحم
القلوب، فهجره جميع المؤمنين، وإذ مُنعوا بالقوة الإجبارية من الصلاة
بدونه لزموا بيوتهم، رافضين مشاركة هذا المبتدع الدخيل. قام لوسيوس بعملية
تخريب وبطش في الكنيسة، لا في داخل المدينة فحسب، وإنما أرسل الجند إلى
البراري يفتكوا بالنساك، حتى الشيوخ منهم.



سام هذا البطريرك الدخيل أساقفة أريوسيين ليحتلوا مراكز الأساقفة المنفيين، فكانوا أساقفة بلا شعب!



لم يترك الله كنيسته وسط هذا الضيق الأريوسي الشديد، فقد عمل بطرق كثيرة
منها أن بعض القبائل العربية التي على حدود مصر والشواطئ الأسيوية تكتلت
معًا وأقامت دولة تحت قيادة ملكة اسمها موفيا، لم تكن مسيحية، لكنها أرادت
إرضاء شعبها الذي ضم مسيحيين كانوا على علاقة طيبة بمصر، وكان من بينهم
راهب متوحد قبطي يدعى موسى، أرادوا سيامته أسقفًا عليهم. وإذ انهار فالنس
أمام هذه القبائل طلب عقد معاهدة صلح فاشترطت سيامة موسى هذا على يدي
الأساقفة في الإسكندرية، فوافق. ذهب الراهب المتوحد موسى إلى الإسكندرية
ومعه نواب الإمبراطور، وإذ عرف أن لوسيوس الأريوسي اقتحم الكرسي رفض
السيامة على يديه، وعبثًا حاول نواب الإمبراطور إقناعه. طلب الراهب أن
يعود إلى بريته ولا يُسام على يد هرطوقي، الأمر الذي يسبب مخاطر بين فالنس
والقبائل هناك. أخيرًا اضطر النواب أن يأتوا بأساقفة أرثوذكس من المنفى
لسيامته وسط فرح الإسكندريين وتهليلهم. وقد استطاع الأسقف موسى أن يكسب
الملكة موفيا من الوثنية إلى المسيحية، كما قام بدورٍ هام بالنسبة لكنيسة
الإسكندرية بكونها الكنيسة الأم بالنسبة له.



أيضًا وسط هذا الضيق بعث الله بالقديسة ميلانيا ابنة قنصل أسبانيا في
البلاط الإمبراطوري التي زارت مصر، ونالت بركات النساك فيها، وكانت تسند
الأساقفة المنفيين وتهتم باحتياجاتهم.



نذكر أيضًا بفخر دور الناسك جلاسيوس الملقب بالمحارب، الذي رعى جماعة من
النساك في برية شيهيت قاموا بدور كبير في خدمة الكنيسة وسط الاضطهاد
الأريوسي، خلال شعورهم بالالتزام بالعمل في كنيسة اللَّه المتألمة.



أخيرًا إذ انشغل فالنس بالحرب مع الفرس رجع البابا بطرس من رومية بعد أن
قضى بها حوالي خمس سنوات، فاستقبله الشعب بكل حفاوة وطردوا لوسيوس الدخيل
الذي انطلق إلى فالنس يشتكي شعب الإسكندرية، وفي نفس العام قُتل فالنس
وخابت آمال لوسيوس.



دوره في القسطنطينية



إذ كانت القسطنطينية قد تمزقت بسبب الهرطقات أرسل الإمبراطور ثيؤدوسيوس
إلى البابا الإسكندري بطرس الثاني ليهتم بها. وبالفعل بذل كل جهدٍ لإصلاح
شأنها حتى تسلم القديس غريغوريوس النزينزي هذه ا‎لإيبارشية كطلب شعب
القسطنطينية يعاونه في ذلك البابا بطرس، وقد قبل غرغوريوس اللاهوتي الأمر
بعد ضغط شديد.



طمع مكسيموس الكلبي في كرسي القسطنطينية فذهب إليها وتظاهر بمصادقته
للقديس غريغوريوس، وكان هدفه بث دسائس ضده. بعد ذلك ذهب إلى الإسكندرية
واستطاع بمكره أن يخدع البابا لترشيحه للبطريركية عوض القديس غريغوريوس
الثيؤلوغوس (النزينزى). وإذ سمع القديس بذلك وكان مريضًا على الفراش قام
ليحضر سيامة مكسيموس، إذ كان هو زاهدًا في كل شيء، وكان يحسب مكسيموس
صديقًا له. ثار الشعب القسطنطيني على ذلك ورفضوا سيامته بل وطردوه طالبين
القديس غريغوريوس بطريركًا. تظلم مكسيموس لدى الإمبراطور ثيؤدوسيوس الذي
رفض إقامة أسقف دون رغبة الشعب. وعندما فشل ذهب إلى البابا بطرس ليسنده،
وإذ اكتشف حيلته رفض مساندته ضد الشعب، وطلب من الوالي أن ينفيه لتصرفاته
الخاطئة. أراد البابا إزالة ما حدث من لبس في الأمر وتوضيح موقفه أمام شعب
القسطنطينية لكنه رحل سريعًا في 20 أمشير (سنة 380م).



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالخميس أكتوبر 25, 2007 11:17 pm

البابا تيموثاوس الأول





هو أخ البابا بطرس الثاني (21) وخليفته. ولد بالإسكندرية، وتعلم في مدرستها اللاهوتية، متتلمذًا على يدي القديس أثناسيوس الرسولي.



رأى فيه البابا أثناسيوس إنسانًا تقيًا غيورًا ذا ثقافة عالية، فسامه
كاهنًا ليخدم شعب الإسكندرية، ويكون بمثابة اليد اليمنى لمعلمه، إذ رافقه
في كثير من رحلاته، وذهب معه إلى مجمع صور سنة 335م حيث أثبت براءة معلمه
عندما جاء الأريوسيون بامرأة زانية تتهم البابا أنه ارتكب معها الشر، فقام
تلميذه يتحدث كأنه هو البابا، فصارت المرأة تصر أنه هو الذي صنع معها
الشر، فإنفضحت خديعتها.



كان معينًا للبابا أثناسيوس في مقاومة الأريوسية، وفي عهد البابا بطرس
الثاني إذ بدأت البدعة الأريوسية تنتشر في القسطنطينية أرسل الإمبراطور
يستغيث ببابا الإسكندرية الذي رشح القديس غريغوريوس النزينزي للعمل، كما
أرسل جماعة من الكهنة برئاسة أخيه الكاهن تيموثاوس كانوا خير سند للقديس
غريغوريوس.



إذ تنيح البابا بطرس وقع الاختيار على أخيه حوالي سنة 379م. حضر المجمع
المسكوني الثاني بالقسطنطينية عام 381م حيث برزت مواهبه في دحض بدعة
مقدونيوس منكر لاهوت الروح القدس. لكن دخلت الكرامة الزمنية في الكنيسة إذ
جعل المجمع كرامة الإسكندرية بعد روما بكونها العاصمة والقسطنطينية بكونها
روما الجديدة فانسحب البابا وأساقفته. وقد اهتم بالعمل الرعوي وترميم
الكنائس حتى تنيح في 26 أبيب (385م).


[center]البابا ثاوفيلس








كلمة (ثاوفيلس) من أصل يوناني تعني (المحب لله)، إذ هي
مشتقة من كلمتين: "ثيؤ" (الله)، "فيلو" (محب). وكما قال القديس أثناسيوس
عن الأنبا أنطونيوس انه في صباه كان يلقب (ثاوفيلس) بسبب بره في الرب
ونصراته المستمرة في جهاده الروحي.



جاء البابا ثاوفيلس الخلف الثالث للبابا أثناسيوس الرسولي، والسلف للبابا
كيرلس الكبير ابن أخته، وقد قضى في الباباوية 28 عامًا كانت تمثل حركة
نشاط مستمرة، إذ كان له أثره على تاريخ الكنيسة والدولة أيضًا.



ارتبطت حياته بثلاثة أحداث هامة



أولها إبادة الوثنية في مصر الأمر الذي مدحه عليه كثير من المؤرخين، وإن
كان البعض حاول تشويه صورته بمحاولة إظهاره في صورة عنيفة مستبدة في تحويل
البرابي الوثنية إلى كنائس، غير أن التاريخ يشهد أنه فعل هذا عندما هجرت
الجماهير البرابي.



والحدث الثاني هو الصراع ضد أوريجينوس، فقد تحول إلى عدو لدود لكل من يذكر اسم أوريجينوس، لذا حاول عاشقوا أوريجينوس تشويه صورته.



أما الحدث الثالث فهو مقاومته للقديس يوحنا ذهبي الفم إذ استغلت
الإمبراطورة كراهية البابا ثاوفيلس للأوريجينية بينما كان ذهبي الفم يحتضن
الإخوة طوال القامة من اكبر المدافعين عن أوريجينوس لكي يحكم على القديس
بالنفي. هذا الحدث الذي ندم عليه البابا وكان كفيلاً بتشويه تاريخ حياته
تمامًا، خاصة وأن الكنيسة في العالم كله أدركت ما لحق بالقديس ذهبي الفم
من ظلم وافتراء، فقام كثير من المؤرخين خاصة بالاديوس الذي يعشق حياة ذهبي
الفم بتصوير البابا ثاوفيلس أشبه بشيطان رجيم. وكما قال كثير من الدارسين
ان ما جاء إلينا من تاريخ هذا البابا أغلبه خلال أعدائه الذين شوّهوا
صورته.



نشأته



جاء في كتاب (تاريخ الكنيسة القبطية) للشماس منسى القمص:



"روى عن يوحنا النيقاوي المؤرخ القبطي أنه ولد من أبوين مسيحيين في مدينة
ممفيس وتيتم منهما وهو طفل وله أخت صغيرة، فقامت بتربيتهما جارية أثيوبية
وثنية. وحدث أنه ذات ليلة أخذتهما معها إلى الهيكل لتؤدي فروض العبادة
الوثنية فحال دخولها سقطت الأصنام إلى الأرض وتحطمت، ففرت بهما الجارية
خوفًا من انتقام كهنة الوثنيين، واختفت قليلاً ببلدة نيقيوس ثم جاءت إلى
الإسكندرية. وقد دبرت العناية الإلهية أن تأخذهما إلى كنيسة مسيحية لكي
تتعرف على هذا الدين الذي طرقت شهرته كل أذنٍ. فدخلت باب كنيسة القديس
ثاؤنا وجلست بإزاء كرسي القديس أثناسيوس الذي لما رآها مع الطفلين أمر
بإبقائهم حتى تنتهي الخدمة، ثم استخبرها البطريرك عن حقيقة حالها ولما قصت
عليه خبرها ردها إلى الديانة المسيحية، وأخذ منها الطفلين، ووضعهما تحت
عنايته الخصوصية. ولما كبرا قليلاً وضع الفتاة في دير لبثت به إلى يوم
زواجها برجلٍ من بلدة المحلة (غربية) وفيها ولدت كيرلس الذي صار فيما بعد
خلفا لخاله ثاوفيلس.



أما ثاوفيلس فضمه القديس أثناسيوس في سلك تلاميذه، فنما عالمًا تقيًا،
ولما شوهد فيه من الحذق والنشاط اختاره معلمه كاتمًا لأسراره بعد أن رقاه
لدرجة الكهنوت. وبعد وفاة معلمه استمر في مدينة الإسكندرية يخدم في
كنائسها إلى أن رقد البابا تيموثاوس في الرب فانتُخِب بطريركًا مكانه
بالإجماع في شهر مسرى سنة 102 ش و385م في عهد ثيودوسيوس قيصر لما رآه فيه
الشعب من حسن السيرة وعظيم الغيرة على دين المسيح مما جعله موضعًا لثقة
ثيؤدوسيوس الملك الأرثوذكسي الذي أمر بتعميم الديانة المسيحية في كل مكان
واعتبارها الديانة الرسمية للمملكة الرومانية. ومما يدل على ثقة هذا الملك
بالبطريرك الإسكندري تكليفه إياه بأن يصلح ما وقع من الخلل ثانية في مسألة
عيد الفصح، فإنه في سنة 387م صار الفرق بين العيد المصري والعيد الروماني
مدة خمسة أسابيع كاملة. فوضع البابا ثاوفيلس تقويمًا للأعياد لمدة 418 سنة
ووضع جدولاً يحتوي على الأيام التي يقع فيها عيد الفصح لمدة مائة سنة
ابتداء من سنة 380م ولا تزال صورة هذا التقويم باقية إلى يومنا هذا، وفيها
أوضح البطريرك بأن السيد المسيح صُلب في اليوم الخامس عشر من شهر نيسان
(أبريل) لا في الرابع عشر منه ثم وضع هذه القاعدة وهي: إذا كان اليوم
الرابع عشر من الشهر القمري يوافق يوم الأحد فعيد الفصح يتبعه بأسبوع".



اهتمامه ببناء الكنائس



كان البابا ثاوفيلس مولعًا ببناء الكنائس، وقد أعطاه الله سؤل قلبه، نذكر
على سبيل المثال انه إذ كان يومًا ما جالسًا في حديقة معلمه البابا
أثناسيوس تذكر أن معلمه كان يتوق إلى رفع الردم الذي بالحديقة وبناء
كنيسة، فأراد البابا أن يحقق أمنية معلمه. سمعت سيدة غنية بذلك فقامت برفع
الردم على نفقتها، وإذا بها تجد كنزًا يرجع إلى عهد الإسكندر الأكبر فبعث
البابا إلى الإمبراطور يخبره بما وجده، خاصة أنه وجد أن الكنز قد نُقش
عليه ثلاثة حروف (ثيتا)، فأدرك أنه يقصد بها ثيؤ أى الله، وثاوفيلس
البطريرك، وثيؤدوسيوس الإمبراطور. جاء الإمبراطور بنفسه وعاين الكنز وأخذ
نصفه وترك النصف لبناء عدة كنائس ودير المحرق. وفي هذه الزيارة استأذن
البابا الإمبراطور في هدم المعابد الوثنية المهجورة أو تحويلها إلى كنائس،
الأمر الذي أثار الوثنيين حتى اندفعوا إلى قتل بعض المسيحيين بقيادة
الفيلسوف أوليمبوس. هذا وقد هدم معبد سيرابيوم الشهير سنة 391م.



ذهابه إلى القسطنطينية



ذهب البابا ثاوفيلس إلى القسطنطينية مرتين، الأولى في سنة 394م ليحضر
مجمعًا عُقد لفحص بعض المسائل ولحضور الاحتفال بتشييد كنيسة كبرى بُنيت
على اسمي الرسولين بطرس وبولس، وذهب ثانية في سنة 398م ليقيم القديس يوحنا
الذهبي الفم بطريركًا على كرسي القسطنطينية وعاد إلى كرسيه.



مشكلة تجسيم شكل الله Anthropomorphism



بدأت أتعابه بسبب بدعة انتشرت بين بعض رهبان الإسقيط كان رأسها أفوديوس من
بين النهرين مؤداها أن الله ذو صورة بشرية وذو أعضاء جسمية، وفي نفس السنة
نشر البطريرك رسالة عيد الفصح السنوية، فاغتاظ أولئك الرهبان من عبارة
وردت فيها وهى قوله: "إن الله روح لا يدركه الفهم، وليس هو مجرد إنسان يقع
تحت الحد والحصر"، فهاجوا على البطريرك لما رأوه يخالفهم في الاعتقاد وترك
أكثرهم قلاليلهم وجاءوا كجيشٍ جرارٍ إلى الإسكندرية وعزموا على الفتك
بالبطريرك حالما يقع بصرهم عليه واحتشدوا حول داره وهم يتهددونه
ويتوعدونه. وإذ رأى أن قلوبهم مملوءة بالغيظ ولم يجد له عضدًا أسرع على
مرتفع وصعد عليه وخاطبهم بعبارات رقيقة تهدئ الخواطر الهائجة ومن ذلك قوله
لهم: "إنني إذا رأيت وجوهكم أشعر كأني أشاهد الله لأنكم على صورته
ومثاله"، فسكن ثورتهم قليلاً، وكانوا يظنون أن العبارة التي أوردها عن
الله في رسالة عيد الفصح اقتبسها من مؤلفات أوريجينوس. لذلك طلبوا إليه
بشدة أن يحرم أوريجينوس وكل من يطالع كتبه فوعدهم بذلك. ثم انعكف على
مطالعة كتب أوريجينوس إذ لم يكن طالعها قبلاً فتبين من بعض ألفاظها ما
يشعر بضلاله. وفي أوائل السنة التالية شكل مجمعًا حرم أوريجينوس وندد
بتعليمه في رسالة عيد الفصح.



مشكلة الإخوة الطوال القامة



أما المشكلة الرئيسية التي شوهت صورة هذا البابا فهي مشكلة الإخوة طوال
القامة الأوريجينيين. ففي البداية كان البابا محبًا لكتابات أوريجينوس،
حتى أنه في سنة 399م إذ رأى الخلاف محتدمًا بين يوحنا أسقف أورشليم وجيروم
بسبب العلامة أوريجينوس حاول مصالحتهما، فشعر جيروم (القديس إيرونيموس) أن
البابا ينحاز لأوريجينوس، فكتب إليه بعنف يقول: "إنك لا تعرف كيف يكون
الجدل والمناقشة، لأنك تعيش مع رهبان يجلون قدرك ويرفعون مقامك".



إذ درس البابا ثاوفيلس كتابات العلامة أوريجينوس واكتشف بعض الأخطاء
اللاهوتية صار مقاومًا لكل ما هو أوريجيني، ظهر في مقاومته للإخوة الطوال
القامة.



في سنة 370م تكونت جماعة أوريجينية في منطقة نتريا تحت قيادة الإخوة
الطوال: الآباء أمونيوس باروتيس (صاحب الأذن الواحدة)، هرموبوليس،
يوسابيوس، أنثيموس. هؤلاء الإخوة اتسموا بالروحانية والنسك، وقاموا
بالنضال ضد الأريوسية بعد نياحة البابا أثناسيوس. وكانوا على علاقة طيبة
بالبابا تيموثاوس والبابا ثاوفيلس حتى سنة 400م، فقد أحبهم وأكرمهم كرامة
زائدة، فرسم ديسقورس أسقفًا على هرموبوليس كما سام اثنين منهم كاهنين بعد
اعتذار بعضهم عن السيامة كأساقفة. لقد أراد البابا أن يستبقيهم معه في
الإسكندرية لمساندته في الرعاية لكنهم فضلوا سكنى البرية.



بدأ الخلاف بين البابا وهؤلاء الإخوة عندما حاول البابا ملاطفة هؤلاء
البسطاء من القائلين بتجسيم شكل اللاهوت بشكل إنساني (الأنثروبوموفليت)
كما رأينا، فقد حسبوه بملاطفته لهم انه يجاملهم على حساب الحق الإنجيلي.
أما ما ألهب الموقف بينهما فهو خلافه مع القديس إيسيذورس الذي مارس الحياة
النسكية بنتريا وقد اتسم ببشاشة الوجه واللسان العذب فسامه البابا
أثناسيوس كاهنًا وأقامه مسئولاً عن مستشفى بالإسكندرية. أحبه البابا
ثاوفيلس جدًا حتى رشحه للبطريركية بالقسطنطينية عوض ذهبي الفم، لكن هذه
الصداقة انقلبت إلى عداوة سافرة إذ عاد إلى نتريا يلتصق بالإخوة الطوال
الذين يمثلون حزبًا أوريجينيًا مضادًا للبابا الذي في نظرهم قد ملأ
الأنثروبوموفليت الإسقيطيين، واعتبر البابا هذا التجمع تحديًا له، ومارس
الطرفان ضغوطًا شديدةً. عقد البابا مجمعًا بالإسكندرية حرم فيه آمون
وأخويه الراهبين، واعتصم هذا الحزب في كنيسة الدير، ومنعوا دخول أي أسقف،
وامتنعوا عن العبادة الجماعية.



هرب الإخوة الطوال إلى فلسطين وفي صحبتهم الأب إيسيذورس وجماعة من الرهبان
بلغوا حوالي الثمانين، فوجدوا في قلب الأسقف الأورشليمي يوحنا المُعجب
بأوريجينوس ملجأ لهم. اضطر البابا أن يبعث رسالة مجمعية إلى 17 أسقفًا
بفلسطين و15 أسقفًا بقبرص يعلن فيه أخطاء أتباع أوريجينوس اللاهوتية
والسلوكية، هذه الرسالة أثارت أتباع أوريجينوس بينما رطبت قلب القديس
جيروم وأيضًا القديس أبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص. ترك الأوريجينيون
فلسطين إلى القسطنطينية، ففتح لهم القديس يوحنا ذهبي الفم صدره، الأمر
الذي أثار البابا ثاوفيلس جدًا، واستغلته الإمبراطورة لنفي ذهبي الفم، حيث
انعقد مجمع السنديان تحت رئاسة البابا ونٌفيّ القديس ذهبي الفم. فصار ذلك
يمثل كارثة أفسدت تاريخ البابا ثاوفيلس تمامًا. وقد سبق لنا الحديث في ذلك
بشيء من التفصيل في كتابنا (القديس يوحنا ذهبي الفم).



حبه للبرية



إن كنا قد رأينا الجانب الرديء من جهة علاقته ببعض الإسقيطيين أو بالإخوة
طوال القامة لكننا لا نستطيع ان ننكر أن البابا ثاوفيلس قد امتاز بحبه
الشديد للبرية، فكان كثير الزيارات للآباء، يسألهم ويتحاور معهم ويطلب
صلواتهم، نذكر هنا القليل مما ورد عنه في لقائه مع بعض آباء البرية.



إذ ذهب إلى جبل نتريا سأل كاهن: "أي امتياز تجد في هذا الطريق؟" أجابه
الكاهن : "إنني اتهم نفسي وألومها في كل شيء". قال له البابا: "حقًا هذا
هو الطريق الحق".



جاء البابا ثاوفيلس إلى الإسقيط، وإذ اجتمع الإخوة قالوا للأب بيمن
(بامبو): "قل كلمة للأسقف ليكون لنا بنيان في هذا الموضع". أجاب الشيخ:
"إن لم ينتفع بصمتي فإنه لن ينتفع بكلماتي".



مع راهب شيخ بسيط



جاء في بستان الرهبان أن الأنبا دانيال روى قصة راهب شيخ كان بسيطًا
للغاية وكان يدّعى أن ملشيصادق هو ابن الله. سمع البابا ثاوفيلس عنه
فاستدعاه، وإذ تحدث معه اكتشف بساطته الشديدة، وعلم أن ما يقوله عن
ملشيصادق ليس عن عناد وإنما عن عدم إدراك. لذا تصرف البابا بحكمة، إذ قال
له إنه يريد أن يعرف من هو ملشيصادق، طالبًا منه أن يسأل الله ليريه
الحقيقة. في بساطة قال له الراهب: "انتظر ثلاثة أيام فإنني أسأل الرب
وعندئذ أخبرك عن ملشيصادق من هو". وبالفعل تركه الراهب وعاد بعد ثلاثة
أيام ليقول له أن الرب أظهر له جميع الآباء واحدًا فواحدًا، وتعرّف عليهم
من آدم إلى ملشيصادق، وقد عرف أنه إنسان، عندئذ فرح الطوباوي ثاوفيلس جدًا.



[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالخميس أكتوبر 25, 2007 11:21 pm

البابا كيرلس الأول ( 1 )





وهو الملقب "كيرلس الكبير" وأيضًا "كيرلس عامود الدين".



ارتبط اسم القديس كيرلس أبديًّا بالصراع الثاني العظيم في اللاهوتيات
الخاصة بالسيد المسيح، قاد إلى عقد المجمع المسكوني الثاني في أفسس عام
431، وإدانة نسطور بطريرك القسطنطينية. ويعتبر أحد الأباء البارزين
ولاهوتي الكنيسة، ونُدين له أكثر من أي لاهوتي آخر، فقد أدرك التجسد بفكر
آبائي.



نشأته



لا نعلم عن حياته الكثير وخصوصًا في سنواته المبكرة الأولى.



عاش جدّاه الغنيّان التقيّان في ممفيس في مدينة أركاديا (حاليًا ميت رهينة
جنوب الجيزة). ولما تنيّحا اهتمّت مربية أثيوبية وثنية، ولكنها كانت
بقلبها محبة للمسيحية، بالطفلين: ثاؤفيلس وأخته الأصغر منه والدة القديس
كيرلس. رافقتهما إلى هيكل أرتيموس وأبوللون، وعند وصولهم سقطت الأوثان
فارتعبت المربّية. هربت إلى الإسكندرية حيث التقت بالقديس أثناسيوس الذي
روى لها ما حدث معها في الهيكل فقبلت الإيمان واعتمدت مع الطفلين.



سيم ثاؤفيلس بابا الإسكندرية، وعاشت أخته في بيت للعذارى حتى تزوجت برجلٍ تقيٍ من محلة البرج (ديدوسقيا) شمال المحلة الكبرى.



وُلد كيرلس ما بين سنتي 375 و380م، ونال قسطًا وافرًا من العلوم
الكلاسيكية واللاهوتية حيث كانت الإسكندرية مركزًا عظيمًا للتعليم. هذا
بجانب ما تمتع به من تعاليم على يديّ خاله، فشبّ على معرفة العلوم الدينية
والشغف بقراءة الكتب المقدسة وأقوال الآباء وسيرهم، كما كان يمتلك موهبة
حفظ الألحان الكنسية وترديدها.



ألحقه خاله بالمدرسة اللاهوتية بالإسكندرية لدراسة العلوم الفلسفية التي
تعينه على الدفاع عن المسيحية ضد الهراطقة والمبتدعين، فتمكن من دراسة
جميع العلوم الدينية والفلسفية، وتهذب بكل العناية الفائقة منذ الصغر وحتى
تخرجه.



في برية الإسقيط



لم يكتفِ خاله بذلك بل أرسله إلى البرية في جبل النطرون إلى دير أبي مقار،
حتى يتتلمذ على الأنبا سيرابيون تلميذ الأنبا مقاريوس الذي أوصاه بأن يقوم
بتهذيبه بكل العلوم الكنسية والنسكية. ومكث بالفعل مع أستاذه مدة خمس
سنوات في جبل نتريا، تمكن خلالها من التهام كتب الكنيسة وأجاد بإتقان كل
علوم الكنيسة، وأعطاه الرب نعمة وفهمًا عجيبًا حتى كان إذا قرأ كتابًا مرة
واحدة حفظه عن ظهر قلب.



يقول: [في وقتٍ مبكرٍ تعلمت الكتب المقدسة، وتدرّبت على أيدي آباء قديسين أرثوذكس.] هنا يقصد بالآباء "لرهبان".



سيامته شماسًا ثم قسًا



بعد كل هذه الدراسات عاد إلى الإسكندرية حيث خاله الذي امتدح نبوغه العظيم
المبكّر، وعلى الفور قام بسيامته شمّاسًا. وقد كان القديس كيرلس إذا ما
وقف ليرتل الإنجيل تمنى المؤمنون ألا ينتهي من القراءة لرخامة صوته.



سامه بعد ذلك قسًا، وكلّفه بالقيام بالوعظ رغم صغر سنه، فحاز إعجاب
السامعين ونال رضى جميع الكهنة والعلماء في جيله، حيث برع في فهم الأسفار
المقدسة وشرحها بطريقة عجيبة.



كان يرافق البابا في الاجتماعات الهامة حتى في مجمع السنديان بالقرب من خلقيدونية حيث دين القديس يوحنا ذهبي الفم عام 403م.



سيامته بطريركًا



ما كاد العرش المرقسي يخلو بنياحة البابا ثيؤفيلس في 18 بابة سنة 129ش
الموافق 15 أكتوبر سنة 412م، حتى قال الشعب القبطي كلمته وأجمع الإكليروس
على انتخاب القس كيرلس ليخلفه على العرش. أجمع الكل على تتويجه بطريركًا
بعد يومين فقط من نياحة خاله، فجلس على الكرسي في 21 بابة سنة 129ش
الموافق 18 أكتوبر سنة 412م في عهد الإمبراطور ثيؤدوسيوس الصغير.



حسب الطقس القبطي زار البابا دير القديس مقاريوس الكبير حيث خدم أول قداس إلهي بعد سيامته.



قضية القديس يوحنا ذهبي الفم



في بداية عهده كبطريرك كان البابا كيرلس متأثرًا بالقضية التي ثارت بين
خاله البابا ثيؤفيلس وبين القديس يوحنا ذهبي الفم، فعكف على دراسة هذه
القضية وهو يعرف أن خاله كان قد ندم على إصداره حكم النفي على ذهبي الفم،
وظهر ندمه هذا في آخر حديث له قبيل انتقاله من هذا العالم. وأخيرًا بإرشاد
الروح القدس قام بإلغاء الحرْم الذي كان قد أصدره البطريرك ثيؤفيلس ضد
القديس يوحنا الذهبي الفم، كما قام بتكريم القديس يوحنا ذهبي الفم
والاعتراف بفضله أمام الجميع، وأشاد بمؤلفاته الكثيرة ذات القيمة العظيمة،
كما أنه أثناء قيام البابا كيرلس بتدوين قداس القديس مرقس الرسول دوَّن
اسم القديس ذهبي الفم في قائمة أسماء القديسين الذين يُذكَرون فيه، وهكذا
وضع البابا كيرلس حدًا نهائيًا لهذه القضية.



الدفاع عن الإيمان المستقيم



ارتبط اسم البابا كيرلس الإسكندري بالدفاع عن الإيمان المستقيم، وقد واجه المشكلات الهامة التالية:



1. كتابات يوليانوس الجاحد: الذي وضع ثلاثة كتب ضد المسيحية "ضد
الجليليين" طعن فيها في ألوهية السيد المسيح وشكّك في أقواله وتعاليمه
ومعجزاته. فقام البابا كيرلس بالرد على هذه الأقوال وفنّدها كلها، وذلك في
ثلاثين كتابًا حرّرها سنة 433م، ولا تزال عشرة كتب موجودة من الثلاثين.
ولم يكتفِ بذلك بل كتب للإمبراطور ثيؤدوسيوس الصغير يطلب منه جمع كل نسخ
كتب يوليانوس وحرقها فكان له ما أراد.



2. أتباع نوفاتيوس الهرطوقي قس كنيسة روما الذي كان يرفض توبة من جحد
الإيمان أثناء الاضطهادات، فأوضح البابا كيرلس فساد هذا المعتقد، وأمام
إصرارهم على رأيهم اضطر البابا أخيرًا أن يطردهم من الإسكندرية.



3. ثورة اليهود على المسيحيين حين رأوا انتشار المسيحية السريع فقاموا
بأعمال قتل وعنف ضدهم. فقد أشاع اليهود أن إحدى الكنائس قد استعلت بها
النيران، وإذ اجتمع مسيحيون حولها لإطفائها قاموا بقتلهم. قابلها
المسيحيون من جهتهم بمحاولات عنف مضاد حاول البابا منعها، ولما لم يستطع
استأذن الإمبراطور وطرد اليهود من المدينة دون سفك أي دماء، وبهذا انتهت
الجالية اليهودية بالإسكندرية.



بسبب جهاده غير المنقطع ضد ما تبقّى من وثنية أُتهم بالمسئولية عن قتل
الفيلسوفة هيباتيا التي كانت تتبع الأفلاطونية الحديثة، وكانت صديقة والي
المدينة أورستيوس، فيقول سقراط أنها ماتت بطريقة بشعة على أيدي بعض
المسيحيين في مارس سنة 415م.



4. أهم مشكلة واجهها البابا كيرلس كانت بدعة نسطور بطريرك القسطنطينية
الذي نادى بأن في السيد المسيح أقنومين وشخصين وطبيعتين، فهو حين يصنع
المعجزات يكون ابن الله وحين يتألم ويجوع ويعطش ويصلب ويموت يكون ابن
مريم. اهتم البابا بالدفاع وتثبيت اللقب التقليدي للعذراء وهو ثيؤتوكوس أي
والدة الإله، ليس باعتباره لقبًا لمجرد تكريمها إنما لأنه يحمل إعلانًا
لعقيدة إيمانية جوهرية حول شخص السيد المسيح نفسه بشأن اتحاد لاهوته
بناسوته، مؤكدًا أن هذا هو التعبير واللقب التقليدي والكتابي الذي اختاره
أثناسيوس الرسولي.



نسطور يعلن عقيدته



بدأت المعركة بوضوح عندما كرز كاهنه أنسطاسيوس القادم من إنطاكية أمام
القديس كيرلس في ديسمبر 428م، قائلاً: "لا يدعو أحد مريم ثيؤتوكوس، لأن
مريم كانت امرأة، ويستحيل أن يُولد الله من امرأة".



أعلن نسطور موافقته على هذا التعليم علانية، وقدم بنفسه مجموعة عظات ميّز
فيها بين الإنسان يسوع المولود من مريم وابن الله الساكن فيه. فهو يرى أنه
يوجد شخصان متمايزان في المسيح: ابن مريم وابن الله ، اتحدا ليس أقنوميًّا
بل على مستوى أخلاقي. لهذا لا يُدعى المسيح "الله" بل "ثيؤفورن"، أي "حامل
الله"، وذلك كما يمكن أن يُسمى القديسون من أجل النعمة الإلهية الموهوبة
لهم. وبالتالي فإن مريم ليست والدة الإله بل والدة الإنسان يسوع الذي سكنه
اللاهوت.



انتقد نسطور وأتباعه المجوس لسجودهم للطفل يسوع، كما كرزوا بأن اللاهوت انفصل عن الناسوت في لحظة الصليب.
[center]


البابا كيرلس الأول ( 2 )




الرسالة الفصحية لسنة 429م



انتهز البابا كيرلس فرصة عيد الفصح عام 429م. وكتب في رسالته الفصحية ما
يفنّد هذه البدعة دون الإشارة إلى اسمه. وأرسلها إلى جميع الكنائس في كل
مكان، كما أرسل رسائل كثيرة إلى نسطور ملأها بالحجج الدامغة والبراهين
القوية التي تظهر فساد هرطقته لعله يقتنع ويرجع عن ضلاله.



وأمام إصرار نسطور على رأيه ومعتقده عقد البابا كيرلس مجمعًا مكانيًا في
الإسكندرية من أساقفة الكرازة المرقسية أدان فيه نسطور وشجب كل تعاليمه
وأرسل تقريرًا بما حدث في المجمع إلى سفرائه الموجودين في القسطنطينية
وإلى كلستينوس أسقف روما، ثم إلى الإمبراطور ثيؤدوسيوس حين رآه يدافع عن
نسطور حاسبًا إياه رجلاً فاضلاً عالمًا.



وأخيرًا قام البابا بعقد مجمع إقليمي آخر في الإسكندرية عرض فيه كل
المحاولات لمقاومة بدعة نسطور والرسائل التي كتبها في هذا الشأن، فكتب
الآباء بدورهم لنسطور يوضّحون له اعتقادهم في الإيمان بالسيد المسيح كما
قدم البابا كيرلس اثني عشر بندًا شرح فيها العقيدة المسيحية السليمة وحرم
فيها كل من يتعداها، وهي التي سُميت فيما بعد "الحرومات الإثني عشر".



إلا أن نسطور احتقر الرسالة والحرومات وقام بكتابة بنود ضدها، وهكذا
انقسمت الكنيسة إلى قسمين: الأول يضم كنائس روما وأورشليم وآسيا الصغرى
وهذه الكنائس أيّدت البابا كيرلس في رأيه، والثاني يضم كنيستي إنطاكية
والقسطنطينية التي هي كرسي نسطور. وأمام هذا الانقسام طلب البابا كيرلس من
الإمبراطور ثيؤدوسيوس أن يجمع مجمعًا لدراسة الأمر، فاستجاب الإمبراطور
لطلب البابا وأرسل لجميع الأساقفة بما فيهم نسطور لكي يجتمعوا في أفسس،
وكان اجتماعهم يوم الأحد 13 بؤونة سنة 147ش الموافق 7 يونيو سنة 431م. وقد
انتهى المجمع بحرم نسطور ووضع مقدمة قانون الإيمان.



بعد انتهاء المجمع عاد البابا كيرلس إلى مدينته الإسكندرية، فخرج الشعب
كله لاستقبال باباه الحبيب، وعاش بعدها البابا حوالي أربعة عشر عامًا ثم
تنيح بسلام في 3 أبيب سنة 160ش الموافق 10 يوليو سنة 444م.



تعيّد له الكنائس التي تتبع الطقس البيزنطي في 27 يونيو، والكنيسة
الرومانية اللاتينية (الكاثوليكية) في 28 يناير، والكنائس الغربية في 15
أكتوبر وهو يوافق يوم ارتقائه للسُدّة المرقسية الرسولية.



كتاباته



تعتبر كتابات القديس كيرلس من أعظم ما ورد في الأدب المسيحي المبكر، فهي
تكشف عن عمق في الفكر، وغنى في الآراء، وتحمل براهين ثمينة وواضحة تؤكد ما
للكاتب من قدرة على البصيرة والجدل تجعل كتاباته من المصادر الأولى لتاريخ
العقيدة والتعليم الكنسي.



كرّس كتاباته للتفسير والجدل ضد الأريوسيين حتى سنة 428م، بعد هذا تحوّلت بالكامل إلى تفنيد الهرطقة النسطورية.



يمكن الرجوع إلى كتاباته وشخصيته في كتابنا: "الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كنيسة علم ولاهوت، 1986م، فصل 13.



من كتاباته



التمايز بين طبيعتي السيد المسيح بالفكر فقط:



نص القديس كيرلس صراحةً على أن رؤية الطبيعتين في السيد المسيح ممكنة فى
الفكر فقط وليس فى الواقع، لأن المسيح غير منقسم إلى طبيعتين من بعد
الاتحاد.



لذلك، بفهمنا وبتأمل عيون النفس فقط فى الكيفية التى تأنس بها الابن
الوحيد، نقول أنه توجد طبيعتان اتحدتا، لكن نقول أن المسيح الابن والرب هو
واحد، هو كلمة الله الآب المتأنس والمتجسد". (فقرة 7 من الرسالة 45 إلى
الأسقف سكسينسوس Succensus)



عندما تفحص طريقة التجسد بدقة يرى العقل البشري بلاشك الاثنتين (أى
الطبيعتين) مجتمعتين معًا بطريقة تفوق الوصف وبلا اختلاط فى اتحاد. إلا إن
العقل لا يقسمهما على الإطلاق بعد أن اتحدتا بل يؤمن ويعترف بقوة أن
الواحد من الاثنتين هو إله وابن ومسيح ورب. (فقرة 15 من رسالته 40 إلى
أكاكيوس أسقف ميليتين)



ولذلك نقول أن الطبيعتين اتحدتا، ومنهما نتج ابن ورب واحد يسوع المسيح،
كما نقبل فى أفكارنا، لكن بعد الاتحاد، إذ قد زال الآن التفريق إلى
اثنتين، نؤمن أنه توجد طبيعة واحدة للابن كواحد، واحد تأنس وتجسد. (فقرة
14 من رسالة 40)



دعهم إذًا لا يقسمون لنا الابن الواحد، جاعلين الكلمة والابن الواحد على
حدة، ويفصلون عنه الإنسان الذي من امرأة - كما يقولون - بل فليعرفوا
بالأحرى أن الله الكلمة لم يكن متصلاً بإنسان، بل أعلن أنه تأنس "معينًا
نسل إبراهيم" بحسب الكتاب المقدس، وصار "يشبه اخوته" (عب 2 :17) "فى كل شئ
فيما عدا الخطية" (قارن عب 4 : 15؛ 2 كو5 : 21) وهذا الشبه التام كان من
اللائق أن يأخذه – وفوق كل التشابهات الأخرى – "يأخذ شبهنا فى" ميلاده من
امرأة، والذي (أي الميلاد) يُعد فينا (نحن البشر) لائقًا بالطبيعة البشرية
ومثلنا، لكن فى الوحيد الجنس، يُفهم (الميلاد) أنه أعمق وأعظم من هذا، لأن
الله صار جسدًا، وبالتالي العذراء القديسة تُدعى والدة الإله (ثيؤتوكوس
Theotokos ).



إذا كانوا يقولون أن الله والإنسان باجتماعهما معًا كونا المسيح الواحد
الذي فيه أقنوم (hypostasis) كل منهما محفوظ بغير اختلاط ولا امتزاج ولكن
يُميز بالعقل، فمن الممكن أن نرى أنهم لا يفكرون ولا يقولون أى شئ صحيح في
هذا. (فقرتان 4، 5 رسالة رقم 50 إلى فاليريان أسقف أيقونية).
[center][size=16]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:10 am

البابا كيرلس الأول ( 2 )



الرسالة الفصحية لسنة 429م



انتهز البابا كيرلس فرصة عيد الفصح عام 429م. وكتب في رسالته الفصحية ما
يفنّد هذه البدعة دون الإشارة إلى اسمه. وأرسلها إلى جميع الكنائس في كل
مكان، كما أرسل رسائل كثيرة إلى نسطور ملأها بالحجج الدامغة والبراهين
القوية التي تظهر فساد هرطقته لعله يقتنع ويرجع عن ضلاله.



وأمام إصرار نسطور على رأيه ومعتقده عقد البابا كيرلس مجمعًا مكانيًا في
الإسكندرية من أساقفة الكرازة المرقسية أدان فيه نسطور وشجب كل تعاليمه
وأرسل تقريرًا بما حدث في المجمع إلى سفرائه الموجودين في القسطنطينية
وإلى كلستينوس أسقف روما، ثم إلى الإمبراطور ثيؤدوسيوس حين رآه يدافع عن
نسطور حاسبًا إياه رجلاً فاضلاً عالمًا.



وأخيرًا قام البابا بعقد مجمع إقليمي آخر في الإسكندرية عرض فيه كل
المحاولات لمقاومة بدعة نسطور والرسائل التي كتبها في هذا الشأن، فكتب
الآباء بدورهم لنسطور يوضّحون له اعتقادهم في الإيمان بالسيد المسيح كما
قدم البابا كيرلس اثني عشر بندًا شرح فيها العقيدة المسيحية السليمة وحرم
فيها كل من يتعداها، وهي التي سُميت فيما بعد "الحرومات الإثني عشر".



إلا أن نسطور احتقر الرسالة والحرومات وقام بكتابة بنود ضدها، وهكذا
انقسمت الكنيسة إلى قسمين: الأول يضم كنائس روما وأورشليم وآسيا الصغرى
وهذه الكنائس أيّدت البابا كيرلس في رأيه، والثاني يضم كنيستي إنطاكية
والقسطنطينية التي هي كرسي نسطور. وأمام هذا الانقسام طلب البابا كيرلس من
الإمبراطور ثيؤدوسيوس أن يجمع مجمعًا لدراسة الأمر، فاستجاب الإمبراطور
لطلب البابا وأرسل لجميع الأساقفة بما فيهم نسطور لكي يجتمعوا في أفسس،
وكان اجتماعهم يوم الأحد 13 بؤونة سنة 147ش الموافق 7 يونيو سنة 431م. وقد
انتهى المجمع بحرم نسطور ووضع مقدمة قانون الإيمان.



بعد انتهاء المجمع عاد البابا كيرلس إلى مدينته الإسكندرية، فخرج الشعب
كله لاستقبال باباه الحبيب، وعاش بعدها البابا حوالي أربعة عشر عامًا ثم
تنيح بسلام في 3 أبيب سنة 160ش الموافق 10 يوليو سنة 444م.



تعيّد له الكنائس التي تتبع الطقس البيزنطي في 27 يونيو، والكنيسة
الرومانية اللاتينية (الكاثوليكية) في 28 يناير، والكنائس الغربية في 15
أكتوبر وهو يوافق يوم ارتقائه للسُدّة المرقسية الرسولية.



كتاباته



تعتبر كتابات القديس كيرلس من أعظم ما ورد في الأدب المسيحي المبكر، فهي
تكشف عن عمق في الفكر، وغنى في الآراء، وتحمل براهين ثمينة وواضحة تؤكد ما
للكاتب من قدرة على البصيرة والجدل تجعل كتاباته من المصادر الأولى لتاريخ
العقيدة والتعليم الكنسي.



كرّس كتاباته للتفسير والجدل ضد الأريوسيين حتى سنة 428م، بعد هذا تحوّلت بالكامل إلى تفنيد الهرطقة النسطورية.



يمكن الرجوع إلى كتاباته وشخصيته في كتابنا: "الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كنيسة علم ولاهوت، 1986م، فصل 13.



من كتاباته



التمايز بين طبيعتي السيد المسيح بالفكر فقط:



نص القديس كيرلس صراحةً على أن رؤية الطبيعتين في السيد المسيح ممكنة فى
الفكر فقط وليس فى الواقع، لأن المسيح غير منقسم إلى طبيعتين من بعد
الاتحاد.



لذلك، بفهمنا وبتأمل عيون النفس فقط فى الكيفية التى تأنس بها الابن
الوحيد، نقول أنه توجد طبيعتان اتحدتا، لكن نقول أن المسيح الابن والرب هو
واحد، هو كلمة الله الآب المتأنس والمتجسد". (فقرة 7 من الرسالة 45 إلى
الأسقف سكسينسوس Succensus)



عندما تفحص طريقة التجسد بدقة يرى العقل البشري بلاشك الاثنتين (أى
الطبيعتين) مجتمعتين معًا بطريقة تفوق الوصف وبلا اختلاط فى اتحاد. إلا إن
العقل لا يقسمهما على الإطلاق بعد أن اتحدتا بل يؤمن ويعترف بقوة أن
الواحد من الاثنتين هو إله وابن ومسيح ورب. (فقرة 15 من رسالته 40 إلى
أكاكيوس أسقف ميليتين)



ولذلك نقول أن الطبيعتين اتحدتا، ومنهما نتج ابن ورب واحد يسوع المسيح،
كما نقبل فى أفكارنا، لكن بعد الاتحاد، إذ قد زال الآن التفريق إلى
اثنتين، نؤمن أنه توجد طبيعة واحدة للابن كواحد، واحد تأنس وتجسد. (فقرة
14 من رسالة 40)



دعهم إذًا لا يقسمون لنا الابن الواحد، جاعلين الكلمة والابن الواحد على
حدة، ويفصلون عنه الإنسان الذي من امرأة - كما يقولون - بل فليعرفوا
بالأحرى أن الله الكلمة لم يكن متصلاً بإنسان، بل أعلن أنه تأنس "معينًا
نسل إبراهيم" بحسب الكتاب المقدس، وصار "يشبه اخوته" (عب 2 :17) "فى كل شئ
فيما عدا الخطية" (قارن عب 4 : 15؛ 2 كو5 : 21) وهذا الشبه التام كان من
اللائق أن يأخذه – وفوق كل التشابهات الأخرى – "يأخذ شبهنا فى" ميلاده من
امرأة، والذي (أي الميلاد) يُعد فينا (نحن البشر) لائقًا بالطبيعة البشرية
ومثلنا، لكن فى الوحيد الجنس، يُفهم (الميلاد) أنه أعمق وأعظم من هذا، لأن
الله صار جسدًا، وبالتالي العذراء القديسة تُدعى والدة الإله (ثيؤتوكوس
Theotokos ).



إذا كانوا يقولون أن الله والإنسان باجتماعهما معًا كونا المسيح الواحد
الذي فيه أقنوم (hypostasis) كل منهما محفوظ بغير اختلاط ولا امتزاج ولكن
يُميز بالعقل، فمن الممكن أن نرى أنهم لا يفكرون ولا يقولون أى شئ صحيح في
هذا. (فقرتان 4، 5 رسالة رقم 50 إلى فاليريان أسقف أيقونية).
[center]

البابا ديسقوروس الأول ( 1 )






تلقبه الكنيسة "بطل الأرثوذكسية". كان شيخًا وقورًا، جمع
بين الروحانية والعمق الدراسي اللاهوتي والشجاعة المسيحية والصلابة في
الحق والرغبة في التضحية حتى الموت من أجل الإيمان.



حدث بعد وفاة الملك ثيؤدوسيوس الصغير سنة 450م، الذي تلقبه الكنيسة بالملك
الأرثوذكسي، أن اعتلى عرش المملكة الملك مرقيان وزوجته الملكة بولشريا.
وفي هذا الوقت الذي احتدم فيه الجدل اللاهوتي حول طبيعة السيد المسيح كانت
المؤامرات تحاك ضد كنيسة الإسكندرية وأساقفتها العظام، بِسَعيّ من لاون
أسقف روما لدى الملك مرقيان وزوجته.



عودة الجِدال اللاهوتي حول شخص المسيح



إدانة نسطور في المجمع المسكوني الثالث في أفسس عام 431م ألهبت الجدال بين
مساندي اللاهوت الإسكندري ومساندي اللاهوت الأنطاكي. أدان يوحنا الأنطاكي
ومعاونوه القديس كيرلس ومعاونيه. وفي سنة 433م أعلن نص "إعادة الاتحاد" أو
"رمز الاتحاد"، لكن هذا البيان لم يقدم إرضاءً شاملاً، إذ لم يقتنع به أي
طرف من الطرفين الرئيسيين بطريقة كاملة. الآن، تغيرت الظروف وعاد الجدال
بشكل أكثر حدة أدى إلى انشقاق مرّ في الكنيسة في مجمع خلقيدونية سنة 451م.



في سنة 435م، في الرُها انتخب أسقف جديد هو هيبا، تحول إلى تلميذ غيور
لثيؤدور المؤبسستى (الميصة) القائد الأنطاكي، فبدأ الجِدال العقيدي من
جديد يرتكز على كتابات ثيؤدور. وفي سنة 433م احتل دومنيوس الأسقفية عِوض
يوحنا الأنطاكي، وكان ضعيف الشخصية متذبذبًا، يأخذ قراراته الحسّاسة خلال
إرشاد ثيؤدورت أسقف قورش. وفي سنة 444م تنيح القديس كيرلس وخلفه رئيس
الشمامسة ديسقورس الذي صحبه في مجمع أفسس. وفي القسطنطينية مات برولكس
وخلفه فلفيان (فلابيانوس، فلافيانوس 446م) وهو إنسان خجول بلا قُدرة على
الكلام. ويبدو أنه كان يؤمن بـ "الطبيعة الواحدة المتجسدة لله الكلمة من
طبيعتين"، لكن ثيؤدورت أسقف قورش غيَّر ذهنه.



القديس ديسقورس وثيؤدورت أسقف قورش



أرسل القديس ديسقورس بعد سيامته رسائل لاخوته الأساقفة حسب التقليد
الكنسي، علامة الشركة الرسولية. أرسل ثيؤدورت أسقف قورش - الذي كان يناضل
ضد القديس كيرلس لصالح نسطور - ردًا على البطريرك الجديد بخطاب مملوء
تملقًا، يمتدحه فيه من أجل تواضعه ورقته. لكن ثيؤدورت - بعد ذلك - أعلن
عداوته للقديس ديسقورس، لأن الأخير أرسل إلى دومنيوس أسقف إنطاكية يلومه
فيه برقة وصراحة على تشجيعه للثنائية النسطورية من جهة شخص المسيح،
واستهانته بمجمع أفسس، وإعلانه أن نسطور ليس هرطوقيًا. لقد أجاب دومنيوس
برسالة رقيقة جاء فيها أنه سُرّ بخطابه بسبب محبته وصراحته.



القديس ديسقورس وأوطيخا



كان أوطيخا أرشمندريت ورئيس دير بالقسطنطينية، حيث كان حوالي 300 راهبًا
يعيشون تحت قيادته. وهو ناسك شيخ، وُهب البلاغة لكنه لم يكن لاهوتيًا
حقيقيًا. لعب دورًا خطيرًا في الانشقاق الكنسي في القرن الخامس. كان
لأوطيخا شهرة فائقة في كرسي القسطنطينية، وفي الأوساط الديرية، وفي البلاط
الإمبراطوري، وعلى مستوى الشعب. هذا يرجع إلى ذكائه وبلاغته مع حياته
النسكية وعلاقته الوطيدة بالقصر الإمبراطوري، خاصة خلال قريبه خريسافيوس
كبير الحجاب.



كصديق للقديس كيرلس تقبل منه صورة من قرارات مجمع أفسس سنة 431م، وكان
يعززها على الدوام. لقد قبل صيغة اللاهوت الإسكندري من جهة السيد المسيح:
"طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد" دون التمتع بأساس لاهوتي سليم. في
الواقع لم يكن يمثل اللاهوت الإسكندري أو الأنطاكي، إنما غيرته الشديدة ضد
النسطورية التي كانت قد انتشرت في تلك المنطقة ودفاعه عن صيغة الإسكندرية
قادته إلى هرطقة أخرى، إذ زاغ بقوله إن ناسوت المسيح ليس مساويًا لنا.
نادى بوجود طبيعتين قبل الاتحاد، ولكن طبيعة واحدة فقط بعده، لأن الطبيعة
الإلهية قد ابتلعت الناسوتية، وفُقدت الأخيرة تمامًا.



لاهوتيات أوطيخا



ليس بالصعب على أي دارس أن يكتشف شخصية أوطيخا ولاهوتياته من مجرد قراءة
إجاباته أثناء مناقشته في مجمعيّ أفسس سنة 448، 449م. لم يكن بالشخص
اللاهوتي، ولا مُدركًَا لنظام اللاهوت الإسكندري، إنما تارة يستخدم عبارات
أرثوذكسية تضاد أفكاره الرئيسية. ربما لأنه كان متزعزعًا في معرفته
اللاهوتية، أو عن خداع، أو ربما لحذره لئلا يفقد شهرته أو مركزه أو كهنوته.



بعد المجمع المحلى بالقسطنطينية عام 448م أرسل "اعتراف إيمانه"
للإمبراطور، إن كان بحق هذا الاعتراف يمثل رأيه فلا يكون حاملاً للهرطقة
الأوطاخية، إذ يقول:



[نُعلن أن يسوع المسيح ربنا مولود من الله الآب بلا بداية...، الذي من
أجلنا ومن أجل خلاصنا وُلد من العذراء مريم...، أخذ نفسًا وجسدًا، إله
كامل وإنسان كامل، واحد مع (مساوٍ) الآب في جوهره من جهة اللاهوت... وواحد
معنا من جهة الناسوت.



نعترف بهذا أنه "من from طبيعتين بعد الاتحاد...



نؤكد أنه مسيح واحد، ابن واحد، رب واحد، أقنوم واحد، شخص واحد. لذلك لا
نرفض تأكيد أنه طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد الذي صار إنسانًا، إذ هو
واحد من اثنين، كائن واحد بعينه ربنا يسوع المسيح.]



إدانة أوطيخا



حدث صراع بين أوطيخا والقائد الأنطاكي ثيؤدوريت أسقف قورش، الذي لأجل
محبته وولائه لنسطور قدم لصديقه معانٍ يقصدها هو وليس نسطور. من ناحية
أخرى بسبب كراهيته المُرة للقديس كيرلس وكتاباته، خاصة الاثني عشر حرمانًا
اتهم القديس كيرلس بالأبولينارية، ونشر هجومًا مطوّلاً ضد القديس كيرلس
وأوطيخا [دون ذكر اسمه] دعاه "إرانستس" أو "الشحاذ"، ينقسم هذا الهجوم إلى
ثلاثة أقسام:



1.القسم الأول أراد إثبات أن الطبيعة الإلهية لا تتغير. ولإثبات هذا دحض
اصطلاح القديس كيرلس "ثيؤتوكوس" وأيضًا "تبادل الألقاب والخواص
Communicato idiomatum".



2.القسم الثاني يظهر أن الطبيعتين توجدان في المسيح بغير اختلاط، رافضًا اتحاد الطبيعتين.



3.القسم الثالث خصصه لإظهار أن الله الكلمة بلا انفعالات. لقد هاجم
الحرمان الرابع للقديس كيرلس الذي فيه يقول بأنه يستحيل التفريق بين شخصين
وأقنومين، كما جاء في عبارات العهد الجديد.



القديس كيرلس نفسه أكد الثلاث نقاط: عدم تغير اللاهوت، عدم اختلاط
الطبيعتين، عدم انفعال اللوغوس، لكن الكتاب هاجم اللاهوت الكيرلسي، خاصة
دعوة القديسة مريم "ثيؤتوكوس"، والمناداة بطبيعة المسيح الواحدة، وتبادل
الألقاب والخواص.



عُقد مجمع القسطنطينية من 8 إلى 22 نوفمبر سنة 448م لإدانة أوطيخا، حيث
قدم يوسابيوس عريضَة اتهام ضده يتهم فيه أنه يفتري على الكُتّاب الأرثوذكس
متمسكًا بآراء هرطوقية، طالبًا من فلافيان أن يستدعى أوطيخا ليدافع عن
نفسه. رفض أوطيخا الظهور أمام المجمع حتى الجلسة السابعة، مقدمًا أعذارًا
كثيرة مثل شيخوخته ومرضه وأن التقليد النسكي يمنعه عن مغادرة الدير.



مناقشات الجلسات الست غير معروف منها سوى بعض عبارات حيث نسب بعض الأساقفة الحاضرين للقديس كيرلس أنه قال بالطبيعتين بعد الاتحاد.



أمام المجمع أعلن أوطيخا أنه قبل تعليم نيقية وأفسس وأنه يؤكد أن [بعد أن
صار المسيح إنسانًا، أي بعد أن ولد يسوع المسيح ربنا، يُعبد الله الكلمة
بكونه طبيعة واحدة، أي الله الذي صار متجسدًا.]



لقد أنكر أنه قال بأن جسد يسوع نزل من السماء، بل ضحك عند سماعه هذا الاتهام ضده.



لقد كرر أن المسيح أخذ جسده من العذراء مريم، وأضاف أنه قد تم تجسد كامل، لكنه رفض القول بأن جسده واحد معنا (أي مساوٍ لنا).



أصر يوسابيوس أن يجيب على سؤالين:



1.هل كان المسيح واحدًا معنا (مساوٍ لناحسب الجسد)؟



2. هل يحمل فيه طبيعتين بعد الاتحاد؟



من جهة السؤال الأول، أجاب: [إلى اليوم لم أتحدث عن جسد ربنا أنه واحد مع
جسدنا (مساوٍ لجسدنا)، لكنني أعترف أن العذراء واحدة معنا في جوهرنا، وأن
الله تجسد منها]. وإذ علّق باسيليوس أسقف سلوكية قائلاً ما دامت الأم
واحدة معنا، إذن فهو نفسه إذ يُدعى ابن الإنسان يلزم أن يكون واحدًا معنا،
أجاب: [كما تقول أوافقك على كل شيء].



بخصوص السؤال الثاني أجاب: [إنني أقرأ الطوباوي كيرلس والآباء القديسين
والقديس أثناسيوس، فقد تحدثوا عن "من طبيعتين" إذ يشيرون إلى ما قبل
الاتحاد، أما بعد الاتحاد والتجسد، فهم لا يؤكدون الطبيعتين بل طبيعة
واحدة.]



قال باسيليوس أسقف سلوكية بأنه إذ لم يقل بالطبيعتين فهو ينادى بالاختلاط والامتزاج.



أصدر فلافيان القرار بأن أوطيخا يتبع فالنتينوس وأبوليناريوس، وأن المجمع يحرمه ويعزله عن إدارة ديره وممارسة الكهنوت.


[size=16]


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:13 am

البابا ديسقوروس الأول ( 2 )





التجاء أوطيخا إلى الإمبراطور والأساقفة



إدانة أوطيخا سببت متاعب كثيرة في القسطنطينية. مساعدوه، خاصة في الأوساط الديرية، اتهموا فلافيانوس ومساعديه بالنسطورية.

حرم فلافيانوس القادة في الأديرة بينما لجأ أوطيخا إلى روما والإسكندرية
وأورشليم وتسالونيك، وأيضًا قدم شكوى إلى الإمبراطور خلال صديقه
خريستوفيوس كبير الحجاب، يقول فيها بأن الذين حاكموه أرادوا إلزامه
بالثنائية النسطورية وأن سجلات المجمع قد زُوِّرت.

كتب لاون أسقف روما إلى أوطيخا يمتدحه على غيرته في الدفاع ضد الثنائية
النسطورية، وفي نفس الوقت كتب إلى فلافيانوس يطلب منه الترفق بأوطيخا.
لكنه غيَّر رأيه ربما عندما سمع أن الإمبراطور كتب إلى القديس ديسقورس
بابا الإسكندرية يدعوه لعقد مجمع لمناقشة الأمر. لاون الذي لم تكن لديه
معرفة صادقة لطبيعة الصراع بين لاهوت الإسكندرية ولاهوت إنطاكية أرسل
طومسه (رسالة) إلى القسطنطينية في 13 يونيو 449م، لا من أجل مصالحة
الطرفين وإنما بغية تشويه اللاهوتيين الإسكندريين.

مجمع أفسس الثاني لسنة 449م



إذ اقتنع الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني بعقد مجمع طلب من ديسقورس أن يمارس
سلطته في المجمع كرئيس، وطلب من يوبيناليوس أسقف أورشليم وتلاسيوس أسقف
قيصرية كبادوكية أن يكونا رئيسين شريكين معه.

قبل مناقشة قرارات المجمع أود أن أشير إلى أن الخلقيدونيين يقولون إنه إن
كان مجمع خلقيدونية سنة 451م قد سبب شقاقًا في الكنيسة، فإنهم يرون أن ما
حدث كان رد فعل لمجمع أفسس عام 449م، الذي دعاه لاون أسقف روما بالمجمع
اللصوصي، ويتهم المؤرخون واللاهوتيون القديس ديسقورس بالعنف، وأنه قاد
المجمع لصالح اللاهوت الإسكندري.

هل كان القديس ديسقورس عنيفًا؟

يقدم المطران غريغوريوس بولس بهنام بعد نشره رسالة الإمبراطورين ثيؤدوسيوس
الثاني وفالانتينوس، مترجمة من السريانية إلى العربية، الملاحظات التالية:

1. لم يعقد المجمع (أفسس الثاني) بناء على طلب البابا ديسقورس، ولم توجد
بينه وبين الأباطرة رسائل مسبقة في هذا الشأن. هذا يعنى أن القديس ديسقورس
لم يكن يبغي نفعًا شخصيًا خطط له.

2. لم يصف الخطاب الإمبراطوري القديس ديسقورس بألقاب تكريم أكثر من غيره.
هذا يعنى عدم وجود اتفاقات مسبقة بين الإمبراطور والقديس ديسقورس .

3. تكشف الرسائل الملوكية عن وجود اضطرابات لاهوتية متزايدة في إيبارشية
القسطنطينية. كان طلب الإمبراطور من القديس ديسقورس هو الإسراع لوضع حد
للمتاعب اللاهوتية. هذا ومما يجب مراعاته أن ديسقورس لم يعلن عن صيغة
إيمان جديدة، بل كان يسعى للمحافظة على الصيغة التقليدية للإيمان الكنسي.

4. أُخذت القرارات بالتصويت، ولم نسمع أن أسقفًا من الحاضرين احتج أو انسحب من المجمع (غير فلابيانوس ويوسابيوس عند إصدار الحكم).

5. في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها يوبيناليوس الأورشليمي، وصف لاون
أسقف روما بـ "القديس"، "محب الله"، وأعطى لدومنوس أسقف إنطاكية لقب "محب
الله"...هذه الألقاب تكشف عن روح المجمع.

6. عندما سأل لاون أسقف روما إمبراطور الغرب فالنتينوس وأمه وأخته
بولشاريا للتوسط لدى ثيؤدوسيوس الثاني ليعقد مجمعًا آخر أرسل الأخير رسالة
يمتدح فيها مجمع أفسس بأن خوف الرب كان يحكمه، وأن أعضاءه تمسكوا بالإيمان
الحق وقوانين الآباء، وأنه قد فحص الأمر بنفسه وهو راضٍ.

7. في الرسالة الملوكية في افتتاح المجمع أعلن الإمبراطور منعه ثيؤدورت
أسقف قورش من الحضور بسبب الآلام التي يعانيها المؤمنون، حتى الذين في
القرى، من النساطرة. في الواقع لم يكن ديسقورس عنيفًا بل النساطرة كما شهد
الإمبراطور نفسه بذلك.

وإنني أود أن أضيف ملاحظات أخرى:

8. لم ينطق القديس ديسقورس حتى اللحظة الأخيرة من انعقاد المجمع بكلمة ضد
روما، بينما لاون في رسائله يشير إلى بابانا بأنه "السفاح المصري" و"معلم
أخطاء الشيطان" والباذل بقوة جهده لبث التجاديف وسط اخوته. وسنرى كيف أن
أناطوليوس أسقف القسطنطينية وغيره قد رفضوا نَسْب الهرطقة للبابا
الإسكندري.

9. يعتمد الخلقيدونيون عادة على أعمال مجمع خلقيدونية في اتهام القديس
ديسقورس بالعنف. وسنناقش هذه الاتهامات فيما بعد، لكنني أشير هنا إلى أنه
من الطبيعي أن ينسب النساطرة العنف للبابا الإسكندري ليخفوا سلوكهم العنيف
في مجمع القسطنطينية كما شهد الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني وأيضًا سلوكهم
القاسي مع أوطيخا وأعوانه، وقد كتب أوطيخا في التماسه للأساقفة أنه [أكد
أثناء محاكمته رغبته في إتباعه ما قد صمموا عليه، ولكن فلابيانوس رفض
الالتماس، كما اعترض على العنف الذي استخدم ضده في المجمع وما بعد المجمع
بواسطة العامة]. ونحن نعلم أن فلابيانوس قد حرم كثيرًا من قادة الرهبان
لأنهم سندوا أوطيخا ضد الثنائية النسطورية.

10. اعتاد بعض الدارسين أن ينسبوا العنف إلى لاهوتي الإسكندرية وآبائها، حتى بالنسبة للقديسين أثناسيوس وكيرلس.

قرارات المجمع

1. إعادة اعتبار أوطيخا

لم يكن خطأ ديسقورس أن المجمع أعاد اعتبار أوطيخا، وذلك للأسباب الآتية:



أ. كتب لاون أسقف روما إلى بولشاريا قائلاً بأن أوطيخا انزلق في الهرطقة عن جهل منه، إن تاب فليعامل حسنًا.



ب. أعلن أوطيخا عبارات أرثوذكسية مثل قوله: [فإنه هو نفسه، كلمة الله، نزل
من السماء بلا جسد، صار جسدًا من ذات جسد العذراء دون أن يتغير أو يتحول،
بطريقة هو نفسه يعلمها ويريدها. وهو الإله الكامل قبل الدهور هو بعينه صار
إنسانًا كاملاً لأجلنا ولأجل خلاصنا.]

يؤكد أوطيخا أنه متمسك بإيمان نيقية وأفسس وبعبارات كيرلس، كما حرم ماني
وفلانتينوس وأبوليناريوس ونسطور مع القائلين بأن جسد المسيح نزل من
السماء...



2. إدانة فلابيانوس ودومنوس الخ.

لا تزال محاضر الجلسات موجودة بالنص السرياني، نلاحظ فيها أن الاتهام
الرئيسي ضد هؤلاء هو اتجاهاتهم النسطورية التي انتشرت في هذه المنطقة.
يقول شادويك: [قام المجمع بعزل القيادات النسطورية.]



3 . حذف طومس لاون

اعتبر الأسقف الروماني أن هذا الحذف بمثابة استخفاف بالسلطة البطرسية لذا
وصف المجمع "باللصوصي". وجدير بالملاحظة أن هذا الطومس لم يُكتب كمستند
للمجمع، بل كان في الأصل رسالة موجهة للإمبراطور، أرسلت منه صورة إلى
المجمع سلمت بأيدي النواب. يقول المتروبوليت ميثودويوس باكسيوم: [في
الحقيقة إن تسليم الرسالة للمجمع كان كافيًا. لقد كان ممثلو روما حاضرين
وكانوا قادرين على تقديم وجهة نظره. إلى يومنا هذا يمكن تسليم رسائل دورية
لمجامع دون وجود التزام بقراءتها.]



لاون أسقف روما ومجمع خلقيدونية

عاد مندوبو روما إلى أسقفهم يعلنون فشلهم في حماية فلابيانوس وجماعته. كتب
لاون إلى ثيؤدوسيوس الثاني ضد القديس ديسقورس كما كتب إلى كنيسة
القسطنطينية، وأخيرًا سأل فالانتينيان الثالث خلال زوجته أفدوكسيا وأمه
غالا بلاسيديا أن يكتب إلى أخيه ثيؤدوسيوس بخصوص ديسقورس ومجمع أفسس لسنة
449م، غير أن ثيؤدوسيوس رفض الطلب ممتدحًا القديس ديسقورس ومجمع أفسس.



ومع ذلك فقد حقق لاون بغيته إذ جاءت الأحداث تخدمه:



1.تقبّل لاون التماسات من معارضي مجمع أفسس (449م) مثل فلابيانوس وغيره.



2.موت فلابيانوس، الذي يحتمل أن يكون قد حدث بعد إدانته بمدة ليست طويلة،
وجد فيه لاون فرصة للتعاطف معه (بعد موته)، خاصة في القسطنطينية. فقد فسرت
هذه الوفاة فيما بعد من مقاومي مجمع 449م بأنها تمت بسبب أتعاب جسدية لحقت
به في المجمع.



3.في 28 يوليو سنة 450م مات ثيؤدوسيوس واحتلت بولشاريا أخته ورجلها مرقيان المُلك وأعلنا أنهما إمبراطوران في 28 أغسطس 450م.



4.يقرر شادويك أن أناطوليوس، خلف فلابيانوس، إذ أراد تأكيد مركز القسطنطينية الثاني وجد أن الفرصة ذهبية لحث روما على قبول ذلك.



عقد الملك مرقيان مجمعًا في قصره بالقسطنطينية من أجل موضوع الساعة، وهو
طبيعة السيد المسيح، دعا إليه أساقفة كثيرين معظمهم من النساطرة. وكان
البابا ديسقورس ضمن المدعوين، واندهش لكثرة الأساقفة المجتمعين بلا سبب.
كان لا يدري أن هناك مؤامرة مبيتة ضده، لكنه لم يرهب الموقف، ولما تساءل
عن السبب في عقد المجمع، أجابه أحد الأساقفة بأن الملك يهدف إلى توضيح
الإيمان. فقال البابا ديسقورس في جرأة: "إن الإيمان هو في غاية الكمال،
ولا يعوزه شيء من الإيضاح، وهو مقرر ومثبت من الآباء أمثال أثناسيوس
وكيرلس وغيرهما".



حاول البعض أن يستميلوه لكي يوافق على طومس لاون أسقف روما الذي يثبت
الطبيعتين في شخص المسيح بعد الاتحاد، فرد قائلاً: "إن اعتقاد البيعة
ينبغي ألا يٌزاد عليه أو ينقص منه. فالمسيح واحد بالطبع والجوهر والعقل
والمشيئة كما علّم الآباء". ثم أخذ يشرح لهم المعتقد السليم، وحدث أن أحد
الأساقفة المجتمعين في قصر الملك أخذ يوجه الكلام إلى البابا ديسقورس
طالبًا أن يذعن لرغبة الملك ولا يخالفه لكي يبقى في منصبه، فما كان من
ديسقورس إلا أن قال له: "إن الملك لا يلزمه البحث في هذه الأمور الدقيقة
بل ينبغي عليه أن ينشغل بأمور مملكته وتدبيرها، ويدع الكهنة يبحثون موضوع
الإيمان المستقيم، فإنهم يعرفون الكتب. وخير له أن لا يميل عن الهوى ولا
يتبع غير الحق!"

دٌهش الجميع من جرأته، وهنا قالت الملكة بولشريا: "يا ديسقورس لقد كان في
زمان والدتي أفدوكسيا إنسان عنيد مثلك (تقصد القديس يوحنا ذهبي الفم) وأنت
تعلم أنه لم يرَ من جراء مخالفته خيرًا. وأنا أرى أن حالك سيكون مثله".
فأجابها بكل جرأة: "وأنتِ تعرفين ما جرى لوالدتك نتيجة اضطهادها لهذا
القديس وكيف ابتلاها الله بالمرض الشديد الذي لم تعرف له دواء ولا علاجًا
حتى مضت إلى قبره وبكت عليه واستغفرت الرب فعوفيت. وهأنذا بين يديك فافعلي
ما تريدين، وستربحين ما ربحته أمك".

كانت نتيجة هذه الإجابة الصريحة الشجاعة أن تهجمت هذه الملكة الشريرة ومدت
يدها وصفعته صفعة شديدة اقتلعت ضرسين من أضراسه نظرًا لشيخوخته. وما لبث
أن انهال عليه بعض رجال القصر وأوسعوه ضربًا، وإمعانًا في الاستهزاء به
نتفوا لحيته! أما هو فبقى صامتًا محتملاً ويقول: "من أجلك نُمات كل
النهار". ثم جمع الأب الضرسين مع شعر لحيته، وأرسلهما إلى شعبه
بالإسكندرية مع رسالة يقول فيها: "هذه ثمرة جهادي لأجل الإيمان. اعلموا
أنه قد نالتني آلام كثيرة في سبيل المحافظة على إيمان آبائي القديسين".



القديس ديسقورس ومجمع خلقيدونية

ما لبث أن عُقد مجمع بأمر الملك في مدينة خلقيدونية سنة 451م، استخدم
الضغط والإرهاب ضد الأساقفة، واتبع سبل المؤامرات الدنيئة، فكانت النتيجة
أن صدر حكم المجمع على البابا ديسقورس غيابيًا، بعد أن حيل بينه وبين حضور
المجمع، وذلك بعد أن كتب هو على قرار المجمع بخصوص الإيمان حرمًا لكل من
يتعدى حدود الإيمان المستقيم.

بالرغم من الاعتقاد بأن مجمع خلقيدونية عُقد لإدانة أوطيخا، فقد كان في
الواقع موجهًا ضد البابا ديسقورس الإسكندري، وليس ضد الراهب الشيخ، إذ كان
أوطيخا غير حاضر في المجمع وكان قد نفي في شمال سوريا قبل عقد المجمع.



في الواقع أدين ديسقورس لا لهرطقة عقيدية وإنما لظروف سياسية لعبت الدور الرئيسي في المجمع.

يقول الأستاذ اليونانى الأب رومانيدس: [لقد حُسب ديسقورس أرثوذكسيًا
تمامًا في إيمانه في نظر بعض الآباء القادة في مجمع خلقيدون مثل أولئك
الذين مثّلوا أناتوليوس بطريرك القسطنطينية.]

ويقول الأب ميثوديوس مطران أكسيوم: [المعلومات التي لدينا لا تصور ديسقورس
كهرطوقى، فمن المعلومات التي بين أيدينا واضح أنه كان إنسانًا صالحًا، بل
والأسقف لاون نفسه حاول أن يكسبه إلى جانبه... هكذا في خطاب بعث به
الإمبراطور ثيؤدوسيوس إلى ديسقورس دعاه فيه إنسانًا تشع منه نعمة الله،
وديعًا، أرثوذكسي الإيمان.

في أثناء المجمع أعلن ديسقورس إيمانه مرات عديدة، ولم يُدن لأنه هرطوقي،
وإنما لأنه رفض رئيس الأساقفة لاون في الشركة، ولأنه امتنع عن حضور المجمع
رغم دعوته ثلاث مرات.

الأدلة كافية لكي نتطلع إلى أسباب أخرى لإدانة ديسقورس. فإن روما كانت في
ضجر بسبب الحيوية غير الطبيعية لكنيسة الإسكندرية وبطريركها النشيط.]

صادق الملك على قرار المجمع وأصدر أمره بنفي البابا ديسقورس إلى جزيرة
غاغرا بآسيا الصغرى. وبقى في منفاه مدة خمس سنوات صرفها في هداية الضالين
وشفاء المرضى، وانتقل إلى عالم المجد سنة 457م.
[center]


البابا تيموثاوس الثانى




أحب الحياة الهادئة فالتحق بدير بالقلمون حيث مارس الحياة
التعبدية الهادئة في نسكٍ شديد مع دراسة للكتاب المقدس وكتابات الآباء.
سامه البابا كيرلس الكبير قسًا على كنيسة الإسكندرية، فداوم على الخدمة
وتعليم الشعب في عهدي البابا كيرلس والبابا ديسقورس.



سيامته بطريركيًا



إذ تنيح البابا ديسقورس في منفاه بجزيرة غنغرا بلغ الخبر إلى الإسكندرية
حيث كان الوالي غائبًا، تألم الإكليروس والشعب لنياحة أبيهم المفترى عليه
تحت ستار العقيدة، لكنهم اجتمعوا في الحال وبرأي واحد استقروا على سيامة
الكاهن تيموثاوس بابا لهم وإذ عاد الوالي جن جنونه وحسب هذه السيامة ثورة
على السلطة البيزنطية، فقد كان يود أن يقيم لهم إنسانًا دخيلاً من مجمع
خلقيدونية القائل بأن للسيد المسيح طبيعتين وإرادتين.



أخذ الوالي يضطهد المصريين، فلم يبالِ البابا بل عقد مجمعًا من أساقفة
يدين فيه مجمع خلقيدونية، ويحرم كل من يقبل قراراته، وقد آزر الكل باباهم
ماعدا أربعة أساقفة.



مع ديونسيوس أمير الجيش



قام البابا تيموثاوس برحلة رعوية يتفقد فيها شعبه ويثبتهم على الإيمان،
وإذ عاد إلى الإسكندرية كان الكونت ديونسيوس أمير الجيش قد وصل إلى
الإسكندرية يحمل الأوامر مشددة بإخضاع المصريين للبطريرك الدخيل بروتيروس
مستخدمًا كل وسائل العنف.



نفذ الكونت الأوامر، فمنع البابا من دخول الإسكندرية، الأمر الذي أثار
الشعب الإسكندري، إذ حسبوا انه ليس من حق بيزنطة أن تتدخل في شئونهم
الكنسية، وثارت ثورة الشعب بعنف حتى فقد الكثيرون اتزانهم ودخلوا في معركة
مع الجند انتهت بقتل الدخيل بروتيروس الأمر الذي أخطأ فيه الشعب دون شك!



استخدم الوالي كل إمكانيته بقسوة لتحطيم هذا الشعب الذي يحمل تمردًا في
عينيه وقد طلب من الإمبراطور مرقيان أن يصدر أمره بنفي البابا تيموثاوس
وأخيه إلى جزيرة غنغرا التي نُفي إليها سلفه البابا ديسقورس.



إلى المنفى



لكي يمعن في إذلال الشعب لم يرسل البابا إلى منفاه مباشرة عن طريق البحر
وإنما أرسله عن طريق البر ليعبر بفلسطين ولبنان وآسيا الصغرى فيكون مثلاً
أمام الجميع، لكن هذا العمل جعل من البابا بطلاً يستقبله المؤمنون في كل
بلد بالتسابيح يطلبون بركاته.



حين بلغ البابا بيروت خرج أسقفها أوستاثيوس يستقبله بحفاوة، وتجمهر الشعب يطلب بركة البابا البطريرك.



أما والي الإسكندرية فقام بتعيين رجل يسمى سولوفاتشيولي عوض البابا تيموثاوس، قاطعه الشعب تمامًا لمدة سبع سنوات.



بعث البابا تيموثاوس من منفاه عدة رسائل إلى أهل مصر وفلسطين وإلى بعض
المصريين في القسطنطينية، في الأول حذر شعبه من بدعة أوطاخي الذي أنكر
حقيقة ناسوت السيد المسيح. ثم بعث رسالة ثانية يؤكد إيمانه بشهادة الكتاب
المقدس وتعاليم القديسين أثناسيوس الرسولي وكيرلس الكبير وباسيليوس
وغريغوريوس الناطق بالإلهيات ويوحنا ذهبي الفم، كما بعث رسالة ثالثة يؤكد
إيمانه بشهادة الكتاب المقدس وتعاليم القديسين أثناسيوس الرسولي وكيرلس
الكبير وباسيليوس وغريغوريوس الناطق بالإلهيات ويوحنا ذهبي الفم، كما بعث
رسالة رابعة إلى الرهبان والراهبات والمؤمنين في كنيسة الإسكندرية أوضح
فيها الإيمان الحق مستندًا على إحدى رسائل البابا ديسقورس.



على أي الأحوال نجح البابا تيموثاوس بمحبته وقدسية حياته أن يكسب حب أهل غنغرا حتى دعوه "العجائبي الرحيم".



عودة البابا



إذ مات مرقيانوس زال الملك عن آل ثيؤدوسيوس الذي حاولت بولشريا امرأة
مرقيانوس وأخت ثيؤدوسيوس الاحتفاظ به بكل الطرق، فقد حاولت إغراء أخيها أن
يتزوج بثانية لعلها تنجب ابنا يخلفه، ولما فشلت محاولاتها كسرت نذرها
وتزوجت بمرقيان لتحتفظ بالمُلك لها ولعائلتها. كان لهذه الملكة دورها
الشرير من نحو كنيسة الإسكندرية فكانت تشجع زوجها على الاستبداد بالشعب
المصري.



انتقلت الإمبراطورية إلى باسيلسكوس الذي عمل على توطيد السلام في الكنيسة
وإعادة المنفيين إلى كراسيهم. وقام طبيبه من الإسكندرية بدورٍ هام في عودة
البابا، الذي ذهب إلى القسطنطينية ليقدم شكره للإمبراطور قبل رجوعه إلى
كرسيه. هناك عقد مجمعًا حضره 500 أسقفًا كتب خطابًا دوريًا يؤكد فيه صدق
إيمان البابا تيموثاوس وتثبيت إيمان المجامع المسكونية الثلاثة: نيقية
والقسطنطينية وأفسس؛ كما أدان هرطقة أوطاخي وطومس لاون. حاول فريق متشيع
لأوطاخي أن ينالوا موافقته على بدعتهم، فأعلن رفضه لبدعتهم تمامًا. وقد
أوضح بكل قوة أن كنيسة الإسكندرية بريئة من الفكر الأوطيخي كل البراءة.



عمله الرعوي



عاد البابا إلى الإسكندرية فخرج الكل في حب صادق وبنوة يستقبلونه، أما سولوفاتشيولي فانسحب في هدوء إلى ديره.



أعاد البابا رفات سلفه القديس ديسقورس إلى مدينته بالإسكندرية، وتفرغ لرد
كل نفس تائهة وتثبيت الإيمان والاهتمام بكل احتياجات شعبه حتى رقد بعد أن
قضى على الكرسي 22 سنة و11 شهرًا.

[size=16]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:16 am

البابا بطرس الثالث





سيامته بطريركًا



كان الأب بطرس كاهنًا بمدينة الإسكندرية، تلميذًا للقديس ديسقورس وصديقًا
لخلفه الأنبا تيموثاوس الثاني، وإذ تنيح الأخير اُنتخب الأب بطرس بابا
للإسكندرية (27) عام 477م، وقد حمل غيرة معلمه البابا ديسقورس على استقامة
الإيمان.



موقف زينون منه



اغتصب زينون عرش القسطنطينية من الإمبراطور باسيلكوس، وإذ كان مناصرًا
للخلقيدونيين لم يحتمل سيامة البابا بطرس الثالث بكونها تمت دون تصريحٍ
منه، خاصة وأن البابا بدأ عمله البابوي بعقد مجمع بالإسكندرية فيه جدّد
حرمان لاون وطومسه، فحسب زينون ذلك تحديًا شخصيًا له، وللحال أصدر أمره
بنفيه، وإقامة بطريرك دخيل يحتل الكرسي. اختفي البابا لمدة خمس سنوات، كان
خلالها يسند شعبه بالرسائل بينما قاطع الشعب البطريرك الدخيل تمامًا.



بين البابا ويوحنا التلاوي



فكر بعض المصريين في المناوشات التي كثيرًا ما تحدث بين الأباطرة والكنيسة
المصرية بسبب تدخل الأباطرة في أمور الكنيسة الدينية الداخلية، وفي جرأة
تقدم وفد منهم تحت رئاسة رجل يدعى يوحنا التلاوي ( نسبة إلى تلا بالمنوفية
) وسار إلى الإمبراطور يرجوه ترك الحرية للأقباط في اختيار بطريركهم.
التقى الوفد بالإمبراطور، فحسب الأخير أن يوحنا التلاوي فعل ذلك ليختاروه
بطريركًا، فأقسم يوحنا أنه لا يقصد ذلك، وأنه لا يقبل ذلك حتى إن طلب الكل
منه ذلك، عندئذ استجاب لطلبة الوفد. غير أن الوفد عاد وبعد قليل مات
الدخيل فرشح يوحنا نفسه للبطريركية وبعث رسائل للأساقفة والإمبراطور
يعلمهم بذلك، وبتدبير إلهي وصلت الرسالة إلى أسقف روما قبل وصولها إلى
أكاكيوس أسقف القسطنطينية وإلي الإمبراطور، فغضب الإمبراطور ومعه أكاكيوس
كيف أخطر يوحنا أسقف روما قبلهما، واتفق الاثنان على إعادة البابا بطرس
إلى كرسيه.



أرسل أسقف روما خطابًا للإمبراطور يعلن فيه سروره باعتلاء يوحنا الكرسي،
فأجابه الإمبراطور، قائلاً: "ان هذا الإنسان لا يستحق هذه الكرامة السامية
لأنه حنث بيمينه"، وأصدر الإمبراطور أمره بإعادة البابا الشرعي واستبعاد
يوحنا عن الإسكندرية.



بين البابا وأكاكيوس



اتصل البطريرك أكاكيوس بأصدقاء البابا بطرس الذين في القسطنطينية يعلن
رغبته في عودة الشركة بين كنيستي الإسكندرية والقسطنطينية، ففرح البابا
بطرس جدًا، وتبادل مع أكاكيوس 14 رسالة قبل أن تتم المصالحة، وكان البابا
بطرس حريصًا على التمسك بوديعة الإيمان، موبخًا إياه على انحيازه
للخلقيدونية.



جاء في رسالة لأكاكيوس: [أشرق علينا يا سراج الأرثوذكسية، وأنر السبيل لنا
نحن الذين ضللنا عن الإيمان المستقيم. كن لنا مثل استفانوس أول الشهداء
(أع 7 : 60)، واهتف نحو مضطهديك، قائلاً : "لا تحسب لهم يا رب هذه
الخطية"].



وجاء في إحدى رسائل البابا بطرس : [صلِ وصمّ بكل اجتهاد، وأنا أصوم وأصلي
معك ومن أجلك، فنرفع كلانا طلبتنا إلى الله باسم الكنيسة الجامعة.]، وقد
جاء رد أكاكيوس: [الآن يتهلل قلبي لأنك قبلت أن تشاطرني ما أحمله من أعباء
ثقيلة، وإنني أشكر الله الذي هيأ لي فرصة التوبة بصلاتك ومنحني القوة
بأصوامك معي وعني. وأنا فرحٌ لأنني سأحظى بالدخول معك إلى الحضرة الإلهية،
فأرجو منك الآن أن ترسل إلينا بعض آباء الصحراء وبعض العلمانيين الموثوق
بأرثوذكسيتهم لكي يرافقونا في زيارة نزمع أن نقوم بها للإمبراطور لنتحدث
إليه بشأن إبرام الصلح بين جميع الكنائس، فنسعد بتثبيت السلام في كنيسة
ملك السلام].



وقد تحقق ذلك بإرسال بعض آباء البرية والأراخنة الأتقياء ليحضروا مجمعًا
انعقد في القسطنطينية أصدر منشورًا يسمى " منشور زينون " أو " هيوتيكون "
أي " كتاب الاتحاد"، يعلن العقيدة الأرثوذكسية. في هذا المنشور أُعلن جحد
تعاليم أريوس ونسطور وأوطيخا، وقبول تعاليم مجامع نيقية والقسطنطينية
وأفسس، وتعاليم القديس كيرلس الكبير.



تم تبادل الرسائل بين البابا بطرس ومار أكاكيوس وكاد مشروع " كتاب
الاتحاد" ينجح ويرد للكنيسة في العالم وحدتها، لولا تصرف البعض، ففي مصر
تزعم يعقوب أسقف صا ومينا أسقف مدينة طاما حملة ضد البابا بطرس حاسبين في
هذا التصالح تراجعًا عن الإيمان وتساهلاً مع الخلقيدونيين، لكن البابا عقد
مجمعًا بالإسكندرية وأقنع الغالبية العظمى من الأساقفة بقبول هذا المنشور،
ولم يشذ إلا قلة يدعون الأسيفايين أي "الذين بلا رأس" لأنهم انفصلوا عن
قائدهم الروحي.



أما الذي حطم هذا المنشور فهو فيليكس أسقف روما الذي لام أكاكيوس على
اشتراكه مع البابا بطرس، وقد أثار زوبعة ضد أكاكيوس، وعقد مجمعًا حرم فيه
البابا بطرس ومارأكاكيوس.



إذ تنيح أكاكيوس جاء خلفه أوفيميوس الذي قطع علاقته مع الإسكندرية. لكنها
عادت من جديد علانية في أيام بطاركة القسطنطينية: أفراويطاوس سنة 491م،
وتيموثاوس الأول سنة 511م، وأنتيموس سنة 535م، وسرجيوس سنة 608م، وبيروس
سنة 639م، وبولس سنة 643م، وبطرس سنة 652م، وتوما سنة 656م، وثيودورس سنة
666م، ويوحنا سنة 712م.



نياحته



قضى بقية أيامه يهتم بالعمل الرعوي في هدوء واستقرار حتى تنيح في 2 هاتور
سنة 490م، وبعد أن قضى على الكرسي المرقسي ثمان سنوات وثلاثة شهور.




البابا أثناسيوس الثانى






كان كاهنًا بالإسكندرية، اشتهر بالصلاح واستقامة الإيمان
فسيم بطريركًا بعد نياحة البابا بطرس الثالث، وقد دعي بأثناسيوس الصغير
تمييزًا له عن أثناسيوس الكبير (الرسولي).



اشترك مع القيصر أنستاسيوس في إعادة السلام في الشرق بوجه عام وفي مصر على
وجه الخصوص بعد أن مزق مجمع خلقيدونية الكنيسة، الذي نفي فيه القديس
ديسقورس بابا الإسكندرية (25) القائل بأن السيد المسيح له طبيعة واحدة
وأنه أقنوم واحد، وأن الاتحاد بين اللاهوت والناسوت بغير اختلاط ولا
امتزاج ولا تغيير.



[ إلى وقت قريب كان العالم المسيحي يظن أننا نعتقد بالطبيعة الواحدة،
بمعنى تلاشي الطبيعة الناسوتية في اللاهوتية كقول المبتدع أوطيخا، لذا
كانوا يدعوننا بالأوطاخيين خطأ




البابا يؤانس الأول




كان يلقب بالراهب رسم بطريركاً فى بؤونه سنة 299ش و 497م
فى عهد لاون قيصر لأشتهاره بالحكمة والتعقل اللذين عرف بهما سلفه وكانت
البيعة والشهب فى أيامه فى أمن وسلام ، وتنيح فى 4 بشنس 234ش و 507م بعد
أن أقام على الكرسى نحو تسع سنوات




البابا ديسقوروس الثانى






اختياره بابا الإسكندرية



كان سكرتيرًا لسلفه البابا يؤانس الثاني وابن عم البابا تيموثاوس الأول،
وقد اشتهر بالاستقامة والولاء التام للإيمان الأرثوذكسي، حتى عدّه الشعب
رجلاً كاملاً ومحاميًا مناضلاً وأحبه ووثق به، فقُدِّم بطريركّا بإرشاد
الروح القدس سنة 517م.



طلب القيصر نفسه تعيينه، ومع محبة الشعب لديسقورس رفضوا تدخل الأباطرة في اختيار البابا، مما سبب تأخير سيامته.



الشركة مع القديس ساويرس بطريرك إنطاكية



ما أن اعتلى الكرسي المرقسي حتى جدد الشركة مع القديس ساويرس بطريرك
إنطاكية وغيره من الأساقفة الأرثوذكسيين، ضمنها القول عن الثالوث القدوس
المساوي في الجوهر والألوهية، ثم شرح التجسد وأن الله الكلمة قد اتحد
بجسدٍ بشريٍ كاملٍ في كل شيء بنفس عاقلة ناطقة، وأنه صار معه بالاتحاد
ابنًا واحدًا، ربًا واحدًا لا يفترق إلى اثنين، وأن الثالوث واحد قبل
الاتحاد وبعده لم تدخل عليه زيادة بالتجسد. وقد ردوا عليه برسائل مؤيدة
للإيمان القويم والناطقة بإخلاصهم له وبفرحهم لنواله هذه الكرامة السامية،
فرد عليهم برسالة مملوءة بالمحبة والإخلاص.



علاقته بالإمبراطور أنستاسيوس



حدث أن أثار بعض المصريين فتنة في الإسكندرية أغضبت الإمبراطور أنستاسيوس،
فخافوا سوء العاقبة ورجوا من باباهم، الذي كان الإمبراطور يعرفه شخصيًا
ويحبه، أن يشفع فيهم لكي يدفع عنهم أذى الإمبراطور، فأعلن اغتباطه بخدمتهم
وقصد إلى الإمبراطور لساعته. وقد نجح في مهمته إذ أعلن الإمبراطور صفحه عن
المشاغبين.



أُهين في شوارع القسطنطينية ومع هذا لم يفتح فاه، محتملاً بصبرٍ.



كانت أيام البابا ديسقورس الثاني قصيرة، فلم تتجاوز باباويته السنتين انضم
بعدها إلى أسلافه، تاركًا شعبه يبكيه ويتألم من أن راعيًا روحيًا مثله
انتقل إلى عالم النور بهذه السرعة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:17 am

البابا ثيودوسيوس الأول





إذ تنيح البابا تيموثاوس الثالث (32) اُنتخب الناسك التقى ثيؤدسيوس بابا للإسكندرية سنة 536م.



متاعب داخلية



لم تمضِ إلا أسابيع على سيامته حتى اجتمع حزب من الإسكندريين حول
أرشيدياكون يدعى قيانوس، تملقوه وأفهموه أنه وحده مستحق للبطريركية
وبالفعل سيم أسقفًا على الإسكندرية. احتدم الخلاف بين الفريقين فأرسلت
الإمبراطورة ثيؤدورا مندوبين لها لتتعرف على حقيقة الموقف، فاكتشف
المندوبين أن سيامة البابا ثيؤدوسيوس كنسية بينما سيامة قيانوس غير
قانونية، وقد اعترف قيانوس بخطئه، فقبل البابا توبته بشرط أن يكتب بخط يده
إقرارًا بمخالفته القوانين الكنسية، ثم رده البابا إلى رتبته كأرشيدياكون
التي كان قد جُرد منها، وفرح الكل باستتباب السلام.



خلاف مع الإمبراطور



في حديثنا عن البابا تيموثاوس الثالث رأينا كيف أقام الإمبراطور يوستنيان
نفسه حكمًا في الأمور اللاهوتية والكنسية، فقد حسب نفسه الفيصل في كل أمرٍ
زمني وكنسي، وأنه يستطيع بما له من سلطان أن يحفظ للكنيسة وحدتها. وقد وجد
في مشكلة مجمع خلقيدونية وانقسام الكنيسة في العالم بشأنه فرصة للتدخل
بطريقته الخاصة. هذا من جانب ومن جانب آخر إذ بعث البابا ثيؤدوسيوس رسالة
إلى الإمبراطور وإلى الإمبراطورة يشكرهما على موقفهما من سيامة قيانوس غير
القانونية تبادر إلى ذهن الإمبراطور أن التفاف الأقباط بروح واحد حول
راعيهم يجعلهم قوة ربما يُخشى منها في المستقبل لذا أراد هدم البابا في
أعين شعبه باستمالته للتوقيع على قرارات مجمع خلقيدونية.



أرسل الإمبراطور للبابا يعده بالولاية على الإسكندرية وجعله بابا لكل
إفريقيا بجانب باباويته على الكرسي المرقسي إن وقع القرارات، أما
ثيؤدوسيوس فقرأ الرسالة في وجود المندوبين ورجال الدولة وللحال أعلن أن
هذه الوعود ليست إلا صورة لما فعله الشيطان حين قال للسيد المسيح انه
يعطيه سلطانًا على كل ممالك العالم إن سجد له. بقوة أعلن أن للإمبراطور
سلطانًا على جسده يفعل به ما يشاء أما روحه فهي ملك للسيد المسيح الملك
الوحيد.



همّ البابا بالخروج من دار الباباوية فمنعوه، واقتادوه إلى دار الولاية
ليحتجز يومًا بليله، ويبدو أن الوالي قد تأثر جدًا بشجاعة البابا وإيمانه
ووضوحه فأحبه وانضم إلى مناصريه، وعاونه على ترك الإسكندرية إلى حين حتى
يهدأ الجو. أعدّ له مركبًا ليذهب إلى الصعيد ليلتقي بالشعب والرهبان
ويرعاهم.



انطلق مندوبو الإمبراطور إلى القسطنطينية ليقصوا هناك ما حدث مع البابا
فدهش الكل لرفضه عروض الإمبراطور، عاود الإمبراطور فأرسل مندوبًا آخر يعيد
الكرة مع البابا، وإذ لم يفلح اقتاده إلى القسطنطينية حيث استقبله
الإمبراطور والإمبراطورة بحفاوة عظيمة وكان معهما رجال البلاط، وقد تعجب
الكل من شخصية البابا.



التقى الإمبراطور بالبابا ست مرات وفي كل مرة كان يظهر لطفًا وكرمًا،
ليعود فيعرض عليه أمر التوقيع على قرارات مجمع خلقيدونية فيرفض. أخيرًا
سجنه في القسطنطينية ليقضي بقية حياته هناك محرومًا من شعبه، لكنه غير
متهاون في الصلاة عنهم وبعث رسائل لهم لمساندتهم وتثبيتهم على الإيمان.
لقد قضى 28 سنة في المنفي من ال 32 سنه لباباويته دون أن ينحرف قيد أنمله
عن إيمانه.



البطريرك الدخيل



بأمر الإمبراطور سيم بولس التنيسي في القسطنطينية أسقفًا على الإسكندرية،
وقد أُرسل إليها مع حاشية من الجند، وبقى عامًا كاملاً لا يجد من الشعب من
يصلي معه سوى الوالي وبعض الجند، وكان يسمع كلمات السخرية والتوبيخ ترن في
أذنيه: "ليسقط الخائن! ليسقط يهوذا الدخيل!".



لم يحتمل الدخيل الموقف إذ بعد عام أرسل إلى الإمبراطور يطلب حلاً، فجاء
الرد بغلق جميع الكنائس التي لم يستولي عليها، وقد فضل الشعب أن يبقوا سنة
كاملة بلا صلاة عن أن يشتركوا مع هذا الدخيل.



قام الشعب مع الكهنة ببناء كنيستين: كنيسة الإنجيليين وكنيسة القديسين
قزمان ودميان، وإذ سمع الإمبراطور أصدر أمره بالاستيلاء على جميع كنائس
المصريين وتسليمها للخلقيدونيين. وكان البابا الشرعي يسمع بذلك ويصلي في
مرارة من أجل شعبه!




البابا بطرس الرابع






ظروف سيامته



نفي الإمبراطور يوستنيان البابا الإسكندري ثيؤدوسيوس الأول (33)، وأقام
بطريركًا دخيلاً لم يجد من الشعب القبطي إلا كل مقاومة. عاد فأمر بسيامة
أبوليناريوس في مدينة القسطنطينية ليعتلي الكرسي الاسكندري، وقد انطلق إلى
الإسكندرية ليدخل الكنيسة في زي قائد حربي. هناك خلع ثيابه ليعلن المرسوم
الإمبراطوري بتنصيبه بطريركًا وقبول الإيمان الخلقيدوني، فبدأ السخط على
الوجوه وحدثت احتجاجات، فصدر أمره للجند بالمقاومة والقتل داخل الكنيسة،
واستشهد الكثيرون، ودُعي ذلك اليوم "المذبحة".



وجد أبوليناريوس كل مقاطعة من الأقباط بينما كان البابا الشرعي في أحد سجون القسطنطينية حيث قضى فيه 28 عامًا حتى تنيح.



مات يوستنيان ليتولى يوستين الثاني العرش، ويسلك على منوال سلفه حارمًا
الأقباط من أبيهم الروحي الشرعي، محاولاً أن يسند أبوليناريوس رغم إصرار
الأقباط على مقاطعته.



تنيح البابا الشرعي في السجن وظن أبوليناريوس أن الأقباط يستسلموا ويخضعوا
بعد سنوات هذه مدتها عاشها البابا في السجن، لكن على العكس شعر الأقباط
باليتم، طالبين سيامة بابا شرعي لهم. وإذ شعر أبوليناريوس أن نياحة البابا
زادت الجو سوءًا على غير ما توقع طلب من الحاكم نفي كل أسقف أرثوذكسي فلا
يجد من يعاونهم على اختيار بطريرك، وإن اختار الشعب فلا يوجد أساقفة
يقومون بسيامتهم. هذا من جانب ومن جانب آخر أقام وليمة ضخمة دعي فيها
الكهنة وأراخنة الأقباط لكي يكسب ودّهم، لكن الأقباط لم يكسرهم العنف ولا
أغراهم التملق، إذ أصروا على سيامة بابا شرعي لهم.



بتدبير إلهي استبدل الإمبراطور والي الإسكندرية بآخر يدعى أريستوماخوس،
أظهر عطفًا على المصريين ومودة شديدة، فسألهم أن يقصدوا أحد الأديرة
القريبة من الإسكندرية ليقوموا بسيامة من ينتخبوه بابا لهم.



بحث الأقباط عن أقرب ثلاثة أساقفة مستبعدين عن كراسيهم مع بقائهم في داخل
البلاد، وفي هدوء تمت سيامة البابا بطرس الرابع في دير الزجاج الذي كان
راهبًا فيه، وامتلأ الكل فرحًا وتهليلاً.



أتعابه



لم يكن ممكنًا لأبوليناريوس أن يقف متفرجًا على هذا الحدث الذي هزّ أعماقه
وحطم نفسه تمامًا، فأرسل إلى الإمبراطور يستغيث به من جسارة المصريين.



مُنع البابا من دخول الإسكندرية، وبقى يتنقل من ديرٍ إلى ديرٍ، لكن سرعان
ما مات أبوليناريوس لتخف حدة التوتر بين الإمبراطورية البيزنطية والمصريين
إلى حين إذ استبدل الإمبراطور الوالي أريستوخاموس بوالٍ آخر، كان عنيفًا
مع المصريين فحرم على البابا دخوله الإسكندرية. أما البابا فصار يتنقل بين
الأديرة بقلب مملوء حبًا واتساعًا وبهجة داخلية، ممارسًا عمله الرعوي خلال
رسائله مع شعبه ومع بعض أساقفة الشرق.



كانت الأديرة المحيطة بالإسكندرية تبلغ حوالي 600 ديرًا فكان الشعب المصري
والأثيوبي ومن النوبة يقدمون إلى الأديرة ليلتقوا بباباهم الساهر على
رعايتهم.



في إنطاكية



كان الكرسي الإنطاكي شاغرًا بعد نياحة القديس ساويرس الإنطاكي بمصر، وإذ
سمعوا أن الأقباط قاموا بسيامة بابا لهم تشجعوا هم أيضًا وقاموا بسيامة
راهب ناسك مملوء حكمة يسمى ثيؤفانيوس، يشارك البابا الإسكندري آلامه إذ
كان هو أيضًا يعيش في دير خارج مدينة إنطاكية كمطرودٍ من أجل الإيمان،
وتلاقى الاثنان معًا على صعيد الألم خلال الرسائل المتبادلة بينهما، وكانت
هذه الرسائل سبب تعزية للشعبين.



رحلات رعوية



بعد موت أبوليناريوس الدخيل استطاع البابا أن يخرج من عزلته إلى حد ما
فكان يتنقل بين المدن والقرى، وقد قام بسيامة أسقف لجزيرة فيله، كما صار
يبحث عن سكرتير خاص به يسنده في عمله الرعوي، فاختار راهبًا شماسًا من دير
بجبل طابور غرب الإسكندرية يدعى دميانوس، عُرف بالحكمة والعلم مع التقوى
والورع، كما كان كاتبًا ومصورًا ماهرًا، محبًا لحياة الوحدة والعزلة.



أخذ البابا تلميذه هذا الذي لم يستطع أن يرفض طلب أبيه لعلمه بما يتحمله
الأب من مرارة وما تعانيه الكنيسة من آلام. ودخل الاثنان الإسكندرية، ولم
يدم البابا على كرسيه كثيرًا إذ تنيح سنة 570م، أي بعد عامين من سيامته،
مملوءة آلامًا في الرب.



في أيامه وفد إلى مصر أيوب البرادعي، وقد دعى كذلك لأنه لا يلبس إلا خرق
البرادع، نشأ في دير بجوار الرّها يسمى دير الشقوق، وقد سيم أسقفًا على
الرّها عام 541م



البابا دميانوس






كان متضلّعًا في العلوم الدينية والمدنية. انتظم في سلك
الرهبنة منذ صباه في دير أبى يحنس تحت إرشاد أب قديس، ولبث عابدًا مجاهدًا
16 سنة ثم رسم شماسًا.



تشبّعت نفس دميانوس بتعاليم أبيه الروحي، ومن ثم اندفع إلى الجهاد ليل
نهار لاكتساب المعرفة حتى أصبح مقتدرًا بالقول والفعل، متشحًا بالنعمة
الإلهية.



في دير باتيرون



ترك دير القديس يؤانس القصير وقصد إلى دير معروف باسم باتيرون (أي الآباء)
غربي مدينة الإسكندرية وهناك زاد نسكه. ولما جلس البابا بطرس الرابع
والثلاثون على كرسي الكرازة المرقسية استحضره وجعله سكرتيرًا له يشاطره
أعباء الرعاية، فترك حياة العزلة ليعيش في الإسكندرية مع باباه.



باباويته



لما تنيح البابا بطرس اتفق رأي الإكليروس والشعب على اختياره خلفًا له.
ولكن العقبات التي كان يقيمها القابضون على الحكم إذ ذاك حالت دون رسامته،
فلم يتمكن الأساقفة من وضع اليد عليه إلا بعد مضي سنتين كاملتين على
انتقال سلفه العظيم، فاعتلى كرسي البطريركية في 2 أبيب سنة 285 ش (26
يونية سنة 569م).



حفظ الإيمان المستقيم



في زمن رعويته قاوم المبتدعين، ومنهم أتباع الأسقف ميلتيوس الليكوبولي
(الأسيوطي) وكتب رسائل كثيرة يوضّح فيها العقيدة والتعاليم الأرثوذكسية
السليمة. وإذ حاول اتباع ميلتيوس إفساد فكر الرهبان أمر بطردهم من
الأديرة. كتب أيضًا رسالة إلى بطرس البطريرك الأنطاكي الذي خلف الأنبا
ثيئوفانيوس، ردًا على رسالته التي أرسلها للبابا دميانوس بعد رسامته على
كرسي إنطاكية.



ففي البداية فرح البابا دميانوس بالرسالة، لكنه إذ فحص ما ورد فيها وجد
فيها عثرة في الاعتراف بالثالوث القدوس، ومؤدى كلامه أنه لا داعي لذكر
التعليم بالثالوث القدوس بالمرة. أراد البابا أن يكسب البطريرك الأنطاكي
بكل رفق حتى لا يخسر الاتحاد بين الكرسيين. وكتب إليه مقالاً يذكر فيه
اعتراف المجامع المسكونية والآباء القديسين بالثالوث القدوس. وإذ لم يقبل
البطريرك بطرس ذلك اضطر البابا دميانوس أن يبعث إليه رسالة شديدة اللهجة.
بعدها عقد مجمعًا حكم على بدعته بالحرم وعليه بالقطع، مما سبب خلافًا بين
الكنيستين ذام قرابة عشرين عاما حتى مات بطرس المخالف.



اهتم البابا بوضع ميامر ومقالات، وجاءت كتاباته تمتاز بسلاسة المنطق
وبالغيرة المتقدة، فاجتذبت عددًا وفيرًا من المبتدعين إلى العقيدة
الأرثوذكسية.



استولى الملكيون على جميع كنائس الإسكندرية، إذ كان بطريرك الملكيين قد
مات عام 569م، وخلفه بطريرك آخر اسمه يوحنا، كان في الأصل من قادة الجيش،
تمت رسامته في القسطنطينية ثم أرسل إلى مصر ليستولي على إيراد الكنائس.
غير أن هذا البطريرك كان محبًا للسلام والهدوء فلم يستخدم القوة في إلزام
الأقباط على ترك عقيدتهم، بل ترك لهم الحرية الكاملة. انزوى البابا
داميانوس في قلايته بدير النطرون ولم يدخل في مناوشات مع البطريرك الدخيل.



لقد داوم البابا دميانوس على تعليم شعبه وتثبيته على الإيمان الأرثوذكسي،
كما داوم على الأصوام والصلوات مدى حياته. وهذا الجهاد المقترن بالتقشف لم
يكن ليؤثر فيه لولا ما صادفه من ضيق وتعب، فمرض بضعة أيام انتقل بعدها إلى
المساكن النورانية سنة 605م، وكانت مدة رئاسته ستًا وثلاثين سنة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:19 am

البابا انسطاسيوس





سيامته بطريركًا



بعد نياحة البابا دميانوس توجهت الأنظار إلى كاهن كنيسة الإنجيليين
الأربعة بالإسكندرية القمص أنسطاسيوس، ابن أحد أشراف مدينة الإسكندرية
الذي تعلم بمدرسة الإسكندرية واشتغل قاضيًا في القصر، وقد عرف بتقواه
وورعه مع غزارة علمه.



أجمع الشعب الإكليروس على سيامته بطريركًا، عام 598م (314ش).



أعماله الرعوية



كان الإمبراطور فوقا بالقسطنطينية يتسم بالعنف والبطش أكثر من غيره، فقد
حَرَّم على البطاركة الأرثوذكس دخول الإسكندرية، تاركًا للملكيين
(المعينين من قبل الإمبراطور) أن يغتصبوا أغلب كنائس المدينة العظمى،
وكانت لهم سلطة مدنية وسياسية أكثر منها دينية. أما البابا أنسطاسيوس
فبسبب شرف نسبه لم يجسر الولاة على منعه من دخول المدينة، فكان بحكمة
وجرأة يتحرك داخل الإسكندرية وخارجها، وقد استرد ما استولى عليه الملكيون
ورمّم بعضها إذ كان قد تخرب بسبب الاضطرابات التي يثيرها الملكيون. هذا
وقد قام ببناء كنائس جديدة، واهتم بسيامة عدد كبير من الكهنة في مناطق
متفرقة.



اضطهاده



كان أولوجيوس البطريرك الملكي شريرًا، رأى التفاف الشعب كله حول بطريركه،
كما لاحظ احترام الوالي له، فأرسل إلى الإمبراطور فوقا - مغتصب العرش -
يقول له إن الأنبا أنسطاسيوس قد جمع الشعب في كنيسة القديس يوحنا
المعمدان، وأعلن حرمانه لمجمع خلقدونية ولكل مناصريه بما فيهم أولوجيوس
والإمبراطور، فلما سمع فوقا ذلك كتب لوالي الإسكندرية يسأله اغتصاب بعض
الكنائس وأوانيها من أنسطاسيوس وتسليمها لأولوجيوس، فاستولى الوالي على
كنيسة القديسين قزمان ودميان وأمهما واخوتهما بالقوة، إذ خرج على رأس
كتيبة من الجند ومعه أولوجيوس، الأمر الذي أثار الشعب وقد استشهد عدد ليس
بقليل من المؤمنين، ولم يسمحوا للجند أن يصلوا إلى باباهم. وإذ صار الموقف
يتأزم يومًا بعد يوم انسحب البابا إلى برية شيهيت حزين القلب، يقضي أيامه
ولياليه في الأصوام والصلوات بدموع لتتدخل العناية الإلهية. وقد تدخلت
عناية الله إذ قام موريس على أخيه فوقا وقتله وجلس على العرش.



في أيامه افتتح كسرى ملك الفرس بلاد الشام ووصل إلى حدود مصر يهددها
ويتوعدها، وكان كثيرون من مسيحي سوريا قد هربوا إلى مصر ملتجئين إليها من
ظلم الفرس، فكان البابا أنسطاسيوس يبذل كل الجهد ليخفف آلام هؤلاء
اللاجئين ويسندهم. وهنا لا ننكر موقف البطريرك الملكي يوحنا الملقب
بالرحيم، الذي كان قد جاء بعد ثيؤدورس خلف أوليجوس، إذ كان يحمل لطفًا
ورقة فقد بذل كل جهده للعطاء لهؤلاء اللاجئين، كما قدم عونًا للبابا
أنسطاسيوس لهذا الهدف عينه، إذ كانت الكنيسة الملكية أكثر غنى من الكنيسة
القبطية لأنها مستندة إلى السلطة الزمنية ومستولية على كل الممتلكات
والإيرادات.



استقبل البابا أنسطاسيوس البطريرك الإنطاكي بحب شديد وإكرام بالإسكندرية
واستضافه شهرًا، وكان قد كتب البابا للبطريرك عند سيامة الأخير رسالة غاية
في اللطف والحكمة لتعود الشركة بين الكرسيين، بعد أن كان البطريرك بطرس
السابق لأثناسيوس قد أثار شقاقًا.



كتب البابا اثني عشر كتابًا عن الإيمان المستقيم في مدة جلوسه على الكرسي البالغة اثنتي عشرة سنة.

تنيح في 22 من شهر كيهك.




البابا اندرونيقوس






كان شماسًا في كنيسة الإنجيليين بالإسكندرية، عائلته من
مقدمي الشعب، وكان تقيًا محبًا للفقراء وعالمًا. جلس على كرسي مار مرقس
الرسول بعد البابا أنسطاسيوس عام 614م، في عهد هرقل قيصر، وبقيّ على
الكرسي حوالي ست سنوات.



بسبب شرف عائلته لم يستطع الملكيون منعه من الدخول إلى الإسكندرية، فكان
حَر الحركة، لم يقطن في دار البطريركية الملحق بالكنيسة وإنما اكتفى
بالسكنى في قلاية ملحقة بكنيسة الإنجيليين، عاش فيها كل أيام باباويته،
وقد تمتعت الكنيسة في بدء سيامته بالسلام حتى استولى كسرى ملك الفرس على
مصر عام 620م في نهاية حياته، فرأى البابا ما حلَ بالمصريين من ضيق بيد
الفرس، فكان يئن مع أنات شعبه، ينتقل بينهم يواسي الحزين، يضمد جراح
المكلوم.



متاعب الفرس



إذ حلَ الجيش الفارسي بالبلاد كان يهيم ليخرب بلا هدف سوى الخراب في حد
ذاته، فقد هاجموا الأديرة المحيطة بالإسكندرية وحطّموها تمامًا، وشتّتوا
الرهبان القاطنين فيها. بعد ذلك اتجهوا إلى الإسكندرية حيث أعلن كسرى ملك
الفرس أنه يود التفاهم مع المصريين، فجمع 80.000 من الشباب والرجال، ما
بين الثمانية عشرة والخمسين ثم أحاط بهم الجيش وأبادهم تمامًا.



انطلق الجند يقتلون الناس ويحطمون البيوت ويخربون القرى، ولم يقف الأمر
عند هذا فقد أراد الملك أن يتدخل في الكنيسة وهو من عباد الشمس فطلب من
المسيحيين أن يعتنقوا النسطورية التي حرمها مجمع أفسس المسكوني (راجع
البابا كيرلس الكبير)، وإذ رفض الأقباط ذلك صار يضطهدهم.

تنيح في 8 شهر طوبة




البابا بنيامين الأول






جلس على الكرسي المرقسي في الفترة من 623م، حتى 662م، وقد عاصر ثلاث حقبات مختلفة:



أولاً: الاحتلال الفارسي (623-628) حيث احتل الفرس مصر بسبب ما بلغته من
فوضى وما عانته من استبداد بيزنطي وحرمان المصريين من ممارستهم حقوقهم
الوطنية والإنسانية وأيضًا الدينية، فإن كان البطاركة في أثناء الاحتلال
قد استراحوا من إقامة بطاركة دخلاء من قبل بيزنطة يضطهدون الكنيسة
المصرية، غير أن الفرس خربوا البلاد ونهبوها وحطموا الكنائس والأديرة.



ثانيًا: عودة الحكم البيزنطي من جديد (628-640م تقريبًا)، كانت فترة مريرة
حيث كان كل همّ الإمبراطور هرقل مقاومة الكنيسة وتحطيمها، واضطر البابا
بنيامين إلى الهروب ليظل مختفيًا 10 سنوات تحت هذا الحكم وثلاث سنوات في
الحقبة التالية.



ثالثًا: دخول العرب مصر حوالي عام 640م حيث سلمها المقوقس، وهو غالبًا اسم
مستعار للوالي البيزنطي. وقد وجد البابا معاملة طيبة من عمرو بن العاص،
وعاد إلى كرسيه بعد ثلاث سنوات يمارس عمله الرعوي.



نشأته



وُلد في قرية بيرشوط (كفر مساعد التابعة لإيتاي البارود بالبحيرة) من
عائلة غنية تقية. في شبابه باع كل ما له والتحق بأحد الأديرة الواقعة في
منطقة الإسكندرية يتتلمذ على يديْ ناسك شيخ يدعى ثيوناس.



كان محبًا لدراسة الكتاب المقدس، مجاهدًا في الحياة الفاضلة في الرب. وقد
رأى في إحدى الليالي ملاكًا يقول له: "تهلل يا بنيامين فإنك سترعى رعية
السيد المسيح". وإذ روى ما رآه على معلمه حذره من الكبرياء، لئلا يكون ذلك
من عدو الخير لكي يخدعه، فبالغ القديس في جهاده الروحي مهتمًا بخلاص نفسه
ومصليًا من أجل خلاص البشرية.



اضطر الناسك أن ينزل إلى الإسكندرية لظرفٍ ما فأخذ معه تلميذه بنيامين،
وإذ قضى ما جاء بسببه ذهب إلى البابا أندرونيقوس حيث روى له ما رآه تلميذه
وكيف تظهر نعمة الله عليه. أحب البابا أندرونيقوس بنيامين فاستبقاه عنده
ليساعده في عمله الرعوي.



كانت ظروف الكنيسة المصرية في ذلك الحين في غاية المرارة، فقد كرس
الإمبراطور البيزنطي هرقل كل طاقاته لإلزام الكنيسة بقبول قرارات مجمع
خلقيدونية المشئوم الذي نادى بطبيعتين للسيد المسيح: إلهية وإنسانية،
بينما تمسك الأقباط والسريان بالطبيعة الواحدة التي تضم وحدة الطبيعتين
دون انفصال ولا امتزاج ولا اختلاط بينهما.



على أي الأحوال كان الإمبراطور قد أرسل بطريركًا دخيلاً يحمل سلطانًا
مدنيًا، لكنه لم يستطع أن ينفي البابا أندرونيقوس بسبب شرف عائلته
ومكانتها، وإنما نفى أساقفته وشردهم، وجال يهدم الكنائس ويضطهد الكهنة
والشمامسة والشعب، وانطلق إلى البراري يهدم الأديرة ويقاوم الرهبان حتى
الشيوخ منهم. هذا هو حال مصر الكنسي والمدني، لأنه لم يكن للوالي همّ سوى
جمع ضرائب فادحة لحساب بيزنطة مع مقاومة الكنيسة المصرية بكل قوته لإرضاء
الإمبراطور.



سيامته



إذ تنيح البابا أندرونيقوس أُختير تلميذه بنيامين خلفًا بالإجماع، خاصة
وأن البابا قد أشار إليه قبيل نياحته معلنًا عن رغبته في سيامته من بعده،
فصار البطريرك الـ 38.



في ذلك الوقت كان الفرس قد اغتصبوا مصر من هرقل، لكن الأخير استعادها
ثانية ليعود فيصدر أمره بعد ثلاث سنوات بنقل قورش أسقف فاسيس (بآسيا
الصغرى) إلى الإسكندرية يحمل السلطتين الكنسية والزمنية، فصار بطريركًا
وواليًا على الإسكندرية.



أرسل الله ملاكًا للأنبا بنيامين يطلب منه أن يهرب هو وأساقفته إلى البرية
من وجه قورش، فأخذ تلميذين له وانطلق إلى برية شيهيت ليرى بنفسه ما حلّ
بالبرية من خراب على أيديْ الفرس، حيث تمررت نفسه وهو عاجز عن العمل بسبب
الاستبداد البيزنطي. انطلق من شيهيت إلى الصعيد حيث عاش في أحد الأديرة
الصغيرة المنتشرة بمنطقة طيبة.



مقاومة قورش للكنيسة



إذ وصل قورش الإسكندرية لم يجد البابا بنيامين فألقى القبض على أخيه مينا
وكان الجنود يحرقون جنبيه بنارٍ لكي يعترف عن موضع أخيه. احتمل بصبر
صامتًا فاغتاظ البطريرك الدخيل وأمر بوضعه في "زكيبة" بها رمل وألقوه في
البحر، فكان أول شهيد قبطي على يدّي البطريرك البيزنطي الدخيل.



جاء الراهب صفرونيوس إلى قورش وصار يحاججه، وإذ تمسك بضلاله وعنفه، مصرًا
أن يعذب ويقتل، ذهب الراهب إلى القسطنطينية حيث التقى بالبطريرك
والإمبراطور وعبثًا حاول إقناعهما عن سياسة القمع والعنف، ثم ذهب إلى
أورشليم فكان كرسيها شاغرًا، فشعر أهل المدينة أنه مُرسل لهم من قبل
السماء لسيامته أسقفًا.



دخول العرب مصر



وسط هذا الجو المتوتر، حيث كان قورش لا عمل له سوى متابعة الأساقفة
والكهنة والرهبان حتى في الصحاري بحمله عسكرية ليعذب ويقتل كانت الدولة
العربية قد زحفت فهزمت الفرس ثم انطلقت إلى سوريا وفلسطين بينما كان هرقل
في القسطنطينية ساكنًا.



وصل الزحف العربي إلى مصر تحت قيادة عمرو بن العاص عند الفرما على البحر
الأحمر، ودام القتال شهرًا بعدها فتحوا المدينة لينطلقوا نحو الجنوب، حيث
غلبوا بلبيس بعد شهر آخر، وعندئذ انطلقوا إلى بابليون بمصر القديمة حيث
الحصن الذي بناه تراجان في القرن الثاني. وقد حاصروا المدينة حوالي سبعة
شهور بعدها فاوض المقوقس العرب على تسليمه البلاد، ثم انطلق العرب إلى
الإسكندرية وكانوا في كل معركة يحاربون كل مدينة على انفراد إذ فقدت
البلاد وحدتها وحُرم الولاة المعينون من قبل الإمبراطور من كل خبرة
عسكرية، لا همّ لهم سوى جمع الضرائب ومقاومة الكنيسة، لم يفكر أحد في
مساندة أخيه. كان يمكن للإسكندرية أن تقاوم خاصة وأنها مدينة ساحلية يمكن
أن تأتيها المؤن من البحر لكن التحزبات مزقتها، واستسلمت بعد شهور. بهذا
انتقل الحكم من يد البيزنطيين إلى حكم العرب.



عودة البابا بنيامين



استقر عمرو بن العاص في ضاحية الفسطاط، وإذ استتب الأمر دار النقاش بينه
وبين الأقباط حول عودة البابا وأساقفته وكان سانوثيوس رجل مؤمن يتحدث مع
عمرو في الأمر، فطُلب من الأخير أن يبعث رسالة إلى البابا ليعود إلى كرسيه
مطمئنًا، وقد حمل الرجل الرسالة إلى الصعيد ليقدمها للبابا.



لم يطلب عمرو من المصريين سوى الجزية بعد إلغاء الضرائب البيزنطية
الفادحة، وكان معتدلاً في المبلغ الذي يطلبه، مع تركه حرية العبادة وحرية
التصرف في الأمور القضائية والإدارية، بل وعين بعضًا منهم مديرين في جهات
كثيرة، غير أنه أعفاهم من الجندية فحرمهم من شرف الدفاع عن وطنهم عند
الحاجة.



التقى البابا بعمرو في ودّ، فأظهر الأخير تقديره واعتزازه بالأول.



الغزو البيزنطي الفاشل



يبدو أن هرقل لم يسترح لتسليم مصر خلال مندوبه قورش، إذ كانت مصر تمثل
ثروة زراعية وكنزًا من الضرائب لبيزنطة، فأرسل أسطولاً إلى الإسكندرية من
300 سفينة فاحتلوها. لكن عمرو بالرغم من خلافه مع عمر بن الخطاب لأن
الأخير طلب مالاً أكثر قام بمواجهة هذا الغزو وانتصر على الغزو البيزنطي.
ولكي يأمن عدم تكرار هذا الأمر قرر هدم أسوار الإسكندرية بدكها حتى الأرض،
وإضرام النار بها فالتهمت مكتبة الإسكندرية الشهيرة. وقد كثرت الأقاويل
حول حرق هذه المكتبة (راجع إيريس حبيب المصرى ك2 بند 289).



عمل البابا بنيامين الرعوي



1. كان أمام البابا بنيامين عند عودته أعمالاً كثيرة منها تثبيت الإيمان
المستقيم، وقبول الذين انضموا إلى الكنيسة الملكية (البيزنطية) تحت ضغط
العنف بالتوبة من أساقفة وكهنة وشعب لتحتضنهم الكنيسة الأم، وسيامة أساقفة
جدد.



2. إذ عاش البابا أغلب أيامه في مرارة لم يتركه الله بدون تعزيات علنية وخفية، نذكر منها أمرين.



الأول استلامه رأس القديس مار مرقس الرسول، فإذ هدمت أسوار المدينة
وأُشعلت النيران بها تعرضت الكنيسة المرقسية للحرق، فدخل بعض البحارة إلى
الكنيسة لينهبوا ما بها، فوجدوا الرأس في صندوق مُغطى بلفائف ثمينة فحسبوه
كنزًا، لذا أخذوه إلى السفينة. حاول البحارة الإبحار فلم يستطيعوا مطلقًا،
وإذ فُتشت السفينة وأُكتشف أمرهم سُلمت الرأس للبابا بنيامين الذي خرج مع
الأساقفة والكهنة والشعب يحملونها بإكرام عظيم.



أما الحدث الثاني فهو عند إعادة بناء دير القديس مقاريوس جاء البابا يدشن
الكنيسة. شاهد البابا أثناء التدشين القديس مقاريوس نفسه حاضرًا في الهيكل
فاشتاق أن يُسام أسقفًا، فظهر له ساروف وأخبره أن الواقف هو القديس
مقاريوس أب البطاركة والأساقفة والرهبان. كما شاهد يدّ السيد المسيح نفسه
تدهن الكنيسة بمذبحها، فامتلأ فرحًا روحيًا وبهجة قلب. وفي نفس الوقت شفيّ
القديس مقاريوس ابن حاكم نيقوس الذي كان نائمًا في الكنيسة بعد تدشينها
مصابًا بمرضٍ عضالٍ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:21 am

البابا اغاثون





حياته



كلمة "أغاثو" أو "أغاثون" معناها "صالح"؛ وقد كان هذا الأب صالحًا كاسمه.



نشأ أغاثو في منطقة مريوط محبًا لحياة التأمل بقلب منفتح نحو الخدمة، لهذا
عندما اضطر البابا بنيامين (38) إلى الاختفاء بسبب الضيق الذي عاناه من
الملكيين تخفى الكاهن أغاثو في زي نجار، يحمل أدوات النجارة جهرًا،
ممارسًا أعمال الكهنوت الرعوية والسرائرية خفية، يشدّد الشعب على احتمال
الضيق، ويقيم لهم الأسرار الإلهية. لهذا إذ عاد البابا بنيامين بعد دخول
العرب مصر اتخذ الكاهن أغاثو سكرتيرًا خاصًا، فكان الإنسان التقي الأمين
في خدمته لكنيسته ورعايته للشعب.



مرض البابا بنيامين، وصار ملازمًا الفراش قرابة عامين فكان الكاهن أغاثو
هو المتصرف في تدبير أمور الكنيسة، فتعلق به الشعب جدًا لأمانته ورقته
ووداعته.



سيامته بطريركًا



إذ تنيح البابا بنيامين (38) أُنتخب بطريركًا، وإذ وجد عددًا كبيرًا أسرى
من روم وصقليين وإيطاليين فكان يفتديهم بالمال، ويترك لهم حرية الاختيار
أن يبقوا بمصر أو يعودوا إلى بلادهم.



في عهده ذهب أحد التابعين لكنيسة الملكانيين (الأروام) بمصر يُدعى ثيؤدورس
إلى دمشق والتقى بالخليفة زيد بن معاوية، وقدم له مبلغًا كبيرًا من المال
لينعم عليه بسلطان على الإسكندرية ومريوط، وعاد إلى الإسكندرية يضايق
البابا أغاثو، يطلب منه جزية سنوية ويرهقه بدفع كل ما ينفقه على النوتية
في الأسطول.



اضطر البابا أن يلتزم بالبقاء في قلايته ليلاً ونهارًا، إذ كان ثيؤدورس
أوصى أتباعه أن من يراه يرجمه بالحجارة ويقتله، أما البابا فكان يصلي من
أجله.



لم يتوقف البابا عن العمل، فكان يرسم كهنة أتقياء خائفي الله يعملون، وكان يدبر أمور شعبه من قلايته.



تنيح البابا سنة 677 م بعد أن بقى على الكرسي 17 عامًا. أسرع ثيؤدورس يغلق
أبواب البطريركية ويختمها بالشمع الأحمر، فاستاء الشعب من ذلك، والتجأ
الأراخنة بسخا إلى والي سخا، الذي تدخل ورفع هذا الثقل عن الشعب. غير أن
الله لم يهمل ثيؤدورس إذ ضربه بمرض الاستسقاء ومات وسط آلام مرة.



تحتفل الكنيسة القبطية بعيد نياحته في 16 من شهر بابه.





البابا يؤانس الثالث





أنتخب بالأجماع لكرسى البطريركية سنة 383ش و 677م فى عهد
خلافة معاوية بن أبى سفيان ، وكان هذا البابا بهى الطلعة يلوح لكل من يرى
وجهه أنه يرى وجه ملاك وقد اؤتى من عند الله نعمة شفاء المرضى وعفة النفس
والجسد ومسالمة جميع الناس حتى بلغ صيت أفعاله الحميدة إلى العظماء فجزلوا
له الهدايا .



وقد شاء الرب أن يصاب بمرض النقرس فى رجليه فتعذب منه كثيراً ، وحملوه إلى
بيعة مارمرقس التى بناها هو وأدخلوه أمام المذبح الكبير فوقف بقوة الروح
وقال صلاة الشكر وبعد أن أكملها أعترته غيبوبة فحملوه إلى مخدعه وفيه أسلم
الروح فى 10 كيهك سنة 392ش و 686م وجعل جسده فى المكان الذى بناه لنفسه
قبل نياحته فى كنيسة مارمرقس الرسول





البابا أسحق





نشأته



ولد إسحق (إيساك) بضاحية رمل الإسكندرية، وإن كان البعض يرجح أنه يقصد
بالرمل "رملة بنها" بجوار بنها. وكان والده غنيًا ذا جاه. في يوم نواله
سرّ العماد شاهد الأب الأسقف عند تغطيسه صليبًا من نور فوق رأسه، فأدرك
أنه ذو شأن عظيم، لذا قال لوالديه: "ابذلا كل عناية في تربية هذا الطفل
فإنه إناء مختار لرب المجد".



إذ بلغ الطفل التاسعة من عمره أرسله والداه إلى المدرسة، فأظهر نبوغًا
خاصة في الخط (النسخ) والكتابة. لذا استقر رأي والديه بعد ذلك على تسليمه
في يدي قريب لهم يدعى مينيسون يعمل كاتبًا في دار الولاية.



حدث أن الوالي طلب إليه دفعة أن يكتب له رسالة معينة فكتبها بسرعة وبأسلوب
رائع وخط جميل فأعجب به جدًا، فتدرج به حتى صار رئيسًا لكتبة الديوان. وقد
اتسم بجانب أمانته بحبه للغير واتضاعه فصار موضع حب للجميع.



رهبنته



إذ شعر والداه أنه يميل إلى الحياة الهادئة التأملية أدركا أنه لابد أن
يسلك طريق الرهبنة، فحاولا الضغط عليه ليزوجاه فكان يرفض، مقدمًا كل
اهتمامه بالعمل الموكل إليه، مؤكدًا لهم أنه يشتاق لحياة البتولية.



فجأة اختفى الشاب إيساك عام 654 م فأدرك والداه أنه قد هرب إلى أحد
الأديرة، فصارا يبحثان عنه ولم يجداه، إذ كان قد انطلق إلى برية شيهيت،
والتقى هناك بشيخ وقور يدعى زكريا قمص الدير، صار فيما بعد أسقفًا على
سايس (جنوبي الإسكندرية حوالي 130 ك على فرع رشيد)، الذي إذ سمع له أحبه
ونصحه - أنه لكي يحقق أمنيته دون ضغط والديه - بأن يذهب إلى جبل "ياماهو"
بالصعيد الأقصى، باعثًا إياه مع راهب شيخ تقي يدعى أبرآم، رافقه الطريق،
وبقى معه 6 شهور.



لم يستطع إيساك أن يستريح، وقد شعر أن والديه لابد وأن يكونا في حزن شديد
ومرارة نفس لذا أقنع الراهب الشيخ أبرآم أن يرجع من الصعيد للتصرف بخصوص
والديه. وبالفعل عاد الاثنان إلى منطقة قريبة من الرمل حيث قصدا راهبًا
ناسكًا كان يعيش هناك يعرف والدي إيساك. استدعى الناسك شماسًا يدعى
فيلوثيؤس، قابل الراهب إيساك بشوق شديد ومحبة، وتعرف على أخبار رهبنته.
سأله إيساك أن يذهب إلى والديه ويخبرهما بأمره، وأن يأخذ منهما وعدًا أن
يتركاه يسلك حسب الدعوة التي وُجهت إليه، فإن وافقا يحضرهما معه. وبالفعل
قام الشماس بهذا الدور، فرح الوالدان جدًا، وجاءا معه يلتقيان بابنهما
أيامًا قليلة يودعانه برضى.



عاد إيساك إلى برية شيهيت ليتتلمذ على يدي الأب الشيخ زكريا، وقد تدرب على
المحبة الصادقة لله والناس، ولا يكف عن خدمة الرهبان بروح الاتضاع والتقوى
فأحبه الجميع، كما كان بمحبته يجتذب الكثير من الزائرين للسيد المسيح.



جاء عنه أنه إذ خرج مع بعض النساك يجمع حطبًا، إذ بثعبان وسط الحشائش
ينقضّ عليه ويلدغ بذراعه، أما هو فبهدوء شديد نفضه، ورشم ذراعه بعلامة
الصليب، وحمل ما جمعه ليسير إلى الدير، كأن لا شيء قد حدث، فمجّد الرهبان
الله على تحقيق مواعيده لقديسيه (مز 91: 13، لو 10: 19).



سكرتاريته للبابا يؤانس (يوحنا) الثالث



إذ كان البابا يؤانس الثالث يطلب من الله أن يرشده إلى راهب تقي يسنده
كسكرتير له يمكن أن يخلفه أرشده روح الرب إلى هذا الناسك التقي المتبحر في
دراسة الكتاب المقدس والمحب للخدمة. وقد أحبه البابا جدًا، وإن كان قد
تظاهر إيساك في البداية بالعجز لكي يعفيه البابا من هذا المنصب. أخيرًا
قبل أن يبقى مع البابا بعد أن وعده البابا أن يكون بقاؤه بهذا العمل
مؤقتًا، ويسمح له بالعودة إلى الدير.



رجوعه إلى الدير



إذ سيم القديس زكريا في تلك الفترة أسقفًا على سايس، فظل يخدم شعبه وهو
شيخ متقدم في الأيام، لكنه بسبب المرض اضطر أن يعود إلى دير القديس
مقاريوس فلحقه إيساك الذي كان يحب معلمه للغاية، وكان يخدمه، حتى إذ دنت
اللحظات الأخيرة تطلع الأنبا زكريا إلى تلميذه إيساك، وقال له: "يا بني،
إذا ما نلت الكرامة فاذكر إخوتك الرهبان"... وإذ رقد الأنبا زكريا، قرر
الرهبان إقامة إيساك رئيسًا على الدير. لكنه لم يبق سوى بضعة شهور حيث
استدعاه البابا إذ أحس أن أيام غربته قد أوشكت على الانتهاء. وقد استبقاه
إلى جواره وعهد إليه بإدارة الشئون الكنسية.



كان البابا في محبته لإيساك يأخذه معه كلما دعاه الأمير عبد العزيز بن مروان الذي كان يحب البابا يؤانس الثالث جدًا ويجله.



سيامته بطريركيًا



أوصى البابا يوحنا وهو على فراش الموت بإسحق تلميذه ليكون بابا وبطريركًا، وكان الأب إسحق يميل إلى الهروب من الأسقفية.



استطاع قس يدعى "جرجس" متزوج وله أخطاء، أن يستميل قلوب بعض الأراخنة مع
بعض الأساقفة لسيامته بطريركًا، وكان متعجلاً يود أن يتحقق ذلك قبل يوم
الأحد، حتى لا يعارضه بقية الأساقفة.



اجتمع الأساقفة في بابليون مع شعب كثير في كنيسة القديس سرجيوس بمصر
القديمة (أبو سرجة)، ودخل القديس فجأة، فانكسر "قنديل" بالكنيسة وأغرقه
زيتًا، فصرخ الشعب: "أكسيوس، أكسيوس، أكسيوس (مستحق)... مسحك الله إلهك
بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك"... وانتخبوه بطريركًا، كانت هذه هي المرة
الأولى لانتخاب بطريركًا في هذه الكنيسة، وبقى انتخاب البطاركة في بابليون
حتى القرن الحادي عشر على أن تتم السيامة في كنيسة الإنجيليين بالإسكندرية.



بابا الإسكندرية



عُرف بدموعه التي لا تجف أثناء خدمة الإفخارستيا (القداس الإلهي)، كما ردّ كثير من الهراطقة إلى الإيمان.



اهتم أيضًا بعمارة الكنائس والأديرة، وإذ كان بينه وبين الوالي عبد العزيز
صداقة قوية أقيمت كنيسة في حلوان، التي أنشأها الوالي، وقد ساعده الوالي
في إقامة الكنائس والأديرة.



قيل أن علاقته بالوالي كانت قوية للغاية، وأن الوالي كان يسير مرة أمام
باب الكنيسة فتطلع ليرى البابا في المذبح ونارًا تحيط به، مما زاد حب
الوالي له.



إذ أقام الوالي قصرًا حديثًا في حلوان استدعى البابا، فرأت زوجة الوالي جموعًا من الملائكة تحيط به، فأخبرت رجلها فامتلأ دهشة!



حاول البعض أن يثير الفتنة فادعوا أن البابا كتب إلى ملك النوبة ليقيم
صلحًا مع ملك أثيوبيا، وكان الجو ملبدًا بين مصر وأثيوبيا فغضب الوالي،
لكن البابا بلطفه ووداعته أكدّ له كذب هذا الافتراء، فأكرمه الوالي جدًا.



مرة أخرى حاول البعض خلق جو من الكراهية بين الوالي والبابا، فذهبوا إلى
الوالي يسألونه أن يطلب من البابا أن يأكل معه دون رسم علامة الصليب،
وقدموا له سلة مملوءة بلحًا ممتازًا مسمومًا، أما القديس فبحكمة أمسك
بالسلة، وقال للوالي: "أتريدني أن آكل من هذه الناحية أو من تلك، من هنا
أو من هناك؟!" وبهذا رسم علامة الصليب. وإذ عرف الوالي بعد ذلك ما قصده
البابا تعجب لحكمته ووجد نعمة أكثر لديه.



نياحته



عرفت حياته بكثرة المعجزات التي وهبه الله إياها.



بعد مرض قصير تنيح في التاسع من هاتور، ووضع جسده إلى جانب سلفه البابا يوحنا الثالث.



بركة صلواته تكون معنا آمين





البابا سيمون الأول





خلاف حول اختيار البابا



إذ تنيح الأنبا اسحق البابا الحادي والأربعون (من رجال القرن السابع) حدث
خلاف بين كهنة كنيسة القديس مار مرقس الرسول بالإسكندرية وكهنة كنيسة
الإنجيليين بالمدينة. فقد مال الأولون إلى ترشيح القمص يوحنا بدير الزجاج
بكونه رجلاً عالمًا كاتبًا، بينما الآخرون رشحوا القمص بقطر بدير تفسر
بكونه رجلاً فاضلاً.



مال الكُتاب الأقباط إلى القمص بقطر الذي رشحه كهنة كنيسة الإنجيليين،
وكان عددهم مائة وأربعين كاهنًا، بينما كان الفريق الأول يساعده الكاتب
المتولّي وكتب تادرس أرخن مدينة الإسكندرية إلى الوالي يذكر له أن القمص
يوحنا بدير الزجاج هو الذي وقع عليه الاختيار ليكون بطريركًا.



استدعى الوالي القمص يوحنا، فذهب وكان معه بعض كهنة الإسكندرية والأرخن
تادرس كما كان معه تلميذه سيمون. سُرّ الوالي بالقمص يوحنا، إذ كان شخصًا
بهيًّا في المنظر، وإذ سأل الوالي الأساقفة عن سلوكه مدحوه.



لكن أحد الأساقفة قال: "هذا لا ينبغي أن يكون لنا بطريركًا". فصمت بقية
الأساقفة، عندئذ سأله الوالي: "من تراه يصلح للبطريركية؟" أجابه أن
المستحق لهذه الرتبة سيمون.



استدعاه الوالي وإذ سأل عن جنسه قيل له أنه سرياني من أهل الشرق. فقال
للأساقفة: "أما كان الأفضل أن تختاروا لكم بطريركًا من بلادكم؟" أجابوه:
"الذي اخترناه أحضرناه بين يديك، والأمر لله ولك". عندئذ سأل الوالي سيمون
عن القمص يوحنا، وهل يليق أن يكون بطريركًا. أجابه: "لا يوجد في كل مصر
ولا في الشرق من يستحق هذه الرتبة مثل يوحنا، فهو أبي الروحي منذ صغري،
وسيرته كسيرة الملائكة". تعجب الوالي من كلامه، حينئذ قال الأساقفة
والكُتاب الأراخنة: "ليحيي الله الأمير لنا سنيًا طويلة، سلّم الكرسي
لسيمون فهو مستحق للبطريركية". وإذ سمع الأمير ذلك عن شهادتهم لرجل غريب
سمح لهم بإقامته بطريركًا، فمضوا به إلى كنيسة الإنجيليين لسيامته. كان
ذلك في عهد خلافة عبد الملك بن مروان، وقد امتنع سيمون كثيرًا عن قبول
السيامة وأخيرًا قبل ذلك وكان أبوه الروحي يوحنا متهللاً جدًا بسيامة
تلميذه.



في دير الزجاج



كان القديس سيمون سرياني الجنس وقد قدمه والده إلى دير الزجاج الذي فيه
جسد القديس ساويرس الإنطاكي الكائن غربي مدينة الإسكندرية، فترهب به وتعلم
القراءة والكتابة وحفظ أكثر كتب الكنيسة، ورسمه البابا أغاثون قسًا. وقد
ذاع صيت فضائله وعلمه.



سيامته بطريركًا



لما انتخبوه للبطريركية وكُرِس بطريركًا دعا إليه معلمه الروحاني وأوكل
إليه تدبير أمور البطريركية، وتفرغ هو للصوم والصلاة والمطالعة. وكان
يعيشً على الخبز والملح بالكمون والبقول حتى اخضع النفس الشهوانية للنفس
العاقلة الناطقة.



علاقته بأبيه الروحي



خلال محبته وثقته في أبيه الروحي، القمص يوحنا، جعله وكيلاً له، متصرفًا
في كل الأمور. كان يستشيره ويسير حسب نصيحته، وعاش الاثنان في محبة كاملة
لمدة ثلاث سنوات حتى انتقل القمص يوحنا فكفّنه البابا بنفسه وأخذ بركته،
وبنى له قبرًا متسعًا، وطلب أن يدفن فيه معه.



علاقته بكرسي إنطاكية



كتب رسالة إلى يوليانوس بطريرك إنطاكية وأرسلها مع أساقفته، ففرح بها
البطريرك وقرأها في كنيسته، وبعث بدوره رسالة كما أكرم الأساقفة الذين
جاءوا حاملين إليه الرسالة.



محاولة قتله



عاش البابا كراهبٍ ناسكٍ فلم يكن يأكل سوى الخبز والملح المخلوط بكمّون
وبعض البقول ويشرب ماءً. وكثيرًا ما كان ينفرد بعيدًا عن الأساقفة والكهنة
لإتمام قوانين الصلاة.



لاحظ أن بعض الكهنة قد أفرطوا في معيشتهم فوبّخهم على ذلك. فابغضه البعض
وأرادوا الخلاص منه. وقد أجرى الله على يديه آيات عظيمة، منها أن أربعة
كهنة من الإسكندرية قد حنقوا عليه فتأمروا على قتله، واتفقوا مع أحد
السحرة فأعطاهم سمًا قاتلاً في قارورة وقدموها للبطريرك على أنها دواء
ليستعمله، فأخذها وبعد التناول من الأسرار الإلهية شربها فلم تؤذه.



وإذ فشلوا في مؤامرتهم رَكَّبوا سمًا آخر قاتلاُ ووضعوا منه في التين،
واحتالوا على المكلف بعمل القربان حتى منعوه ذات ليلة من عمله وذهبوا إلى
البطريرك في الصباح وقدموا له التين هدية وألحوا عليه حتى تناول جانبًا
منه. فلما أكله تألم من ذلك ولزم الفراش مدة أربعين يوما. وحدث أن الملك
عبد العزيز حضر إلى الإسكندرية وسأل عن البطريرك فعرفه الكتبة النصارى بما
جرى له، فأمر بحرق الأربعة كهنة والساحر فتشفع فيهم البابا البطريرك
راكعًا أمامه، متوسلاً بدموع كثيرة، فتعجب الملك من حبه ووداعته ثم عفا عن
الكهنة وأحرق الساحر ليكون مثلاً.



ازداد هيبة ووقارًا في عيني الملك وسمح له بعمارة الكنائس والأديرة، فبنى ديرين عند حلوان قبلي مصر.



طلب سيامة أسقف للهند



حاول وفد قادم من الهند أن يذهب إلى سوريا ليقوم بطريرك إنطاكية بسيامة
أسقفٍ لهم، حيث كانت الهند تابعة له. وإذ لم يستطع الوفد الوصول إلى سوريا
طلبوا من البابا سيمون أن يقوم بالسيامة فخشي ببأس الوالي، واعتذر لهم
بأنه لا يستطيع أن يفعل ذلك بدون إذن الوالي. فخرج الوفد من عنده واجتمع
بهم مجموعة من الخلقيدونيين فأخذوهم إلى بطريرك الملكيين، فسام لهم أسقفًا
من مريوط وكاهنين، وساروا سرًّا في الطريق إلى الهند.



بعد عشرين يومًا قبض عليهم قوم من العرب في الطريق، فهرب القس الهندي وعاد
إلى مصر، وأوثفوا الثلاثة وأحضروهم إلى الخليفة مروان في دمشق، وإذ علم
أنهم من مريوط ومصر اقتص منهم وأرسلهم إلى ابنه عبد العزيز والي مصر
موبخًا إيّاه على عجزه من معرفة الأمور الجارية في بلاده، وأخبره بان
بطريرك الأقباط المقيم بالإسكندرية قد بعث بأخبار مصر إلى الهند مع رُسل
من قبله، وأمره بضربه مائتي سوطًا وتغريمه مائة ألف دينارًا يرسلها إليه
بسرعة مع الرسل القادمين إليه.



وصل الوفد الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وكان البابا بحلوان بصحبته أحد
الأساقفة فاستدعاه وهدّده بالقتل إن لم يعترف بالحقيقة، فروى له أن قسًا
هنديًّا داء وطلب سيامة أسقف وأنه رفض السيامة بدون إذن الوالي. لم يصدقه
الوالي وهدده بهدم جميع الكنائص وقتل الأساقفة، فطلب البابا منه أن يسأل
الذين قُبض عليهم، ولم يخبره بان بطريرك الملكيين قام بالسيامة. طلب
البابا مهلة أسبوعًا ليدعو الله فيكشف له الحقيقة، فظن الوالي أن البابا
يريد أن يهرب أو ينتحر وأعطاه مهلة ثلاثة أيام.



ظهر القس الهندي واعترف بكل ما حدث بعد أن أخذ وعدًا من الوالي بالعفو عن
المذنبين. ألقى الوالي القبض على بطريرك الملكيين وتشفع فيه البابا فعفا
عنه. وبعث الوالي إلى والده يؤكد له براءة البابا.



مع القس مينا



كان هذا البابا قد عين قسًا اسمه مينا وكيلاً على تدبير أمور الكنائس
وأموالها وأوانيها وكتبها، فأساء التصرف وبلغ به الأمر أن أنكر ما لديه من
مال الكنائس. وحدث أنه مرض فانعقد لسانه عن الكلام، ولما سمع البابا
البطريرك بذلك حزن وسأل الله أن يشفيه حتى لا تضيع أموال الكنائس. ثم أرسل
أحد تلاميذه إلى زوجة ذلك القس ليسألها عن مال الكنائس، فلما أقترب من
البيت سمع الصراخ والبكاء وعلم أن القس توفى فدخل إليه وانحنى يقبله،
فعادت إليه روحه وجلس يتكلم شاكرًا السيد المسيح ومعترفًا بأن صلاة القديس
سيمون عنه هي التي أقامته من الموت، وأسرع إلى البابا البطريرك نادمًا
باكيًا وقدّم ما لديه من مال الكنائس.



كان في أيامه قوم يتسرّون على نسائهم فحرمهم حتى رجعوا عن هذا الإثم.



أقام على كرسي البطريركية سبع سنوات وسبعة أشهر ثم تنيّح بسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:26 am

البابا الكسندروس الثانى





بعد نياحة البابا سيمون لم يتمكن الأساقفة من إقامة خلف
له، فخلا الكرسي ثلاث سنوات، بعد ذلك طلب أثناسيوس رئيس ديوان الأمير عبد
العزيز من الأمير أن يسمح للأنبا غريغوريوس أسقف القيس أن يتولى شئون
الكنيسة، فكتب له أمرًا بذلك. وكان الأنبا غريغوريوس إنسانًا تقيًا
محبوبًا حتى لم يفكر الكل في سيامة بطريرك لمدة أربع سنوات، وأخيرًا أجمع
الرأي علي سيامة الكسندروس بطريركًا، وكان راهبًا بدير الزجاج وديعًا
حكيمًا عالمًا بالكتب المقدسة، ما أن رآه الأمير حتى أحبه.



سيامته



بعد استئذان الوالي أُقيم الكسندروس بطريركًا في 30 برمودة من عام 695م،
في عيد القديس مارمرقس، وكانت أيامه الأولي كلها صفاء وشمل الجميع سرور
عظيم، وساد الكنيسة السلام.



متاعبه



مات الأمير عبد العزيز فحزن عليه جميع المصريين من مسلمين ومسيحيين، إذ
عرف بعدالته وحكمته، وجاء من بعده عدة ولاة هم عبد الله وقرة وأسامة وعبيد
الله كانت أسماؤهم رمزًا للعنف والقسوة علي الجميع، حيث ضاعفوا الضرائب
بصورة صارخة، فلم يسمحوا بدفن ميت دون دفع ضريبة عنه، وكان الكل ساخطًا
عليهم، وبلا شك كانت الضرائب أضعافًا مضاعفة علي المسيحيين.



إذ تولي عبد الله الولاية وجاء إلي الفسطاط جاء البابا يحييه، فسأل عنه
فقيل إنه أبو الأقباط، فقبض عليه وسلمه لأحد حجابه وطلب منه أن يهينه حتى
يدفع ثلاثة آلاف دينار. تقدم شماس يدعي جرجس إلي الأمير يسأله: "أيهدف
مولاي إلي اعتقال البابا أم إلي الحصول علي المال؟"، وإذ أظهر الأمير
رغبته في المال طلب منه أن يخلي سبيل البابا حتى يقدر أن يطوف معه وسط
الشعب ويجمع له المال، وبالفعل طاف معه في الوجه البحري حتى جمع المبلغ
وسلمه للوالي. هذا وقد بذل عبد الله كل طاقاته للإبطال اللغة القبطية في
الدواوين والمدارس ومحاكمة من يستخدمها.



بعد عبد الله تولي الأمير قرة الولاية عام 701، وتكررت نفس المأساة وقام
البابا بزيارة الوجه القبلي، ففرح به الشعب جدًا إذ لم يكن قد زراهم
البطريرك قط منذ أيام الأنبا بنيامين (البابا 38) حين كان مختفيًا بينهم،
وأخيرًا قام بسداد المبلغ.



ارتفعت الضرائب جدًا خاصة علي الأقباط، حتى اضطروا إلي بيع أواني المذبح
الفضية، واستبدالها بأوانٍ خشبية أو زجاجية لتسديد الجزية، وكان هناك سخط
من المسلمين أيضًا علي الأمير.



مرة سعي بعض الأشرار لدي الوالي متهمين البابا بأن قومًا لديه يضربون
الدنانير، فأرسل جماعة من الجند أهانوا البابا وصاروا يضربون أصحابه حتى
قاربوا الموت، وإذ ظهر بطلان هذه الوشاية تركوا الدار البطريركية.



بجانب هذه المتاعب الخارجية سقط البابا تحت متاعب من كنائس الإسكندرية
وكهنتها إذ اعتادت منذ عهد قسطنطين أن تقدم لها البطريركية معونات، لكن
بسبب الغرامات التي حلت بالبابا والضيق الخارجي لم يستطع البابا أن يقدم
شيئًا فثار بعض الكهنة والأراخنة ضده، وكان يتوسل إليهم موضحًا لهم كيف
صارت الكاسات التي تقدم فيها الأسرار المقدسة من زجاج بسبب ما حلّ
بالكنيسة من ضيق، وإذ يقبلوا كلماته اضطر إلي انتهارهم وطردهم فخرجوا
يشنعون عليه.



بجانب هذه المتاعب حلّ بالبلاد قحط شديد ووباء، فمات كثيرون بسبب الجوع
والمرض، وكان البابا مع الأساقفة يجولون في البلاد ليسندوا الشعب بسبب ما
حلّ بهم من كوارث.



ومن متاعبه أيضًا ما أثاره طبيب بيزنطي اسمه أنوبيس نجح في استمالة والي
الإسكندرية بسبب مهنته، مقنعًا إياه أن يقيمه أسقفًا علي الإسكندرية، وإذ
تحقق له لك صار يقاوم البابا بكل طاقاته مستغلاً صداقته مع الوالي، فثار
الشعب عليه جدًا، واضطر من الخوف أن يلجأ إلي البابا الذي استقبله بمحبة،
فخجل جدًا وأعلن ولاءه للبابا، وبقي هكذا علي ولائه مدي حياته.



لما صار حنظله بن صفوان واليًا عام 713 أراد أن يرسم علي يدي كل مسيحي
صورة الأسد (الوحش)، ثم قبض علي البابا البطريرك وأمره بذلك، فطلب منه
مهلة ثلاثة أيام، فدخل إلي مخدعه واشتهي الانطلاق من هذا العالم ولا يري
ما يحل بشعب الله. وإذ تزايد المرض به جدًا سأل قوم الوالي أن يسمح له
بالانطلاق إلي كرسيه بالإسكندرية فحسبه يتمارض، لكنه أخذ مركبًا وانطلق
سرًا إلي الإسكندرية، وإذ علم الوالي أرسل وراءه قومًا ليقبضوا عليه
فوجدوه قد تنيح، فقاموا بتعذيب تلاميذه.



كانت مدة إقامته علي الكرسي 34 سنة ونصف، وقد تنيح في 7 أمشير (سنة726م).







البابا قزمان الأول





بعد نياحة البابا ألكسندروس الثاني سنة 726م، اتجهت
الأنظار إلى الناسك قزما (قزمان) أحد رهبان دير القديس مقاريوس الكبير
ببرية شيهيت فانتُخِب بالإجماع، ومن ثَمَّ أقامه الأساقفة في نفس السنة
على سدة الكنيسة القبطية. كان من أهل بناموسير، سيم بغير اختياره، إذ كان
يميل إلى حياة الوحدة.



قصر أيام باباويته



على أن هذا البابا لم يجد نفسه جديرًا بهذه الكرامة العظمى التي أولاه
إياها إكليروس الكنيسة وشعبها، كذلك امتلأت نفسه أسى حين علم أن الخليفة
عمر بن عبد العزيز قد كتب إلى حيّان بن شُريح عامل الخراج في مصر يقول له:
"أن يجعل جزية موتى القبط على أحيائهم"، وأضاف إلى ذلك الجزية على القرى،
فكل قرية عليها مقدار من المال يجب تأديته بغض النظر عمن يموت من أهلها.



بإزاء هذا الشعور بعدم الاستحقاق الذي طغى على الأنبا قزما، وهذا الأسى
الذي ملأ قلبه لعدم قدرته على حماية شعبه من الجزية المتزايدة المبالغ
فيها، أخذ يبتهل إلى الله ليلاً ونهارًا ضارعًا إليه أن ينقله من هذا
العالم بدلاً من أن يضرع إليه أن يمنحه النعمة لتأدية واجباته الرعوية
مخالفًا بذلك الأوامر الإلهية (يو17:15). ولقد استجاب الله لطلبته، فلم
يلبث الأنبا قزما أن انتقل إلى الدار الباقية بعد مرور خمسة عشر شهرًا على
ارتقائه الكرسي المرقسي، فمرّت أيام باباويته مرور السحاب العابر. وهكذا
اضطر الإكليروس والشعب إلى التشاور من جديد فيمن يكون رئيسهم الأعلى،
وانتهت بهم الشورى إلى انتخاب ثيؤدوروس أحد رهبان دير دمنو بمريوط.



نبوة عن قصر أيام باباويته



كان بظاهر مريوط دير يُعرف بطمنوة تحت رئاسة أب يُدعى يحنس نال نعمة
عظيمة، وكان الرب يشرّفه بعمل عجائب على يديه، وكان له تلميذ يخدمه اسمه
ثيؤدورس فاق كل من في الدير.



في أيام البابا الكسندروس سلف البابا قزمان قال الأب يحنس لتلميذه: "اعلم
يا ابني أنه في السنة التي يتنيح فيها الكسندروس أتنيح أنا معه، وأنت تجلس
على كرسي الرسول الجليل مار مرقس، ولكن ليس بعد البابا الكسندروس، وإنما
بعد الذي يأتي بعده".



[center]البابا ثيودوروس





كان ثيؤدورس (تادرس) مشاقًا للحياة الكاملة في الرب،
فانطلق إلى دير طمنورة بمريوط حيث تتلمذ على يدي ناسك قديس يدعى يوأنس.
وقد اتسم الراهب ثيؤدر بالطاعة لأبيه والاتضاع، واضعًا في قلبه كلمات
سيده: "من أراد أن يصير فيكم أولاً فليكن للجميع عبدًا" (مر10: 44)، كما
اتسم ببشاشته وحبه للجميع، لذا كان الكل يحبه.



في أثناء باباوية الأنبا الكسندروس الثاني إذ كان الأب يوأنس جالسًا مع
بعض رهبان الدير، قال لهم: "صدقوني يا أولادي إن قلبي ينبئني بأني سأنتقل
من هذا العالم في ذات اليوم الذي ينتقل فيه الأنبا الكسندروس الثاني إلى
مساكن النور، وأن أخاكم الراهب ثيؤدورس سيعتلي الكرسي المرقسي، لا خليفة
لالكسندروس، ولكن للبابا الذي يأتي بعده". وبالفعل إذ تنيح البابا
الكسندروس أختير البابا قزما الأول (44) الذي لم يحتمل المرارة التي كان
يعانيها شعبه بسبب ضغط الجزية المتزايدة فاشتهى أن ينطلق، وقد سمع الرب
طلبته ولم يبقَ على الكرسي سوى 15 شهرًا، بعدها أختير الراهب ثيؤدورس
بطريركًا.



في أيامه كان عُبيد الله متوليًا جباية الخراج في مصر، وكان محبًا للمال،
عنيفًا للغاية، لكنه نُزع من عمله ليحل الحر بن يوسف مكانه وكان كسابقه
مستبدًا لا يعرف الرحمة، الأمر الذي دفع بعض الأقباط في منطقة الشرقية
(أهالي تنوديمى وقربيط وطربية) إلى الثورة ضده علنًا، فأرسل جيشًا وقمع
الثورة بعد ثلاثة شهور، غير أن الحر بن يوسف نُقل من مصر إلى أسبانيا،
وساد الجّو شيئا من الهدوء والسلام. عاد عُبيد الله إلى عمله واستخدم
العنف في جمع الأموال من المسلمين كما من الأقباط، غير انه كان يمارس عنفه
مضاعفًا جدا على الأقباط، وكان يود أن يجحدوا إيمانهم، وإذ لم يفلح استقدم
5000 عربيًا من قبيلة القيس استقروا في مدينة حوف شمال شرقي الفسطاط، وكان
هؤلاء كثيري التمرد.



ثار المسلمين أيضًا على عُبيد الله بسبب عنفه واستبداده فرفعوا شكواهم إلى
الخليفة هشام الذي اتسم بالعدل، فأمر بنقله إلى بلاد البربر بشمال
أفريقيا، وعين القاسم ابنه الأكبر واليًا على مصر، فاستقر السلام على ضفاف
النيل.



جلس على الكرسي المرقسي 11 سنة وسبعة شهور، اتسمت بالسلام النسبي، فقد اهتم بالبنيان الروحي وتثبيت المؤمنين.



في عهده كان الأنبا مويسيس أسقف أوسيم الذي حُسب شهيدًا بدون سفك دم
لمواقفه الباسلة في وجه الاضطهاد. كان إنسانًا تقيًا، سلك الحياة
الرهبانية لمدة 18 سنة قبل سيامته أسقفًا، ولما سيم أحبه الكل المسيحيون
والمسلمون، إذ كان ذي قلب متسع للجميع، وقد تعرض لاضطهادات كثيرة محتملاً
الضرب والجلد والسجن بفرح. بهذا كان يسند شعبه على الثبات في الإيمان. وقد
عاصر البابا ميخائيل الأول خليفة البابا ثيؤدورس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:28 am

البابا خائيل الأول





سيامته بطريركًا



كان هذا الأب راهبًا بدير القديس مقاريوس وكان عالمًا زاهدًا. فلما تنيح
سلفه البابا ثاؤذوروس الخامس والأربعون اجتمع أساقفة الوجه البحري وكهنة
الإسكندرية في كنيسة الأنبا شنودة بمصر، وادعوا بأن لهم وحدهم حق الانتخاب
بينما قام فريق آخر يدعي خلاف ذلك. وحصل خلاف بينهم على من يصلح للبابوية.
وأخيرًا استدعوا الأنبا موسى أسقف أوسيم والأنبا بطرس أسقف مريوط. ولما
حضرا وجد الأنبا بطرس تعنتًا من كهنة الإسكندرية، فزجرهم على ذلك وصرف
الجمع هذه الليلة حتى تهدأ الخواطر. ولما اجتمعوا في الغد ذُكر اسم القس
خائيل بدير القديس مقاريوس، فارتاحوا إلى اختياره بالإجماع، وحصلوا على
كتاب من والي مصر إلى شيوخ برية شيهيت (وادي النطرون). ولما وصلوا إلى
الجيزة وجدوا القس خائيل قادمًا مع بعض الشيوخ لمقابلة الأمير حفصا لكي
يعفيهم من الضرائب، فامسكوه وقيدوه وساروا به إلى الإسكندرية، ورسموه
بطريركًا في 17 توت سنة 460ش (14 سبتمبر سنة 743م). وحدث أن امتنع المطر
عن الإسكندرية مدة سنتين، ففي هذا اليوم سقطت أمطار غزيرة لمدة ثلاثة أيام
فاستبشر السكندريون من ذلك خيرًا.



دَعى نفسه " خائيل" أي "الأخير"، ولم يرضَ أن يُدعَ ميخائيل تواضعًا منه حتى لا يكون اسمه كاسم رئيس الملائكة.



شدائده



في عهد خلافة مروان آخر خلفاء الدولة الأموية وولاية حفص بن الوليد جرت
على المؤمنين في أيام هذا الأب شدائد عظيمة وهاجر البلاد المصرية عدد كبير
من المؤمنين، كما بلغ عدد الذين أنكروا المسيح أربعة وعشرون ألفًا، وكان
البطريرك من جراء ذلك في حزنٍ عظيمٍٍ جدًا إلى أن أهلك الله من كان سبب
ذلك.



بسبب شدة الضيق هرب بعض الأساقفة إلى الأديرة، فعقد البابا مجمعًا قرر فيه
ضرورة استمرار الأساقفة في ايبارشياتهم، وحرم من يتجاوز هذا الحكم.



خلاف مع الملكيين (البطريرك التابع لبيزنطة)



بعد سيامته بمدة وجيزة تقرب قوم من الملكيين (الروم) عند الخليفة مروان،
ودفعوا له مالاً وحثوه على إصدار أمر إلى عبد الملك بن موسى بمصر لكي
يسلمهم دير القديس مارمينا بمريوط، وكانت في يد الأقباط الأرثوذكس. فلما
عادوا إلى مصر سلموا الأمر إلى عبد الملك، فعقد مجلسًا تحت رئاسة قاضٍ
يدعى عيسى للنظر في ملكية الدير، ودعا الفريقين لكي يدافع كل منهما عن
حقه. فجمع البابا أشهر أساقفته وعلماء كنيسته وعرض عليهم صورة أمر الخليفة
وكلفهم بالحضور في مجلس القضاء. لكن الملكيين رشوا القاضي، فكان يماطل ولا
يستمع إلى الأقباط الأرثوذكس. وبينما كان يستعد لكتابة تقريره في صالح
الملكيين عُزل من منصبه وتعين قاضٍ آخر يُدعى أبو الحسيني، وكان عادلاً لا
يحابي الوجوه فقدم الحقيقة إلى عبد الملك واستمر الدير في حوزة الأقباط.



بين ملك النوبة وأسقفها



في دنقلة بالنوبة حدث خلاف بين قرياقوص الملك والأنبا إبراهيم أسقفها،
وذلك لأن الأسقف حاول ردع الملك عن تصرفاته الشريرة. اغتاظ الملك وطلب من
البابا السكندري قطع الأسقف وإلا يدفع بالشعب إلى عبادة الأوثان.



خشي البابا من ضياع شعب النوبة كله فاستدعى الأسقف وعقد مجمعًا لدراسة
الموقف. فرأى الكل أن يبقى الأسقف بالإسكندرية ويبعثون بأسقفٍ آخر للنوبة
حتى يهدأ الملك. شعر الأسقف إبراهيم بأن الحكم فيه ظلم فترك الإسكندرية
وذهب إلى أحد الأديرة بالنوبة حتى نهاية حياته هنا.



قرياقوس ملك النوبة



لاقى هذا الأب البطريرك مصائب شديدة من عبد الملك بن مروان، كالضرب والحبس
والتكبيل بالحديد. فقد وضع رجليه في خشبة عظيمة وطوق رقبته بطوق حديد
ثقيل، وكان معه أنبا موسى أسقف أوسيم وتادرس أسقف مصر وغيرهما، فوضعوهم في
خزانة مظلمة نُقرت في صخر لا تصل إلها أشعة الشمس، واستمروا في هذا الضيق
من 11 توت إلى 12 بابه، وكان أيضًا معهم ثلاثمائة من الرجال والنساء.



في وسط هذا الضيق كان المرضى يأتون إلى البابا في السجن يصلي من أجلهم
وينالون نعمة الشفاء. كما اهتم البابا بالمسجونين، فتاب كثيرون ورجعوا إلى
الرب. أطلق الوالي سراحه فمضى إلى الصعيد وعاد بما جمعه إلى الوالي بالرغم
من الظروف المالية الصعبة التي اجتازها المصريون بسبب الضرائب الفادحة،
وكان البابا يعبر بينهم كملاك الرب، يشفي مرضاهم خلال نعمة الله الفائقة.
فأخذه منه ثم ألقاه في السجن. فلما علم بذلك قرياقوس ملك النوبة استشاط
غضبًا وجهز نحو مائة ألف جندي وسار إلى القطر المصري واجتاز الصعيد قاتلاً
كل من صادفه من المسلمين حتى بلغ مصر، فعسكر حول الفسطاط مهددًا المدينة
بالدمار.



فلما نظر الوالي عبد الملك جيوش قرياقوس منتشرة كالجراد جزع خوفًا وأطلق
سبيل البطريرك بالإكرام والتجأ إليه أن يتوسط في أمر الصلح بينه وبين ملك
النوبة، فلبى دعواه وخرج بلفيف من الإكليروس والتقى بالملك، وطلب منه أن
يقبل الصلح مع عبد الملك، فقبل وانصرف من حيث أتى. أكرم عبد الملك
المسيحيين ورفع عنهم الأثقال وزاد في اعتبارهم.



شفاء ابنة الوالي عبد الملك



صلى البطريرك على ابنة الوالي وكانت تعاني من روح نجس وخرج منها الروح بصلاته.



مناظرات بينه وبين قزما بطريرك الملكيين عن الاتحاد



حدثت مناظرات بين هذا الأب وقزما بطريرك الملكيين عن الاتحاد، فكتب إليه
الأب خائيل رسالة وقع عليها مع أساقفته قائلاً: "إنه لا يجوز أن يُقال إن
في المسيح طبيعتين مفترقتين بعد الاتحاد ولا اثنين ولا شخصين". واقتنع
قزما بذلك ورضى أن يصير أسقفًا على مصر تحت رئاسة الأب خائيل.



تجديد الاضطهاد



لم تستمر فترة الراحة طويلاً إذ حضر مروان إلى مصر ونكث هو وعبد الملك
عهدهما مع الأقباط، وأخذا في اضطهادهم بقسوة بربرية. اضطر الأقباط إلى
الثورة حتى هزموا جيش مروان، لكن مروان استجمع قواته وقاتلهم بشدة وقبض
على البابا السكندري وبطريرك الروم، فدفع الأخير ألف قطعة ذهب بينما لم
يكن لدى البابا ذات المبلغ. ثقل رجليه بقطعة من الحديد وألقاه في السجن
وابتدأ يعذبه تسعة أيام ثم أحضره وجذبه بيده وطرحه وصار يضربه بقضيب في
يده مائتين مرة ثم أمر الوالي بضرب عنقه، لكنه عدل عن ذلك. طلب منه أن
ينصح البشامرة الثائرين من الأقباط بالتوقف عن مقاتلته، لكن البشامرة
ثاروا بالأكثر.



في سنة 751م دخل أبو العباس مصر بجيش زاخر للاستيلاء على الحكم من يد
مروان، وكان الأقباط في ضيق شديد فانحازوا إليه وطلبوا مساعدته. عسكر أبو
العباس على شاطئ النيل في البر الشرقي تجاه مروان الذي كان مازال قابضًا
على البابا وبعض الأساقفة. وأمر الجند أن يهينوا البابا من الجانب الآخر
للنيل وينتفون شعر لحيته كما قاموا بتعذيب الأنبا موسى أمام الأقباط.



في اليوم التالي أحضر البابا ومعه الأساقفة ومجموعة من الشعب وتركهم في
الشمس عشرة ساعات ثم بدأ في تعذيبهم بقسوة شديدة، حتى كان الأقباط ومعهم
المسلمون في البر الشرقي يبكون بمرارة. وكان البابا يصلي ويثبّت المؤمنين.



لم يحتمل عبد الله بين مروان المنظر، فسكب دموعًا كثيرة أمام أبيه لكي
يطلق سراحهم، قائلاً له بأنه لن يقدر على مقاومة الخراسانيين وسيضطر إلى
الذهاب إلى السودان، هناك أولاد هذا البطريرك لن يقبلوه. تطلع مروان إلى
جيش الخراسانيين فانزعج جدًا واضطر إلى إعادة البابا ومن معه إلى المعتقل
بالجيزة، وأدخلهم موثقين في أربعة سجون في ضيقٍ شديدٍ حتى أشرفوا على
الموت، لكن البابا كان يعزيهم.



عبر الخراسانيون إلى الضفة الغربية وهزموا مروان، فهرب بينما ذهب ابنه
ليحرق السجن الذي فيه البابا، لكن ما أن أشعل النار حتى أكرهه الأعداء على
الهروب. أطفأوا النيران وأطلقوا المسجونين وجاءوا بهم إلى كنيسة مارمرقس
بالجيزة.



شدة جديدة



إذ استولى أبو العباس على مصر أحسن معاملته مع المسيحيين، غير أن هذه
الراحة لم تدم سوى أربع سنوات مرت كالحلم. وبسفر أبو العباس وترك الولاية
لآخرين أساءوا التصرف، وصاروا يضايقون الأقباط من جديد. حاول البابا أن
يذكرهم بما أظهره أبو العباس من آمان لهم لكنه لم ينجح، واستمر المسيحيون
في مرارة حتى شوهدت مياه النيل ناقصة عن منسوبها المعتاد ذراعين.



رفع منسوب مياه النيل



أقام الأساقفة مع البابا صلوات عيد الصليب وتقدموا مع جميع كهنة الجيزة
وأهل الفسطاط وحملوا الأناجيل والمباخر ودخلوا كنيسة مار مرقس واكتظت
الحقول والحدائق حولها بالشعب. تقدم البابا ورفع الصليب وصلى الكل، وكان
الشعب يصرخ: "يا رب ارحم" لمدة ثلاث ساعات، فزاد النيل ذراعًا. سمع الوالي
بذلك فأرسل علماء المسلمين وحاخامات اليهود وصلوا فلم يرتفع مقياس النيل.



اضطر أن يدعوا النصارى للصلاة، حيث أقام البابا الأسرار الإلهية وألقوا
بمياه غسل الأواني في النهر في الساعة السادسة من النهار، فزادت المياه
حتى بلغت ثلاثة أذرع، فأحب الوالي أبوعون الأقباط.



خلاف مع كنيسة إنطاكية



كانت زوجة المنصور أبي جعقر عاقرًا فسمعت عن تقوى اسحق أسقف حاران وعمله
العجائب فاستدعته وصلى من أجلها فوهبها الله طفلاً، فصار الأسقف اسحق
موضوع الإكرام والتبجيل. وإذ تنيح يوحنا بطريرك إنطاكية سأل الأنبا اسحق
الوالي أن يخلفه فأجابه طلبه حالاً وهدد من يعترض ذلك. قيل أنه تسبب في
قتل مطرانين رفضا أن لا يترك الأسقف ايبارشيته ليصير بطريركًا.



بناء على طلب الأنبا اسحق كلف الخليفة والي مصر أن يحقق طلبات البطريرك
الأنطاكي الجديد، كما بعث البطريرك رسالة إلى البابا خائيل في صحبة مطراني
دمشق وحمص وكاهنين. عقد البابا مجمعًا لمدة شهر وقرروا ألا يشترك البابا
مع بطريرك أخذ رتبته بقوة السلطان. وكان أمام البابا أحد اختيارين، إما
مصادقة البطريرك اسحق أو الذهاب لمقابلة الخليفة. وإذ كان البابا يستعد
للسفر وهو شيخ، متحملاً مشقة الطريق إذا بخبر انتقال اسحق من العالم قد
حلّ المشكلة.



كانت أيامه الأخيرة في سلام بعد أن أقام على الكرسي ثلاثة وعشرين عامًا، إذ تنيح في 16 برمهات سنة 468 ش (767م).






البابا مينا الأول





من رهبان دير الأنبا مقار ببرية شيهيت، جلس على كرسي
الإسكندرية خلفًا للبابا ميخائيل الأول، وكان انتخابه بإجماع آراء
الإكليروس والشعب. وعند الرسامة رغب في أن يحتفظ باسمه فأصبح الأنبا مينا
الأول سنة 765م (474ش). ولما تسلم مقاليد الرئاسة الروحية العليا أخذ يعلم
الشعب ويوضح له معنى الإيمان الأرثوذكسي، كما أخذ يبني الكنائس المتهدمة.
وكان يعمل بفرح روحي انعكس على وجهه فكان الشعب يتعجب من النعمة البادية
عليه، وقد استطاع الأنبا مينا الأول أن ينجز هذه الأعمال البناءة في سرعة
وهدوء لأن التفاهم ساد العلاقات بين الأقباط ووالي البلاد إذ ذاك.



راهب يطلب إقامته بطريركًا



لكن عدو الخير لم يدع الأنبا مينا يستمتع بجهوده الروحية طويلاً، فجاءت
التجربة هذه المرة من الداخل من أحد الرهبان اسمه بطرس، تودد إلى الخليفة
العباسي أبي جعفر المنصور ثم طلب منه العمل على إقامته بطريركًا على كرسي
الإسكندرية، فكتب الخليفة إلى أبي العون والي مصر ليحقق رغبة الراهب. كان
أبي العون يحترم البابا مينا إلا أنه اضطر لتنفيذ أوامر الخليفة فاعتقل
البابا في دار الولاية، ثم عاد واعتقل الأساقفة لرفضهم تنفيذ طلب ذاك
الراهب. واشتغل الأنبا مينا وأساقفته بطلاء المراكب سنة كاملة دون أن يبدو
منهم أي ألم أو ضجر، وأخيرًا إذ ازداد بطرس في تشامخه مع الوالي نفسه أمر
بحبسه، ثم أذن لساعته للأنبا مينا وأساقفته بأن يعودوا إلى كراسيهم مكرمين.



قضى الأنبا مينا سنواته الأخيرة في افتقاد شعبه واستنهاضه للجهاد وفي
تجديد الكنائس، خاصة أن الوالي صالح بن علي نهج منهج أبي العون في إنصافه
للمسيحيين وفي حسن معاملته للشعب المصري عامة. ثم انتقل البابا إلى كنيسة
الأبكار وكانت أيام باباويته ثماني سنين وعشرة أشهر











البابا يؤانس الرابع





بعد جلوس البابا يوحنا على الكرسى المرقسى فى شهر أمشير
سنة 478ش و 776م فى عهد خلافة محمد المهدى كتب سنوديقا ممتلئة حكمة إلى
الأب جرجس بطريرك أنطاكية يجدد له فيها أتحاده معه فى الأمانة ، وكان
البابا يوحنا حسن الخلق ونال حظوه عند الملوك والولاة مداوماً لعمل الخير
فأهتم ببناء بيعة ومسكن بطريركى فشيدهما باتم زينة وزين كل بيع الأسكندرية
بمساعدة الولاة والشعب .



وبعد ذلك نزل غلاء عظيم على مدينة الأسكندرية فحل البلاء بكثيرين من الناس
حتى حزن قلب البابا عليهم وصلى طالباً رفع هذا الويل عنهم وكلف تلميذه
مرقس أن يمد يده لأغاثة كل محتاج وكانت مخازن البيعة وحسابها تحت يده
وأستمر يحض الأغنياء على مساعدة الفقراء حتى شفق الرب ورفع البلاء . وتنيح
فى 16 طوبة سنة 502ش و 799م وقيل أن يوم موته هو يوم ميلاده ويوم تعيينه
بطريركاً وأقام على الكرسى المرقسى 24 سنة .







البابا مرقس الثانى





في دير القديس مقاريوس الكبير



أثناء جولات البابا يوأنس الرابع البطريرك الثامن والأربعين الرعوية وجد
بين الشباب شماسًا متبتلاً متبحرًا في العلوم الروحية اسمه مرقس، وقد حباه
الله صوتًا عذبًا روحانيًا، ففرح به البابا وأحبه وعينه سكرتيرًا له. ثم
بعد مدة استصحبه إلى دير الأنبا مقار وهناك ألبسه الإسكيم المقدس، وما أن
تمت هذه الشعائر المقدسة حتى تقدم ناسك شيخ وصافحه مهنئًا ثم قال: "إن هذا
الشماس يستحق أن يجلس على كرسي أبيه العظيم مرقس الرسول".



سيامته بطريركًا



إذ تنيح أسقف بابلون طلب الشعب من البابا أن يرسم لهم الراهب مرقس سكرتيره
أسقفًا لهم، ففرح البابا لهذا الطلب لِما كان يعلمه من استحقاق مرقس
لكرامة الأسقفية. فلما سمع الراهب بنية البابا اختفى عن الأنظار وعبثًا
حاول المؤمنون أن يعرفوا مكانه، فاضطر البابا في النهاية إلى رسامة راهب
غيره، وظل مرقس مختفيًا حتى بعد رسامة أسقف بابلون مما جعل البابا يستمر
غاضبًا عليه، ولكن ضميره أنَّبه على ذلك فبعث برسالة إلى راهب شيخ متوحد
في ضاحية البرلس يعلمه بغضبه على تلميذه. رد عليه المتوحد برسالة قال فيها
أن الله كشف له عن صونه ليجلس على كرسي مار مرقس في الوقت المناسب. فرح
البابا بهذه الرسالة، ولما دنت وفاته وسأله الشعب عمن يجلس بعده أعلمهم أن
ملاك الرب أعلمه أن مرقس تلميذه هو المختار من الرب. بعد نياحة البابا هرب
مرقس إلى البرية إذ علم بنية الأساقفة، فبحثوا عنه حتى وجدوه وقيدوه
وساقوه إلى الإسكندرية حيث رسموه سنة 790م (506ش).



صداقة مع الوالي



بعد رسامته قام زيارة لبيب الدولة والي مصر، وما كاد الوالي يرى البابا
حتى نشأت بين الاثنين مودة وثيقة، وسأل الوالي من البابا أن يطلب ما يشاء
فيحققه له، فكان الطلب أن يسمح له ببناء الكنائس اللازمة لخدمة الشعب
وترميم المتهدم منها، فأجابه الوالي إلى طلبه.



رسالة شركة إلى أخيه بطريرك إنطاكية



كتب رسالة الشركة إلى أخيه بطريرك إنطاكية الذي رد عليه بمثلها معبرًا عن ابتهاجه وابتهاج شعبه بوحدة الإيمان الأرثوذكسي.



قرارات مجمع خلقيدونية



وكان بين الأقباط عدد غير قليل قد وافق على قرارات مجمع خلقيدونية، فكان
البابا يصلي من أجلهم ليل نهار بدموع حتى يرجعوا عن طريق ضلالهم، واستجاب
الرد لصلواته ودموعه فحرك قلب رئيس هذه الجماعة ويدعى إبراهيم كما حرك قلب
أبيه الروحي جُرجَه إلى التوبة الصادقة، فقبلهما البابا مع كل جماعتهما
وناولهم من الأسرار الإلهية.



فساد سياسي ومضايقات



في عهده كان الخليفة العباسي في ذلك الوقت هو هارون الرشيد الذي ازدهرت في
عصره العلوم والفنون، ثم توفي هارون الرشيد واختصم ابناه المأمون والأمين
على الخلافة أدت إلى حرب طاحنة بينهما وكان نصيب مصر من الشقاء نتيجة لهذه
الحرب نصيب الأسد. كما عانت مصر أيضًا من وفود خمسة عشر ألف لاجئ من بلاد
الأندلس إليها، كانوا قد قاموا بثورة فاشلة ضد الخليفة الأموي الذي قهرهم
وأمر بنفيهم، فعاثوا في مصر فسادًا إذ كانوا يضرمون النار في بيوت العبادة
ويتحرشون بالمصريين الآمنين.



رأى البابا أن يواسي شعبه في محنته فكان يتجول بينهم يعزيهم ويشددهم غير
أن الأندلسيين أخذوا يضيقون على البابا الخناق حتى اضطروه في آخر الأمر
إلى ترك الإسكندرية، وأخذ يتنقل من بلد إلى بلد لمدة خمس سنوات لا يستقر
في مكان حتى لا يقع في أيديهم، إلى أن استطاع الأمير عبد العزيز إعادة
الاستقرار إلى البلاد.



مرارة نفسه ونياحته



قرب انتهاء هذه القلاقل إذا بشدة جديدة تصيب البابا، إذ أغارت قبائل
البربر على وادي النطرون وخربوا الأديرة وقتلوا الرهبان القاطنين فيها،
ولم ينجُ من أيديهم سوى عدد قليل تشتتوا في أنحاء الصحاري الشاسعة. فعاود
الحزن قلب الأنبا مرقس الثاني وبكى بكاءً مرًا على الأديرة وساكنيها وتضرع
إلى الله أن يجعل هذه الكارثة خاتمة حياته، لأن ما حل في عهده من بلايا قد
حطم قلبه وملأه ألمًا على ألم، فاستجاب الرب لتضرعاته وأرسل إليه ملاكًا
يقول له: "لا تجزع أيها الخادم الصبور لأنك ستنتقل إلى الأخدار السمائية
يوم عيد القيامة المجيدة، وهذه هي العلامة: حين تنتهي من خدمة القداس
الإلهي ليلة العيد وتتناول من الأسرار المقدسة ستنطلق روحك من أسر هذا
الجسد".



لما استيقظ البابا مرقس صبيحة تلك الليلة أخبر الأساقفة الذين كانوا معه
بالحلم الذي رآه. وقد تحقق حلم البابا السكندري إذ لم يكد ينتهي من شعائر
القيامة المجيدة حتى انطلقت روحه إلى بيعة الأبكار
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:32 am

البابا يعقوب





كان قساً بدير أبى مقار ترك وادى هبيب على أثر خراب
الأديرة ومضى إلى دير فى طيبة وهناك تجلت له رؤيا علم منها أن الرب يدعوه
إلى الذهاب إلى البرية المقدسة فعاد إليها مسرعاً وكرسوه بطريركاً وهو
يبكى فى شهر بؤونة سنة 525ش و 819م فى عهد خلافة عبد الله المأمون .



وحال جلوسه على الكرسى قاوم أصحاب البدع ولاسيما أتباع المجمع الفاسد
الخلقيدونى وأتباع أوطاخى الذين ينكرون آلام المسيح بالجسد ، وكانت عادة
هذا البابا إذا أراد أن يقيم أسقفاً أن يسهر ويصوم حتى يظهر له الله
أعماله وكان يحفظ أيام نياحة الآباء البطاركة من مرقس الرسول إلى مرقس
أبيه بالروح ويعيد لهم ، وتنيح فى 14 أمشير سنة 544ش و 836م وليلة موته
سمع يقول فى الساعة الرابعة من الليل " يا أبوى ديسقوروس وساويرس ها أنذا
أجى أليكما " وكانت مدة جلوسه على الكرسى المرقسى 18 سنة و 18 شهراً ودفى
حيث توفى بتنتدا .








البابا سيمون الثانى





راهب بجبل شيهيت



كان من أهالي الإسكندرية ابنًا لأبوين مسيحيين من أكابر المدينة، ربّياه
تربية مسيحية سليمة وأدباه بعلوم الكنيسة، فاختار لنفسه سيرة الرهبنة،
فقصد جبل شيهيت وترهّب في قلاية سلفه الأنبا يعقوب البطريرك، ومكث عنده
عدة سنوات أضنك فيها جسمه بالنسك الطويل والتعبد الكثير.



سكرتير البطريرك



ولما قُدِّم الأنبا مرقس الثاني بطريركًا طلبه من أبيه الروحي الأنبا يعقوب، لِما علم عنه من السيرة الصالحة والتدبير الحسن.



لما قُدِّم الأنبا يعقوب أبيه الروحي بطريركًا جعله أيضًا عنده وكان ينتفع به كثيرًا.



سيامته بطريركًا



لما تنيّح الأنبا يعقوب أجمع رأي الأساقفة والكهنة والشعب على تقدمة هذا
الأب لِما رأوه فيه مدة إقامته عند الأبوين المذكورين من التقوى والإيمان
الصحيح. فأمسكوه وقيدوه ورسموه بطريركًا، فسار السيرة الملائكية المرضيّة
للرب.



شاء الله أن ينيّحه فلم يقم على الكرسي سوى خمسة أشهر ونصف ثم تنيّح
بسلام، وكانت نياحته سنة 822م. وقد أجمع المؤرخون على أن أيام باباويته قد
امتازت بالسكينة والسلام








البابا يوساب الأول





ترشيح اسحق بن أندونة للباباوية



لما خلا الكرسي البطريركي بعد نياحة البابا سيمون الثاني، حاول شعب
الإسكندرية أن يقيموا شخصًا يدعى اسحق بن أندونة، صاحب ديوان السلطان
بالفسطاط على الكرسي البطريركي، نظرًا لثرائه الكبير ومركزه، وكان الرجل
علمانيًا متزوجًا، وللأسف فإن أسقفيّ مصر وأوسيم حبذا هذا الاختيار. فما
كان من بقية الأساقفة إلا أن عقدوا مجمعًا بالإسكندرية ووبخوا الأسقفين
بقولهم: "أين تركتما خوف الرب وخالفتما القوانين حتى أنكما عَمَدْتُما
برجل علماني متزوج بامرأة لتجلساه على كرسي مار مرقس الإنجيلي بخلاف ما
جرت به العادة والقوانين؟" وكان في هذه الكلمات فصل الخطاب، فلزما الصمت
وما عادا يذكران ذلك العلماني.



عُرِض اسم القس يوساب المترهب بدير أنبا مقار، فأنفذ مجمع الأساقفة بعض
الأساقفة وكهنة الإسكندرية إلى برية شيهيت. وبينما هم سائرون وضعوا علامة
وقالوا: "إن كان الرب يختار تقدمة هذا الإنسان (يوساب) فإننا نجد باب
قلايته مفتوحًا". ولما وصلوا إلى الدير اتجهوا نحو قلايته فوجدوه قائمًا
وقد خرج ليغلق بابها، فكانت هذه العلامة أن الرب اختاره، وكانت رسامته سنة
830م.



أزمات ومشاكل وضيقات



امتلأ تاريخ هذا البابا بالأزمات. ففي أيامه ثار البشموريون وكان ذلك في
خلافة المأمون العباسي. وقد تعرض البابا يوساب للموت بضرب عنقه بالسيف
بواسطة أخو الأفشين قائد الجيش بوشاية أسقفيّ تانيس ومصر. وفي أيامه أصدر
المعتصم الخليفة العباسي أمرًا إلى واليه على مصر بتجريد الكنائس من
زينتها ونزع الأعمدة الرخامية منها، ومن الكنائس التي خضعت لهذا الأمر
كنيسة مارمينا بمريوط على يد لعازر النسطوري.



طلب الشعب إبعاد أسقفيّ تانيس ومصر، وانتهى الأمر بقطعهما من الكهنوت
بقرار مجمعي. وقام البابا برسامة أسقفين بدلهما، كما رسم أساقفة كثيرين
أوفدهم إلى أنحاء الكرازة المرقسية في أفريقيا والخمس مدن الغربية ومصر
وأثيوبيا والنوبة.



وكان البابا يُعِد شبانًا من الأفريقيين ممن كانوا يهدونهم ملوك أثيوبيا
والنوبة المسيحيين ليكونوا بمثابة إرساليات للكرازة في بلاد أثيوبيا
وغيرها من البلاد الأفريقية، وفتح البابا لهؤلاء الشبان مدرسة لتعليمهم
قواعد الدين المسيحي في البطريركية، لكن أسقف مصر المقطوع من الكهنوت وشى
إلى قاضي مصر أن هؤلاء الشبان مسلمون، فما كان من القاضي إلا أن أرسل
وأحضر هؤلاء الشبان كما استدعى البطريرك وعنفه قائلاً: "لا ينبغي أن تخطف
أبناء المسلمين لتنصرهم". فأجابه البابا: "هؤلاء نصارى أولاد نصارى
أُرسِلوا إليَّ من ملكيّ النوبة وأثيوبيا"، فأتى القاضي بالشبان أمام
البطريرك، ونظرًا لعظم تهديد القاضي لهم اعترفوا بالإسلام أمامه، وانتهى
الأمر بأن صار هؤلاء الشبان عبيدًا واقتسمهم أعيان المسلمين.



ولما أكمل سعيه الحسن أراد الله أن يريحه من أتعاب هذا العالم الفاني
فنقله إليه، وكانت نياحته في يوم أحد من سنة 849م وقت تناول الأسرار
المقدسة.




البابا خائيل الثانى





حبه للوحدة



كان هذا الأب راهبًا قديسًا وقد رٌسم قسًا على دير القديس أنبا يحنس. وكان
ذا سيرة صالحة، فاختاروه بطريركًا واعتلى كرسي البطريركية سنة 849م.



سيم في عهد خلافة المتوكل بن المعتصم، ولم يكد يجلس على الكرسي حتى تعرض
له الولاة الظالمون طالبين منه مبالغ طائلة على سبيل الرشوة أو يمنعوه من
الجلوس على الكرسي، فاضطر أن يبيع ذخائر الكنيسة ويوفي المطلوب.



ولما حلت أيام الصوم المقدس صعد إلى البرية لتمضيتها هناك، فتذكر حياته
الأولى في البرية، فسأل الله ببكاء وتضرع قائلاً: "أنت تعلم يا رب أني لا
أزال أهوى الوحدة، وأنه ليس لي طاقة على هذا المركز الذي أنا فيه". فقبل
الرب دعاءه وتنيح بسلام سنة 851م بعد عيد الفصح، بعد أن قضى على الكرسي
سنة واحدة وأربعة أشهر وثمانية وعشرين يومًا.






البابا قزمان الثانى





سيامته بطريركًا



بعد نياحة البابا ميخائيل الثاني سنة 849م، اجتمع الأساقفة والأراخنة
للتشاور فيمن يخلف البابا الراحل، فألهمهم الروح القدس بانتخاب راهب في
رتبة الشمّاسية اسمه قزما (قزمان) من دير الأنبا مقاريوس الكبير، فأخذوه
لساعتهم إلى الإسكندرية حيث وضع عليه الأساقفة الأيدي، وسيم بطريركًا في
24 كيهك من نفس السنة التي توفي فيها سلفه.



مقر إقامته



بعد رسامته بأيام قصد إلى الفسطاط ليتقابل مع الوالي، وكان في ديوان
الولاية إذ ذاك قبطيّان اسم أحدهما مكاري وثانيهما إبرآم واشتهر كلاهما
بالصلاح والتقوى، وكانت لهما حظوة لدى الوالي الذي أشار عليهما بتلبية
جميع ما يطلبه البابا. ولما كان مكاري وإبرآم يرغبان في إبداء كل إجلال
للبابا السكندري، فقد طلبا إليه أن يقيم في بلدة دميرة شرقي الفسطاط بدلاً
من الإسكندرية ليكون قريبًا من مقر الولاية، فقبل طلبهما وقضى بها كل أيام
باباويته.



علاقته ببطريرك إنطاكية



كان أول ما قام به البابا قزما الثاني بوصفه البابا المرقسي هو كتابة
رسالة الشركة إلى أخيه في الخدمة الرسولية بطريرك إنطاكية، وقد عبَّرت هذه
الرسالة عن وحدة الإيمان الأرثوذكسي الذي يربط بين الكنيستين، فجاءه الرد
عليها يطفح مودة وإخلاصًا.



البابا والأيقونات



وفي أيامه أمر قيصر الروم بمحو الأيقونات من الكنائس، فبعث إليه هذا
البابا وناظره حتى أقنعه ورجع به إلى حسن الاعتقاد وأمر بإعادة الصور إلى
ما كانت عليه.



لقد سعد الأنبا قزمان وشعبه بالطمأنينة والسلام إذ كان الخليفة المتوكل
يحسن معاملة رعاياه على اختلاف أديانهم. وفي وسط هذا الهدوء انطلق الأنبا
قزما الثاني من أغلال هذا الجسد وانضم إلى أسلافه بعد سبع سنوات وسبع شهور
قضاها على الكرسي المرقسي، وكانت نياحته في 21 هاتور سنة 576ش الموافقة
859م





البابا شنودة الأول





سيامته بطريركًا



نشأ في البتانون، وترهب هذا القديس بدير القديس مقاريوس، وإذ تزايد في
الفضيلة والعبادة عُيّن قمصًا على كنيسة الدير، واختير بعد قليل
للبطريركية بتزكية الشعب والأساقفة واعتلى الكرسي في 13 طوبة 576ش الموافق
8 يناير سنة 859م. في كنيسة القديس أبي سرجة، في خلافة المتوكل.



شدائد كثيرة واضطهادات عظيمة



كانت بداية حبريته فترة خير وسلام للكنيسة، إذ كان الوالي عبد الواحد بن
يحي إنسانًا عادلاً أحسن معاملة المصريين جميعًا على السواء. ولكن بعد
أربع سنوات تغيّر الوالي وأتى من بعده ولاة أتراك معينين من قِبَل الخلفاء
العباسيين، فنالته هو والشعب شدائد كثيرة واضطهادات عظيمة.



في عام 861م صار يزيد بن الله واليًا على مصر، فأمر البابا أن يدفع خمسة
آلاف دينارًا كل عام. وإذ لم يكن ممكنًا للبابا دفع هذا المبلغ هرب واختفى
في أحد الأديرة البعيدة. صار الوالي ينهب الكنائس ويسلب الكهنة ويهين
الشعب، فاضطر البابا أن يُسلّم نفسه للوالي، فطلب منه الوالي دفع سبعة
آلاف دينارًا، فأخذ الأساقفة والكهنة يجدون في جمع المبلغ من الشعب فلم
يستطيعوا أن يجمعوا سوى أربعة آلاف دينارًا سلّموها للبابا، فسلّمها
للوالي وتعهد بدفعها سنويًا إن أطلقه.



وفي عام 866م تولّى كرسي الخلافة المعتزّ بالله، فاختار البابا الأرخن
ساويرس والأرخن إبراهيم ليبسطا الأمر عليه، وكيف ذاقت مصر المرّ والعلقم
لجور ولاتها وظلم حكّامها ويرجواه أن يترفق ببلاده ويقيم العدل. أحسن
الخليفة استقبالهما وأجاب مطلبهما وأمر بإعادة الأراضي والكنائس والأديرة
وأواني المذبح المسلوبة.



كتب البابا عدة صور من هذا القرار وبعث به إلى أساقفة القطر معلنًا الشكر للّه ومادحًا الخليفة.



إذ استتب الملك في مصر لأحمد بن طولون كان يتوهم أن البابا في إمكانه أن يقاومه لذا كان يتحين الفرص لاضطهاد المسيحيين.



طلب راهب شمّاس من البابا أن يرسمه أسقفًا وحاول تقديم رشوة فوبّخه البابا
على ذلك، وهدّده بتجريده من الشمّاسية إن لم يكف عن ذلك. وإذ أراد
الانتقام منه أغرى راهبًا سوريًّا بالمال على أن يدّعي أمام ثلاثة شهود من
المسلمين لا يعرفون البابا شخصيًّا بأنه قد اقترض البابا منه مبلغًا
ضخمًا. وإذ أراد الشماس تقديم الصك سمع البابا بذلك فالتقى بأحد أعيان
المسلمين المعروفين بالنزاهة وطلب إحضار الثلاثة شهود حتى يميزوه من بين
الجالسين، فلما حضروا لم يستطيعوا تمييزه واعترفوا بما حدث.



إذ قدّم الشماس الصك للقاضي، استدعى القاضي الشهود فوبّخوا الشماس على تصرفه المشين فخزي وندم على ما فعله.



كثرت الاتهامات الباطلة، فادعى راهب أن البابا يعرف علم الكيمياء وعنده من
الذهب والفضة ما لا يُحصى. وأخر اشتكى البابا لدى ابن طولون بأنه يجمع
الأموال بالاختلاس ويبدّدها. فقبض عليه الوالي ومعه جماعة من الأساقفة
وقيّدهم وساقهم إلى بابيلون وأمر أن يُطاف بهم في الشوارع ليكونوا موضوع
سخرية وهزء للناظرين. وأخيرًا أُلقي في السجن لمدة شهر، ولم يستطيع الراهب
أن يُثبت اتهامه ضد البابا بل اضطر أن يعتذر عما حدث فسامحه.



رجع الراهب إلى شره وذهب إلى الإسكندرية يضطهد التجار والمسافرين فرفعوا
أمره إلى الحاكم الذي أمر بضربه بأعصاب البقر حتى تمزق لحمه ومات.



وادعى راهب آخر بأن البابا ضغط على بعض المسلمين لكي يصيروا مسيحيين
ويُرهْبنهم. ذهب بعض الجنود إلى أحد الأديره وادعوا على بعض الرهبان أنهم
كانوا مسلمين وإذ أكدوا أنهم مسيحيون من آباء مسيحيين قبضوا عليهم وأتوا
بهم إلى الوالي.



هكذا استغل البعض كراهية الوالي للبابا لكي يقدموا اتهامات كثيرة ضده.



اتفق راهب شرير مع بعض اليهود على إثارة المسلمين بان البابا يعمل على رد
المسلمين إلى المسيحية فقام المسلمون يقتلون الكثير من المسيحيين وينهبون
أموالهم وألزموا الوالي أن يضطهد البابا والأساقفة.



صلوات مقبولة



كان الله يجري على يديه آيات كثيرة وشفى أمراضًا مستعصية. وحدث مرة أن
امتنع المطر عن مدينة مريوط ثلاث سنوات حتى جفّت الآبار وأجدبت الأراضي،
فجاء هذا الأب إلى كنيسة القديس أبا مينا بمريوط وقام بخدمة القداس وطلب
من الله أن يرحم خليقته، وكان يصلى قائلاً: "يا ربى يسوع ارحم شعبك يليق
بغنى رحمتك ليمتلئوا من مسرتك"، ولم ينتهِ من صلاته حتى حصلت بروق ورعود
ونزل غيث كالسيل المنهمر حتى امتلأت البقاع والكروم والآبار، فرويت الأرض
وابتهج الخلق ممجدين الله صانع العجائب.



رعايته



قام برحلة رعوية لجميع البلاد المصرية موليًا أديرة الصعيد عنايته الخاصة.
حدث عندما كان هذا الأب بالبرية لزيارة الأديرة أن أغار عربان الصعيد على
الأديرة للقتل والنهب فخرج إليهم وبيده صليبه، فحين أبصروا الصليب تقهقروا
من أمامه وولوا هاربين. وإذ تكرر الأمر وأظهر الرهبان الخوف بنى لهم في كل
دير حصنًا منيعًا.



بعد أن عاد إلى مقر كرسيه بعث برسالة الشركة إلى أخيه في الخدمة الرسولية
البطريرك الإنطاكي، فلم يكتفِ بطريرك إنطاكية بالرد عليها بل بعث مع رده
بالهدايا النفيسة.



اهتمامه بالإيمان المستقيم



كان هذا البابا عالمًا تقيًّا، بذل كل جهده في إزالة البدع والهرطقات من بين المؤمنين.



كان بقرية تسمى بوخنسا من قرى مريوط قوم يقولون إن الآلام لم تقع على
الجسد حقيقة ولكنها كانت خيالية، فذهب إليهم وأرشدهم فقبلوا نصحه وعادوا
إلى الإيمان.



وفي أثناء افتقاده لشعبه في صعيد مصر وجد شعب البلينا قد تركا أسقفيهما
وصاروا يقولون بموت اللاهوت، فأخذ يوضّح لهم الإيمان الحقيقي من الكتاب
المقدس وأقوال الآباء حتى رجعوا في حضن الكنيسة وخضعوا للأسقفين.



كان هذا البابا كثير الاهتمام بأمور الكنائس ومواضع الغرباء وكان كل ما
يفضل عنه يتصدق به. ولما أكمل سعيه الصالح تنيح بسلام في يوم 14 برمهات
سنة 597ش الموافق سنة 869م، بعد أن أقام على الكرسي المرقسي حوالي إحدى
عشرين سنة





البابا ميخائيل الأول





ضيقة مرة



من دير الأنبا مقاريوس الكبير ببرية شيهيت ورسم سنة 735م (451ش). وكانت
السنة الأولى من باباويته مليئة بالتعسف والضيق، ذلك أن أسامة بن يزيد
متولي الخراج فرض ضرائب باهظة على المصريين وضاعفها على الأقباط، مما أدى
ببعضهم إلى إنكار مسيحيتهم ليفوزوا بالإعفاء من دفع الضريبة.



الصلاة من أجل الضيقة



وقد امتلأ قلب البابا ميخائيل حزنًا بسبب خيانة هؤلاء الأبناء، فلم يجد
أمامه وسيلة للمحافظة على شعبه غير الصلاة، فانقطع مع بعض الأساقفة في
برية شيهيت صائمين ومصلين ضارعين إلى الآب السماوي أن يرفع عنهم الجور
والاستبداد، فاستجاب الرب لضراعتهم وهيأ الفرج إذ قد وصل الأمر من الخليفة
مروان الثاني بتعيين حسان مكان أسامة. وقد امتاز حسان بالحكمة التي بدت في
خطة العطف واللين التي اتبعها مع المصريين، فتهلل قلب الأنبا ميخائيل لذلك
وبادله الزيارات وتوطدت بينهما أواصر الصداقة.



محاولة الخلقيدونيين الاستيلاء على كنيسة مار مينا



في عهده حاول الخلقيدونيون الاستيلاء على كنيسة مار مينا بمريوط إلا أن محاولتهم باءت بالفشل.



سجن البابا



على أن فترة السلام كانت قصيرة، إذ أصدر مروان أمرًا إلى واليه الجديد في
مصر بمضاعفة الضرائب والتشدد في جبايتها، وقد غالى الوالي في تنفيذ أوامر
مروان فطالب القبط بدفع مبالغ باهظة، ولما لم يستطع الأنبا ميخائيل الأول
أن يدفعها أمر الوالي بإلقائه في السجن ووضع طوق من حديد حول عنقه وربط
كتلة ثقيلة من الخشب إلى كل من قدميه.



كذلك أمر الوالي بطرح الأنبا مويسيس أسقف أوسيم والأنبا ثيؤدورس أسقف
بابلون وإيلياس تلميذ الأنبا مويسيس في السجن. وكان السجن مغارة منحوتة في
صخرة ليس بها فتحة واحدة تسمح بالنور أو الهواء، ومع ذلك رمى الوالي فيها
عددًا غير قليل من الناس.



وبعد انقضاء شهر من الزمان استحضر الوالي البابا وزملاءه وطالبهم بدفع
الجزية المفروضة عليهم، فأعلمه البابا بأنه لا يملك شيئًا ثم طلب إليه أن
يسمح له بأن يطوف في الصعيد ليجمع من أبنائه فسمح له.



في عهده قام البشموريون بثورة ضد مروان كما قام والي الإسكندرية بالثورة
ضده أيضًا وأعلن استقلاله بحكم هذه المدينة، فأرسل مروان حوثره الذي كان
أكثر قواده بطشًا لقمع الثورة في الإسكندرية، فبطش بأهلها وقبض على البابا
ميخائيل وزعماء الأقباط. وفي أثناء ذلك هجم الخراسانيون على الحدود
المصرية وزحفوا حتى وصلوا إلى الضفة الشرقية من النيل عند الفسطاط، بينما
كان مروان وجيشه - ومعهم البابا المقبوض عليه - على الضفة المقابلة. وفي
أثناء ذلك كان مروان يهين البابا علنًا ويعذبه ويسخر به، ونوى على قتله
ومن معه من الأساقفة لولا مشورة عبيد الله الابن الأكبر لمروان الذي أشار
على أبيه أنهم قد يضطرون للهروب إلى السودان من وجه أبي مسلم الخراساني،
والسودانيون أولاد روحانيون للبابا ميخائيل فإن هو قتله سيعملون على
الانتقام له، وبهذا نجوا من قتل مؤكد.



وبعد سقوط مروان اتصل الخراسانيون بالأنبا ميخائيل وأكرموه وسمحوا له أن
يعيد بناء الكنائس التي تهدمت وأن يستعيد أموالها المبددة، وهكذا عاد
الهدوء لفترة إلى الحياة المصرية.



ساد السلام ربوع مصر في السنوات الأخيرة لباباوية الأنبا ميخائيل، وكانت
التجارب والمحن التي جازها قد أثرت على صحته فانتقل إلى عالم النور بعد أن
قاد سفينة الكنيسة ثلاثًا وعشرين سنة ونصف، ودفن جثمانه الطاهر بكل إكرام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:35 am

البابا غبريال الأول





ترهّب هذا القديس منذ حداثته وقام بعبادات كثيرة، وكان
محبًا للانفراد والوحدة وكان يكثر من البكاء في الصلاة طالبًا من اللّه أن
ينجيه من مكائد الشيطان.



سيامته بطريركًا



ولما تنيّح البابا ميخائيل السادس والخمسون بقيت الكنيسة أربع عشرة سنة
بدون بطريرك بسبب الكوارث القاسية التي حلّت بها، فأغلقت كثير من الكنائس،
وحلّ النزاع بين المسيحيين بسبب سوء الرعاية.



سخّر الرب لهم الأنبا باخوم أسقف طحا، وكانت له مكانة سامية لدى الوالي
خماروية، فتوسط لديه فسمح بإقامة بطريرك للكنيسة القبطية وأعطاه تصريحًا
بذلك.وقع الاختيار على هذا الأب ليكون بطريركًا مكانه فرُسم سنة رغمًا عنه
في شهر بشنس عام 625ش الوالي 910م في عهد خلافة المقتدر بن المعتضد.



رعايته واهتمامه بخلاص نفسه



أخذ يهتم بشؤون الكنيسة ولم تمنعه مهام البطريركية عن عباداته ونسكه إذ
كان يقضي أغلب الأيام في البرية، وإذا جدّ ما يستدعي قيامه إلى مصر أو
الإسكندرية كان يذهب ثم يعود ثانية إلى البرية. وكان يجاهد ضد الجسد
والشيطان بالإكثار من الصوم والصلاة والسهر والتواضع. وكان يستيقظ في
الليل ويأخذ مجرفة من حديد ويلبس ثوبًا رثًا ويمرّ على دورات المياه التي
بالقلالي فيغسلها وينظفها. وأقام على هذه الحال حتى نظر اللّه إلى تواضعه
وانسحاق قلبه فرفع عنه الآلام ومنحه نعمة الانتصار على الخطية والذات.



الالتزامات المادية



سار على خطة سلفه في فرض ضريبة على كل أسقفٍ يُرسم جديدًا لكي يدفع الرسم
المطلوب لكنائس الإسكندرية التي تعهد بها البابا ميخائيل في وقت ضيقه.



كما أنه لم يلغِ الضريبة الشخصية التي كانت مفروضة على أعضاء الكنيسة
القبطية لتسديد طلبات ابن طولون، بل ظل يتقاضاها حتى يتمكن من ترميم
الكنائس المتهدّمة.



وأقام هذا الأب عابدًا ومجاهدًا وواعظًا إحدى عشر سنة ثم تنيّح بسلام سنة 911م




البابا قزمان الثالث





سيامة بطرس مطرانًا على أثيوبيا



انتخب بطريركًا بعد نياحة البابا غبريال الأول سنة 921م، وقد استهل
باباويته برسامة الراهب بطرس مطرانًا على أثيوبيا وبعد أن زوّده بالنصائح
وأوصاه بالتفاني في رعاية شعبه أرسله إلى تلك البلاد.



هجوم الفاطميين واضطراب بالإسكندرية



من الشدائد التي قابلها هذا البابا ما حدث من تقتيل وتدمير في البلاد،
نتيجة لهجوم الفاطميين على الإسكندرية والاستيلاء عليها، قبل أن يتمكن
الخليفة العباسي من استرداد المدينة بعد إرسال الإمداد الحربي اللازم، وقد
قاسى المصريون الأهوال بعد انسحاب الجيش الفاطمي، وذلك لأن جند الولاة
المتنافسين أخذوا يسلبون وينهبون ويقتلون دون تفريق بين مسلم ومسيحي.



راهبان يسببان قلاقل بأثيوبيا



كذلك قاسى البابا نتيجة ما حدث من اثنان من الأقباط اسم أحدهما مينا
والآخر بقطر زوَّرا خطاب باسم البابا قزمان وأخذاه إلى أمير الحبشة
يدّعيان فيه أن بطرس ما هو إلا أسقف مزيّف وأن المطران الحقيقي هو مينا،
وتسببا في قلاقل كثيرة بين الأمير والمطران والبطريرك.



إذ سيم الأنبا بطرس مطرانُا على أثيوبيا قوبل بحفاوة عظيمة. وإذ كان الملك
يجود بأنفاسه الأخيرة استدعاه إليه وكلّفه أن يتولى الوِصاية على ولديه،
وعند بلوغهما سن الرشد يعين منهما ملكًا من يراه أفضل من الآخر حسب
الكفاءة. بعد مدة سلّم المطران المُلك إلى الابن الأصغر إذ رآه حكيمًا
سديد الرأي، فاستاء الابن الأكبر من ذلك إلا أنه لم يُبدِ أدنى معارضة.



ذهب الراهبان إلى أثيوبيا وطلبا من الأنبا بطرس مطران أثيوبيا مالاً،
فأبى. زوّرا ختمًا باسم البابا قزمان وكتبا رسالة إلى كبار المملكة
بأثيوبيا مؤدّاها أن المدعو بطرس مطران غير شرعي لم يعين من قِبله، وانه
غير راضٍ على تعيين الابن الأصغر ملكًا، لأن الأكبر أولى منه بالمُلك،
واعتبار مينا حامل هذا الرسالة مطرانًا وإقامة الابن الأكبر ملكًا.



سلّم مينا الخطاب للابن الأكبر فأطاع رجال الدولة أمر البابا ونفوا المطران وأقيم مينا مطرانًا وبقطر وكيلاً له.



لكن سرعان ما تجمّع الأشرار حول الملك (الابن الأكبر) وصارت حرب أهلية
بينه وبين الابن الأصغر انتهت بأسر الملك (الابن الأصغر) وسجنه.



حدث خلاف بين مينا وبقطر، وقام الأخير بطرد العاملين في المطرانية أثناء
غياب مينا ونهب كل ما في المطرانية وهرب إلى مصر حيث جحد مسيحه.



إذ سمع البابا قزمان أسرع وكتب رسالة إلى ملك أثيوبيا يحرّم فيها مينا،
ويشجب تصرفاته ويأمر بإعادة المطران الحقيقي. قام الملك بقتل مينا ظانًا
أنه بهذا يجلب رضا البابا، وإذ استدعى المطران بطرس وجده قد مات لشدة ما
لحقه من عذابات في منفاه. وكان له تلميذ فأخذه الملك وأقامه مطرانًا دون
أن يسمح له بالذهاب إلى مصر لينال السيامة من البابا خشية أن يوصيه بنزع
المُلك عنه وإعطائه لأخيه. ولما علم البابا بذلك غضب ولم يشأ أن يرسم لهم
مطرانًا، ونسج على منواله أربعة بطاركة، فاستمرت أثيوبيا بلا مطران سبعين
عامًا لم تُرسل لها الكنيسة مطرانًا واحدًا.



نياحته



من كثرة المشاكل والضيقات التي مرّت بالشعب طغى الحزن على قلب الأنبا
قزمان، فلم يجد أمامه غير طريقين: مداومة الصلاة والصوم، وزيارة شعبه
وتفقد أحواله ليعزّي القلوب المضطربة ويثبت النفوس الخائرة. ويبدو أن حزنه
هذه المرة كان أقوى من أن يحتمل فتداعت قوته الجسمية، ولم يلبث أن استودع
روحه في يديّ الآب السماوي سنة 933م.



من رسالته إلى الأنبا يوحنا الأنطاكي 61



ورد نصّها في كتاب "اعتراف الآباء" نقتبس منها الآتي:



[فإن تعليم النصارى العظيم واجب أن نزكّيه بعيون عقولنا وقلوبنا، مقرّين
بثالوث ذي الجوهر الواحد، مساوٍ في الكرامة، إله واحد، متحد بالجوهر،
متميز بالأقانيم من غير اختلاط.



لهذه الأقانيم ذات اللاهوت الواحد، بمجدٍ ومُلكٍ وسلطانٍ واحدٍ، وقوة
وإرادة وأزلية واحدة، ولذا قال مخلصنا المسيح في الإنجيل: "أنا وأبي نحن
واحد، ومن رآني فقد رأى الآب الذي أرسلني". وقوله هذا يحملنا على أن نُقر
بالقوة الواحدة والجوهر الواحد خاليًا من جسدٍ للثالوث القدوس...



ليس لهذا الابن الواحد طبيعتان، واحدة نسجد لها وأخرى لا نسجد لها، بل
طبيعة واحدة للّه الكلمة الذي صار جسدًا، الذي له السجود مع جسده.



وقد قال هذا القول أثناسيوس معادل الرسل المشهور بنقاوة تعليمه، إذ قال:
"ليس هما ابنان، واحد ابن الله الحق فنسجد له وآخر من مريم إنسان لا نسجد
له، بدعوى أنه صار ابنًا لله بالنعمة. لكن الذي من الله هو إله كما قلنا
وهو ابن الله وليس هو آخر، الذي وُلد في آخر الأزمان من مريم كما قالت
الطاهرة مريم البتول في جوابها لرئيس الملائكة جبرائيل: "من أين لي هذا
وأنا لست أعرف رجلاًً." فأجابها الملاك: "الروح القدس يحلّ عليكِ وقوة
العليّ تظللك، ولهذا فإن المولود منكِ قدوس وابن الله يُدعى".



فنحن نعلم يقينًا أن الكلمة بن الله الحيّ تجسد أقنوميّا بالروح القدس،
ومن مريم البتول الطاهرة، من غير زرع بشر، بجسمٍ معادل لجسمنا، قابل
الآلام مثلنا، إذ لم يكن خيالاً أو صورة وهميّة، بل كان ذا مادة محسوسة
بنفسٍ عاقلة ناطقة، صار واحدًا مع اللاهوت، وهو ابن مريم مولود منها في
آخر الزمان، مساوٍ لأبيه ومساوٍ لنا وهو واحد لا أكثر.



ونقول أيضًا أن أعمال هذا الواحد التي تليق بلاهوتٍ والتي تليق بناسوتٍ
تُنسب لهذا الواحد لا إلى طبيعتين أو أقنومين وبروسوبين، ولا بصفة فعلين
وخاصتين بعد ذلك الاتحاد السرّي، بل نقول أنه مسيح واحد دائمًا. وأنه
طبيعة واحدة هو الإله الكلمة الذي صار جسدًا، فلا نفرق هذا الواحد إلى
اثنين، ونعبد أحدهما دون الآخر. هذا هو تعليم أسلافنا الأطهار الذين لم
يرضوا بقسمة هذا لا بالفكر ولا بالقول.]



بعث البابا رسالة أخرى إلى الأنبا باسيليوس بطريرك أنطاكية لا تخرج في معناها عمّا ورد في الرسالة السابقة








البابا مقار الأول





من قرية شبرا قبالة وكان وحيد لأمه العجوز ولكنه ترهب من
صغره فى دير أبى مقار ولما صار بطريركاً وتمت رسامته فى برمودة سنة 649ش و
933م فى عهد خلافة القاهر بن المتضد أنطلق إلى دير أبى مقار كعادة أسلافه
وعند عودته منه تلقى دعوة من أهل بلدته يرجونه فيها المجئ إليهم ولم يكن
له فى بلدته قريب سوى والدته العجوز وكان يحبها محبة زائدة لأنها أحسنت
تهذيبه وكانت لذلك الحين على قيد الحياة فعزم على زيارتها ليسر فؤادها
بوظيفته السامية ، ولما وصل إليها وجدها تغزل ولم تتحرك من مكانها فقد
رفعت نظرها إليه مرة واحدة وعادت إلى عملها وأرسلت من عينيها دمعتين
حارتين دون أن تفوه بكلمة فتقدم إليها بالسلام فردت عليه وأستمرت فى شغلها
فظن أنها لم تعرفه وتجهل مركزه السامى لاذى وصل إليه وعندما عرفها بنفسه
رفعت عينيها إليه والدموع تتساقط منها بغزارة وقالت له وهى تجهش فى البكاء




" كنت أتمنى أن ارى نعشك محمولاً على الأعناق وخلفك النسوة يبكين حزناً من
أن اراك متقلداً هذه الوظيفة الخطيرة يحيط بك الأساقفة والقسوس وذلك لأنك
لما كنت علمانياً كنت مسئولاً عن خطاياك الشخصية فقط ولكنك لما صرت
بطريركاً فسوف تسأل عن خطايا كل الشعب فتيقن أنك فى خطر عظيم " فلما سمع
هذا الكلام خرج من عندها وجلا كئيباً وأستمرت هذه الكلمات تطن فى أذنيه
طول حياته وكانت سبباً فى أستقامته وحرصه على أتمام واجباته بكل أمانة مدة
العشرين سنة التى قضاها بطريركاً حتى تنيح فى 24 بؤونه سنة 669ش و 953م





البابا ثاوفانيوس





بعد نياحة البابا مقار أنتخب خلفاً له ثاوفانيوس من
الأسكندرية فى شهر مسرى سنة 669ش و 953م فى عهد أنوجور بن الأخشيد ، وكان
هذا البطريرك حاد الطبع سريع الغضب كثير الحمق غير قادر على كبح جماح غضبه
وقيل أن ذلك كان بسبب روح نجس تسلط عليه وقال بعضهم أنه نشأ عن مرض عصبى
كالصرع أو خلافه كان يفاجئه فيغير أطواره وبسبب الضريبة التى كانت تدفعها
كنائس الأسكندرية ضجر الشعب من هذه الغرامات الباهظة فطلب من كنيسة
الإسكندرية التنازل عن هذه الغرامة وأصرت على المطالبة بحقها . فلما رأى
تصميم أقباط الأسكندرية على المطالبة بالغرامة أخذ يشتمهم ويوبخهم بما خرج
عن دائرة التعقل حتى أستاء منه الكهنة واظهروا غيظهم منه بكلمات قاسية
وجهوها إليه فأزداد هيجانه وصياحه فحمله بعضهم إلى مركب إلى بابليون لظنهم
أنه يهدأ إذا أستنشق نسيم النيل ولكنه إذ لم يكف عن هياجه تقدم إليه أحد
الأساقفة بالصلاة لتوهمه بأن فيه روحاً نجساً فتشنجت أعصابه ووثب عليه
وهنا أختلف فى سبب موته فقيل أنه لما لم يقوا الأساقفة على تهدئته ظلوا به
إلى أن أخرجوه فى البحر وجعلوا على وجهه مخدة ورقدوا عليها إلى أن مات
ورموه فى البحر ويقول واضع سير البطاركة أنه مات مسموماً وقتل مختنقاً
والله أعلم وكانت وفاته فى 4 برمهات سنة 674ش و 956م ومدة رئاسته 3 سنوات









البابا مينا الثانى





زواجه وبتوليته



بنياحة الأنبا ثيؤفانيوس خلى الكرسي المرقسي، وصلى الجميع وذهب الأساقفة
والكهنة إلى الأديرة فأرشدهم الروح إلى راهبٍ ناسكٍ بسيطٍ هو مينا من دير
أنبا مقار وموطنه الأصلي صندلا مركز كفر الشيخ، وكان يحمل نفس الاسم قبل
الرهبنة. أراد له أبواه الزواج فصمت، فزوجاه فصمت، وبعد إتمام مراسيم
الزواج كشف لشريكته مكنونات قلبه في البتولية وشجعها على ذلك، وفي فجر
اليوم التالي للزواج ترك المنزل إلى مغارة قريبة من الدير، فأقام عليه
أهله مناحة كبيرة ظنًا أنه مات. في الدير ذاعت فضائله ونسكه ووداعته
ومواهبه وعمق معرفته وبساطته فرشحه أبوه الروحي للبطريركية، فأخذوه قسرًا
إلى الإسكندرية حيث تمت مراسيم السيامة في ديسمبر سنة 956م.



أعماله الرعوية



قام البابا الجديد بزيارة رعوية إلى كل بلاد مصر وفي خلالها زار بلده،
فاستخدم عدو الخير إنسانًا شريرًا سأل بمكر إن كان من القوانين ما يسمح
للمتزوجين برئاسة الكهنوت، وسرت القصة وعرفها البابا بالروح فاستحضر
المرأة التي زوجوها إليه فأعلنت شرف بتوليته وبتوليتها، ودُحِر عدو الخير
وطابت النفوس وهدأت العاصفة.



نقصت مياه الفيضان ثلاث سنوات انتشرت خلالها المجاعات والأوبئة والأمراض،
وعانى الجميع في مصر من الضائقة إلى أن رفعها الله بصلوات الكنيسة. وقد
عاصر هذا البابا الجليل "كافور" الذي كان وليًا ووصيًا على القاصرين أبناء
الأخشيد، وقد اشتهر كافور هذا بعدله وإنصافه فأقيمت في عهده الاحتفالات
الرسمية بالأعياد القبطية.



وانصرف البابا إلى بناء الكنائس وترميمها وإقامة الكتاتيب والمدارس
للأطفال، وكرَّس الميرون المقدس في الكنيسة التي أقامها على اسم مار مرقس
في "محلة دانيال"، وذلك على غير العادة التي تجري بتكريسه في الأديرة.
وأثناء وجوده في تلك البلدة انتقل إلى الأمجاد السمائية في 13 نوفمبر سنة
974م، ونقل حيث دفن في مقابر البطاركة بالإسكندرية.




البابا ابرآم بن زرعة





سيامته بطريركيا



كان ابرآم بن زرعة السرياني الجنس تاجرًا ذا أموال كثيرة، يتردد على مصر مرارًا، وأخيرًا استقر فيها.



عرف هذا الرجل بتقواه وصلاحه خاصة محبته للفقراء مع علمه، لهذا عندما خلا
الكرسي البطريركي. إذ كان الآباء الأساقفة مجتمعين في كنيسة أبي سرجة
للتشاور في أمر سيامة البابا، ودخل عليهم هذا الأب، اعجبوا به واجمعوا على
اختياره. سارعوا به إلى الإسكندرية حيث تمت سيامته في كنيسة القديس
مارمرقس بكونه البابا 62. قام بتوزيع نصف ممتلكاته على الفقراء، وقدم
النصف الآخر لعمارة الكنائس.



محبته للفقراء



عرف هذا البابا بحبه للفقراء واهتمامه بهم، لهذا في أيامه إذ تعين قزمان
الوزير القبطي أبو اليمن واليًا على فلسطين، أودع عند البابا مائة ألف
دينار إلى أن يعود، وأوصاه بتوزيعها على الفقراء والمساكين والكنائس
والأديرة إن مات هناك. فلما بلغ البطريرك خبر ثورة القرمطيين على بلاد
الشام وفلسطين ظن أن قزمان قد مات، فوزع ذلك المال حسب الوصية. ولكن قزمان
كان قد نجا من الموت وعاد إلى مصر، فأخبره الأب بما فعله بوديعته، فسّر
بذلك وفرح فرحًا عظيمًا.



أعماله الرعوية



من مآثره أنه أبطل العادات الرديئة ومنع كل من يأخذ رشوة من أحد لتقدمته بالكنيسة.



حرم أيضًا اتخاذ السراري، وشدد في ذلك كثيرًا وقد خاف الكثيرون الله
وحرروا سراريهم، وجاءوا يقدمون التوبة على يديه. غير أن أحد الوجهاء لم
يبال بحرمان البابا للأمر، وكان البابا ينصحه كثيرًا ويطيل أناته عليه،
وأخيرًا إذ رأى أن هذا الرجل قد صار مثلاً شريرًا أمام الشعب قرر أن يذهب
بنفسه إلى داره ويحدثه في الأمر. وإذ سمع الرجل بذلك أغلق باب داره ولم
يفتح له، فبقى البابا ساعتين على الباب يقرع، وإذ رأى إصرار الغني على عدم
فتح الباب والسلوك في حياة فاسدة، قال: "إن دمه على رأسه"، ثم نفض غبار
نعله على عتبة الباب. وفي الحال انشقت عتبة الباب أمام الحاضرين وكانت من
حجر الصوان.... ولم يمض وقت طويل حتى طرد الرجل من عمله وفقد كل ماله
وأصيب بأمراض مستعصية، وصار مثلاً وعبرة للخطاة.



في مجلس المعز



عرف المعز لدين الله الفاطمي بعدله وسماحته وولعه بالعلوم الدينية، فكان يدعو رجال الدين للمناقشة أمامه.



كان لديه وزير يهودي يُدعي ابن كِلّس، طلب منه أن يسمح لرجل من بني جنسه
يُدعى موسى أن يناقش البابا في حضرته فرحب المعز بذلك، وعرضها على البابا
بطريقة مهذبة، فذهب إليه البابا ومعه الأنبا ساويرس أسقف الأشمونين. أذن
البابا للأسقف أن يتكلم، فقال:



"ليس من اللائق أن أتحدث مع يهودي في حضرة الخليفة". احتد موسى جدًا
وحسبها إهانة واتهامًا له بالجهل. وفي هدوء أجابه الأسقف: "يقول اشعياء
النبي عنكم "أن الثور يعرف قانيه والحمار معلف صاحبه أما إسرائيل فلا
يعرف" (إش 1 : 2).



أُعجب الخليفة بهذه الدُعابة ورأى الاكتفاء بذلك، لكن الوزير اليهودي
حسبها إهانة شديدة، فبدأ مع صديقه موسى يبحثا في العهد الجديد حتى وجدا
العبارة: "من كان له إيمان مثل حبة خردل يقول لهذا الجبل انتقل فيكون" (مر
11: 23، مت 21: 21) فأطلعا الخليفة عليها، وسألاه أن يطالب بابا الأقباط
بنقل الجبل المقطم إن كان له إيمان ولو كحبة خردل.



استدعى الخليفة البابا وسأله عن العبارة فقال إنها صحيحة، عندئذ سأله أن
يتمم ما جاء بها وإلا تعرض الأقباط جميعا لحد السيف. طلب البابا منه مهلة
ثلاثة أيام، وخرج على الفور متجها إلى كنيسة العذراء (المعلقة) وطلب بعض
الآباء الأساقفة والرهبان والكهنة والأراخنة وأوصاهم بالصوم والصلاة طيلة
هذه الأيام الثلاثة. وكان الكل مع البابا يصلي بنفس واحدة في مرارة قلب،
وفي فجر اليوم الثالث غفا البابا آبرام من شدة الحزن مع السهر، وإذ به يرى
القديسة العذراء مريم تسأله: ماذا بك؟ أجابها: أنت تعلمين يا سيدة
السمائيين بما يحدث، فطمأنته، وطلبت منه أن يخرج من الباب الحديدي المؤدي
إلى السوق فيجد رجلاً بعين واحدة حاملاً جرة ماء، فإنه هو الذي ينقل الجبل.



قام البابا في الحال ورأى الرجل الذي أشارت إليه القديسة مريم وقد حاول أن
يستعفي لكنه إذ عرف ما رآه البابا وضع نفسه في خدمته متوسلاً إليه ألا
يخبر أحدًا بأمره حتى يتحقق الأمر. عرف البابا أن هذا الرجل يسمى "سمعان"
يعمل كخراز، جاءته امرأة ليصلح لها حذاءها وإذ كشفت عن رجلها لإثارته ضرب
بالمخراز في عينه فقلعها، فصرخت المرأة وهربت. وإنه يقوم كل يوم في الصباح
الباكر يملأ بجرته ماءً للكهول والشيوخ ثم يذهب إلى عمله ليبقى صائمًا حتى
الغروب.



ذهب البابا والأساقفة والكهنة والرهبان والأراخنة مع كثير من الشعب إلى
ناحية جبل المقطم وكان الخليفة بجوار البابا، وكان الوزير اليهودي قد آثار
الكثيرين ضد الأقباط .... وإذ اختفى سمعان وراء البابا .... صلى الجميع
ولما صرخوا "كيرياليسون"، وسجدوا، ارتفع الجبل فصرخ الخليفة طالبًا الآمان
.... وتكرر الأمر ثلاث مرات، فاحتضنه البابا .... وصارا صديقين حميمين.



طلب منه المعز أن يسأله في أي أمر، وكان يلحّ عليه فلم يشأ أن يطلب
وأخيرًا سأله عمارة الكنائس خاصة كنيسة القديس مرقوريوس بمصر، فكتب له
منشورًا بعمارة الكنائس وقدم له من بيت المال مبلغًا كبيرًا، فشكره وامتنع
عن قبول المال فازداد كرامة في عيني المعز من أجل تقواه وزهده.



ذهب المعز بنفسه في وضع أساسات الكنيسة ليمنع المعارضين.



نياحته



جلس على الكرسي ثلاث سنين وستة أيام ثم تنيح في السادس من شهر كيهك.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:37 am

البابا فيوثاؤس





اختير من بين رهبان دير أبي مقار ورُسِم سنة 979م، وعاصر
الخليفة العزيز بالله والحاكم بأمر الله. ولم يرد في سيرة هذا الأب
البطريرك ما يستحق الذكر، وإن كان قد عاصر ما يقرب من ثمانِ سنوات من حكم
الطاغية الحاكم بأمر الله، لكن لم يُذكَر شيء عن أي معاناة من الحاكم.



تأديبه



يذكر تاريخ البطاركة أنه انتهى إلى نهاية سيئة، وذلك أنه لم يكن يحيا
الحياة النسكية التي تليق بطقسه كراهبٍ وبطريركٍ، فقد دخل إلى كنيسة
مارمرقس الإنجيلي بالإسكندرية ومعه جماعة من الأساقفة ودخل إلى الهيكل
ليقدس الأسرار، فلما رفع القربان سكت ولم يقدر أن ينطق بكلمة فجلس وأكمل
القداس الأنبا مرقس أسقف البهنسا. وحملوا البطريرك إلى بيت أحد الأقباط
وظل صامتًا تسع ساعات من النهار، فلما سألوه عن السبب امتنع عن الكلام
ونتيجة إلحاح السائلين قال أنه لما قدّم القربان وقبل أن يرشم عليه بعلامة
الصليب رأى شرقية الهيكل قد انشقت وخرجت منها يد وصلَّبت اليد على القربان
فانشق في يده وأصيب هو بالصمت. ولما قال هذا جف منه عضو وبقى جافًا، وبعد
قليل تنيّح هذا البطريرك سنة 1003م بعد أن ظل على الكرسي البطريركي أكثر
من أربع وعشرين سنة ونصف.



انتشار السيمونية



للأسف لم يعارض هذا البطريرك عادة التسرّي الذي استقبحها وقاومها سلفه.



كما انتشرت في عهده السيمونية، فلم ينل أحد درجة الأسقفية في عهده إلا بعد
دفع مبلغ كبير. قيل عن أهله أنهم وجدوا عنده مالاً عظيمًا من جملة ما جمعه
في بطريركيته وقسموه فيما بينهم وكانوا أربعة اخوة. لكن هذا المال نفذ
ورأى كاتب السيرة أحدهم وهو يتسوّل.



ومن القديسين المعاصرين له: الواضح بن أبو الرجاء المعترف، ومار جرجس المزاحم الشهيد.



مطران أثيوبيا



تلقى هذا الأب رسالة من أثيوبيا بعد الانقطاع الطويل الذي حدث بين
الكنيستين، فيه طلب الملك من خلال جرجس ملك النوبة من الأب البطريرك أن
ينقذ أثيوبيا من حالة الانحطاط الديني بسبب عدم سيامة مطارنة لها، وقد
اعترف الملك بأن ما حلّ بأثيوبيا هو تأديب إلهي لما اقترفته أثيوبيا ضد
الكنيسة القبطية.



أسرع البابا وسام الراهب دانيال من دير أبي سيفين مطرانًا على أثيوبيا،
فاستقبله ملكها الشاب الشرعي، وكانت سيدة قد اغتصبت منه المُلك، فأجلسه
المطران على عرش أجداده وحرم السيدة المغتصبة، فأنزلها الشعب عن الكرسي
وحكم بإعدامها.



كتاباته



يقدم لنا كتاب "اعتراف الآباء" نصيّ الرسالتين اللتين وجههما البابا
فيلوثاؤس للبطريرك أثناسيوس الأنطاكي 61. جاء في الرسالة الأولى بعد مقدمة
تفيض حبًا وتكريمًا إجابة على تساؤل البطريرك بخصوص عدم مفارقة اللاهوت لا
للنفس ولا الجسد عند موت السيد المسيح فقال:



[اعلم أن الله الابن الكلمة بتجسده خلق له جسدًا في بطن العذراء، واتحد
به، وكان ذا نفسٍ ناطقة عاقلة، وهو البشر التام الذي اتخذه واتحد به
الكلمة باتحاد أقنومي لا ينحل حسب تعليم غريغوريوس النيسي في ميمر
الفصح... "ذلك البشر الذي جعله الكلمة واحدًا معه كان ذا نفسٍ عاقلة
أيضًا، فكان أحد أجزاء هذا المجموع وهو الجسد قابلاً الآلام والموت، لأن
اللاهوت والنفس البشرية لا يتألمان ولا يموتان..."



القول بآلام أو موت اللاهوت حتمًا هو قول فاسد ورديء وكُفر، لأن طبيعة
اللاهوت بسيطة روحية غير هيولية، منزهة عن المادة وغير مركّبة، وبالتالي
غير محدودة ولا مدركة، وهي طبيعة الآب والابن والروح القدس، لذلك فهي غير
قابلة الألم والموت.



وإنما موت المسيح كان بمفارقة نفسه لجسده فقط، بحيث أن لاهوته لم يُفارق
أحدهما طرفة عين ولمح البصر. فكان اللاهوت ملازمًا الجسد على الصليب وفي
القبر، كما كان ملازمًا النفس حال نزولها إلى عالم الأرواح البارة...



وقال غريغوريوس أسقف نيصص في ميمر الميلاد: "إن اللاهوت في وقت تدبير
الآلام لم يفارق كلاً من الجسد والنفس المتحد بهما دائمًا. الذي مات وفتح
أبواب الفردوس للص نفسه وكان هذان الاثنان أعني الجسد والنفس ذي قدرة في
زمنً واحدٍ...]



ختم الرسالة بتكريمه للوفد الذي بعثه البطريرك إليه مع الرسالة، وأنه قد
أصدر منشورًا إلى كل الكنائس في مصر لذكر اسمه الكريم في الطلبات، وفي كل
قداس كالمعتاد.



بعث أيضًا رسالة ثانية إلى بطريرك إنطاكية نفسه تشبه الأولى، بعد أن زاد عليها استقامة اعترافه بسرّ الثالوث القدوس ووحدة جوهره



[center]البابا زكريا





فى مبدأ هذا الجيل أنعقد مجمع الأساقفة والكهنة
والعلمانيين لأنتخاب البطريرك وفى أثناء أنعقاده كان أبراهيم أبن بشر أحد
تجار الأسكندرية المشهورين بالغنى والمعروفين لدى كبار المملكة قد مضى إلى
الملك فى القاهرة وألتمس منه أن يكتب للمجمع كتاباً يأمره فيه بأنتخابه
بطريركاً ، فكتب إليه وسار إلى الأسكندرية وقبل أن يصل إليها كان المجمع
قد وسم الأب زكريا فى شهر طوبة سنة 716ش و 1004م فى عهد الحاكم بأمر الله
وقيل أن أبراهيم المذكور كان معضداً من بعض أعيان الأسكندرية ولما رأه
الأساقفة يحمل أمراً ملكياً خافوا لئلا يوقع بهم الحاكم وسعوا فى ترضية
خاطره فرسموه قساً ثم قمصاً ووعدوه بالأسقفية عند خلو أية أبروشية فطابت
نفسه بذلك وقيل أنه رسم فيما بعد أسقفاً على مدينة ممفيس .



أما الأب زكريا فأصله من الأسكندرية وتأدب منذ حداثته بالأداب المسيحية
ونظراً لحسن سيرته رسموه قساً بكنيسة الملاك ميخائي بالأسكندرية ولما رسم
بطريركاً سار فى خط آبائه الأطهار .



والتاريخ يمدح البابا زكريا ويصفه بالتقوى الزائدة حتى أستحق أن تجرى على
يديه آيات وعجائب بقوة الله ومن ذلك أن شماساً أختلف مع امرأته فجربه
اشيطان بأرتكاب خطية الزنا مع خنثى ولأنه أحد خدام بيعة الله أنتقم منه
عاجلاً بان ضربه بالبرص ولما مضى إلى بيته رأته امرأته على تلك الحال
فقدمت عليه شكوى للبطريرك فأستحضره لديه وفرض عليه قانوناً بان يصوم
أربعين يوماً إلى المساء ويأكل ويشرب فقط ما يسد الرمق والسغب وبعد أنقضاء
هذه المدة منحه الحل والغفران ومسحه بزيت فنال الشفاء العاجل .



وأستمر بطريركاً لمدة 27 سنة قضى منها منفياً 9 سنين ببرية شيهات وبنى فى
عهده دير شهران المعروف الآن بدير العريان بناه الراهب بيمين بأمر الحاكم
وتنيح فى 13 هاتور سنة 745ش و 1032م .






البابا خيروستوذولو





متوحد صانع عجائب



هو أصلاً من بلدة بورة على الشاطئ الغربي لفرع دمياط، وترهب منذ حداثته
بدير البراموس، وانتقل منها ليتوحد في صومعة تطل على البحر في نتراوه
(بحيرة البرلس حاليًا).



وهو من الآباء النساك الذي تمجد الرب على أيديهم بآيات وعجائب كثيرة، وعاصره أيضًا آباء نساك عُرِف عنهم صنعهم للعجائب.



اختياره بطريركًا



اختاره أراخنة الإسكندرية بطريركًا، فسار إليه عشرة منهم ومعهم سيمون كاهن
بكنيسة مار مرقس، وبصعوبة كبيرة تمكنوا من مقابلته وامسكوه وساروا به إلى
الإسكندرية، حيث رُسِم بطريركًا في الخامس عشر من كيهك سنة 763ش (11
ديسمبر 1046م). ويشهد عنه تاريخ البطاركة بهذه العبارة:



"كانت بداية أمره حسنة وظهرت منه معجزات، وكان الروح القدس قريبًا منه
وكانت قسمته من الله"، ثم سار حسب العادة إلى دير أبو مقار ببرية شيهيت.
وبعد رسامته بطريركًا كرّس ست كنائس بالإسكندرية كما جدّد بيعة مار مرقس".



إقامة مقر بابوي بالقاهرة



بعد سيامته انتقل من الإسكندرية إلى مصر، واتخذ كنيسة المعلقة بظاهر
الفسطاط مقرًا له. كما جدد كنيسة القديس مرقريوس وجعلها كاتدرائية كبرى
ومركزًا لكرسيه، وجعل أيضًا كنيسة السيدة العذراء في حي الأروام مقرًا له
يأوي إليه عند اللزوم وذلك برضى أسقف بابيلون.



أما سبب ذلك فهو انتقال عظمة مدينة الإسكندرية إلى مدينة القاهرة، وكثرة
عدد المسيحيين فيها، ولارتباطه بالحكومة. فصار البابا يعين أسقفًا
للإسكندرية باسم وكيل الكرازة المرقسية.



شدائده



كانت مدة حبريّة هذا البطريرك في خلافة الخليفة الفاطمي المستنصر، وقد
نالته متاعب كثيرة على يد وزيره محمد اليازوري الذي كان شديد الكراهية
للمسيحيين عامة وللأقباط خاصة.



كما نالته متاعب على يد رجال قبيلة "اللواته" الذين عاثوا فسادًا في الوجه
البحري وقبضوا على البابا خرستوذولس وأذاقوه ألوان العذاب بعد أن نهبوا
داره.



وشى به شخص يدعى علي القفطي عند أمير الجيوش بدر الجمالي، ولكن فيما بعد اتضح له كذبه، فاحترمه الأمير وأكرمه.



اتهامه بتحريض ملك النوبة



أُتهم بأنه استخدم سلطانه على جرجس ملك النوبة للضرر بمصالح المسلمين،
وألزمه بقطع العلاقات التجارية معهم والامتناع عن إرسال الجزية المعتادة
من الرقيق. وكان البابا قد أوفد أسقفًا من قبله إلى ملك النوبة لتدشين
كنيسة بنيت في عهده. استدعى البابا وأخذ يقنع يازوري وزير الخليفة في مصر
بأن علاقته بالنوبة دينية وليست لها أي صلة بالسياسة فاقتنع بذلك.



مقاومة أحد القضاة له



شيد البابا كنيسة فخمة في دمنهور واتخذها مقرًا لكرسيه أحيانًا لبعدها عن
مركز الحكومة ومنع وصول الاضطهاد إليها. فكان كثير من الأقباط يتوافدون
عليها.



انتقل القاضي عبد الوهاب أبو الحسين من القاهرة إلى دمنهور وكان يتوهم أن
البابا سيهبه شيئًا، وإذ خاب أمله استخدم كراهية الوزير للبطريرك فوشي به
بأنه سلب أموال الكثيرين وبنى بها عشرين كنيسة وشيد كنيسة فخمة في دمنهور
وقصرًا شاهقًا نقش عليه البسملة المسيحية. واتهمه بأنه يحتقر الإسلام. سمع
له الوزير وأرسل فورًا من يهدم الكنائس، ناصره في ذلك أبو الفرج البابلي
من كبار الدولة الذي كان وكيلاً على الوجه البحري، وألزم البابا أن يمحو
البسملة المسيحية المنقوشة على باب قصره، فلم يمانع في ذلك، لكنه قال: "إن
محوها من على السور لن يمحها عن صفحات قلبي".



أُلقي القبض على البابا وبعض أساقفة الوجه البحري واعتقلوا وأُرسلوا إلى
القاهرة متهمين باتهامات باطلة. لكن الخليفة أخلى سبيلهم وطيب خاطرهم.
اغتاظ الوزير فأمر بإغلاق جميع الكنائس في القطر المصري، فثار الشعب
القبطي وبلغ الخبر للخليفة الذي أمر بنفي الوزير إلى تانيس بأقصى الوجه
البحري، وأخيرًا إذ وجده يثير المسلمين على المسيحيين قتله.



إعادة القبض على البابا



ثار اضطهاد آخر عندما حاول الأقباط فتح الكنائس وتعينت ضريبة باهظة على
أقباط الإسكندرية مقابل تسليم البابا مفاتيح كنيسة واحدة لممارسة العبادة.



ألقي القبض علي البابا وسلبوا تسعة آلاف دينارًا وجدوها في الخزنة ثم أطلقوا سراحه بتوسط ذوي النفوذ من موظفي الأقباط.



الهجوم على الأديرة



بينما كان البابا يزور أديرة وادي النطرون هجم اتباع ناصر الجولة زعيم
الترك على الأديرة وذبحوا كثيرين من الرهبان وأسروا البابا وعذبوه، لكن
الله نجاه بواسطة أحد أبنائه الأقباط يُدعى أبو الطيب، كان رئيس كتبة ناصر
الدولة بعد أن دفع لمولاه ثلاثة آلاف دينار فدية.



منع المئونة



تدهورت حالة الأقباط المادية جدًا، وإذ رسم البابا مطرانًا لبلاد النوبة
طلب من ملك النوبة جرجس أن يرسل زادًا، ولكن جنود ناصر الدولة اعترضوا رسل
ملك النوبة عند وصولهم إلى حدود مصر وأرجعوهم بالمئونة إلى ملكهم.



القبض على البابا



إذ تولى بدر الدين الجمالي الولاية وشي إليه أحد المسلمين بأن فيكتور
مطران النوبة أمر بهدم جامع المسلمين، فثار وألقي القبض على البابا. برهن
له البابا كذب الاتهام فأطلقه.



هرب أحد العصاة من وجه بدر الدين الجمالي إلى النوبة، فكلف البابا أن يبعث
إلى أسقفه من قبله ليطلب من ملك النوبة تسليم هذا الهارب، وبالفعل قبض
عليه ملك النوبة وسلمه إلى مندوبي بدر الدين وجاءوا به إلى القاهرة.



القبض على البابا مرة أخرى



وشي إلى بدر الدين بأن كيرلس مطران أثيوبيا يغرر بمسلمي أثيوبيا الضعيفي
الإيمان ويدعوهم إلى شرب الخمر عند تناول الإفطار. القي القبض على البابا
وطلب منه الوالي معاقبة المطران. وإذ لم يكن قد سيم كيرلس بعد مطرانًا
أوضح البابا للوالي بطلان التهمة.



كان غيظ الولاة يتزايد بسبب نفوذ البابا في أثيوبيا، فكانوا يستلمون المراسلات المتبادلة ويمزقونها أو يردونها.



متاعب من داخل الكنيسة



أحب يوحنا بن الظالم الأسقفية وسعى لدى البابا حتى ولاه أسقفية سخا. تحالف
معه بعض الأساقفة وجمهور من الشعب على عزل البابا وادعوا بأن رسامته غير
قانونية لأنه لم تقرأ عليه فصول مختصة بسيامة البطاركة. لكن استطاع أبا
زكريا يحي بن مقارة وهو شيخ فاضل يعمل في بلاط الخليفة وله كلمة مسموعة أن
يتدخل ويصالح البابا مع أسقف سخا ويطيّب خاطر الكل.



تشاحن أسقفان على حدود ايبارشيتهما ولم يُحل الخلاف إلا بعد تعبٍ شديد.



الاحتفاظ برأس مارمرقس الرسول



في عهد هذا البطريرك تمكن الأقباط من الاحتفاظ برأس مار مرقس الرسول على الرغم من سعي الروم للحصول عليها مقابل عشرة آلاف دينار.



من الأمور الحسنة التي تُذكر له اهتمامه بالنواحي الطقسية والعبادة، وقد
وضع قوانين طقسية، توجد نسخة منها بمكتبة المتحف القبطي بمصر القديمة.



علاقته بأنطاكية



في أواخر حبريّة البابا خرستوذولس رُسِم بطريرك جديد في إنطاكية اسمه
يوحنا وكان من القديسين، فبعث إليه الأنبا خرستوذولس برسالة الشركة في
الإيمان بين الكنيستين كالمعتاد. كذلك حرص على الصلات الطيبة التي تربط
بين الكنيسة في مصر ومملكة النوبة المسيحية. وأخيرُا لما أكمل سعيه تنيح
بسلام سنة 1077م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:39 am

البابا كيرلس الثانى





اختياره بابا الإسكندرية



اتفق الأساقفة والإكليروس والأراخنة على اختيار الراهب الشيخ الناسك
الجليل بيسوس من دير الأنبا يوأنس كاما، ولما أرادوا اقتياده قصرًا
للبطريركية صرخ أنه ابن عبد فقير غير مستحق لهذه الكرامة. وإنما المستحق
لها هو الراهب جورجيوس من دير أنبا مقاريوس، وأوضح لهم أنه مزكى من البابا
الراحل خريستوذولس.



اقتادوا الراهب جورجيوس الذي كان من أهل قلاقة بحيرة إلى الإسكندرية حيث
تمت رسامته باسم كيرلس الثاني سنة 1078م. وعُرِف باسم السنجاري نسبة إلى
الصومعة التي كان قد توحّد فيها وهي صومعة سنجارا.



تمت سيامته في عهد خلافة المستنصر بقرار مجمع انعقد في البطريركية من
الأساقفة وأراخنة الشعب. قوبل اختياره بارتياح في جميع الدوائر الحكومية.



تبوأ هذا البابا الجليل السُدة المرقسية والبلاد في حالة هدوء وأمان بفضل
حكم بدر الدين الجمالي الوزير الأرمني، الذي نعمت مصر في عهده بالرخاء
والازدهار. بل وزار البابا الخليفة المستنصر في قصره وبارك أمه وأخته
كطلبهما، كما بارك القصر أيضًا بناء على رغبتهم، وزار منزل بدر الجمالي
ولقي ترحيبًا كبيرًا مشابهًا لِما لقيه في قصر الخلافة.



علمه وتقواه



لما كان هذا البابا قليل العلم عند انتخابه، فعل مثل البابا ديمتريوس
الكرام، وفاق أترابه في العلم والمعرفة وترك لنا تراثًا كبيرًا يشهد له
بعمق علمه ومعرفته. كما أنه كرَّس الميرون المقدس، ومن نعمة الله عليه أن
فاض الميرون وسال من الوعاء أثناء الصلوات.



رهبنة ملك النوبة



بعد سيامة البابا بقليل تنازل سلمون ملك النوبة عن عرشه لابن أخته جرجس،
وآثر حياة الوحدة في دير نفريوس الواقع في البرية على الحدود بين مصر
والنوبة.



حاصره أهل أسوان طمعًا في ضم الدير إلى مصر، وأخذوا الملك أسيرًا، وجاءوا
به إلى أمير الجيوش بدر الجمّالي. قابله البابا وأراخنة الأقباط باحتفالٍ
عظيمٍ، وأكرمه أمير الجيوش إكرامًا زائدًا، وخصص له قصرًا لإقامته، وبقي
في مصر إلى يوم نياحته حيث دفن بدير الخندق، المعروف حاليًا بدير الأنبا
رويس.



إقامة الملك سلمون في مصر خلقت جوًا من الودّ والحب بين أقباط والنوبيين.
وإذ لاحظ أمير الجيوش علامات الإخاء بين الأقباط والنوبيين والأثيوبيين
عقد معاهدة مع النوبة وأثيوبيا لتسهيل طرق التجارة وامتدادها إلى مصر، وقد
قام أراخنة الأقباط بدور حيوي في ذلك.



قدّم أمير الجيوش مالاً يستعين به على إصلاح الأديرة والكنائس المتخربة.



مشكلة كيرلس والأنبا ساويرس مطران أثيوبيا



انطلق شخص يُدعى كيرلس إلى أثيوبيا وادّعى أنه مطرانها، وتسلط على
كنائسها. وإذ سمع البابا أراد أن يرسل إليهم مطرانًا شرعيًا يُدعى ساويرس.



قاوم أمير الجيوش بدر الجمالي ذلك، ورفض أن يُسرّح له بالسفر إلا إذا وعده
ببناء خمسة مساجد في أثيوبيا، وأن يرسل له المطران هدية كل سنة، فوافق
البابا على ذلك مجبرًا.



سافر الأنبا ساويرس إلى أثيوبيا، فهرب كيرلس إلى بلدة دهلك في ديار مصر،
وإذ سمع أمير الجيوش بالأمر استدعاه وأخذ كل ثروته وقتله، أما الأنبا
ساويرس فعانى كثيرًا في أثيوبيا، إذ أراد مقاومة بعض العادات الفاسدة مثل
السراري لدى الأمراء الذين كانوا يأخذون جملة من الجاريات بجوار الزوجة
الشرعية، وكانوا يدعون إنهم باقون على شريعة موسى النبي بخصوص تعدد
الزوجات، وأن ذلك محرمًا على الكهنة والشمامسة وحدهم، ومع هذا كانوا
يعترفون بأن ما يفعلونه مخالف لروح السيد المسيح.



حدث أن أرسل الأنبا ساويرس خلال أخيه هدية إلى أمير الجيوش فلم تلقَ
قبولاً. استدعى أمير الجيوش البابا ومعه عشرة أساقفة وصار يوبخهم بشدة على
تقصير البابا في تنفيذ ما وعد به، وطلب منه أن يرسل أسقفين إلى أثيوبيا
ليلزم المطران بالوفاء بما وعد به، وطلب أن يسدد ضريبة خمسين عامًا سلفًا،
وأن يحذر ممن يتربّصون للتجار المسلمين في الدروب.



أمر أن يبقى البابا والأساقفة محجوزين، وأن يدفع كل منهم أربعة دنانير
نفقة إعالته اليومية حتى يرجع الأسقفين من أثيوبيا، لكنه أخيرًا عدل عن
هذا الرأي، واكتفي أن يضعهم تحت مراقبة الجنود، فذهبوا إلى كنيسة المعلقة،
واتفقوا على إرسال الأنبا مرقس أسقف أوسيم والأنبا تادرس أسقف سنجار إلى
أثيوبيا.



مطران النوبة



أرسل باسيل ملك النوبة ابن الملك السابق مندوبًا إلى أمير الجيوش ومعه
هدايا فاخرة طالبًا منه أن يكلف البابا بتكريس مطران على النوبة.



خشي أمير الجيوش أن يدرك الرسول بسخطه على البابا فسمح للبابا أن يمثُل
أمامه ومعه أخ الأنبا ساويرس مطران أثيوبيا. دافع الأخ عن الأنبا ساويرس
بأنه بنى سبعة جوامع عوضًا عن أربعة وأن الأثيوبيين هاجوا عليه واتهموه
بالتحيز للمسلمين وهدموا الجوامع وأرادوا قتله واضطر أن يهرب، وأراد الملك
أن يخلصه من أيديهم فأمر بسجنه حينئذ.



طلب ابن ملك النوبة من أمير الجيوش أن يطلق سراح البابا والأساقفة، فقبل أمير الجيوش ذلك.



أما الأسقفان اللذان ذهبا إلى أثيوبيا فأخبرا ملك أثيوبيا بخطورة الموقف،
وأنه إن لم يُسرع ببناء الجوامع فسيهدم أمير الجيوش كل الكنائس في مصر.
غضب الملك جدًا وأرسل إلى بدر يقول له: "إن تجاسرت ومددت يدك بسوءٍٍ إلى
كنيسة واحدة فاعلم إني أقلب مكّة رأسًا على عقبٍ. ولا أرضى ببناء حجرٍ
واحدٍ إلا إذا أخذت وزنه ذهبًا".



بدر الدين الجمالي الأرمنّي



يرى كثير من المؤرخين أن بدر الجمالي كان أرمنّي الأصل، وأن والدته
أرمنيّة، وكان في أعماقه ربما مسيحيًا، لكنه كان يخشى أن يفقد مركزه، لذا
كان كثيرًا ما يتحيّز للمسلمين.



في أيامه تزايد عدد المهاجرين الأرمن إلى مصر، فاختاروا لأنفسهم بطريركًا
يُدعى غريغوري. ولما كانت علاقة الكنيستين القبطية والأرمنية ببعضهما
قوية، قام البابا كيرلس بسيامة غريغوري بطريرك الأرمن، وحرّر منشورًا
لكافة الكنائس يخبرها أن كنائس مصر وأثيوبيا وإنطاكية وأرمينيا متحدة في
الإيمان الأرثوذكسي.



شكوى من الأساقفة ضد البابا



شكاه بعض الأساقفة إلى بدر الجمالي عندما شرط على كل من رسمه على إيبارشية
أن يدفع نصف الحصيلة في الإيبارشية لدير أنبا مقاريوس أو لكنيسة القديس
مرقس بالإسكندرية.



كان المشتكون عليه كما جاء في مخطوط دير البراموس اثنين وعشرين أسقفا،
فرأى بدر الجمالي أنه ليس من حقه إدانته أو استجوابه وطلب من أساقفة مصر
جميعهم في الوجهين البحري والقبلي عقد مجمع للنظر في الشكوى. وفعلاً عُقد
المجمع ووضعوا الكتاب المقدس في الوسط يمثل حضور الديان العادل.



بدأ المشتكون يقدمون دعواهم وكان البطريرك يجيب على كل المطلوب بكل هدوء
ووقار، فظهرت أن هذه الشكاوي مغرضة ومن فرط محبة البابا أنه سامح الذين
أساءوا إليه واتهموه.



أعماله الرعوية



وثّق البابا علاقته بأثيوبيا وإنطاكية وبلاد النوبة. ورسم لأثيوبيا أسقفًا
هو أنبا ساويرس، كما رسم أساقفة كثيرين بإيبارشيات ليس لها رعاة.



ودأب على تعليم الشعب القِيَم المسيحية وقراءة الكتاب المقدس وتفسيره، كما
ساند مطران أثيوبيا في القضاء على عادة التسرّي بين العظماء.



من مآثر هذا البابا أنه انشغل بنشر القوانين الكنسية، وفي عهده تم تدوين
أربعة وثلاثين قانونًا للإكليروس والأساقفة كما طلب من شماس بالإسكندرية
واسمه موهوب ابن منصور بعمل حصر لسكان برية شيهيت. ومن القوانين التي
أصدرها ونشرها الآتى:



منع السيمونية لمنح رتب الكهنوت.



أن يؤدب الراعي الرعية بالصليب لا بالحرم، وأن لا يربط ولا يحل من غير حق،
فإن ربط أو حرم من غير حق يكون هو المربوط والمحروم من الله.



أي أسقف يرفض قبول خاطئ تائب فليُقطع.



على كل أسقف أن يتفقد الكنائس والأديرة الواقعة في سلطانه، وأن يراعي حال
كهنته ويفحص أمورهم ويوجههم للخدمة وخيرها، ويعمل على خلاص نفسه والذين
يسمعونه ويعملون معه.



أوضح واجب الكنيسة تجاه الفقراء والرهبان على ألا يغادر الرهبان الدير إلا
كطلب البابا أو رؤسائهم، وأن يحتكم الإكليروس والشعب للكنيسة والأساقفة.



وضع قانونًا بوجوب التمسك بالصوم وأهميته، وضرورة اهتمام الكهنة بسر
الزيجة وشرعيته، وضرورة احترام الجميع للكنائس والمذابح والهياكل وعدم
دخول الشعب إلى الهياكل.



قام أحد أساقفته وهو أنبا مرقس بتنظيم القراءات الكنسية في أسبوع الآلام، ووضع كتاب تكريس المعمودية.



وقد أرسل البابا كيرلس الثاني أساقفة لتدشين كنيسة القيامة، التي أُعيد بناؤها بعد حرقها أيام الحاكم بأمر الله.



تنيح في 12 بؤونة سنة 808ش الموافق يوليو 1092م.





البابا ميخائيل الثانى





اختياره بابا الإسكندرية



توحّد راهب حبيس في صومعة بسنجار (مدينة ابتلعتها بحيرة البرلس)، وقد بلغ
عبير رائحته الذكي إلى الأساقفة المجتمعين في القاهرة للصلاة لكي يرشدهم
الله إلى من تقع عليه مسئولية تولي الكرسي المرقسي، وأوصلهم إليه زائر دخل
إلى اجتماعهم فكان ميخائيل هو ضالتهم المنشودة.



اعتذر ميخائيل لمن وصل إليه ناقلاً له رغبة الآباء، مؤكدًا له عدم
استحقاقه. ولما علم أنهم سيحملونه قسرًا وعنوة نزل معهم، وسار الجميع إلى
الإسكندرية وتمت مراسيم السيامة سنة 1092م، فتوجه بعدها البابا الجديد إلى
دير أنبا مقار ليستمد العون الإلهي في خدمته الجديدة، ثم عاد إلى القاهرة
متخذًا كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل على جزيرة النيل مقرًا له.



علاقاته الطيبة برجال الدولة



إذ استتب الأمن بتولي الأفضل شاهنشاه بن بدر الدين الجمالي السلطة وتولي
المستعلي بالله أبيه المستنصر رغم مناوشات أخوه الأكبر، وبدت الأمور هادئة
للبابا الجديد ليباشر مهمة خدمته، كما أن القدس كانت تحت حكم رجل قبطي نال
الحظوة لدى الدولة وهو منصور التلباني.



عندما جاء الفيضان ناقصًا إلى الحد الذي أزعج السلطات، طلبوا إلى البابا
الذهاب إلى أثيوبيا لاتخاذ الوسائل التي تسهل مرور مياه النيل، وفعلاً
جاءت إرساليته بالبشارة الطيبة وانصلحت العلاقات بين مصر وأثيوبيا بفضل
البابا الذي كان أول بابا إسكندري يسافر إلى أثيوبيا رغم استمرار العلاقات
بين الكنيستين منذ البابا أثناسيوس الرسولي البابا العشرين، كما رسم لهم
مطرانًا جديدًا ثم مطرانًا آخر بدلاً منه عندما أثبت عدم جدارته.



عندما انتشر مرض الطاعون في مصر جال البابا بين أبنائه يواسيهم ويشجعهم
ويرفع عنهم الصلوات، حتى أصيب هو ذاته بالمرض ورقد به سنة 1102م في أيام
الآمر بأحكام الله بن المستعلي.





البابا مقار الثانى





بعد وفاة البابا ميخائيل ترشح أثنان للبطريركية من رهبان
دير أبى مقار ولم يتمكن الأساقفة من أنتخاب أحدهما وذلك لأن أحد المرشحين
كان عمره أقل من الخمسين والقانون يحذر أنتخاب بطريرك ممن لم يبلغوا هذا
السن وبعد مرور ستة أشهر على خلو البطريركية قرر الأساقفة فى المجمع
الأكليركى الذى أنعقد بالقاهرة أنتخاب أحدهما المدعو مقار وتمت رسامته فى
13 هاتور سنة 817ش و 1102م .



غير أنه أعترض على أنتخابه لأنه كان من ثمرة ثانى زواج وشروط أنتخاب
البطاركة تقضى أنه لا ينتخب البطريرك ألا إن كان أبن أمه من أول زوج وبعد
التحقيق ظهر للأساقفة أن أباه تزوج مرتين لا أمه فوافقوا على تكريسه
.وأستمر هذا البابا على الكرسى المرقسى 26 سنة و 7 أشهر كانت كلها سلام
وفرح ثم تنيح فى 4 توت سنة 844ش و 1229م .






البابا غبريال الثانى





نشأته



هو الشهير بغبريال بن تُريك.



ولد في القرن الثاني عشر سنة 800ش (1084م)، وكان من كبار مدينة مصر (الفسطاط) وأراخنتها.



كان والده قسًا ترمّل، وكان قديرًا وعالمًا متقشفًا يمارس الحياة النسكية.
كان يشتهي الخدمة فطلب سيامته أسقفًا، وإذ طُلب منه مال لسيامته رفض
السيمونية.



وكان لهذا الأب ابنان: أحدهما أبو العلا الذين صار البابا غبريال، وأخوه
أبو النصر بن تريك كان مملوء غيرة، فبدأ في بناء كنيسة أبانوب، وتنيّح قبل
أن يكملها، فقام شقيقه البابا بتكملة بنائها. وكان أبو العلا عالمًا
فاضلاً ذا سيرة حميدة، وعمل كاتبًا في الديوان السلطاني لدى الوزير أحمد
بن الأفضل. لما أراد تكريس حياته للخدمة في كنيسة أبي سيفين، سمح له
الوزير أن يحتفظ بمركزه في الديوان مع قبوله الشماسية في الكنيسة
المذكورة، لاستقامة حياته وعِظم أمانته وقدرته علي تصريف الأمور. وقد نسخ
كتبًا كثيرة قبطية وعربية فوعي محتوياتها وفهم معانيها.



سيامته بطريركًا



اختاره مقدمو الشعب ورؤساؤهم لكرسي البطريركية بعد انتقال البابا مقار الثاني.



تنبأ راهب سرياني بدير أبي مقار يُدعي أنبا يوسف بسيامته. فقد جاء شيوخ
الدير يبكون علي أنبا مقار قائلين له بأنه لا يوجد من يحتل مكانه، أما هو
فقال: "يا أبهاتي إيش هو هذا ابن تريك". ولم يكن قد عرفه ولا التقى به.



في البداية كان الوزير متمسكًا به، وأخيرًا سمح لهم بسيامته. ألبسوه ثياب
الرهبنة وتمت رسامته يوم 9 أمشير سنة 847ش (3 فبراير 1131م).



اهتمامه بالعقيدة



حدث أنه لما كان يقدس أول قداس في دير القديس مقاريوس كعادة البطاركة
قديمًا، أن أضاف على الاعتراف الذي يتلى في آخر القداس بعد قوله: "أخذه من
سيدتنا كلنا والدة الإله القديسة مريم" هذه العبارة: "وصيّره واحدًا مع
لاهوته". فأنكر عليه الرهبان خشية أن يُفهم من ذلك أنه حصل امتزاج وطلبوا
منه تركها، فامتنع قائلاً: "أنها أضيفت بقرار من مجمع الأساقفة". وبعد
مباحثات طويلة تقرر إضافة هذه الجملة: "بدون امتزاج ولا اختلاط ولا
تغيير"، وذلك خوفًا من الوقوع في هرطقة أوطيخا، فوافقهم على ذلك.



أعماله الرعوية



كان هذا البطريرك عالمًا تقيًا حارب فساد شعبه، فمنع السراري وحارب
السيمونية. وقد اشتهر بترتيبه صلوات جمعة الآلام في كتاب سمّاه البصخة،
وهو الترتيب الذي اعتمدت عليه الكنيسة إلى الآن. كما وضع قوانين وأحكامًا
في المواريث وفي علاقة الشعب بالكنيسة وتنظيم أمورها، أصلح فيها عادات
وتقاليد أهل الصعيد، وأيضًا قوانين فيما يختص بأمور الإكليروس. منع أيضًا
دفن الموتي في الكنائس؛ وعندما عصاه قوم ودفنوا بسوس القمص بكنيسة حارة
الروم بالقاهرة أغلق الكنيسة إلى حين. كما منع إخراج رفات القديسين
والشهداء التي تحوّلت إلى نوع من التجارة.



ذبيحة الملاك ميخائيل



إذ سأله البعض بخصوص تقديم ذبيحة لرئيس الملائكة ميخائيل في حزم رفض
قائلاً: "لا يجوز تقديم ذبيحة إلا علي اسم اللّه، ومن يعمل غير ذلك لا
تُقبل صدقته".



منع التمييز بين الكهنة



كان بعض الكهنة الذين سامهم بطاركة يفتخرون علي من سامهم أساقفة، فأنكر
البابا ذلك، وقد أطاعه الكل في هذا الأمر عدا كهنة الإسكندرية وكهنة برية
أبي مقار.



ورُسم في أيامه 53 أسقفًا وكهنة كثيرين. وقد وجد مكانة لدى حكام عصره
وحبًا شديدًا لدى شعبه، وحدث أن طلب منه حاكم ذاك الوقت مالاً، فجمع له
الأراخنة ألف مثقال ذهب ودفعوها عنه.



علاقته بكنيسة أثيوبيا



كان يدير الكنيسة في أثيوبيا مطران يعاونه سبعة أساقفة أقباط. طلب المطران
من ملك أثيوبيا زيادة عدد الأساقفة فخشي البابا أن تكون هذه الخطة لسيامة
بطريرك يستقلّ بأثيوبيا، لذا رفض الطلب.



إذ رفض البابا الطلب قاموا بسيامة أساقفة أثيوبيين دون الرجوع إلى البابا أو المطران القبطي بأثيوبيا.



قضى على الكرسي المرقسي أربعة عشر عامًا، ثم تنيّح بسلام في العاشر من برمودة سنة 1145م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:42 am

البابا ميخائيل الثالث





البابا البسيط



هو أحد رهبان دير أبو مقار ببرية شيهيت. كان إنسانًا بسيطًا جمع بين
الوقار والقداسة والعفة، لكنه لم يكن عالمًا ولا قارئًا للكتب، لزم قانون
الرهبنة من غير قراءة قبطي ولا عربي.



عُمِلت قرعة له مع اثنين آخرين وورقة رابعة باسم "السيد المسيح الراعي
الصالح"، ووضعوا الأوراق على المذبح وأقاموا القداس ثلاثة أيام متوالية
وأحضروا طفلاً ليختار ورقة فكان المنصب من نصيب ميخائيل هذا، وكان مشهودًا
له من الجميع بحسن السيرة.



بعد أن أصابته القرعة كرزوه شماسًا فقسًا وفي ثالث يوم قمصًا وكان ذلك في
الكنيسة المعلقة بمصر، وتمت رسامته بطريركًا في الإسكندرية سنة 1145م.
ويذكر تاريخ البطاركة أنه "بكلفة عظيمة حفظوه قداس باسيليوس خاصة إلى أن
قدس به".



كانت مدة بطريركيته قصيرة جدًا لكنها كانت طيبة، ولم يحدث أن أحدًا ارتد
عن المسيحية في أيامه، وفي أيامه القلائل رسم ثمانية أساقفة منهم أسقف على
كرسي شبرا الخيمة وكرسي شبرا دمنهور وكرسي منية بني خصيب وكرسي أخميم
وكرسي البلينا. وكان كل مقامه على الكرسي البطريركي ثمانية شهور وأربعة
أيام منها ثلاثة شهور في عافية والباقي وهو خمسة شهور كان مريضًا، وقضى
مدة مرضه بدير الأنبا مقار، وتنيح سنة 1146م.





البابا يؤانس الخامس





هو يؤنس بن أبى الفتح من دير أبى يحنس أحد الرهبان الذين
كانا مرشحين للبطريركية عند أنتخاب البابا فانتخب بطريركاً وأدى فروض
رسامته فى 15 بؤونه سنة 826 م فى عهد خلافة الحافظ . وحدث فى زمان هذا
البابا أن ممكلة الحبشة أغتصبها رجل من غير العائلة الملوكية وقتل ملكها
الشرعى وجلس مكانه فوبخه مطران الحبشة بشدة على هذا الظلم فنفاه وأرسل إلى
البطريرك يطلب منه تعيين واحد خلافه مدعياً عليه بأنه كبر وشاخ فأمتنع
البطريرك عن أجابة طلبه فعمد ملك الحبشة المغتصب على والى مصر وأرسل له
هدية ورجاه أن يلزم البطريرك بإيفاز مطران من طرفه للحبشة فلم تكلم الوالى
مع البطريرك قال له أن مطران الحبشة لا يزال حياً فأقتنع .



وبعد أن أمضى البابا يوحنا على كرسى البطريركية 18 سنة و 10 شهور و 11يوم تنيح فى 14 بشنس 822ش و 1166م .








البابا مرقس الثالث





اُختير للبطريركية سنة 1166م بعد نياحة البابا يوحنا
الخامس، في وقت زادت فيه اضطراب الأحوال الداخلية والخارجية للبلاد. كان
تاجرًا شماسًا بتولاً ناسكًا يسمى "مرقس أبي الفرج بن أبي السعد" وهو
معروف بابن زرعه، سرياني الجنس قبطي المذهب، وتمت مراسم السيامة في
الإسكندرية كالعادة.



ضيق شديد



لأن هذا البابا يعيش مشاعر الناس ويشاركهم أفراحهم وأحزانهم، نزل إلى سائر
أنحاء البلاد يعزي القلوب ويضمد الجراح ويشدد من أزر ضعاف النفوس والقلوب
خصوصًا بعد أن لمس الضيق الشديد الذي حل بالقبط من جراء تشدد أسد الدين
شركوه ووزيره بهاء الدين قراقوش الذين قتلوا ونهبوا الأموال واغتصبوا
النساء بالإضافة إلى السياسة البغيضة للقبط. فما كان من البطريرك إلا أن
التجأ إلى الصوم والصلاة فنظر الله إلى دموعه ومات شيركوه فجأة.



في عصر الأيوبيين



تولى صلاح الدين الأيوبي وبدأ عصر جديد في الدولة والموقف من القبط.
فانتقل الحكم إلى الأيوبيين وبدأ عهد من الاستقرار والعدالة، وأحس
المصريون جميعًا بالعدالة والسماحة والكرم، بل وأكثر من هذا أمر ببناء ما
تهدم من الكنائس واختار من كبار رجال الدولة الشيخ الرئيس صفي الدين بن
أبي المعالي. وكان من مظاهر الاستقرار أيضًا بناء القلعة التي بناها صلاح
الدين على الطراز البيزنطي إذ أعجبه نظام بناء الكنائس القبطية على هذا
النسق والنظام، وأشرف على بنائها مهندسان قبطيان هما أبو منصور وأبو
مشكور، وحال الانتهاء من بنائها نقل إليها مقر الحكم فصارت مركزًا للحكم
لمدة 666 سنة أي حتى 1874م في عصر الخديوي إسماعيل الذي بنى قصر عابدين
ونقل إليه مقر الحكم.



انتشبت في عهده الحروب الصليبية واشتد الخلاف بينه وبين مرقس بن قنبر
المبتدع. وبدت نهاية أيام البابا مرقس الثالث هادئة بدرجة ملحوظة رغم أن
بداية أيامه كانت صعبة، ورحل ذلك الرجل البار سنة 1189م.





البابا يؤانس السادس





قيل أنه كان متزوجاً ولما ماتت زوجته لم يشأ أن يتخذ له
زوجة غيرها وآثر العزلة ومع أن القانون يحتم أن الذى ينتخب بطريركاً لابد
أن يكون أعزب من بدء حياته ألا أن علمه الواسع وفضيلته الزائدة أكسباه
الأفضلية على جميع المرشحين لذلك المركز السامى وأنتخبوه فى 14 أمشير سنة
905ش و 1189م فى عهد سلطنة صلاح الدين الأيوبى ولم يعارض فى أنتخابه أحد
ودعى يوحنا السادس .



وبعد أن قضى على الكرسى المرقسى 27 سنة تنيح فى 11 طوبة سنة 932ش و 1216م
وكان لموته رنة حزن لأنه كان محبوباً من الجميع أقباط ومسلمين وكان أشد
الناس حزناًً عليه بطريرك الروم الأرثوذكس فقد شوهد يبكى عند تشييع جنازته
بكاءً مراً .





البابا كيرلس الثالث





خلاف حول سيامته



انتقل البابا يوأنس السادس إلى دار البقاء حزنًا على تحوّل أهل الخمس مدن
الغربية عن المسيحية، رغم أنه رسم لهم أسقفًا، وقد تنبأ هذا البابا البسيط
قبل نياحته بأن أوجاعًا ستحل بالبلاد والعباد، حتى يقيم الرب لهم رجلاً
يأتي من حيث لا يدرون، وفعلاً تمّ ما تنبأ به بعد أن ظل الكرسي البابوي
شاغرًا بعده لمدة عشرين عامًا.



سعى أبو الفتوح المعروف باسم ابن الميقات العامل في ديوان الجيوش أيام
الملك على ترشيح قس اسمه داود، ويُعرَف باسم ابن لقلق من أهل الفيوم، كان
متبحّرًا في العلوم الدينية، رغم أن البابا الراحل انتقل وهو غير راضٍ لا
عن أبي الفتوح ولا عن داود الذي كان يقيم عنده. ذلك لأنه في أثناء حبرية
البابا يوأنس خلى كرسي أثيوبيا وجاء رسول منها يطلب رسامة مطرانًا، فحمل
أبو الفتوح إلى الملك العادل مالاً كثيرًا لكي يأمر البطريرك برسامة داود
مطرانًا للحبشة، ورد البطريرك أن داود لا يصلح. ولما تنيح البطريرك سعى
أبو الفتوح ثانيًا لتقديم داود بطريركًا، واجتمع بجماعة من الكتاب
والأراخنة وبعض الأساقفة ولكنه لم يقدر على جمع الكل على رأي واحد رغم أنه
استكتب بعض الأساقفة طلبًا إلى السلطان من أجل هذا الهدف، ولم يرضَ
السلطان إذ كان يميل إلى ترشيح حبيس إبيار الراهب الذي شفاه من مرض
اعتراه، ولكن أبو الفتوح طلب عدم إقلاق الراهب في وحدته.



سعى من أهل القاهرة إلى مقر السلطان رجل اسمه أسعد بن صدقة رافضًا فكرة
سيامة داود لئلا "يفسد ديننا ويجعل قبط ديار مصر كلهم رومان ويخرج مصر من
أيدي المسلمين"، فأرسل الملك الكامل إلى والي مصر يحذره من إقامة داود
بطريركًا بغير أمره وإلا شنقه. ولما مات الكامل خرج العادل إلى الإسكندرية
فاستأذنه أبو الفتوح في رسامة داود فوافق.



في الوقت الذي كان فيه ابن صدقة يدبر الأمر بعدم سيامة داود كان أبو
الفتوح مهتمًا بتنفيذ السيامة بعجلة، فأسرع بأخذ داود بن لقلق من القاهرة
إلى مصر القديمة في فجر يوم الأحد. وكان قد سبق فحجز الأساقفة في بيته
ليقوموا بالسيامة رغمًا عنهم، اعتمادًا على الأمر الذي أخذه من الملك.



عاد فتشكك الملك في أمر أبي الفتوح وأرسل جنودًا يستدعون الأساقفة المحجوزين ليقف منهم على حقيقة الأمر.



بينما كان أبو الفتوح ومعه داود في طريقهم للسيامة التف حولهم جمع كثير،
فهجم الجند عليهم وضربوهم ضربًا مبرحًا. وفرّقوا شملهم وكادوا يفتكون
بداود، لكنه هرب واختفى.



أسرع الجند إلى كنيسة المعلقة وأمروا الأساقفة بالخروج فورًا من الكنيسة
والذهاب إلى القاهرة كأمر الملك ليتحقق جلية الأمر، وإذ سمعوا هذه الدعوة
وجدت تجاوبًا في أعماقهم نظرًا لمضايقة داود وأبى الفتوح لهم وإلحاحهم
بسرعة السيامة.



أعلن أغلب الأساقفة رفضهم لسيامته بينما خاف قلة من أبي الفتوح، وأظهروا
رضاهم على السيامة، غير أن أربعة منهم اجتمعوا معًا وحرّموه وتعاهدوا ألا
يحضروا سيامته ولو أُرغموا على ذلك.



ظل الكرسي البابوي شاغرًا عشرين عامًا تنيح خلالها كثير من الأساقفة الذين
عارضوا رسامة داود، ولما رأى الخليفة احتياجه للمال للحروب وما آثرته من
إنهاك لأحوال مصر الاقتصادية، ابتدأ رجال الدولة يستميلون الأقباط إلى
داود نظير أن تأخذ الدولة المال اللازم على البطريركية من داود وأبي
الفتوح في مقابل رسامته بطريركًا. ورغم معارضة الأساقفة وهياج الشعب
القبطي عمد داود إلى تبوّء الكرسي البابوي قوة واقتدارًا، واحتفل هو
وأعوانه وساروا إلى كنيسة سرجيوس وأدّوا الطقوس الدينية وذلك سنة 1235م
رغم صراخ الشعب وصياحهم.



السيمونية



اتخذ داود لنفسه اسم كيرلس الثالث واشتهر بلقب ابن لقلق، وبدأ خدمته
برسامة بعض الكهنة والشمامسة دون رسوم لكي يرضى الرأي العام. لكنه فيما
بعد أساء التدبير وأظهر شراهة في محبة المال وتحصيله بطرق غير لائقة. فقد
باع أكثر من أربعين إيبارشية، أي عيَّن عليها أساقفة بالمال، وأمام احتجاج
الشعب على السيمونية عقد مجمعًا من الإكليروس وأعيان الشعب في الكنيسة
المعلّقة وأوضح لهم أن هذه الأموال لإيفاء الأموال الأميرية على الكنيسة
تجاه الدولة، وأكد لهم امتناعه تمامًا عن السيمونية حال سداد هذه الأموال
الأميرية.



لسبب غير معروف قبض عليه الملك وألزمه أن يدفع الفًا وخمسمائة دينارًا،
فاستغل البابا كيرلس هذا ليُصدر أمرًا إداريًا بضم جميع الأديرة تحت
إشرافه مباشرة، وفرض مبالغ سنوية. كما نزع بعض البلاد من إيبارشياتها
لتتبعه، وربط عليها عوائد تُدفع له مما كدّر رؤساء الأديرة والأساقفة
فتضايقوا من تصرفاته للغاية.



إساءته إلى بطريرك إنطاكية



لم يكتفِ ابن لقلق باغتيال حقوق الأساقفة ماديًا وأدبيًا برسامة الكهنة
والشمامسة بل طمحت أنظاره إلى بطريرك إنطاكية وحجّته في ذلك وجود كثير من
الأقباط في سوريا، وهؤلاء لا يفهمون لغة السريان بأورشليم وقت الصلاة.
فعين لأول مرة في تاريخ المسيحية وفي تاريخ الكنيسة القبطية أسقفا
لأورشليم مؤكدًا أنها مدينة الملك العظيم، وهي مِلك لجميع الكنائس.



وكان أول مطران قبطي لأورشليم هو باسيليوس ويسمى مطران غزة كما يسمى مطران فلسطين وحدود العراق ومقره أورشليم.



رد مارأغناطيوس بطريرك إنطاكية على هذا التعدي بأن عيَّن هو من قِبَله
مطرانًا لكنيسة أثيوبيا التابعة لسلطان الكنيسة القبطية، وكان مارأغناطيوس
ذكيًا إذ اختار مطرانًا أثيوبي الجنسية حتى لا يعترض عليه أحد، وبدأ
الشقاق بين الكنيسة القبطية وكنيسة إنطاكية.



زادت أعمال كيرلس الثالث الملتوية عن الحد، فاجتمع أربعة عشر أسقفًا سنة
1239م بكنيسة حارة زويلة واعترضوا على تلك الأفعال، وبعد مداولات كثيرة
اضطروا البطريرك إلى عقد مجمع مقدس لإصلاح أحوال الكنيسة.



أصدروا مجموعة من القوانين لذلك الهدف في حضور أحد الوزراء الفاطميين في
القلعة. رفض البطريرك التوقيع على هذه القوانين أولاً ثم وقّع عليها
ضغطًا، ولكنه عاد إلى سالف سياسته السيمونية.



تزعم الشعب الثائر في هذه المرة راهب اسمه بطرس ابن التعبان وأرادوا
محاكمة البطريرك، ولكن الأساقفة رغم اقتناعهم بعدالة المطلب سيَّجوا حول
البطريرك حفاظًا على هيبة الكنيسة والإكليروس، واجتمع الأساقفة في كنيسة
العذراء بحارة زويلة حيث تشاوروا معًا وكلفوا الأنبا بولس البوشي بنقل
رأيهم إلى البطريرك، وهو الاعتزال إلى أحد الأديرة ريثما تهدأ العاصفة.
فأخذ البابا برأيهم واعتزل في دير الشمع وظل معتزلاً حتى تنيح في 10 مارس
سنة 1243م.



رغم ضعفات هذا البطريرك إلا أنه كتب كتبًا كثيرة عن سر الاعتراف (أهمها
كتاب اسمه "المعلم والتلميذ")، وترتيب الأصوام والأسرار الكنسية والمواريث.


بعد نياحة البابا كيرلس الثالث (75)
خلا الكرسي لمدة سبع سنوات ونصف لم يفكر أحد قط من عظماء الشعب أو العامة
في سيامة البابا بسبب ما كان يلتزم به القبط من دفع رسم قدره 3000
دينارًا. وإذ تولى الملك عز الدين أيبك الجلسنلير التركماني بعد زواجه
بالملكة شجرة الدر، قدم الأقباط هدية في حدود 500 دينارًا، وانقطع ذكر
الرسم المفروض من ذلك الحين.



عُملت القرعة فأسفرت عن القس بولس الراهب الأنطوني المعروف بابن كليل
المصري، وكان قد حضر القس غبريال الراهب قريب بطرس أسقف طنبدي طامعًا في
سيامته يعضده في ذلك أولاد العسال، لكن الشعب كان يرفضه. وقد قام الأنبا
يوساب بدور هام في تثبيت سيامة القس بولس الراهب، واتفق أخيرًا الكل على
سيامته.



تمت سيامته في كنيسة السوتير (المخلص) حضرها أول وزير قبطي يُدعى شرف الدين أبي سعيد هبة الله بن صاعد النايزي.



قبل مبارحته الإسكندرية قام بتكريس عدة هياكل وسيامة عدد من الكهنة، ثم سافر إلى أديرة وادي النطرون كعادة البطاركة.



اهتم بإصلاح حال الكهنة روحيًا، وألغى السيمونية (اقتناء الكهنوت بمال).
وقد تعرض لتجارب قاسية إذ قُتل عدد كبير من الأقباط في دمشق بعد موقعة عين
جالوت وهزيمة المغول سنة 1259 م. تنيح في نوفمبر 1261 م (أول كيهك 978 ش).



[center]البابا يؤانس السابع





أستمر البابا يوحنا يحكم الكنيسة نحو 6 سنوات و9 شهور
وكانت كلها منافسة و معاكسة وخصام ، وكان البابا يوحنا جليل القدر واسع
العلم والمعرفة فلما أستقر به المنصب دبر المور فأحسن التدبير وعمل على
ازالة الوحشية بين الأحزاب وبالغ فى التلطف مع الحزم ونجح ومالت إليه
القلوب .



وتنيح فى 26 برمودة سنة 1009ش و 1293م





البابا غبريال الثالث





في القرن الثالث عشر انقسم الأراخنة والأساقفة على اختيار
مرشح للبطريركية بعد نياحة أنبا أثناسيوس الثالث، ورغم الاحتكام إلى
القرعة الهيكلية التي أفرزت غبريال، إلا أن أتباع الفريق الآخر رغم قبولهم
مبدأ القرعة الهيكلية تشايعوا متشددين لمرشحهم يوأنس (يوحنا) الملقب
"السكري". ولأن أنصار يوأنس كانوا أقوى نفوذًا فقد رسموا مرشحهم بطريركًا
باسمه وأعطوه لقب "السابع"، واستمر البابا يوحنا يحكم الكنيسة نحو ست
سنوات وتسعة شهور، كانت كلها منافسة ومعاكسة وخصام وفي خلالها تقوّى حزب
غبريال واتفق الأساقفة على عزل البطريرك يوحنا وسجنوه بأحد الأديرة وولّوا
غبريال بطريركًا مكانه باسم غبريال الثالث.



ولم تستمر حبرية أنبا غبريال سوى سنتين كرَّس الميرون المقدس في دير أنبا
مقار، وانتقل قبل أنبا يوأنس فضمته الكنيسة ضمن باباواتها برقم السابع
والسبعين ودُفِن في مصر القديمة كالعادة.



واتحدت كلمة الجميع على إعادة البابا يوأنس إلى منصب البطريركية فأخرجوه
من معتقله، وأرجعوه إلى مقره فقوبل فيه بإكرام زائد. وكان أنبا يوأنس
أثناء حبرية أنبا غبريال الثالث في الدير شاغلاً نفسه بالصوم والصلاة
وترجمة الكتب.



لم يقم بطريركًا على كرسي الإسكندرية في وقت واحد بطريركان إلا هذه المرة،
بينما جلس على كرسي روما أسقفان في وقتٍ واحدٍ 28 مرة، وثلاثة أساقفة ست
مرات، وأربعة أساقفة أربع مرات (تاريخ الانشقاق 405:3-406).





البابا ثيودسيوس الثانى





سيامته غير شعبية



إذ انتقل البابا يوأنس السابع (78) في 26 برمودة سنة 1009 ش، 21 أبريل سنة
1293م خلا الكرسي المرقسي مدة حوالي 15 شهرًا، ثم اجتمع الأساقفة دون
التشاور مع الأراخنة لينفردوا بالتشاور معًا على سيامة البابا الجديد،
فوقع اختيارهم على الراهب ثيؤدوسيوس من دير أبي فانا. كان قبلاً يدعى عبد
المسيح بن أبي مكين الإفرنجي الشهير بابن روبل، من أهالي منية بني خصيم،
وقد سيم باسم البابا ثيؤدوسيوس الثاني، عام 1294م.



متاعبه



استلم الكرسي في فترة من الهدوء والسلام بعد الضيق الذي عاناه سلفه، لكن
للأسف كان محبًا للمال فنهج منهج السيمونية (سيامة الأساقفة والكهنة مقابل
مبالغ مالية)، فصار الشعب ينفر منه خاصة وانه لم يشترك مع الأساقفة في
اختياره. وقد حاول الكثير من الأساقفة نصحه فلم يسمع لهم حتى اشتدت الثورة
في داخلهم وامتنع بعضهم عن ذكر اسمه في الصلوات الليتورجية إلى حين.



في عهده بعث يجيباسيون ملك أثيوبيا إلى السلطان محمد بن قلاوون برسالة
يخبره فيها كيف يعامل المسلمين في بلاده بكل حبٍ، مطالبًا إياه أن يقابل
هذا بمعاملة طيبة للأقباط لتقوم بينهما علاقات الألفة والمحبة.



وفي عهده غزا داود ملك النوبة صعيد مصر وإذ تدخل البابا سحب قواته.



حدوث مجاعة



جاء الفيضان ناقصًا للغاية فحدثت مجاعة بالبلاد حتى مات المئات جوعًا،
واضطر البعض إلى أكل الجيفة، وارتفعت الصلوات ليرحم الله البشرية، فجاء
الفيضان التالي وافيًا.



طلب السلطان محمد بن قلاوون عمل حصر لأوقاف الكنائس والأديرة وإحضار
الحَصر إلى ديوان الأحباس (الأوقاف) حيث أمر بتوزيعها على المماليك، كما
قام والي القاهرة مع حاجب القصر بهدم كنيسة ناحية شبرا.



في عهده عُمل الميرون بكنيسة القديس مرقوريوس أبى سيفين بمصر القديمة حيث اشترك معه 7 أساقفة من صعيد مصر وخمسة من وجه بحري.



ظل على الكرسي حتى تنيح في 5 طوبة سنة 1016ش (أول يناير 1300م) بعد أن جلس
على الكرسي 5 سنوات وخمسة أشهر وثمانية وعشرين يومًا، وقد دُفن جثمانه في
دير النسطور بالبساتين.






[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:46 am

البابا يوحنا الثامن





كان رئيس دير شهران المشهور بدير الأنبا برسوم العريان
وكان مولوداً بألمنيا ويعرف بيوحنا بن قيس بطريركاً فى 16 أمشير سنة 1016ش
و 1300م فى أيام الملك الناصر .



وفى أيامه بلغ الأضطهاد أشده وضجر الأقباط من كثرة العوائد الكروهة التى
ألزموهم بها وأرادوا أن يتخلصوا منها بالعنف فلما رأى المسلمون منهم ذلك
طلبوا من محافظ القاهرة أن يسمح لهم بهدم باقى كنائسهم كى لا يعودوا إلى
العصيان مرة أخرى فأستدعى المحافظ البابا يوحنا وأخبره بالأمر وطلب منه أن
يوصى أولاده بالخضوع لكل ما حل بهم أة يعرضون ذواتهم إلى ضيق عظيم فكتب فى
الحال البطريرك إلى جميع أساقفة الابروشيات يحضهم ويدعوهم إلى التشديد على
الشعب القبطى بأتباع ما أمروا به وخوفاً من الأضطهاد شدد عليهم وأمر أن من
يخالف هذه الأوامر يحرم من الكنيسة وأنه لابد من الرضوخ لأرادة القوة
الحاكمة .



غير أن ذلك كله لم يقنع المسلمين فطلبوا من البطريرك أن يغلق كل الكنائس
الباقية بلا تخريب ولما أبى أن يطيعهم أنهالوا عليها وأخذوا يهدمونها وهو
يحاول بحكمته أن يدفع هذا البلاء ولكنه لم يفلح .



وهكذا قضى هذا البابا على الكرسى 20 سنة و 3 شهور و 20 يوماً وكانت كلها
مفعمة بالأحزان وشديدة الوطأة على المسيحيين حتى أراحه الرب ونقله أليه فى
4 بؤونه سنة 1036ش و 1320م .








البابا يؤانس التاسع





كان من جهة نفيسة بالمنوفية وقدم بطريركاً فى أول بابة سنة
1037ش و 1321م فى عهد الملك الناصر وعقب تنصيبه شب حريق بالقاهرة وأتهم
بأشعال النار بعض الرهبان فثار المسلمون طالبين هلاك المسيحيين فطلب
القاضى كريم الدين أن يحضر أمامه البابا يوحنا ليدله عمن أحدث هذا الحريق
فأحضره الجند فى الليل خوفاً من أن تصل إليه أيدى الثائرين ولما سئل عن
الحريق ذرفت عيناه الدموع وقال أنه لا يعرف شيئاً فأمر القاضى بأطلاقه
لمقره بكل أحترام فسار به الحرس إلى دار البطريركية ولكن جماعة الغوغاء
والأوباش الذين كانوا يملأون الشوارع كادوا يمزقونه فى الطريق لولا حذر
العساكر حتى دخل البطريركية بسلام ويظهر ان تقوى هذا البابا حفظته من
الخطر فى تلك الأيام الهائلة فقضر مدة رئاسته آمناً يشاهد النكبات التى
تلحق شعبه المسكين حتى تنيح فى 2 برمودة سنة 1043ش و 1328م وكانت مدة
بطريركيته 6 أعوام و 5 شهور و 22 يوماً .








البابا بنيامين الثانى





وُلد ببلدة دميقراط بالصعيد الأقصى، أحب حياة الهدوء
والسكون فاعتزل في الصحراء بالقرب من بلدته، وإذ كان الكثيرون من أقاربه
ومعارفه يزورونه، انطلق إلى دير البغل بجبل طره ليحقق اشتياقه في حياة
الوحدة بعيدًا عن معارفه.



لم يكن ممكنًا أن تختفي فضائله، إذ أحبه الكثيرون وجاءوا يطلبون مشورته
ويسألونه الصلاة عنهم، وحين رآه الأنبا برسوم العريان تنبأ عنه أنه يجلس
على كرسي مارمرقس. وبالفعل إذ تنيح البابا يوحنا التاسع الـ81 أُختير
خلفًا له في سنة 1327م.



في أيامه هبت عاصفة من الضيق الشديد خاصة على الكنائس والأديرة وذاق
الرهبان والراهبات العذابات، وأيضًا تمررت حياة الأساقفة، هذه التي أثارها
الوالي شرف الدين بن التاج، لكنه لم يبقَ في الولاية سوى سنة واحدة إذ
وافته المنية بعدها، وجاء والٍ حليم منصف مملوء حبًا للمسلمين والمسيحيين،
فقام الأنبا بنيامين ببناء ما تهدم من كنائس وأديرة خاصة دير الأنبا بيشوي
الذي كان قد خرب تمامًا.



في السنة الثالثة لباباويته اجتمع معه 20 أسقفًا في دير القديس مقاريوس
لطبخ الميرون، من بعدها واجهت الكنيسة موجة جديدة من الضيق بواسطة السلطان
قلاوون. وقد تدخل إمبراطور أثيوبيا بتكوين جو سلام بينه وبين السلطان أعطى
للكل هدوءًا واستقرارًا.





البابا بطرس الخامس





بعد نياحة البابا بنيامين الثاني (82) ظل الكرسي خاليًا
قرابة عام، وأخيرًا اُختير الأب بطرس داود الذي ترهب بدير الأنبا مقاريوس
ثم صار كاهنًا لدير شهران، وأخيرًا البابا 83، وذلك في أواخر حكم الملك
الناصر بن قلاوون، عام 1340م.



امتاز بوداعته وتقواه مع علمه. في أيامه عانى شعبه من ضيق شديد حلّ
بالأقباط بسبب قاضي في أحد المدن كان قد سجن قبطيًا بدعوى أن جده غير
مسيحي وأراد أن يلزمه بإنكار الإيمان، وإذ رفض أخرجه الأقباط من السجن
فتحولت المدينة إلى العنف ضد الأقباط، حيث تعرض الكثيرون للعذابات، بل
ونُبشت القبور لإحراق جثث الأموات. وإذ ساد الارتباك الشديد المدينة قدم
الحاكم شكوى لسلطان مصر، الذي قام بعزل القاضي.



قام بطبخ الميرون بدير أبي مقار ومعه اثني عشر أسقفًا، ثم عاد وعانى من
المرارة التي عاشها الشعب الذين اضطروا إلى ملازمة منازلهم مدة، حتى بدوا
وكأنهم قد انقرضوا.



لم يكف البابا عن الصلاة من أجل شعبه حتى رفع الله هذه الضيقات وتمتعت
الكنيسة بجوٍ من الهدوء والراحة ما كاد يتمتع به البابا حتى طُلبت نفسه في
8 يوليو 1348 (14 أبيب 1064ش).






البابا مرقس الرابع





سيامته بطريركًا



كان في الأصل كاهنًا راهبًا لكنيسة العذراء المعروفة بالمعلقة، ومن ضمن
الآباء الذين شاركوا في الصلاة على زيت الميرون المقدس أيام حبرية البابا
بطرس الخامس، وكان له اسم الملاك المبشر جبرائيل (غبريال)، فأجمعوا عليه
الرأي وصار راعيًا أعلى للكنيسة المجاهدة وتمت رسامته في 5 سبتمبر سنة
1348م وذلك في الأيام الأخيرة لابن قلاوون، وقد عاصر ابنه الصالح الثاني.



ضيق بسبب الأسبان



من الأحداث الهامة في حبرية البابا مرقس الرابع أن طلب الأسبان فتح كنائس
الملكانيين والإفراج عن أسير أسباني، وبعد أن وافق السلطان عاد وطلب فدية
كبيرة عن الأسير، فرفضت أسبانيا ووقع الخلاف. وتحمَّل الأقباط المشاركون
في المسيحية وإن اختلفوا في المعتقد الضيقات بإيعاز من حسود شرير، ومن
مراحم الله أن مات ابن قلاوون وخلفه ابنه الصالح الثاني ولم يكن يحمل من
صفات اسمه شيئًا. فكان غضب السماء عليه فانتشر وباء الطاعون وحصد
الكثيرين، والعجيب أنه وسط هذا كان الاضطهاد واضحًا إذ قبضوا على رجل قبطي
أتى من الريف إلى القاهرة وكان ينادى على اخوته بحفظ الإيمان ويوبخ
الجاحدين وعذبوه مدة أسبوع وبعد ذلك قطعوا رأسه وأحرقوا جثته على قارعة
الطريق، وان كان غير القبط قد عانوا من الطاعون فقد عانى القبط من
الاضطهاد والطاعون.



هدم الكنائس وإحراقها



بدأت مرحلة جديدة من هدم الكنائس وإحراقها ونهب محتوياتها وصودرت أموال
القبط وألزموهم بالملابس الخاصة بأهل الذمة الزرقاء وسجنوا البطريرك
مُعَذَبًا. ومن مراحم الله أن تأتى النجدة من الحبشة ومن خارج مصر من
النوبة. ويهدد الكل بمعاملة المسلمين من رعاياهم بالمثل، فأمام الإرهاب
الخارجي يهدأ الإرهاب الداخلي.



قضى البابا مرقس الرابع بقية حياته بين شعبه يشدد من أزرهم ويحافظ على
إيمانهم ويقبل من يرجع إلى الإيمان معترفًا بخطيته ويرفع الصلوات مع
القلوب المحبة لكي يرفع الله الغمة عن شعبه. فتتجاوب السماء وتريحه من
الظلم والبطش بعد أن قضى في الخدمة البابوية قرابة الخمس عشر عامًا، وكانت
نياحته في يوم 31 يناير سنة 1363 م في أيام السلطان محمد المنصور ودفِن
بدير شهران.





البابا يؤانس العاشر





سمى يوحنا العاشر ولقب بالمؤتمن وتمت رسامته بأحتفال عظيم فى 12 بشنس سنة 1079ش و 1363م فى زمن تملك الأشراف شعبان وأصله من دمشق .



ولبث على كرسى مارمرقس مدة 6 سنوات و شهرين و 8 أيام حدثت فى خلالها مجاعة
عظيمة فى مصر وسوريا حملت سكان القطرين على أكل القطط والكلاب وتنيح فى 19
أبيب سنة 1085ش و 1369م وخلا كرسى البطريركية بعده ستة أشهر





البابا غبريال الرابع





اتفق الجميع برأي واحد على اختيار رئيس دير العذراء المسمى
المحرق واسمه غبريال المحرقي، عالمًا فاضلاً ناسكًا مهيب الطلعة، وتمّت
رسامته يوم عيد الغطاس سنة 1370م، في كنيسة القديسين سرجيوس وواخس
بالإسكندرية.



انشغال المماليك عن الأقباط بالحروب الداخلية



انشغل المماليك في حبرية هذا البابا بالحروب بين بعضهم البعض، فوقف
السلطان ومشايعوه ضد يلبغا ومشايعيه، وسقط الكثيرون قتلى، وانتصر السلطان
ثم دارت عليه الدوائر وكانت الحرب الأهلية فرصة هدوء نسبي عاشها القبط دون
اضطهاد، اللّهم إلا حريق بعض منازلهم مع الحرائق التي اجتاحت القاهرة
آنذاك.



سفينة صليبية بالإسكندرية



ومما أثار المماليك ضد القبط وصول سفينة صليبية إلى الإسكندرية، عاثت فيها
نهبًا وتخريبًا وحملت أسرى كثيرين، وعندما رحلت لم يجد المماليك أمامهم
سوى "لُبَّاس الصليب" قبط مصر، فحلّ فيهم ما حل بالمسلمين على أيدي
الصليبين وإن كان ذلك في صورة مادية بحتة، ألا وهى مضاعفة الجزية عليهم
شملت أيضًا الرهبان والأديرة.



تكريس الميرون



في تلك الأثناء صلى البابا مع أساقفته لتكريس الميرون المقدس في دير أنبا
مقار. وكانت هذه أخر مرّة يتم فيها التكريس في هذا الدير. إذ أصبحت العادة
فيما بعد أن يتم التكريس في المقر البابوي. ولكن في أوائل القرن العشرين
عاد التكريس إلى الأديرة مرة أخرى.



عاصر السلطان شعبان والسلطان علي بن شعبان المنصور، وجلس على الكرسي 8 سنوات، ثم تنيّح بسلام سنة 1378م.





البابا متاؤس الأول





في القرن الرابع عشر لم تكن الكنيسة تخرج من محنة إلا
لتجوز أخرى، وكأنّ أبواب الجحيم قد فتحها الشيطان ونسي عدو الخير الوعد
الإلهي الصادق "أبواب الجحيم لن تقوى عليها".



نشأته



في نهاية القرن الرابع عشر ترأس الكنيسة عملاق ممن بلغوا الذروة في الكمال
والقداسة، إذ شابَه القديس أثناسيوس بولعه بممارسة الشعائر الدينية في
صغره. وشابه الأنبا شنودة رئيس المتوحدين في أنه كان يرعى الغنم ويوزع
طعامه على الرعاة لينصرف للصلاة وكانت الوحوش ترهبه عند رؤياه أو حتى تسمع
صوته بل وكان بعضها يستأنس به في البرية. وشابه الأنبا أنطونيوس في ظهور
الشياطين له دون أن يرهبها، ومتقشفًا مثل الأنبا بولا أول السواح. كان
أشبه بملاكٍ يلبس صورة إنسان، عاش بين الناس أكثر من نصف قرن وكان كما من
ظهورات الملائكة.



رهبنته



ترهب البابا متاؤس الأول - الشهير بالمسكين - في دير بالصعيد وهو في
الرابعة عشر من عمره وظل راعيًا للغنم يصوم معظم الوقت ولا يأكل سوى أقل
القليل في الصيف والشتاء، وقد كان أسقف المنطقة يرقبه دون أن يعرف، ولما
بلغ الثامنة عشر كرسه قسًا راهبًا. وهو غير القديس متاؤوس (متى) المسكين
الذي من دير "الفاخورى" بأصفون المطاعنة شمال غرب مدينة إسنا بصعيد مصر،
المشهور بصداقته للوحوش.



هروبه إلى دير الأنبا أنطونيوس



هرب من الكرامة إلى دير أنبا أنطونيوس دون أن يعلن أنه كان كاهنًا وخدم
كشماس ولكن الله كشفه أمام اخوته. تارة إذ كان يقرأ الإنجيل المقدس خرجت
يد من الهيكل وقدمت له البخور ثلاث مرات واختفت، ففهم الأخوة مكانته
الكهنوتية ومستقبل أيامه.



هروبه إلى بيت المقدس ثم عودته إلى الدير



هرب مرة ثالثة إلى القدس وانشغل بتشييد المباني نهارًا والعبادة ليلاً.
ولما ذاعت فضائله عاد إلى أحضان أب الرهبان ثانية ووصل إلى رئاسة الدير،
وأثناء تضييق الخناق على الأقباط كان من نصيبه ومن نصيب الشيخ مرقس
الأنطوني القبض عليهما والنقل إلى القاهرة وسط الإهانات والضرب. ولما لم
يسمح لهما الحراس بالماء أسعفتهما السماء بمطرٍ غزيرٍ وسط الصيف! وحالما
وصلا إلى مقر سجنهما صدر الأمر بإطلاق سراحهما فعاد القديسان إلى الدير،
وانتقل أبونا المسكين إلى دير المحرق ليعمل أعمال القديسين من غسل وطهي
وكنس وخدمة المرضى والشيوخ والزوار.



إنقاذ ضبعة صغيرة



حدث في إحدى المرات أن كان أبونا المسكين في خلوته في الصحراء وإذا بضبعه
تقترب منه وتقوده إلى حيث لا يدرى وإذا بها تصل به إلى مغارة فيدخلها معها
وينظر فإذا بالضبعة الصغيرة ابنة الكبيرة ساقطة في بئر جاف فينزل وينقذها
وسط مظاهر فرح الضبعة الأم.



سيامته بطريركًا



كان الأراخنة والأساقفة يتباحثون في من يعتلى السدة المرقسية، وحالما سمع
أن اسمه ذُكِر هرب واختفي في قاع مركب فأنطق الله طفلاً يرشد الباحثين
عنه. ولما قبضوا عليه قطع لسانه لكي يظهر ناقصًا ولكن الكرامة الإلهية
أكملت ضعفه في الحال وعاد لسانه سليمًا فلم يجد مفرًا من القبول بعد
استشارة شيوخ الدير، وهكذا انتقل من رعاية الغنم إلى رعاية القطيع البشري
في مراعي ملكوت السموات وسط الضيق، وتمت مراسم السيامة في المرقسية
بالإسكندرية في 25 يوليو سنة 1378م.



تواضعه



لم تغيره رتبة البطريركية عن تواضعه ونسكه وسهره وصلواته وخدماته للكل
خصوصًا الرهبان والراهبات إذ كان حنانه قويًا عليهم كأبٍ. وقد وضع جرسًا
في منارة القلاية البطريركية بحارة زويلة لينبه به المؤمنين إلى الصلاة
ولا يزال هذا الطقس موجودًا إلى الآن في الأديرة خصوصًا في تسبحة نصف
الليل.



مع محبته لشعبه وتواضعه كان يعاون العمال في أدنى الأعمال، لكنه كان
مهوبًا للغاية. حين يقف أمام الهيكل يسطع وجهه بنورٍ سماويٍ وتلمع عيناه
جدًا، متطلعًا إلى السيد المسيح الذي كثيرًا ما كان يظهر له.



ليس غريبًا أن نجد أن المخازن تمتلئ وسط الضيقة والمجاعة وتتحول
البطريركية إلى مصدر لإطعام الجميع في مصر دون تفريق، والعجيب أن الذي
"أكل خبزي رفع عليَّ عقبه" فكان الذي يشبعون من خير القبط يتحولون ليخربوا
الكنائس.



امتاز هذا البطريرك بالشفافية العجيبة ورؤية الأحداث قبل وقوعها. فقد حذر
الرهبان من المجاعة كما حذر كثيرين من سوء أفعالهم. وسقط شماس ميتًا عندما
كذب وأخفي وثيقة ملكية حديقة ليتامى.



كان صاحب المشورة الصالحة للحكام ولكل من يلجأ إليه. وقد حدث ذات مرة أن
أحد البنائين في كنيسة حارة زويلة وقع من أعلى الكنيسة ووقع عليه الحجر
الذي يحمله فمات، ولما علم البابا رفعه إلى حيث أيقونة القديسة العذراء
مريم شفيعته وصلى ورش عليه الماء فكان كل جزء ينزل عليه الماء يتحرك وقام
الميت.



حاول الرعاع كالعادة - رغم تدخل الوالي - أن يحرقوا كنيسة العذراء
المعروفة بالمعلقة وكان البابا بالدير، ورموا جمرة متقدة وعندما همَّ
الرهبان بإطفائها ساعدتهم السماء إذ أمطرت بغزارة. وحاول المعاندون مرة
أخرى حرق دير شهران فسارع البابا إلى الدير وواجههم بذاته وحده صارخًا:
"من منكم له سلطان فليقتلني أولاً" فهرب الجميع.



اهتمامه بأولاده



كان ساهرًا على رعيته، يزورهم ويقضى حاجات المعوزين منهم ويوصى رجال الحكم
علي أولاده فنالوا بفضله إكرامًا وتكريمًا، ومن كان منهم في ضيقة أمام
رئيسه كانت تتحول إلى نعمة بفضل صلواته. إذ أنكر أحد الرهبان الإيمان وكان
عنيفًا يفتري على الرهبان لدى الحكام سأله البعض أن يدعو عليه، أما هو
فقال لهم أنه يدعو له ليرده الله إلى الإيمان ويمنحه إكليل الاستشهاد، وقد
تحقق له ذلك.



وهبه الله أيضًًا نعمة إخراج الشياطين لأن من كان طعامه الصلاة والصوم قوته ترهبه الشياطين.



علاقته بالسلطان برقوق



كان الشعب يأتي إليه للاستشارة في كل أمورهم الخاصة من أجل حكمته
السماوية، حتى السلطان برقوق لم يقبل السلطنة إلا بعد استشاراته، الذي
بدوره طلب صلوات الأب مرقس الأنطوني.



لما خلع المملوكان الأميران منضاش ويلبغا السلطان برقوق ونفوه إلى سوريا
حاولوا أن يعيثوا فسادًا في مصر عامة ومع الأقباط خاصة ولم يسلم من
أيديهم. قام الأول بتعذيب البابا الذي احتمل بشجاعة أخجلت الأمير. أما
الثاني فكان عنيفًا في اضطهاده فتحدث معه البابا بشجاعة. فقام بحبسه وأمر
بضرب عنقه بالسيف. وإذ قدم البابا رقبته قائلاً: "اضرب سريعًا" ذهل الأمير
وأطلقه. وقد سُجن يُلبغا ومات سجينًا بالإسكندرية.



لم تنقض فترة وانقلب المتآمرون على أنفسهم وعاد برقوق إلى مصر وسط تهليل الجميع وعلى رأسهم البابا القبطي وكهنته.



وعندما أراد السلطان برقوق توطيد العلاقة مع أثيوبيا لم يجد سوى البابا
القبطي وسيلة لإحلال السلام، فلم يكتب البابا إلى الملك الذي كان على
العرش، وكان يدعى "ويدم أصغر" وكان شريرًا، بل كتب لأخيه داود، وعندما
تحير حاملو الرسالة نصحهم بعدم التسرع بالحكم عليه، فلما وصلوا إلى
أثيوبيا وجدوا أن الملك المغتصب كان قد عُزِل وحل محله من كتب إليه البابا
الخطاب. ففرح بالرسالة وسألهم: "أين هديتا البابا: الصليب والمنديل؟" وإذ
تعجبوا كيف عرف ذلك قال لهم أنه رأي البابا داخلاً عليه وقد أعطاه صليبًا
ومنديلاً هدية، وقد كانت رسالة البابا إليه بالحقيقة كما رأى في رؤياه.



مات برقوق وتولى ابنه الناصر فرج فسلك مسلك أبيه، لكن الأمير سودون اغتصب
منه الحكم، وكان عاتيًا، وقد تآمر من رفاق الشر على القضاء على الأقباط.
فاعتكف البابا في كنيسة الشهيد أبى سيفين لمدة سبعة أيام بأصوامٍ وصلواتٍ
حتى ظهرت له القديسة مريم وطمأنته، فخرج وجهه يسطع كملاكٍ، وإذ طلبه سودون
صارحه بكل ما كان ينوي عليه ضد الأقباط ثم أطلقه.



تكرر الضغط على القبط فوجَّه إلى الأمير العاتي الملاك ميخائيل فأرداه
قتيلا. وعندما حاول أمير المماليك جمال الدين الفتك بالبابا شخصيًا وأرسل
في طلبه صرف البابا الرسل مكرمين طالبًا أن يمهلوه إلى اليوم التالي،
وعندما عادوا إليه في اليوم التالي كان قد لبى نداء السماء وفاضت روحه
الطاهرة. لكن الله سمح بغضب السلطان عبد العزيز بن برقوق على الأمير فأخذ
ماله وأمر الجنود بضربه حتى مات.



حسب وصية البطريرك، الذي كان قد أعلن لتلاميذه موعد انتقاله دفن في دير
الخندق (الأنبا رويس حاليًا)، وكانت نياحته في 31 ديسمبر من سنة 1408م.



من العجيب أنه في ليلة وفاة البابا سُمِع من رفات القديسين في دير الأنبا
مقار صوت قائل "قوموا افتحوا الباب لأن متاؤس قد حضر"، ولما عرف الرهبان
الخبر علموا بالروح أنه انتقل إلى الأمجاد. هذا وقد رؤي البابا يبخر بين
الموتى بعد رقاده، وكأنه يجول مفتقدًا أولاده بعد رقاده، وبالحقيقة فان
خدام الله يخدمونه في كل وقت حتى وبعد انتقالهم، فإنهم أرواح خادمة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:50 am

البابا غبريال الخامس





تنبأ البابا متاؤس قبل نياحته بمن سيعتلى الكرسي البابوي
من بعده، ولكن في زمرة الأحزان التي سادت عند انتقاله وافتقادهم له نسي
الجميع ما قاله، وتذكر الجميع غبريال المترهّب بدير أنبا صموئيل القلموني
- المعترف - وتمّت رسامته باسمه ولُقِّب الخامس وذلك في سنة 1409م في
ولاية السلطان فرج بن برقوق.



بدأ حياته موظفًا ثم مال إلى الرهبنة، وفاق أترابه في فضائلها، خصوصًا
الزهد والتقشف في المأكل والملبس. وظل على حاله بعد أن صار بطريركًا. وقد
اعتاد هذا البطريرك أن يزور أبناءه سيرًا على الأقدام في رضى وفرح.



سيامة بطريرك إنطاكية



من الأحداث الجديرة بالذكر في فترة حبريته، أن جاءه من إنطاكية كاهن اسمه
باسيليوس بهنام بتوصية أن يرسمه البابا السكندري بطريركا لإنطاكية،
وبالفعل تمّت الرسامة باسم مار أغناطيوس بهنام الأول وزوّده البابا الفقير
بكل ما يحتاج إليه في سفره حتى دابته.



وساطته لدى أثيوبيا



في مدة رئاسته فرغت خزينة البطريركية، فكان البابا يعتمد في قوته الضروري
على أولاده. وكانت الكنيسة الأثيوبية قد قطعت معونتها للكنيسة المصرية في
عهده.



في عام 1418م دعاه مجلس الحكومة المصرية وهدّده بالموت إن لم يمنع
الأثيوبيين الذين تحت سلطته من مضايقة التجار المسلمين النازلين في
أثيوبيا، فكتب للملك بالرغم من معاناته من الاضطهاد الشديد في مصر.



رعايته لشعبه



لم تكن زيارات البطريرك لشعبه إلا للرعاية والتثبيت على الإيمان المستقيم،
وقد زوّد شعبه بكتابات كثيرة في الطقوس الكنسية، بكل دقة لكي يسلّموها
للخلف دون تحريف ويفسّرونها لهم.



بعد أن قضى في رئاسة الكهنوت حوالي ثماني عشرة سنة، انتقل إلى الأمجاد
السمائية سنة 1427م ودفن بإكرام في كنيسة العذراء ببابليون الدرج في مصر
القديمة.



نياحته



ليس عجيبًا أن يؤرخ لتلك الفترة من غير القبط كثيرون، منهم الشيخ السخاوى
الذي وصف لنا صورة ومشهد انتقال البابا غبريال ونقل صورة ناطقة لاختيار
ورسامة البابا يوأنس الذي سمّاه "يونس"، وسمّاه أيضًا بلقب اليعقوبي
والنصراني




البابا يؤانس الحادى عشر





بعد نياحة البابا غبريال الخامس كان يسوس إدارة الكنيسة
راهب من دير طره يدعى ميخائيل، وكان يؤيده الكثيرون لنوال البطريركية، لكن
إرادة الله سمحت أن يختار القس الأسعد أبو الفرج بطريركًا.



كان كاهنًا لكنيسة أبي سيفين بدرب البحر بفسطاط مصر، وكان مشهورًا
بالفضيلة والعلم ويقوم بالتدريس في مدرسة قبطية عظيمة بالمكس. وتمت رسامته
كالعادة بالإسكندرية في مايو 1427م بعد أربعة أشهر من نياحة سلفه، وكان
معاصرًا الأشرف برسباي المملوكي.



أزمات اقتصادية صعبة



وبالرغم من هدوء الأحوال السياسية إلا أن مصر واجهت في عهده أزمات
اقتصادية صعبة نتجت عن انخفاض مياه النيل وحدوث زلزال مدمر وتفشي وباء
الطاعون.



زيارة البطريرك الأنطاكي مصر



من الأحداث الهامة في حبريّة هذا البابا أن زار مصر البطريرك الأنطاكي سنة
1430م، وصلى الاثنان قداسًا حبريًا كأعضاء كثيرون في جسد المسيح الواحد.
واستجاب البابا القبطي لمطالب أخيه الأنطاكي وبدأ صلوات تكريس الميرون
المقدس لتحصل إنطاكية على احتياجاتها منه.



إغلاق بعض الكنائس



من ناحية الدولة أصدر أحد شيوخ المسلمين فتوى بضرورة الكشف على الكنائس
وهدم ما أُضيف إليها وجُدِد فيها، وبالفعل أُغلِقت بعضها لحين التحقيق ومن
نعمة الله أن أعيد فتحها.



ثم دَعَى السلطان المملوكي إلى مجلس من شيوخ المسلمين والبطريرك القبطي
ورؤساء الطوائف اليهودية في مصر، وألزموهم إلزامًا شرعيًا بعدم تجديد
كنيسة أو دير أو صومعة أو معبد.



حاول ملك أثيوبيا مطالبة السلطان المملوكي بمعاملة القبط في مصر كما
يتعامل المسلمون في بقاعهم، ودلل على ضيق القبط وقتلهم وصعوبة أدائهم
الشعائر الدينية، مما ضايق السلطان المملوكي ظنًا أن القبط شكوا له سوء
أحوالهم. والعجيب أن السلطان المملوكي لم ينفِ ما قيل بل اتهم القبط
بالتشهير، وقبض على البابا وأمر بضربه ضربًا مبرحًا. ولما تأخر الوفد
المملوكي لدى ملك أثيوبيا الذي سجنهم، قبض السلطان على البابا وألزمه
بالكتابة لملك أثيوبيا يطالبه بسرعة إعادة الوفد وإلا قضى السلطان
المملوكي على القبط، فماطل الملك الأثيوبي ثم أعاد الوفد، فقبض السلطان
على البابا ثالثة وأمر بضربه وسجنه والزمه إلا يرسم مطرانًا أو أسقفا أو
كاهنًا لأثيوبيا إلا بعد الرجوع إليه، وحذره إن لم ينفذ الأمر سيضرب عنقه،
وشهد شيوخ المسلمين للمذاهب الأربعة على الحكم.



كان موقف السلطان مشجعًا للرعاع للتشبث بمعاداة القبط، وحدثت أحداث مؤسفة كثيرة راح ضحيتها كثيرون.



ولم يقف السلطان المملوكي عند هذا الحد بل أصدر أمرًا ألا يُعالِج الأطباء
القبط واليهود المسلمين، وإن رفض عقلاء المسلمون تنفيذ ذلك لثقتهم في
أمانة ومهارة القبط، كما أمر القبط ألا يستخدموا جاريات مسلمات.



نضب نهر النيل



وكأن السماء (واقفة) للسلطان المملوكي بالمرصاد، فنضب نهر النيل وساد
الكساد، ودعى السلطان للصلاة في كل مكان ولا مجيب، فاستمال القبط للصلاة،
فدعى البابا للصلاة من أجل العباد والبلاد، ففاض النيل في زمن الانحسار.
لم يكتفِِ السلطان بما فعله بالبابا والقبط بل وأصدر أمرًا آخرً بطرد
القبط من مناصبهم وإبقاء من أعلن إسلامه منهم، فتحوّل كثيرون ممن استهوتهم
المناصب الأرضية إلى غير دين المسيح وجحدوا الإيمان، ولم ينقذهم ذلك من
غضب السلطان فصادر الأموال وبدد الشمل.



على أن الله لا يترك نفسه بلا شاهد في أي زمان أو مكان، وكأن الضيقة سمة
أساسية من سمات الفرح في المسيحية، فظهرت المدائح والترانيم وانتظم الشعب
في الاجتماعات والوعظ، وجال الأساقفة مع الكهنة يشددون من أزر القبط
ويرفعون الصلوات. ووسط هذا وذاك لبّى البابا نداء السماء في 4 مايو سنة
1452م، في سلطنة فخر الدولة عثمان بن القائم بأمر الله الملقب بالمنصور،
ودفن في دير الخندق (أنبا رويس الآن) إلى جوار البابا متاؤس الأول.



مجمع فلورنسا بإيطاليا



في أيام البابا يوحنا الحادي عشر اجتهد ملوك الإفرنج وعلى رأسهم ملك
القسطنطينية على إيجاد اتحاد بين مسيحي الشرق والغرب. بعد تفكير طويل
استقر الرأي على عقد مجمع بمدينة فلورنسا لهذا الهدف، يحضره أسقف روما
وبطريرك القسطنطينية وغيرهما من نواب الشعب الأرثوذكسي. أرسلت الكنيسة
القبطية نائبًا من قبلها لحضور المجمع يُدعى يوحنا، وهو رئيس دير الأنبا
أنطونيوس لكنه وصل فلورنسا بعد انفضاض المجمع. وكانت نتيجة المجمع عودة
الاتحاد بين كنيستى اليونان والرومان وعاد رؤساء الكنائس إلى بلادهم بنية
الاجتماع مرة أخرى، لكن لم يتحقق الاتحاد الذي سعى إليه الملوك لأن طلبات
أسقف روما تجاوزت الحدود.



ادعى البعض أن ارسال مندوب من مصر يعني خضوع الإسكندرية لبابا روما. تُعلق
المؤرخة الإنجليزية بوتشر على ذلك بقولها: "ولكني أقول أنها لو كانت خاضعة
له من قبل كما يقولون لما كان يعين بطريركًا خاصًا له في إيبارشية
الإسكندرية ذاتها التي فيها البطريرك القبطي مما يثبت صحة الانفصال وعدم
الخضوع..."





البابا متاؤس الثانى





اتفقت الآراء على أحد رهبان الدير المحرق وكان راهبًا
ناسكًا بسيطًا، اتخذ لقب الصعيدي لكي يميزه عن سميه العظيم البابا متاؤس
البسيط، وتمت رسامته في الإسكندرية سنة 1445م وكان مقره الرئيسي كنيسة
العذراء بحارة زويلة مقر البطريرك سلفه.



في حبرية البابا متاؤس تولى السلطنة أربعة تميزوا بالاعتدال، فانصلحت
الأحوال الداخلية للبلاد في عصر هذا البابا المبارك وعادت مصر ترسم أساقفة
وكهنة لأثيوبيا، ورسم لهم البابا القبطي مطرانًا جديدًا عوض الذي تنيح.
كانت الفرصة مواتية لكي يزور البابا شعبه في معظم البلدان والأديرة، ويقوم
بعمل الميرون.



كما عاش في هدوء الملائكة هكذا أيضًا انتقل سنة 1458م، ودفن بجوار سميه العظيم في دير الخندق





البابا غبريال السادس





لم تنقضِ خمسة شهور على نياحة البابا متاؤس الثاني حتى
اجتمع رأي الأساقفة والأراخنة على اختيار غبريال الأنطوني العرباوي، الذي
نشأ وتربّى في قرية العرابة المدفونة أو أبيدوس بالقرب من البلينا لكي
يترأس السدة المرقسية، وفعلاً تمت رسامته في 9 فبراير سنة 1458م، وأقام في
نفس المقر البابوي آنذاك ألا وهو كنيسة العذراء مريم بحارة زويلة.



لم تشهد فترة رئاسته اضطرابات أو مضايقات من جانب السلاطين المماليك أو
الرعاع، ونمت الكنيسة في عهده في بناء الكنائس وتجديد القديم منها وكذلك
الأديرة وتشجيع الرهبان والرهبنة. وقد استمرت رئاسته ثمانية أعوام وعشرة
أشهر رقد بعدها في الرب وذلك سنة 1469 م، ودفن بجانب اخوته السابقين في
دير الخندق بعد جنازة شعبية ورسمية كبيرة





البابا ميخائيل الرابع





خلف البابا غبريال السادس على كرسي مار مرقس، وكان من
سمالوط وقيل سنباط، أقيم بطريركًا في 13 أمشير سنة 1193ش الموافق 1477م في
عهد تملك الأشرف أبي النصر قايتباي الظاهري. وأقام في البطريركية سنة
واحدة وثلاثة أيام وتنيح في 16 أمشير سنة 1194م ش الموافق 1478م، وخلا
بعده كرسي الرئاسة لمدة سنتين وشهرين وسبعة أيام.



الجدير بالذكر أن علاقة الكنيسة القبطية بأثيوبيا في عهده قد بدأت تسوء بسبب سوء العلاقة بين سلطان مصر قايتباي وملوك أثيوبيا









البابا يؤانس الثانى عشر





خلف البابا غبريال السادس على كرسي مار مرقس، وكان من
سمالوط وقيل سنباط، أقيم بطريركًا في 13 أمشير سنة 1193ش الموافق 1477م في
عهد تملك الأشرف أبي النصر قايتباي الظاهري. وأقام في البطريركية سنة
واحدة وثلاثة أيام وتنيح في 16 أمشير سنة 1194م ش الموافق 1478م، وخلا
بعده كرسي الرئاسة لمدة سنتين وشهرين وسبعة أيام.



الجدير بالذكر أن علاقة الكنيسة القبطية بأثيوبيا في عهده قد بدأت تسوء بسبب سوء العلاقة بين سلطان مصر قايتباي وملوك أثيوبيا.





البابا يؤانس الثالث عشر





في أيام حكم قايتباي الوالي المملوكي الذي اتسم عهده
بالهدوء النسبي في الصراع بين المماليك، اتفقت آراء الأساقفة والأراخنة
بعد خمسة شهور من نياحة البابا يوأنس الثاني عشر على اختيار الراهب
المتوحد "يوحنا" الملقب بابن المصري المولود في صدفا بمديرية أسيوط، وتمت
رسامته في 10 فبراير 1484م في كنيسة العذراء بحارة زويلة المقر البابوي
آنذاك، وحمل اسم سلفه "يوأنس" بلقب الثالث عشر.



حبه المتناهي للمعوزين والفقراء



لقد تشابهت أيّامه مع المتنيّح البابا متاؤس المشهور بحبه المتناهي
للمعوزين والفقراء، فلم يطرق بابه إنسان إلا ووجد حاجته دون نظر إلى سنٍ
أو مذهبٍ أو دينٍ. فكان عطاؤه للكل بلا حدود، ومع هذا ازدهر البناء في
الكنيسة في عصره بدرجة كبيرة جدًا، وبلغت الكنيسة شأوًا كبيرًا في الداخل
والخارج، فكانت الخدمة الكنسية على أحسن أحوالها كمًّا وكيفًّا بمساندة
الأنبا ميخائيل الرابع أحد أساقفته.



وقد قام البابا يوأنس بإحضار جسد القديس مرقوريوس أبي سيفين إلى الكنيسة المكرّسة باسمه في مصر القديمة بدرب البحر في سنة 1488م.



عاش البابا فقيرًا من الناحية المادية، لكنه كان غنيًا في كل مجال، ففي
الناحية العلمية كان ضليعًا في العلوم الكنسية وله كثير من المؤلفات في
طقوس الكنيسة وفي تعاليمها تزود بها أهل عصره.



سيامة أسقف قبرصي



ومن ناحية دور الكنيسة مسكونيًا، فقد وجه خطابًا بابويًا إلى أساقفة قبرص
والخمس مدن الغربية وأثيوبيا. والجدير بالذكر أنه هو الذي رسم أسقفا
قبرصيًا هو الأنبا ميخائيل القبرصي مطرانًا قبطيًا على قبرص ورودس، ولازال
التأثير القبطي واضحًا في نقوش الكنائس والقصور فيهما حتى يومنا هذا،
ولازالت إحدى كنائسنا هناك باسم القديس أنطونيوس ويوجد دير يحمل اسم أنبا
مقاريوس وهو "سوري اجار" (دير أنبا مقار). وكان القبط آنذاك أحد فئات
الشعب وضمن الإحصاء العام الذي اضطلع به التُرك بعد حكمهم الجزيرة لتحديد
الضرائب.



إيبارشيات المدن الغربية



أما من ناحية الخمس مدن الغربية فيذكر المؤرخون أن المسيحية انتهت تمامًا
فيها في بابوية الأنبا يوأنس السادس زمن حكم صلاح الدين الأيوبي، بعد أن
كانت من أهم المراكز المسيحية التابعة للكرسي السكندري وكانت إبروشياتها
عامرة تشغلها الأساقفة. لكننا نجد للقبط أسقفًا في عهد البابا يوأنس
الثالث عشر حتى دخول العثمانيين شمال أفريقيا في العقد الثاني من القرن
السادس عشر الميلادي وكان اسمه "قرياقوص"، وقد ترك هذا الأسقف إيبارشيته
وعاد إلى مصر بعد الحكم العثماني لها وذهب إلى دير السيدة العذراء الشهير
بالسريان حيث قضى بقية حياته. ونعرف من إيبارشيات المدن الغربية ما يلي:
أفريقية وبرقه وبرنيقه وطرابلس الغرب ومراقية في ليبيا وتونس ودرنة وقابس
وقيروان في تونس.



أسقف برتغالي لأثيوبيا



أما من جهة أثيوبيا، فقد تعذر على البابا السكندري إرسال مطران قبطي -
كالعادة - لأولاده الأثيوبيبن بسبب الخصومات بين سلاطين مصر المماليك
وملوك أثيوبيا، مما دفع داود الثاني ملك أثيوبيا إلى مخاطبة البرتغال
لتعيين أسقف وفعلاً رسم الحبر الروماني أسقفا للأثيوبيين، والعجيب أنه
سماه "بطريرك الإسكندرية" وكان برتغاليًا اسمه (بواز بارموداز Poaz
Parmodaz) رغم ما في ذلك من تَحَدٍّ واضح وصريح للأصول الأخوية ولقوانين
المجامع المسكونية خصوصًا مجمع نيقية.



ولكن أصلحت الأحوال وأرسل داود الملك الأثيوبي أميرين أثيوبيين أحسن قنصوة
الغوري استقبالهما واستقبلهما البابا المصري بالترحيب ووعدهم بإرسال أسقف
مصري.



هجوم القبائل العربية على ديري الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس



والجدير بالذكر أن عصر المماليك اشتهر بالمتناقضات، ففي الوقت الذي عاش
فيه الأقباط مع المسلمين في سلام إبان حكم قنصوه الغوري، وظهر ذلك في
تعييدهم معًا بوفاء النيل وعيد النيروز، وازدهار هندسة البناء وزخرفة
المباني والهندسة الزراعية وتقدم الطب خصوصًا طب العيون، إلا أن عدو الخير
زرع شوكًا وسط الحنطة، فقد هجمت القبائل العربية المقيمة في الوجه القبلي
على ديري الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس وحطموا كل ما فيها بعد أن قتلوا
الرهبان، وكانوا كلما احتاجوا إلى وقود كانت الكتب المقدسة والمخطوطات
والكتب الكنسية هي زاد هذا الوقود، ولازال أثر الحرائق واضحًا على رسوم
وجدران الديرين، وإن كانت يد العمارة قد امتدت لتغسل عار همجية الغزاة
الذين لم يراعوا حرمة عجوز أو ناسك أو كتاب يحث الناس على الفضيلة.



الشهيد صليب



من الأسماء الشهيرة لشهداء القبط في عصر هذا البابا الجليل القديس "صليب"
الذي لازال جسده لم يرَ فسادًا حتى يومنا هذا، وقد نقلت بعض مخلفاته إلي
دير مارمينا العجايبى بمريوط. وقد نال إكليل الشهادة بعد أن صلبوه على
صليب من خشب داروا به شوارع القاهرة فوق جمل، كأمر قضاة المسلمين الأربعة،
ورغم هذا كان صامتًا ونعمة الله حالة على وجهه الذي كان يشع نورًا وقطع
السياف رأسه بعد أن قال: "إنني عشت نصرانيًا وأموت نصرانيًا".



ضيق من المماليك



من متناقضات العصر المملوكي أيضًا أنه رغم امتداد حكمهم لفترة طويلة
واتساع سلطانهم إلى سوريا وقبرص والحجاز، ورغم اندحار الصليبيين والمغول
على أيديهم، إلا أن المصريين لاقوا صنوفًا من الجور والتعسف والافتقار
والمذلّة والضرائب الباهظة من السادة المماليك بالإضافة إلى الفتن
والاضطرابات الداخلية، وكان القبط أوفر حظًا في تلك الإساءات التي امتدت
إلى الكنائس والأديرة بالتخريب والتدمير.



تدمير الأديرة والكنائس



من أشهر الأديرة التي دمرت في هذه الحقبة:



دير القصير - قلته - وكانت به أيقونات من أجمل الصور للقديسة العذراء مريم.



دير مار يوحنا ودير أبي مينا بمغارة شقلقيل على أعلى الجبل يطل على النيل ناحية منفلوط.



دير بقطر بمحاجر أبنوب، ودير أبو هرمينا الراهب الناسك، ودير السبعة جبال بأخميم، ودير أنبا بسادة أو بشادة من علماء النصارى.



دير نهيا بالجيزة، وكان كما يقول المؤرخ أنه كان من أنزه وأطيب المواقع وأجمل الأديرة.



دير إيسوس وله عيد في 15 بشنس وفيه بئر يعرف باسم إيسوس يفيض ماؤه في
عيده، والعجيب أن هذا الدير كان أول من أعطى المصريين فكرة عمل مقياس
لفيضان مياه النيل، إذ أن ارتفاع الماء في هذا البئر كان هو نفسه الارتفاع
الطبيعي لفيضان نهر النيل.



دير يحنس القصير على رأس الجبل غربي أسيوط.



لم يفلت من التخريب سوى الدير الذي آوى السيدة العذراء مريم مع رب المجد
في طفولته ويوسف النجار - دير العذراء بجبل درنكة بأسيوط أو دير قرية
النصارى الصعايدة، ودير موشة خارج أسيوط وقد أقيم على اسم "توما الرسول
الهندي". وكانت القبطية الصعيدية لهجة تلك المنطقة كما أنهم كانوا
متبحّرين في القبطيات واللغة الرومية.



من الكنائس التي أصابها التخريب كنيسة بومينا الحمراء، أما كنيسة الألزهري
التي كان بها كثير من النصارى فقد حفر الرعاع حولها من جميع الجوانب حفر
عميقة حتى تقع وحدها دون تخريب، ولكن الغوغاء انتهزوا فرصة صلاة الجمعة
والشوارع شبه خاوية وتركوا الصلاة وتسلقوا الكنيسة وخربوها عن آخرها،
وأخذوا ما بها من تراث وستور وصور وجرار خمر شربوها وباعوا ما فضل عنهم
وهم مترنحين. وخرجوا منها إلى كنيسة دير للبنات فكسروا أبوابها وسبوا
البنات وحرقوها. وكنيسة أخرى في أخميم كان اسمها "إيسوتير" (المخلص) وكان
فيها بئر إذا وُضع ماؤه في القنديل صار أحمرا كالدم. وكانت جميع الكنائس
التي خربت مائة وستين كنيسة، ولم يبقَ منها سوى أربع كنائس. وعندما كانت
الكنائس تخرب كانت البيوت تفتح للصلاة ونسي الأشرار الوعد الإلهي: "ها
أنذا قد جعلت أمامك بابًا مفتوحًا في السماء".



انتعاش روحي



رغم هذه الضيقات كانت الكنيسة في ازدهار منقطع النظير وكانت ممتلئة فرحًا
وسلامًا بفضل راعيها السماوي وراعيها الأرضي الذي جاهد الجهاد الحسن مدة
أربعين عامًا، وترك لنا رصيدًا كبيرًا وذخيرة روحية لا ينضب معينها في
تعاليم الكنيسة وطقوسها.



نياحته



لما كملت أيام خدمته مضى إلى بيته في 5 فبراير سنة 1524م، في أرض الأحياء
وتمت مراسيم الصلوات الجنائزية في كنيسة العذراء بحارة زويلة حيث دفن
أيضًا مع سابقيه. وقد شاهدت بابويته نهاية دولة المماليك الجراكسة، إذ
انتصر عليهم سليم الأول السلطان التركي وتحوّلت مصر أثنائها إلى ولاية
تابعة للإمبراطورية العثمانية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:53 am

البابا غبريال السابع





مضي وقت تردّت فيه الأحوال السياسية والاقتصادية
والاجتماعية في مصر أثناء حكم الدولة العثمانية، ظهرت عناية رب الكنيسة في
اختيار "مطيّب القلوب" الراهب "روفائيل" من دير السريان وهو نفس اسمه
بالميلاد، وكان من قرية أبو عايشة من أعمال القوصية والدير المحرق. وكان
أبوه كاهنًا لكنيسة الشهيد مرقوريوس بمصر القديمة وقد شجّعه على حياة
الرهبنة، واتفقت عليه الآراء بسرعة ونال كرامة البابوية سنة 1525م باسم
حامل البشارة "غبريال" وهو أول بطريرك يُختار من دير السريان، وذلك في عهد
السلطان سليمان.



مُنَجِّم يهودي يثير السلطان العثماني



قد واجه في أول سني خدمته حسد الشيطان عن طريق منجم يهودي يلتجئ إليه
السلطان العثماني سليمان الذي خلف والده سليم الأول، إذ أشار إليه هذا
المنجم أن حُكمه سيكون في خطر طالما بقى النصارى في مصر وبلاد الشرق، إذ
ربما يشجّعون الروم ضده. وقد أخذ برأيه فعلاً، ولكن قبل أن يصدر أمره
بالقضاء على القبط تجلت العناية الإلهية على لسان وزير هذا السلطان واسمه
بيروز باشا إذ قال له: "إن فعلت هذا خربت مملكتك" فلم يستمر على رأيه.
التجأت الكنيسة للصلاة والطلبة لأنه ليس لنا معين في شدائدنا وضيقاتنا سوى
الآب السماوي.



تعمير الأديرة



من مآثر هذا البابا الجليل تعمير دير أنبا أنطونيوس بالأنفس والمباني وقد
كتب عنه في سجلات في دير أنبا أنطونيوس العظيم: "كان هذا الأب طويل القامة
معتدل الخلقة، والروح القدس حال عليه وكان له اجتهاد كبير في الصلاة
والصوم والنسك، مع الاجتهاد الكبير في عمارة الأديرة وتشييدها، وفتح في
زمانه دير القديس الطاهر أنبا أنطونيوس بالعربة، وعمَّره عمارة حسنة
روحانيًا وماديًا وكذلك دير أنبا بولا".



لما قام عرب بني عطية ونهبوا دير القديس بولا وضربوا وقتلوا أحد رهبانه
وشتتوا بقية الرهبان، اهتم بالبابا بتعميره. أعاد تعمير ديري أنبا بولا
وأنبا أنطونيوس من رهبان دير العذراء السريان، وما زال بعض أواني الديرين
تحمل اسم العذراء السريان، كما شرع في تعمير دير المحرق بجبل قسقام ودير
الميمون.



إعادة الصلة بين كنيسة مصر وكنيسة أثيوبيا



من محبة اللّه للكنيسة أن أعاد الصلة بين كنيسة مصر وكنيسة أثيوبيا، التي
كانت قد انقطعت بسبب المماليك واضطهادهم للقبط، مما دعا الأثيوبيبن لرسامة
مطران برتغالي كاثوليكي، أطلق عليه بابا روما "بطريرك الإسكندرية"، ولكن
عندما اعتلى الإمبراطور جلاوديوس (أقلاديوس) عرش أثيوبيا أوقف المطران
البرتغالي، وطلب من البابا السكندري رسامة مطرانٍ لبلاده، فرسم لهم أنبا
يوساب الثالث وتلقّاه الأثيوبيبن بكل ترحاب، وسمح للكاهنين الروميين
اللذين كانا يخدمان في أثيوبيا بالبقاء في خدمتهما بناء على طلب البابا
الروماني.



عاد المطران اللاتيني إذ رأى استحالة ضم الكنيسة الأثيوبية إلى الكنيسة
الرومانية، وأخبر أسقف روما بذلك. استاء أغناطيوس أحد رؤساء الرهبنة في
روما من هذا الفشل المعيب وطلب من أسقفه أن يرسله إلى أثيوبيا، لكن الأسقف
خشي على حياته وأرسل شخصيًا آخر يُدعى نونو باريتو وكاهنين آخرين. ذهب
الثلاثة إلى جوا فأقام باريتو فيها بينما أكمل الكاهنان طريقهما حتى
التقيا بالملك إقلاديوس الذي قابلهما بكل لطفٍ وأفهمهما أنه يرفض قطعيًا
الخضوع لسلطة أسقف روما، وأنه لا يخضع إلا لكرسي مارمرقس الإنجيلي.



بلطفه سمح لهما بالإقامة في بلاده وهو واثق من ثبات شعبه على أرثوذكسيتهم.



إذ مات أقلاديوس خلفه أخوه مينا فأظهر سخطًا على الكاهنين، فأثارا أحد
كبار الجيش لعقد محالفة مع المسلمين ضد الملك مينا. وإذ بلغ مينا الخبر
قام بتأديب العصاة.



شعر أسقف روما بفشل إرساليته الثانية لأثيوبيا فبعث رسلاً إلى البابا
غبريال يطلب منه الانضمام إلى الكنيسة اللاتينية، فقابلهم البابا بكل لطف
وأخبرهم أنه لا ينحرف عن التمسك بالعقيدة قيد شعرة. طلب الرسل من البابا
أن يسأل ملك أثيوبيا ألا يمس الكاهنين الرومانيين بسوء، وبالفعل سمح لهما
الملك بالإقامة، لكنهما لم يُحسنا السير حتى كاد الأثيوبيون أن يقتلوهما.
قدما تقرير لروما جاء فيه "إن إثيوبيا لا ترتد عن إيمانها إلا بقوة
السيف"، فاستدعاهما الأسقف.



ضيق في الكنيسة



لم تهنأ الكنيسة في أيام حبريته بالاستقرار، إذ أصدر الحاكم التركي أمره
بأن يدفع غير المسلمين ألفى دينار - بسبب سفر الجيش المتوجه به سنان باشا
الوزير العثماني - واستعمال العنف في جمعها دون مراعاة لمقام أو لسن أو
كرامة. فاعتكف البابا حزينًا في دير أنبا أنطونيوس، وظل في صلواته
واعتكافه حتى فارق الحياة يوم الثلاثاء 29 بابة 1285ش/ 1570م، ونُقِل
بعدها جسده الطاهر إلى كنيسة القديس مرقوريوس بمصر القديمة في مقبرة جديدة
تحت جسد القديس مرقوريوس بعد تجنيزه للمرة الثانية




البابا يؤانس الرابع عشر





حالة قلق وعدم استقرار



لم تكن الضيقة التي حلّت بالكنيسة في أواخر أيام البابا غبريال السابع
سببًا في انتقال البابا فقط، ولكن أيضًا سببًا في حالة القلق وعدم
الاستقرار التي ألمَّت بالقبط في مصر. وبالتالي ظل الكرسي البابوي شاغرًا
ما يزيد على ثلاثين شهرًا، بعدها اختاروا الراهب "يوحنا المنفلوطي" من دير
العذراء "البرموس" ليصبح البابا يوأنس الرابع عشر، السادس والتسعين من
باباوات الإسكندرية، وكانت رسامته في 17 إبريل سنة 1571م في عهد سلطنة
سليم الثاني العثماني.



من مآثر هذا البابا المختبر محبة الله أن مراسيمه البابوية كانت تحمل
عبارة "الهدى بالله الهادي" بجوار توقيعه وتحتها يكتب عبارة "الخلاص للرب
إله الخلاص".



ملابس سوداء



قد قام البابا الوقور كثير الأيام برحلة رعوية إلى سائر كنائس بلاد مصر
والشعب القبطي لرعايتهم وجمع الجزية المفروضة على الكنيسة. وقد قام
بزيارتين مماثلتين بعد ذلك عندما اشتد الضيق على الكنيسة، خصوصًا بعد أن
أصدر السلطان العثماني لولاته في مصر فرمانًا عاليًا بالتشدد في أن يلبس
القبط جميعًا الملابس السوداء وأيضًا العمامة السوداء، وكان رد فعل السماء
عجيبًا إذ تفشى في العباد مرض الطاعون الذي حصد الكثيرين من غير القبط،
فلبس الجميع الملابس السوداء الأقباط بالأمر العالي وغيرهم حزنًا على
موتاهم.



طلب الانضواء تحت كرسي روما



انتهز البابا الروماني إكليمنضس الثامن Clement VIII فرصة الضيق الذي حل
بالقبط وطلب إلى البابا السكندري الانضواء تحت كرسي روما، ولم يَبِتّ
البابا في الأمر بشكل حاسم، ربما لأنه كان يميل إلى وضع اتفاق مع بابا
روما بسبب بساطته وشيخوخته وميله لحماية أولاده من الضيق الشديد، لكن
الأساقفة عارضوه بشدة.



انتقل البابا إلى كنيسة الأبكار دون أن يلبي للبابا الروماني طلبه. ادعى
بعض المؤرخين الكاثوليك بأن البطريرك مات مسمومًا، غير أن كثير من
المؤرخين الغربيين ينفون ذلك.



دفن في "برما" ثم نقل جسده إلى دير السريان في برية شيهيت، وكانت نياحته سنة 1586م في أيام سلطنة مراد الثالث العثماني.



قام والى مصر بالقبض على رسل أسقف روما كعيون غرباء، واتهمهم بالقاء دسائس
الفتنة بين الرعايا، وسجنهم. رقّ لهم بعض كبار الأقباط ودفعوا خمسة آلاف
قطعة من الذهب مقابل اطلاق سراحهم، ليعودوا إلى بلادهم فشكرهم سكتوس
الخامس أسقف روما على نبل تصرفهم.



شهداء النوبة



قد كان ملوك النوبة حتى القرن السادس عشر مسيحيين خاضعين للسلطان المصري
يدفعون له الجزية، ولكن بعد الفتح العثماني أخذت الحكومة المسيحية في بلاد
النوبة تضعف تدريجيًا حتى حلت محلها حكومة إسلامية. اجتهدت في محو
النصرانية من تلك البلاد، فكثر عدد الشهداء وأَسلم الكثيرون، ومن خلُص من
الموت هاجر إلى مديرية أسوان واستوطنوا فيها، ومن بقي في بلاد النوبة صار
في عاداته كالمسلم سواء، وهكذا زالت المسيحية من تلك البلاد









البابا غبريال الثامن





تم الاتفاق عليه واختياره بسرعة بعد فترة لا تزيد على تسعة
أشهر على انتقال البابا يوأنس الرابع عشر، وهو الراهب "شنودة" من دير
الأنبا بيشوي، وتمّت مراسيم سيامته للكرامة البابوية في كنيسة القديس
مرقوريوس بمصر القديمة يوم عيد الملاك غبريال، باسم البابا غبريال السابع
في 16 بؤونة سنة 1306ش و1590م في أيام السلطان العثماني مراد الثالث. وقد
كان أكبر الأساقفة سنًا هو الأنبا زخارياس أسقف القدس الذي ترأس حفل
السيامة.



لما كانت الكنيسة في يد حاميها وراعيها الذي لا يغفل ولا ينام، فقد دافع
عنها إلهها وفاديها ضد قوى الغدر والبطش والإرهاب. ففي الوقت الذي فيه
تزايد الضغط على القبط لدفع الجزية والتشدد في جمع أضعافها، انتشر الطاعون
مرة أخرى في العباد والبلاد - دون الأقباط - بل وتزلزلت الأرض من تحت
أقدام الولاة وانهارت المنازل وتشقق جبل المقطم، وحلت بمصر الكوارث من كل
ناحية، والكنيسة في يد ربانها تمخر وسط بحر العالم الهائج في اطمئنان
وسلام.



لأول مرة أيضًا نسمع عن "عادة التدخين" وانتشارها في مصر في تلك الفترة.
وقد حاول البابا الروماني مرة ثانية إخضاع الكنيسة القبطية لسلطانه، ولكن
البابا الساهر أنهى مباحثات مبعوثي البابا بالتمنيات الطيبة للحبر
الروماني قائلاً: "وعندما نحس أن رب الكنيسة قد تخلّى عنها، سنلجأ إلى
البابا الروماني لكي لا يتخلى عنها". بل وامتدت أنظار البابا السكندري
لحماية الكنيسة في أثيوبيا فحذر - في رسالة أبوية - الملك والإكليروس في
أثيوبيا من الانحراف عن الإيمان المستقيم الذي دفع ثمنه الرسل والشهداء
وآباء الكنيسة الكبار، وفشلت جهود روما في تحويل أثيوبيا أيضًا مما دعا
البابا الروماني إلى عدم السير في خطة أسلافه.



قد قام الوالي بعزل البابا مدة من الزمن، ثم أُعيد إلى كرسيه في أيام
السلطان مراد الثالث العثماني. وفي سنة 1602م أصدر البابا غبريال قرارًا
بتعديل الأصوام في الكنيسة القبطية كما يأتي:



1. أن يكون صوم الرسل من يوم عيد العذراء 21 بؤونه وفطره في 5 أبيب.



2. أن يكون صوم السيدة العذراء الذي يحل في شهر مسرى اختياريًا، فمن صامه
وفاءً لنذر قطعه على نفسه فله ثوابه ومن لم يصمه فلا جناح عليه.



3. أن يبدأ صوم الميلاد من أول شهر كيهك ويكون فطره عيد الميلاد.



4. أن لا تصام ثلاثة أيام نينوى.



وقد وافقت عليه الأمة القبطية وقتئذ.



وأخيرًا تنيّح في سنة 1603م، ودفن بمقبرة دير السريان، وذلك في أيام السلطان العثماني أحمد الثاني








البابا مرقس الخامس





سيامته بطريركًا



من دير القديس مقاريوس الكبير ببرية شيهيت، اتفق الأساقفة والأراخنة على
اختيار الراهب "مرقس المقاري" الذي من بلدة البياض ببني سويف، وتمت مراسيم
سيامته في كنيسة القديس مرقوريوس (أبى سيفين) بنفس اسم كاروز الديار
المصرية في 26 بؤونة 1327ش 1603م ليكون الثامن والتسعين من باباوات
الإسكندرية، وذلك في أيام السلطان محمد الثالث.



بدأ البابا الجديد أيام خدمته على الأرض بافتقاد شعبه في كل مكان حتى إلى
القدس ليقوى عزائمهم ويثبت إيمانهم مستخدمًا ما وهبه الله من سعة العلم
والتضلع في الشرائع.



متاعب للبابا من داخل الكنيسة



ومن العجب أن تأتى المتاعب للبابا الجديد من داخل الكنيسة، إذ اتجه
الموسرون من القبط إلى الزواج بأكثر من واحدة، ولما وبخهم البابا وحرمهم
للتعدي على الشرائع المسيحية غضبوا وأوعزوا للوالي العثماني بالقبض عليه
وسجنه وفعلاً تم القبض على البابا وسجنه.



والمرجح أن أسقف دمياط انضم إلى هؤلاء المارقين ظنًا منه أنه يستطيع أن
يحل محل البابا، ولكن وقف القبط وقفة رجل واحد حتى أفرج الوالي عن باباهم،
وانعقد مجمع مقدس حرم من تزوج بأكثر من واحدة، وحرم الأسقف الذي انحاز مع
الهوى. وليس غريبًا أن الوالي ينقلب على هؤلاء المنحرفين ويطردهم من
مناصبهم فيتشتتون في كل صوب بعد مصادرة أموالهم وأملاكهم.



متاعب من الأتراك



تجلت وطنية الأقباط في عدم اشتراكهم في الثورات التي قامت من طنطا إلى
القاهرة ضد الحكم التركي، ومع هذا عندما أخمدها الترك لم يفرقوا بين غادر
وعابر.



متاعب من روما



نجح البابا الروماني في استمالة ملك أثيوبيا واعتبر من ليس معه فهو عليه،
فأغلق كنائس القبط وحتم إعادة معمودية الأقباط وإعادة تكريس الكنائس التي
استولى عليها فثار الشعب بمساندة المطران القبطي، وقامت حرب أهليه استمرت
ما يزيد على ست سنوات راح ضحيتها الكثير من الأثيوبيين. ولم تفلح
المناورات الرومانية في الاستمرار في أثيوبيا، كما لم تفلح الضيقة
العثمانية التي أحكمها الولاة على أقباط مصر، ووسط الدفاع الإلهي عن كنيسة
الآباء والأجداد انتقل البابا مرقس سنة 1619م في أيام السلطان عثمان
وولاية مصطفى باشا على مصر، وتمت المراسيم الجنائزية على جسده الطاهر في
كنيسة العذراء بحارة زويلة - المقر البابوي آنذاك - ثم نقل بعدها جسده إلى
ديره ببرية شيهيت





البابا يؤانس الخامس عشر





لم ينقضِ أسبوع واحد على انتقال أنبا مرقس الخامس البطريرك
الثامن والتسعين سنة 1619م حتى اتفقت الآراء بسرعة عجيبة على اختيار
الراهب الأنطوني "يوحنا الملواني" العالم بالكتب المقدسة المشتهر بنقاوة
القلب والتقوى والورع، وكانت رسامته في أيام السلطان عثمان وولاية مصطفى
باشا والي مصر.



القاضي العادل



من سمات هذا الأب المبارك عطفه الشديد على الكهنة، ولم يكن يحابي بالوجوه، كسيده لم يكن يظلم أحدًا، لذا لقبوه باسم "القاضي العادل".



أوبئة ومجاعات واضطرابات



في أيّامه سنة 1622م حدث وباء أُطلق عليه الموت الأسود، كما حدث وباء آخر
سنة 1625م، وخلال هذه الأوبئة والمجاعات والاضطرابات ذاق الأقباط ظلمًا
مضاعفًا، فكثيرًا ما كانوا يلزمونهم بالسير على الشمال ليتركوا اليمين
لغيرهم، وكثيرًا ما كانوا يمنعونهم من ركوب الخيل. وما هو أَمَرّ من هذا
كله كثيرًا ما كانوا يمنعونهم من إقامة شعائرهم الدينية والتضييق عليهم
بكل نوعٍ.



رغم اضطراب البلاد من جراء الضيق الذي فرضه الأتراك على المصريين عامة
والقبط خاصة، والتعسف في جمع الضرائب بأنواعها، فان البابا السكندري قام
برحلتين رعويتين يُثَبِّت فيها المؤمنين بحب جارف نحو الكنيسة.



رجل مبادئ



وكانت مبادئ البابا سببًا في القضاء عليه، ففي طريق عودته من رحلته
الثانية في أنحاء مصر دخل بيت رجل غنى قبطي في أبنوب عُرف عنه عادة
التَسَرِّي المرفوضة. وإذ انتهره البابا ناصحًا إيّاه أن يقلع عنها لم
يقبل النصح والإرشاد فقط بل وأيضًا دسّ السم لسيده في الطعام، مما أدى
بحياته في طريق عودته إلى مقر كرسيه، وكان ذلك سنة 1629م في أيام السلطان
مراد الرابع، وصلّوا عليه في دير القديس أنبا بشاي بالبياضة.



الكاثوليك في أثيوبيا



في عهده مات الملك الأثيوبي الذي اعتنق الكاثوليكية وتولى ابنه باسيليوس
الحكم فاضطهد تابعي الكاثوليك، وطلب من بابا الإسكندرية أن يرسل إليه
مطرانًا. سمح للمرسلين الكاثوليك بالبقاء في بلاده بشرط إلا يتعرضوا
لعقيدة أهلها.



أدرك أنهم يعملون على استحضار جيش البرتغاليين لتأييد مذهبهم بالقوة
فأمرهم بالرحيل، لم يطيعوا الأمر واتفقوا مع أحد العظماء في أثيوبيا وكان
عاصيًا للملك واتحدوا معه. لكنه بعد اتحادهم معه باعهم عبيدًا لتجار
الأتراك، فاستخلصهم الملك من أيدي التجار، لكن الشعب قام بقتلهم، إذ
أدركوا الدسائس التي يمارسونها. بهذا هدأت البلاد، ومنع الأثيوبيون دخول
الغرباء لغير التجارة وكسب العيش.



مخطوطاته وكتاباته



ترك هذا البابا الجليل مخطوطات عن القراءات اليومية في الكنيسة "القطمارس"
مكتوبة بطريقة شعرية، وصلوات البصخة تبعًا لما رتّبه أنبا غبريال بن تريك
البابا السبعون، وكاتبها القس يوسف الزير البرماوى، باللغات القبطية
والعربية والتركية، وإبصالية للشهيد العظيم مار جرجس مرتبة بالحروف
الأبجدية القبطية، وله أيضًا كتاب "اللقّان" فيه مديحًا لقديسي برية شيهيت





البابا متاؤس الثالث





في زيارته الرعوية إلى الوجه البحري زار برما وطنطا ثم
اتجه إلى موطنه الأصلي طوخ النصارى الذي قابله شعبها بحفاوة بالغة، وطلبوا
إليه أن يمكث وسطهم، فظل بينهم ما يقرب من العام. وفي سبت لعازر سنة
1646م، بعد أن انتهى من القداس الإلهي وبارك الشعب وصرفه دخل إلى حجرته
ونام نومته الأخيرة ووجهه مشرقًا، مسلمًا روحه الهادئة في يد خالقها،
راقدا في شيخوخة صالحة ودفن بكنيسة مارجرجس بطوخ دلكة (طوخ النصارى)، وكان
ذلك في أيام السلطان إبراهيم الأول وكان والي مصر محمد باشا بن حيدر باشا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
ramez sat

ramez sat


ذكر
عدد الرسائل : 52
العمر : 39
تاريخ التسجيل : 23/10/2007

تاريخ الآباء البطاركة القديسين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تاريخ الآباء البطاركة القديسين   تاريخ الآباء البطاركة القديسين Emptyالجمعة أكتوبر 26, 2007 12:56 am

البابا مرقس السادس





سيامته بطريركًا



لم تنقضِ عشرون يومًا على نياحة الأنبا متاؤس الثالث حتى اختير الراهب
مرقس البهجوري الأنطوني بناء على مشورة أرخن ذي رأى مسموع اسمه "بشارة"،
فوصلوا إلى ديره واستحضروه إلى القاهرة حيث تمت سيامته في أيام الخماسين
المقدسة، وصار البابا الواحد بعد المائة على كرسي الإسكندرية.



نشأ هذا الأب في ناحية بهجورة بالوجه القبلي، وترهب بدير القديس الأنبا
أنطونيوس باسم الراهب مرقس الأنطوني. وقد سيم بطريركًا في سنة 1646م وكان
ذلك في أيام السلطان إبراهيم الأول وكان محمد باشا بن حيدر باشا واليًا
على مصر.



عودة الرهبان إلى أديرتهم



في مستهل بابويته أصدر أمرًا بوجوب عودة الرهبان إلى صوامعهم وأديرتهم مما يتفق مع القوانين الكنسية والقواعد الرهبانية.



استاء من هذا القرار بعض الرهبان فلم يرضخوا له بل والتجأوا إلى الوالي
يشكوه سوء معاملة البطريرك، فوجدها الوالي التركي فرصة طيبة للقبض على
البابا القبطي وإيداعه السجن، ولم تنقضِ أيام حتى عاد زعيم المارقين واسمه
"قدسي" إلى رشده واتجه إلى الوالي ينفى الاتهامات ويطلب الإفراج عن البابا
ولكن الوالي فرض ضريبة ضخمة على الكنيسة وأكابر القبط.



اضطهاد الأقباط



تنقل البابا بين ربوع مصر لمدة أربع سنوات ليس من أجل رعاية شعبه ولكن
لجمع الأموال قصرًا من الكنائس وكبار القبط حتى ولو بطريقة غير لائقة
وأسلوب عنيف، وانتهز الوالي الفرصة فصب على الأقباط جام غضبه وأصدر أوامر
مشددة بأن يمتنع أي قبطي عن ركوب الخيل ولا حق لهم في ارتداء الملابس
الملونة الحمراء وإنما فرض عليهم الملابس الزرقاء فقط. وأصدر أوامر أخرى
أشد تعسفًا بأن يرث الوالي من يموت من القبط، فحرم بذلك الأرامل والأيتام
حقوقهم الشرعية والطبيعية، ولكي تزداد ثروة الوالي كان يأمر بقتل قبطي أو
اثنين يوميًا حتى بلغ من قُتلوا في أيامه من القبط - من أجل الميراث - ألف
ومائتي رجلاً.



نياحته



ليس غريبًا أن مثل هذا البابا ينتقل إلى دار البقاء يوم الجمعة العظيمة إذ
ينشغل الكل بأحداث الصلب والفادي وبالتالي تقل قيمة كل إنسان سواه وصُلى
على جثمانه ساعة من ساعات البصخة كالمعتاد ثم تمت صلوات التجنيز يوم سبت
النور ودُفِن في كنيسة القديس مرقوريوس أبو سيفين بمصر القديمة بعد أن قضى
على الكرسي البابوي ما يزيد على العشر سنوات، وكانت نياحته سنة 1656م،
وخلى الكرسي بعده أربع سنوات وسبعة شهور وستة عشر يومًا.



الكاتب القبطي يوسف أبو دقن المنوفي



كتب يوسف أبو دقن المنوفي دافعًا عن الإيمان المستقيم بأسلوب مهذب لا يخدش
أية طائفة أخرى، كما أوضح كيف استؤمن القبط على أموال الدولة وخدماتها.
وعند حديثه عن الرهبان والراهبات أشاد بنسكهم وتقشفهم ودقة تعاليمهم
ومحافظتهم على الطقوس الكنسية وتواجد أديرة الراهبات بجوار الكنائس.



ومن كتابات هذا الأرخن المؤرخ "مختصر دقيق لطقس رفع بخور عشية وباكر" وطقس
تقديم الحمل المقدس. وأشاد بمهارة القبط في صناعة المجوهرات والحلي
بالإضافة إلى النجارة والحدادة والخياطة وصنع الأحذية والحفر على الخشب
والجلد والمعادن إلى جانب حذق الأقباط في الهندسة والعمارة والفلك، وكانت
الكتاتيب (المدارس) الملحقة بالكنائس يتعلم فيها الجميع دون تفريق مبادئ
القراءة والحساب والجغرافيا واللغتين القبطية والعربية.



بالرغم من موقف القبط هذا من الدولة، إلا أن التعصب الأعمى جعل الترك
يزعمون أن اضطهاد القبط هو مفتاح للجنة فقتلوا الكثيرين، مع أن القبط كان
لهم دورهم الكبير في حياكة الستور والأغطية التي يستتر وراءها جدران
الكعبة في مكة عندما أعيد بناؤها بعد نزول سيل جارف عليها فهدمها آنذاك.





البابا متاؤس الرابع





كان يدعى الراهب القمص جرجس الميري وكان رئيسًا لدير
البراموس، سيم بطريركًا سنة 1660م في أيام السلطان محمد الرابع. وفي نفس
السنة نقل الكرسي البطريركي من حارة زويلة إلى حارة الروم 1660م.



في سنة 1669م حدث حريق كبير في أيامه جهة حارة زويلة مات فيه كثيرون. وفي سنة 1670 م انتشر وباء عظيم بمصر وضواحيها.



اضطهاد الأقباط



عاني البابا من سوء معاملة الأتراك له إذ كان الوحيد من دون بطاركة
الطوائف الأخرى الموضوع تحت مراقبة الأتراك، فكان ممنوعًا من الخروج، كما
كان محرمًا عليه الاتصال بالجاليات الأجنبية، وغير مسموح له بالسفر إلى
أية جهة، وكانت حياته مهددة في كل لحظة. كان الأقباط هم الطائفة الوحيدة
من غير المسلمين التي تُعامَل باضطهاد شديد من المسلمين يعاملون للقبط
بإهانة أكثر من يهود مصر. فكانوا يسيئون إليهم ويغلقون لهم الكنائس
ويقفلون عليهم أبواب بيوتهم لأتفه الأسباب ويظلمونهم ظلمًا فاضحًا حتى
يرغمونهم بدفع غرامات مالية باهظة. وفي سنة 1672م قاسى الأقباط اضطهادًا
فظيعًا لأن بعض الجند الأتراك قاموا بذبح امرأة خليعة وألقوا بجثتها
قريبًا من بركة الأزبكية، فقام العساكر ظلمًا وعدوانًا بغلق بيوت النصارى
المتاخمة لهذه المنطقة وأجبروهم على دفع غرامة قدرها ألف دينار دية لهذا
الدم المسفوك إذا أرادوا أن يفتحوا بيوتهم ويذهبوا إلى إعمالهم.



شفاعة القديس مرقوريوس



حدث ذات مرة أن أراد الغوغاء أن يهدموا كنيسة القديس مرقوريوس بمصر
القديمة، ولكي يصبغوا على عملهم بصبغة قانونية عينوا من قِبَل الدولة أغا
للقيام بتنفيذ هذه المهمة. فلما بلغ الخبر للبابا متاؤس اغتم غمًا شديدًا
وأقام ليلة ساهرًا متشفعًا وطالبًا مساعدة القديس مرقوريوس، وما كاد الجند
يقتربون من الكنيسة حتى وقع عليهم حائط بجوارهم فماتوا جميعًا، وشاع الخبر
في المدينة كلها فاضطربوا وعدلوا عن مشورتهم الرديئة.



أخيرًا تنيح البابا متاؤس سنة 1675م ودفن في مقبرة البطاركة بمصر القديمة




البابا يؤانس السادس عشر





الشهير بالطوخي، كان من ناحية طوخ النصارى بالمنوفية، وكان
اسمه إبراهيم وترهب بدير الأنبا أنطونيوس باسم الراهب إبراهيم الأنطوني،
وسيم بطريركًا باسم البابا يوأنس سنة 1676م.



ملابس سوداء



حدث في أيّامه أن اشتد الغلاء في البلاد وكان ذلك في سنة 1678م، وفضلاً
عما أصاب البلاد من الغلاء، نودي في نفس السنة أن يُعلِّق النصارى في
رقبتهم جلجالان وفي رقبة اليهودي جلجال واحد، وأن يضع كلٍ من اليهود
والنصارى عمائمهم، وألا يلبسوا أثواب من الجوخ أو الصدف، كما أنه نودي ألا
تأتزر نساء النصارى بمآزر بيضاء وتكون ملابس النصارى عمومًا سوداء.



التعمير



في أيّامه أقام نُظَّارًا لكل كنائس القاهرة وقام بتعمير القلاية
البطريركية بحارة الروم وتعمير كنائس وأديرة ومحلات القدس. وأرسل المعلم
لطف الله إلى السلطان لرفع جزية المال عن حارة الروم.



قام بزيارة الوجهين القبلى والبحرى مفتقدًا أحوال الشعب، وكان في صحبته
رجل من أراخنة الأقباط يدعى جرجس الطوخي. وقد ساعده هذا الأرخن على عمارة
ما اندثر من الكنائس والأديرة، خاصة دير القديس بولا الذي كان قد خُرّب
منذ أعوام طويلة، فعمّره هذا البابا، وأعاد إليه الرهبان بعد أن خلى من
الرهبان حوالي مائة عام.



حدث في أيّامه غلاء شديد وفناء للبشر بسبب عدم وفاء النيل، وما نتج عنه من وباء وغلاء وذلك في سنة 1695م.



كما حدث في أيّامه ترتيب طقس "علبة الذخيرة المقدسة" وحملها للمرضى
والمقعدين والمطروحين في منازلهم، وصار العمل بهذا الترتيب إلى يومنا هذا.



صُنِع في أيّامه الميرون المقدس وذلك سنة 1703م، كما زار في أيّامه دير
الأنبا أنطونيوس ثلاث مرات، وقام بتعمير دير الأنبا بولا أول السواح،
وأيضًا فصل وقف دير الأنبا أنطونيوس عن أوقاف دير الأنبا بولا.



إغلاق الكنائس وحدوث كوارث



في زمنه أيضًا وقع اضطهاد على الأقباط سنة 1701م، في زمن ولاية أحمد قرة
محمد باشا، الذي سعى إليه أحد الحاسدين مدعيًا أن طائفة النصارى أقامت
مبانٍ جديدة في كنائسهم، فقام الوالي ببحث الأمر وأمر بإغلاق الكنائس،
وهدم ما تم تجديده، ولم يشفع في ذلك ويلغي الأوامر سوى تقديم مبلغ خاص له
وهو "صرة من الدراهم".



كذلك في زمنه حدث عدم وفاء النيل وأعجوبة فيضانه على يديه، وفي سنة 1711م
حدثت زلزلة عظيمة وحل الجراد بالبلاد وكان ذلك في عيد القيامة المجيد،
فرحم الله العباد بنزول الأمطار وإطلاق الرعود فمات الجراد ونجت البلاد من
مصائبه.



حدث سنة 1718م وباء شديد آخر مات من جرائه خلق عظيم، وتنيّح به البابا
ودفن في مدفن البطاركة بكنيسة القديس مرقوريوس بمصر القديمة، وذلك في مدة
حكم السلطان العثماني أحمد الثالث.



كتاب مولييه



فى أيام البابا حضر إلى مصر قنصل فرنسى يدعى مولييه وذلك في عام 1692، ووضع كتابًا عن مصر جاء فيه عن الأقباط:



[إنهم أقل جهلاً وغشومة، ولكنهم متشبثون بما يحسبه غيرهم هرطقة...



مع ما كان عليه المرسلون اللاتين من المهارة والجدارة لم يستطيعوا أن
يجذبوا إليهم واحدًا منهم رغمًا من طول بقائهم بينهم، وعمل كل ما في وسعهم
لإقناعهم...



إنه لما لم يقوً المرسلون على اجتذاب القبط إليهم بالإقناع دبروا حيلة
أخرى، فصاروا يوزعون صدقات نقدية على من يحضر منهم إلى كنيستهم، فالتجأ
إليهم جمع كبير من الفقراء. ولما استبدل رئيس الدير بغيره ألغى الصدقة
بهذه الكيفية، ولذلك لم يعد من الفقراء من يقرب كنيسة الإفرنج.



طلب لويس الرابع عشر ملك فرنسا (من القنصل الفرنسى) أن ينتخب ثلاثة من
شبان الأقباط الأذكياء من عائلات طيبة يرسلهم إلى فرنسا ليتعلموا على نفقة
الحكومة الفرنسية، فلم يرضَ أغنياء الأقباط أو فقراؤهم أن يسلموهم أولادهم
خوفًا من يغيروا معتقدهم.]



ذكر أيضًا أن بمجرد اشاعة الخبر بأنهم فتحوا مدارس لتعليم الشبان منع
الأقباط أولادهم عنها فصارت خاوية، ولم يبقً مع الكاثوليك سوى بضعة أفراد،
الذين أخذوهم من والديهم وهم أطفال من أولاد الفقراء وربّوهم منذ نشأتهم
على المعتقد الكاثوليكي، غير أن هذه الطريقة التي عمدوا إليها، لم تنجح
أيضًا، فإن كثيرين من الذين علموهم في روما عندما عادوا إلى أوطانهم شق
عليهم ترك عقيدتهم، ورجعوا إلى كنيستهم مرة ثانية.



يقول مسيو مولييه "حتى الذين كانوا يتضورون جوعًا وكنا نعطيهم طعامًا امتنعوا عن المجيء إلينا خوفًا من أن نكثلكهم".



محاولات جديدة للكاثوليك في أثيوبيا



إذ رأى اللاتين فشل مساعيهم في مصر عادوا للعمل في أثيوبيا. فبعد بعث ثلاث
إرساليات آخرها عام 1706م، أرسلوا بإيعاز من لويس التاسع عشر ملك فرنسا
طبيبًا لأثيوبيا يدعى دي رول ليُحسن سياسته مع ملكها تمهيدًا لدخول
اليسوعيين إلى أثيوبيا. وكان مع الطبيب مترجم سوري يدعى إلياس. وإذ وصلا
أثيوبيا قبض الحاكم سنار عليهما وحجز الطبيب وأطلق سراح المترجم، لكي يذهب
إلى الملك ويطلب منه السماح بدخولهما بلاده. رد عليه ملك أثيوبيا بأنه إن
كان داخلاً كسائح فلا بأس من ترك الحرية له ليدخل بلاده، أما إذا كان
داخلاً للكرازة كيسوعي فلابد من منعه من دخول أثيوبيا. تشكك السلطان سنار
من جهة الطبيب فبعد أن حجزه ثلاثة أشهر قتله.


البابا يؤانس السادس عشر





الشهير بالطوخي، كان من ناحية طوخ النصارى بالمنوفية، وكان
اسمه إبراهيم وترهب بدير الأنبا أنطونيوس باسم الراهب إبراهيم الأنطوني،
وسيم بطريركًا باسم البابا يوأنس سنة 1676م.



ملابس سوداء



حدث في أيّامه أن اشتد الغلاء في البلاد وكان ذلك في سنة 1678م، وفضلاً
عما أصاب البلاد من الغلاء، نودي في نفس السنة أن يُعلِّق النصارى في
رقبتهم جلجالان وفي رقبة اليهودي جلجال واحد، وأن يضع كلٍ من اليهود
والنصارى عمائمهم، وألا يلبسوا أثواب من الجوخ أو الصدف، كما أنه نودي ألا
تأتزر نساء النصارى بمآزر بيضاء وتكون ملابس النصارى عمومًا سوداء.



التعمير



في أيّامه أقام نُظَّارًا لكل كنائس القاهرة وقام بتعمير القلاية
البطريركية بحارة الروم وتعمير كنائس وأديرة ومحلات القدس. وأرسل المعلم
لطف الله إلى السلطان لرفع جزية المال عن حارة الروم.



قام بزيارة الوجهين القبلى والبحرى مفتقدًا أحوال الشعب، وكان في صحبته
رجل من أراخنة الأقباط يدعى جرجس الطوخي. وقد ساعده هذا الأرخن على عمارة
ما اندثر من الكنائس والأديرة، خاصة دير القديس بولا الذي كان قد خُرّب
منذ أعوام طويلة، فعمّره هذا البابا، وأعاد إليه الرهبان بعد أن خلى من
الرهبان حوالي مائة عام.



حدث في أيّامه غلاء شديد وفناء للبشر بسبب عدم وفاء النيل، وما نتج عنه من وباء وغلاء وذلك في سنة 1695م.



كما حدث في أيّامه ترتيب طقس "علبة الذخيرة المقدسة" وحملها للمرضى
والمقعدين والمطروحين في منازلهم، وصار العمل بهذا الترتيب إلى يومنا هذا.



صُنِع في أيّامه الميرون المقدس وذلك سنة 1703م، كما زار في أيّامه دير
الأنبا أنطونيوس ثلاث مرات، وقام بتعمير دير الأنبا بولا أول السواح،
وأيضًا فصل وقف دير الأنبا أنطونيوس عن أوقاف دير الأنبا بولا.



إغلاق الكنائس وحدوث كوارث



في زمنه أيضًا وقع اضطهاد على الأقباط سنة 1701م، في زمن ولاية أحمد قرة
محمد باشا، الذي سعى إليه أحد الحاسدين مدعيًا أن طائفة النصارى أقامت
مبانٍ جديدة في كنائسهم، فقام الوالي ببحث الأمر وأمر بإغلاق الكنائس،
وهدم ما تم تجديده، ولم يشفع في ذلك ويلغي الأوامر سوى تقديم مبلغ خاص له
وهو "صرة من الدراهم".



كذلك في زمنه حدث عدم وفاء النيل وأعجوبة فيضانه على يديه، وفي سنة 1711م
حدثت زلزلة عظيمة وحل الجراد بالبلاد وكان ذلك في عيد القيامة المجيد،
فرحم الله العباد بنزول الأمطار وإطلاق الرعود فمات الجراد ونجت البلاد من
مصائبه.



حدث سنة 1718م وباء شديد آخر مات من جرائه خلق عظيم، وتنيّح به البابا
ودفن في مدفن البطاركة بكنيسة القديس مرقوريوس بمصر القديمة، وذلك في مدة
حكم السلطان العثماني أحمد الثالث.



كتاب مولييه



فى أيام البابا حضر إلى مصر قنصل فرنسى يدعى مولييه وذلك في عام 1692، ووضع كتابًا عن مصر جاء فيه عن الأقباط:



[إنهم أقل جهلاً وغشومة، ولكنهم متشبثون بما يحسبه غيرهم هرطقة...



مع ما كان عليه المرسلون اللاتين من المهارة والجدارة لم يستطيعوا أن
يجذبوا إليهم واحدًا منهم رغمًا من طول بقائهم بينهم، وعمل كل ما في وسعهم
لإقناعهم...



إنه لما لم يقوً المرسلون على اجتذاب القبط إليهم بالإقناع دبروا حيلة
أخرى، فصاروا يوزعون صدقات نقدية على من يحضر منهم إلى كنيستهم، فالتجأ
إليهم جمع كبير من الفقراء. ولما استبدل رئيس الدير بغيره ألغى الصدقة
بهذه الكيفية، ولذلك لم يعد من الفقراء من يقرب كنيسة الإفرنج.



طلب لويس الرابع عشر ملك فرنسا (من القنصل الفرنسى) أن ينتخب ثلاثة من
شبان الأقباط الأذكياء من عائلات طيبة يرسلهم إلى فرنسا ليتعلموا على نفقة
الحكومة الفرنسية، فلم يرضَ أغنياء الأقباط أو فقراؤهم أن يسلموهم أولادهم
خوفًا من يغيروا معتقدهم.]



ذكر أيضًا أن بمجرد اشاعة الخبر بأنهم فتحوا مدارس لتعليم الشبان منع
الأقباط أولادهم عنها فصارت خاوية، ولم يبقً مع الكاثوليك سوى بضعة أفراد،
الذين أخذوهم من والديهم وهم أطفال من أولاد الفقراء وربّوهم منذ نشأتهم
على المعتقد الكاثوليكي، غير أن هذه الطريقة التي عمدوا إليها، لم تنجح
أيضًا، فإن كثيرين من الذين علموهم في روما عندما عادوا إلى أوطانهم شق
عليهم ترك عقيدتهم، ورجعوا إلى كنيستهم مرة ثانية.



يقول مسيو مولييه "حتى الذين كانوا يتضورون جوعًا وكنا نعطيهم طعامًا امتنعوا عن المجيء إلينا خوفًا من أن نكثلكهم".



محاولات جديدة للكاثوليك في أثيوبيا



إذ رأى اللاتين فشل مساعيهم في مصر عادوا للعمل في أثيوبيا. فبعد بعث ثلاث
إرساليات آخرها عام 1706م، أرسلوا بإيعاز من لويس التاسع عشر ملك فرنسا
طبيبًا لأثيوبيا يدعى دي رول ليُحسن سياسته مع ملكها تمهيدًا لدخول
اليسوعيين إلى أثيوبيا. وكان مع الطبيب مترجم سوري يدعى إلياس. وإذ وصلا
أثيوبيا قبض الحاكم سنار عليهما وحجز الطبيب وأطلق سراح المترجم، لكي يذهب
إلى الملك ويطلب منه السماح بدخولهما بلاده. رد عليه ملك أثيوبيا بأنه إن
كان داخلاً كسائح فلا بأس من ترك الحرية له ليدخل بلاده، أما إذا كان
داخلاً للكرازة كيسوعي فلابد من منعه من دخول أثيوبيا. تشكك السلطان سنار
من جهة الطبيب فبعد أن حجزه ثلاثة أشهر قتله



[center]البابا بطرس السادس





كان يُدعى مرجان، من مدينة أسيوط، عاش في جوٍ عائلي تقوي،
وكانت نعمة الله حالة عليه منذ صغره. لمحبته في الزهد والعبادة انطلق إلى
دير القديس أنبا أنطونيوس بدير العربة، حيث لبس الشكل الرهباني، فكان
يُجهد نفسه في الصلوات والقراءة مع النسك بروحٍ وديعٍ متضعٍ، فسيم قسًا
على يديْ البابا يوأنس السادس عشر (103) في كنيسة السيدة العذراء والدة
الإله بحارة الروم.



بعد تعمير دير الأنبا بولا أقامه البابا رئيسًا للدير.



بعد نياحة البابا يوأنس أُختير خلفًا له مع بعض الكهنة، وإذ صام الأساقفة
والأراخنة وأُقيمت القداسات لمدة ثلاثة أيام وقعت القرعة الهيكلية عليه
فسيم باسم البابا بطرس في 17 مسرى 1434ش (21 أغسطس 1718م) في أيام السلطان
أحمد الثالث العثماني، وقد حضر الاحتفال كثير من الأوربيين ومن الأرمن
وأيضًا العسكر، وكانت بهجة عظيمة وسط الشعب.



قام بزيارة الوجه البحري، وأجّل زيارته للمدينة العظمى الإسكندرية بسبب الفتنة التي قامت بين الصنجق إسماعيل بك والصنجق محمد جوكس.



في عهده استشهد المعلم لطف الله من أجل اهتمامه بتعمير الكنائس.



قام البابا بزيارة الإسكندرية حيث أخفي رأس القديس مارمرقس في موضعٍ أمين
مع جملة رؤوس البطاركة خشية سرقتها. وقام بزيارة رعوية لشعبه بالصعيد، كما
أرسل مطرانًا لأثيوبيا هو الأنبا خرستوذولوس أسقف القدس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://esusel7non.mygoo.org
 
تاريخ الآباء البطاركة القديسين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» حمل سير القديسين مسموعة
» لعذراء تفعل اغرب معجزة في تاريخ البشرية
» خطاب لأبينا النبيل في القديسين باسيليوس الكبير رئيس أساقفة ق
» تاريخ الأقباط بعد الميلاد
» تاريخ مصر قبل ميلاد السيد المسيح

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
¶§ ™*•.¸¸.™jesus el7non™.¸¸.•*™ §¶ :: قسم الوسائط المتعددة :: القصص الدينية-
انتقل الى: